صراع بدون أسلحة.. كيف أعاد تزوير الانتخابات سيناريو الفوضى إلى موزمبيق؟

منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

تسود تحذيرات من سيناريو فوضى بات يخيم على دولة موزمبيق إثر إلغاء نتائج انتخابات بلدية بالعاصمة وبعض أهم المدن كان قد فاز بها حزب المعارضة الرئيس وإسنادها إلى الحزب الحاكم.

وقالت صحيفة "نيغريسيا" الإيطالية إنه "كان من المفترض أن تكون هذه أول انتخابات حرة حقا في البلد الإفريقي الذي بات أخيرا خاليا من الأسلحة، بغض النظر عن صراع (محافظة) كابو ديلجادو".

وتذكر أن اتفاقيات السلام التي وقعها الرئيس فيليبي نيوسي مع أوسوفو مومادي زعيم حركة رينامو (المقاومة الوطنية في موزمبيق، أكبر حزب معارض في البلاد)، عام 2019، خلقت الظروف الملائمة لنزع سلاح هذه الحركة المتمردة وتسريح مقاتليها.

إلا أنها لفتت بالقول إن "ما حدث في 11 أكتوبر/تشرين الأول (تاريخ الاقتراع) أسهم في فهم ما كان يخشى بالفعل".

وتشرح بأن عملية نزع سلاح العدو الأبدي للحكومة التي يقودها حزب فريليمو (جبهة تحرير موزمبيق)، أي رينامو، لم تشكل فرصة كبيرة لإجراء انتخابات بدون أسلحة. 

من الناحية النظرية، فإن التنافس كان من المفترض أن يكون على المستوى السياسي البحت، لكن العملية شكلت فرصة لإقصاء المعارضة بشكل نهائي وإحياء شبح العودة إلى نظام الحزب الواحد وانتهاك الحريات الأساسية، على حد تعبير الصحيفة.

تزوير النتائج

أظهرت النتائج الأولية للانتخابات البلدية التي أجريت خلال أكتوبر، فوزا كبيرا لحزب المعارضة في العديد من المدن بجميع أنحاء البلاد ما جعله يعلن فوزه بها.

تذكر الصحيفة بأن الانتخابات المحلية شكلت على الدوام منذ أول مرة أجريت فيها، اللحظة "التي تمكنت فيها المعارضة من إثبات أن هيمنة الحزب الحاكم فريليمو لم تتحول قط إلى احتكار انتخابي".

وأشارت إلى أن مدنا مهمة جدا، مثل بيرا وكيليمان ونامبولا وإلها دي موزمبيق وغيرها، والتي تتركز في وسط وشمال البلاد، ظلت لسنوات تحكمها حركة المعارضة رينامو، بينما يحكم حزب موزمبيق الديمقراطي مدينة بيرا.

إلا أن فوز حزب المعارضة والحركة الديمقراطية في بيرا كسرا هذه المرة تقليدا سمح لحزب فريليمو، وإن كان باستخدام أساليب غير صحيحة وتزوير كبير في الانتخابات، بمواصلة احتكار السلطة سياسيا في جميع أنحاء جنوب البلاد، على حد تعبير الصحيفة الإيطالية.

وعلى الرغم من الشكوك الكبيرة حول عملية تسجيل الناخبين لهذه الانتخابات الإدارية، أظهرت النتائج أغلبية مطلقة لرينامو في المدينتين الأكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد، العاصمة مابوتو والمدينة السكنية المجاورة لها، ماتولا، وكذلك العاصمة السياحية لجنوب موزمبيق، فيلانكولوس.

تضيف الصحيفة إلى هذه النتائج، الفوز المؤكد والمتوقع على نطاق واسع في مدن مثل بيرا وكيليمان ونامبولا وناكالا ومواتيز وغيرها الكثير، وهو ما ينبئ بسيناريو لا يترك مساحة كبيرة للحزب الحاكم للانتخابات العامة عام 2024.

تخبط انتخابي

 

وبدورها، عمدت اللجان الانتخابية المحلية، التي يجب أن تشرع في التحقق من الأصوات التي حملتها صناديق الاقتراع ومن ثم تمرير تقاريرها إلى اللجنة الانتخابية الوطنية، ببساطة إلى إلغاء النتائج التي أكدها الآن جميع المراقبين والتي أعلن عنها خارج مراكز الاقتراع المختلفة.

وعلى سبيل المثال، استنكر مرشح حركة رينامو في بلدية مابوتو، والذي حصل على نحو 53 بالمئة من الأصوات في العاصمة، تراجعه إلى المركز الثاني بعد إلغاء أصواته وإسنادها إلى مرشح الحزب الحاكم فريليمو لسبب غير مفهوم ما أدى إلى فوز الأخير بـ 58 بالمئة.

وحدث الشيء نفسه في جميع مدن البلاد الأخرى، باستثناء بيرا، حيث قرر حزب فريليمو على ما يبدو عدم تزوير النتائج، نظرا لأن الحزب الفائز أي الحركة الديمقراطية لا تشكل تهديدا حقيقيا على انتخابات 2024، وفق تحليل الصحيفة الإيطالية.

ومن بين 65 بلدية، أعلن فوز الحزب الحاكم حاليا فوزه في 64 بلدية باستثناء بلدية بيرا.

وباتت اللجنة الانتخابية الوطنية بحسب الصحيفة الإيطالية في موقف لا تحسد عليه، كما أنها شهدت بالفعل عدة صدمات.

وتذكر أن رئيسها، القس الإنجليكاني دون كارلوس ماتسيني، كان قد قدم استقالته بالفعل لكن يبدو أن أحدا من أعلى "دعاه" للبقاء حتى الإعلان النهائي للنتائج.

 في حين أعرب أحد نوابه، فرناندو مازانغا ممثل رينامو، عن خيبة أمله إزاء تزوير الانتخابات بالكامل وعدم تمتعها بالنزاهة.

اضطرابات سابقة

ومن المقرر أن تعلن اللجنة الانتخابية الوطنية النتائج الرسمية في الأيام القليلة المقبلة لكن هذه المرة، هناك عامل جديد كان غائبا في كل الجولات الانتخابية السابقة.

الإشارة بحسب الصحيفة إلى حركة الشباب "Povo no Poder"، التي تشكلت بعد وفاة مغني راب مشهور في مارس/آذار 2023، والتي دعمت المعارضة بقوة.

تجرى بالفعل اشتباكات في شوارع العديد من المدن في موزمبيق بين هذه الحركة الشبابية، وبعض ممثلي رينامو مثل عمدة كيليماني المنتهية ولايته، مانويل دي أراوخو، الذي نجا بالفعل من هجومين وبين قوات الشرطة التي لا تزال تحافظ على ولائها للحكومة.

تحذر نيغريسيا من سيناريو اتساع رقعة الاشتباكات وربما اتخاذها شكل حرب عصابات واسعة النطاق في المناطق الحضرية.

وجاءت المواقف الوحيدة التي عبرت عن القلق مما يحدث من نقابة المحامين، التي أعربت عن معارضتها لانتهاك المبدأ الدستوري الأساسي وهو احترام الإرادة الانتخابية.

 وبدوره، ناشد الرئيس السابق حواكيم شيسانو، أحد الزعماء التاريخيين لحزب فريليمو، حزبه احترام إرادة الناخبين والاعتراف بانتصار رينامو.

وفي هذه الأثناء، تستنكر الصحيفة الإيطالية صمت المجتمع الدولي إزاء ما يحدث في هذا البلد الذي ينزلق إلى الفوضى ويكتفي بمراقبة بشكل سلبي تطور وضع من شأنه أن يصبح خلال الساعات القليلة المقبلة خارج السيطرة ومعرضا لتهديد كبير.