قنبلة موقوتة تهدد العالم.. هل يمكن حل مشكلة الديون الأميركية الضخمة؟
للمرة الأولى في التاريخ، تجاوز إجمالي الدين الوطني الأميركي في الآونة الأخيرة 34 تريليون دولار.
وعلى مر السنين، أدى العجز المالي المستمر إلى ارتفاع كومة ديون الولايات المتحدة أكثر فأكثر، ما وصفه موقع "الصين نت" بـ"قنبلة موقوتة معلقة فوق رؤوسنا".
غير مسبوق
ووفقا للوثائق الرسمية الأميركية، ارتفع إنفاق الحكومة الفيدرالية بعد سنوات من النمو المطرد للديون، ليصل الدين إلى أعلى مستوى له منذ الحرب العالمية الثانية (1939-1945).
وأظهر تقرير صادر عن وزارة الخزانة الأميركية أنه "في أقل من أربعة أشهر، ارتفع الدين بمقدار تريليون دولار آخر".
والصادم أكثر -في رأي الموقع الصيني- أن مكتب الميزانية التابع للكونغرس كان قد توقع في يناير/ كانون الثاني 2020 أن يتجاوز إجمالي الدين الفيدرالي 34 تريليون دولار في السنة المالية 2029.
ولكن بالنظر للوضع الحالي، فقد أصبح هذا التوقع حقيقة قبل خمس سنوات من الموعد المتوقع.
وأشار التقرير -الصادر عن وزارة الخزانة- إلى أن "انخفاض عائدات الضرائب الأميركية وزيادة الإنفاق الحكومي الفيدرالي أدى إلى ارتفاع العجز المالي الحكومي، مما تسبب في ارتفاع الدين الوطني هذه المرة".
وفي هذا الصدد، لفت الموقع إلى أن "عائدات الضرائب الأميركية تستمر في الانخفاض".
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، مايكل كيكوكاوا، إن "الزيادة في الديون ناجمة عن (الديون المتدفقة) الناجمة عن التخفيضات الضريبية التي أقرها الجمهوريون عام 2017، والتي استفادت منها الشركات والأميركيون الأثرياء، مع خفض الضمان الاجتماعي والرعاية والمساعدات الطبية".
وبحسب الموقع، يرى المحللون -من منظور الإيرادات المالية- أنه "من الصعب حاليا على الولايات المتحدة تحقيق زيادة كبيرة في الإيرادات الضريبية، مما يجعل التمويل صعبا إلا من خلال زيادة حجم الديون".
وهو ما يؤدي إلى الوضع الحالي، حيث ترتفع تكاليف التمويل وحجم الديون بسرعة في نفس الوقت، كما ذكر الموقع.
ومن ناحية أخرى، لفت إلى أن الإنفاق الحكومي الفيدرالي الأميركي "يستمر في الزيادة في ذات الوقت".
"هيمنة الدولار"
من وجهة نظره، يرى "الصين نت" أن جوهر مشكلة ديون الولايات المتحدة يكمن في "هيمنة الدولار".
فبعد أن حافظت الولايات المتحدة لفترة طويلة على عجز في التجارة الخارجية وصدرت الدولار بشكل عشوائي ونقلت التضخم وفقاعات الأصول إلى العالم، ستتحمل دول العالم أجمع تكلفة انخفاض قيمة الدولار في نهاية المطاف.
ونظرا لأن سندات الخزانة الأميركية لا تزال واحدة من أكثر أهداف الاستثمار سيولة في العالم، لفت المحللون إلى أن الولايات المتحدة أصدرت كمية كبيرة من السندات لتشكيل نظام "دورة الدين" الذي ينسحب فيه الدولار.
وفي رأيهم، أدت تكاليف الاقتراض المنخفضة للغاية إلى جعل الولايات المتحدة "مدمنة على نحو متزايد للديون".
من ناحية أخرى، قال الموقع إنه "بفضل ميزة أن الدولار كان العملة الاحتياطية في العالم منذ الأربعينيات، ظل الاحتياطي الفيدرالي يعمل في وضع (آلة طباعة النقود الفائقة) لفترة طويلة".
وفي الوقت الحاضر، مع استمرار بعض الدول في خفض حيازاتها من الدين الوطني الأميركي، لا تزال الولايات المتحدة "تمتص الدماء" من حلفائها، بحسب وصف "الصين نت".
وتظهر البيانات الصادرة عن مجلس العلاقات الخارجية أنه من بين حاملي الديون الأميركية، يمتلك المستثمرون الأجانب، والحكومات بشكل رئيس، أكثر من 30 بالمئة من الإجمالي.
واعتبارا من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أصبحت اليابان تمتلك أكبر مبلغ، والذي يتجاوز تريليون دولار.
وأضاف الموقع أن المملكة المتحدة ولوكسمبورغ وبلجيكا ودولا أخرى أيضا في الصدارة.
ويعتقد الخبراء أن حلفاء مثل المملكة المتحدة واليابان، مع قيامهم بزيادة حيازاتهم من الديون الأميركية، يلعبون دورا في دعم قوة الدولار، وهو ما قد يبطئ تراجعه إلى مستوى معين.
ومن ناحية أخرى، مع انخفاض ديون الولايات المتحدة، أشار الخبراء إلى أن "حاملي الديون الأميركية سيعانون من خسائر كبيرة".
توقعات قاتمة
وحذر "الصين نت" من أنه "إذا استمرت ديون الولايات المتحدة في الارتفاع إلى مستويات غير معروفة، فإن المخاطرة ستكون طويلة الأجل".
ومن الممكن -في اعتقاده- أن "يؤدي ارتفاع عبء الديون إلى فرض ضغوط تصاعدية على التضخم، مما يؤدي إلى بقاء أسعار الفائدة مرتفعة، وبالتالي زيادة تكلفة خدمة الدين الوطني".
وفي الوقت نفسه، توقع مكتب الميزانية في الكونغرس أنه "بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحالي، سيتجاوز صافي الإنفاق على الرعاية الاجتماعية والإنفاق الإلزامي ومدفوعات فوائد الديون إجمالي الإيرادات الحكومية".
كما قدر خبراء الاقتصاد في كلية "وارتون" بجامعة بنسلفانيا أن "الأسواق المالية غير قادرة على تحمل أكثر من عقدين من العجز في الولايات المتحدة".
وأفاد الخبراء بأنه "بحلول ذلك الوقت لن يكون أي قدر من الزيادات الضريبية أو خفض الإنفاق كافيا لتجنب التخلف عن السداد المدمر".
وأكد الموقع أن "وضع الدولار يواجه تحديا كبيرا، حيث بدأت العديد من الدول في تقليص حيازاتها من الديون الأميركية".
ووفق تحليل أجرته مؤسسة "بيترسون"، يظهر الموقع أن "نسبة سندات الخزانة الأميركية التي تحتفظ بها الدول الأجنبية بلغت ذروتها عند 49 بالمئة عام 2011، لكنها انخفضت إلى 30 بالمئة بحلول نهاية عام 2022".
من جانبه، ووصف أستاذ الاقتصاد في جامعة لويولا ماريماونت، سونغ وون سون، التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة بأنها "قاتمة للغاية".
ويرى سونغ أن "الولايات المتحدة تنفق الأموال كما لو أن لديها موارد غير محدودة".
ولكن خلاصة القول -بحسب الموقع- أنه "لا يوجد غذاء مجاني".