صحيفة عبرية: لهذه الأسباب فشلت "القيادة اليهودية" في مهمتها عالميا
ما تزال مختلف المؤسسات الصهيونية واليهودية تتعرض لانتقادات داخلية بسبب عملية "طوفان الأقصى" وما تبعها من عدوان على قطاع غزة، استهجنه كثيرون حول العالم.
وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، نفذت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" هجوما على مستوطنات غلاف غزة قُتل فيه نحو 1200 إسرائيلي، وأصيب حوالي 5431، وأسر 239 على الأقل، في عملية أطلق عليها "طوفان الأقصى".
مصدر للعار
وفي السياق، نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية مقالا لمؤسس "حركة الفخر" اليهودية الحديثة، بن فريمان، أوضح فيه أن "القيادة اليهودية فشلت في مهمتها".
وقال فريمان: "لقد فشل بعض ممن يمثلون القيادة اليهودية، ولا أعني بذلك أنهم فشلوا في وقف تصاعد كراهية اليهود، فهذا خارج عن سيطرتهم".
واستطرد: "لكنهم فشلوا بشكل حقيقي في تزويد المجتمع اليهودي بالمعرفة والفخر اللازمين من أجل العيش في العالم الذي نجد أنفسنا فيه".
وتابع: "لقد سمح القادة اليهود بإضفاء الشرعية على معاداة الصهيونية، التي هي شكل من أشكال كراهية اليهود بعد المحرقة، بل وأوجدوا لها موطنا في معابدنا ومنظماتنا".
وأضاف: "يمكن القول إن هذه هي أسوأ جريمة على الإطلاق، وحتى أولئك الذين يتجنبون نقاش مثل هذه الأفكار قد شاركوا القيادة اليهودية فشلها بعدة طرق".
وقال فريمان: "لقد حظيت بشرف التحدث إلى المجتمعات اليهودية في جميع أنحاء العالم، وأحد الأسئلة التي أسمعها تُطرح باستمرار هو: لماذا لم نعرف تاريخنا؟"
ويرى أن "هذا سؤال عادل يتطلب إجابة".
وتساءل فريمان: "لماذا لا يفهم الكثير من اليهود التاريخ اليهودي؟ لماذا لا يملكون المعرفة والثقة للدفاع عن أنفسهم ضد وابل الكراهية الذي يعترضهم؟"، وفق زعمه.
وأكد على أن "المؤسسة اليهودية فشلت في تثقيف اليهود حول ما يعنيه في الواقع أن تكون يهوديا".
وتابع: "لقد فشلوا في إلهام وتمكين اليهود من رؤية يهوديتهم كمصدر للفخر، وليس كمصدر للعار"، مضيفا: "لقد تجاهلوا ما يحدث على أرض الواقع".
أمر صادم
وأفاد فريمان بأن "المؤسسة اليهودية تجاهلت انتشار كراهية اليهود في أوساط اليساريين، والتي ظل يهود الاتحاد السوفيتي السابق مثل الباحثة إيزابيلا تبوروسفسكي، يحذروننا منها منذ سنوات".
ورأى أن القيادة اليهودية "تجاهلت ما حدث في المملكة المتحدة في عهد زعيم حزب العمال السابق، جيريمي كوربن، وتجاهلت اليهود البريطانيين الذين صرخوا حينها مطالبين أميركا بالاستيقاظ".
وترأس كوربن حزب العمال البريطاني منذ عام 2015 وحتى عام 2020، كما أنه يحظى بعضوية البرلمان البريطاني منذ 1983.
ويُعرف كوربن بدعمه للقضية الفلسطينية، ومن ذلك دعوته عام 2012 ومرة أخرى في 2017، إلى إجراء تحقيق حول "تأثير إسرائيل على السياسات البريطانية".
وأخيرا، وجّه كوربن انتقادات لاذعة إلى السياسيين البريطانيين، قائلا إنهم يعطون ضوءا أخضر لإسرائيل لـ"إبادة" قطاع غزة.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت أكثر من 25 ألف شهيد، ونحو 63 ألف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء.
وقال فريمان: "حتى بعد ما حدث في 7 أكتوبر، والارتفاع المخيف في كراهية اليهود في جميع أنحاء العالم، ما زال في مواقع القيادة اليهودية في الشتات من يرى أن الوضع الحالي ما هو إلا صورة عابرة".
وأكد على أن "هذا الخطأ الفادح يمثل نموذجا على كل قصور في الأوساط القيادية اليهودية".
ويرى الكاتب أن "اليهود باتوا مضطرين للاعتماد على أفراد يتمتعون بالجرأة والشغف ولديهم حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، للقيام بمهمة تعليم وإلهام وتمكين الجماهير اليهودية".
ورأى أن اضطرار اليهود لذلك "أمر صادم"، لأنه من المفترض أن هناك العديد من المنظمات اليهودية القوية التي عليها أن تضطلع بهذا العمل.
وأوضح أن "هؤلاء الأفراد يعملون -غالبا على وسائل التواصل الاجتماعي- على تطوير مجتمعنا، والدفاع عنه، وضمان بقائه".
واستدرك: "لكن كما علمت من خلال عدد لا يحصى من النقاشات، فإنهم غالبا ما يعامَلون بازدراء خطير من أولئك الذين يشغلون مناصب قيادية".
وقال فريمان موجها حديثه للقراء اليهود: "قد تتساءل وأنت تقرأ هذا المقال عما إذا كنتُ غاضبا، وأنت على حق في هذا، فأنا غاضب، ويجب أن تغضب أنت أيضا، فقد خذلنا أولئك الذين كلفوا بحماية اليهودية".
وأضاف: "إنه موقف يدعو للذهول أن يجد مجتمعنا نفسه في موقف دفاعي، وهو في يده كل هذه الموارد".
وأردف: "انظروا إلى أعدائنا، انظروا كم هم منظمون، ثم ألقوا نظرة على بعض قادة مؤسستنا، لتروا كيف يترنحون عندما يحدق أحد في وجوههم".
وتساءل الناشط اليهودي: "أين تُنفق ملايين الدولارات؟ أين تُنفق ونحن نرى الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ؟"
إحصائيات مخيفة
وفي عام 2021، وجد استطلاع أجراه "معهد الناخبين اليهود" الذي يقيس توجهات الناخبين اليهود في الولايات المتحدة، أن 43 بالمئة ممن تقل أعمارهم عن 40 عاما يرون أن "معاملة إسرائيل للفلسطينيين تشبه العنصرية الموجودة في أميركا".
في حين أن 41 بالمئة ممن تقل أعمارهم عن 40 عاما ليسوا "مرتبطين عاطفيا بإسرائيل".
وقال فريمان إن "هذه الإحصائيات المخيفة تطرح السؤال التالي: ماذا كانت تفعل القيادة اليهودية والحال كذلك؟ ولماذا كانوا نائمين بينما هم في زمرة القيادة؟".
وأضاف: "بعد 7 أكتوبر، يعاني الشعب اليهودي من الألم والصدمة، لكن نحن أيضا وللمرة الأولى منذ عقود، متحدون بشكل أو بآخر حول يهوديتنا وصهيونيتنا، وهذه فرصة لا يمكننا أن نضيعها".
وأكد أن "الآن هو الوقت المناسب للقتال"، مشيرا إلى أن "اليهود يواجهون تهديدا وجوديا في الشتات وعليهم أن يستيقظوا ليجابهوه".
وذكر أن اليهود "بحاجة إلى أن يتحرك جميع من هم في مواقع السلطة، وليس البعض فقط".
وأوضح أنهم "بحاجة إلى قادة قادرين وراغبين في إجراء محادثات صادقة -وصعبة في كثير من الأحيان- حول التجربة والهوية اليهودية".
ورأى الكاتب أنه "ربما يحتاج بعض من هم في المناصب العليا إلى تذكيرهم بأن اليهودية لا تخصهم فقط، وأنهم يقومون على أمرها لينقلوها للأجيال القادمة".
وشدد على أن "القيادة اليهودية الفاشلة لا تعرض الجيل الحالي من اليهود للخطر فحسب، بل تعرض للخطر كل جيل سيأتي بعده".
وقال فريمان: "نحن مدينون لهم، ولأنفسنا، ولأسلافنا بأن نوحد جهودنا وننخرط في برنامج، يصبح بموجبه التعليم والتمكين من أولويات كل منظمة مجتمعية يهودية ملتزمة باستمرار الشعب اليهودي".
وأشار إلى أن "على اليهود أن يفهموا التاريخ والهوية اليهودية"، موضحا أن "التعليم يجب ألا يقتصر على تقديم اليهودية كدين".
ويرى فريمان أن "اليهود ليسوا ديانة، بل هم شعب لديه دين وهذا تمييز واضح جدا"، وفق تعبيره.
وأضاف: "لم نخسر بعد كل شيء، وإذا تحركنا بسرعة، فيمكننا تجنب الأزمة".
وختم فريمان بالقول: "يمكننا، على سبيل المثال، وقف تقدم معاداة الصهيونية في مجتمعنا الخاص، والأمر متروك لكل واحد منا لتحمل هذه المسؤولية والمضي قدما نحو الحل".