سلام يترأس حكومة لبنان الجديدة.. وناشطون: لعنة "القرضاوي" تصيب ميقاتي
لعنة عبد الرحمن القرضاوي تصيب نجيب ميقاتي في مقتل
تباينت ردود الفعل بشأن إعلان رئاسة الجمهورية اللبنانية تسمية رئيس محكمة العدل الدولية القاضي نواف سلام، لتشكيل الحكومة بعدما أيده 85 نائبا من إجمالي 128، في الاستشارات النيابية.
المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير، قال خلال بيان في 13 يناير/كانون الثاني 2025، إن الرئيس جوزيف عون "استدعى القاضي نواف سلام لتكليفه بتشكيل الحكومة، علما أنه موجود حاليا خارج البلاد ومن المقرر أن يعود الثلاثاء (اليوم).
وأوضح مندوب "الوكالة الوطنية للإعلام" في القصر الجمهوري أن حصيلة الاستشارات النيابية الملزمة جاءت بـ85 صوتا للقاضي نواف سلام، مقابل 9 أصوات لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، و34 بلا تسمية.
فيما امتنع ممثلو "الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل) عن تسمية أي مرشح لرئاسة الحكومة.
وعلق رئيس كتلة حزب الله في البرلمان، محمد رعد، على انتخاب سلام، قائلا إن البعض يعمل على "التفكيك والتقسيم والشرذمة والإلغاء والإقصاء تعنتا وكيدية وتربصا".
وأشار في مؤتمر صحفي بعد لقاء الرئيس جوزيف عون، إلى أن الكتلة التي لم تسم أحدا لرئاسة الحكومة "خطت خطوة إيجابية عند انتخاب رئيس الجمهورية"، وأضاف: "كنا نأمل أن نلاقي اليد التي لطالما تغنت بأنها ممدودة وإذ بها قطعت".
وكانت الجولة الأولى قد انتهت دون تسمية رئيس الحكومة، وسط انقسام النواب، وانسحاب بعض المرشحين، حيث حصل سلام على 12 صوتا، مقابل 7 لميقاتي، فيما سُجل صوت واحد بلا مرشح -بحسب وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية-.
القاضي المخضرم
ونواف سلام ولد في عام 1953 في بيروت لعائلة مسلمة سنية معروفة، وهو حاصل على دبلوم من مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية في باريس عام 1974، وشهادة دكتوراه في التاريخ من جامعة “السوربون” عام 1979.
وحصل بعد ذلك على بكالوريوس في القانون من "جامعة بيروت" عام 1984، ثم ماجستير في القانون من كلية الحقوق بجامعة "هارفارد" عام 1991، ودكتوراه دولة في العلوم السياسية من "معهد الدراسات السياسية" في باريس عام 1992.
والد نواف هو عبد الله سلام أحد مؤسسي "طيران الشرق الأوسط"، شركة الطيران الوطنية اللبنانية، وزوجته هي الصحفية سحر بعاصيري سفيرة لبنان لدى منظمة اليونسكو الأممية.
وجده لأبيه هو سليم سلام مؤسس "الحركة الإصلاحية في بيروت" وانتخب نائبا عن بيروت في مجلس "المبعوثان العثماني" عام 1912، وكان أيضا عضوا في الحكومة العربية الكبرى التي أسسها الملك فيصل بن الحسين ومديرا لمكتبها في بيروت.
وعمه هو صائب سلام الذي عرف بنضاله من أجل استقلال لبنان عن الانتداب الفرنسي، وتولى لاحقا رئاسة الحكومة 4 مرات بين عامي 1952 و1973.
وكذلك الأمر مع ابن عمه تمام الذي ترأس الحكومة اللبنانية عام 2014 وحتى عام 2016.
وسلام أستاذ جامعي ورجل قانون ودبلوماسي لبناني مخضرم تميز في مجالات العدالة والدبلوماسية والتدريس الأكاديمي، وتأثّر باليسار في شبابه، وناضل من أجل القضية الفلسطينية في فترة الدراسة بالجامعة شأن أبناء جيله، وأثناء عمله الدبلوماسي في الأمم المتحدة.
وأعرب ناشطون عن سعادتهم بإطاحة البرلمان اللبناني بنجيب ميقاتي، وعدو ذلك ثمنا لتسليمه الشاعر المصري عبدالرحمن القرضاوي للإمارات قبل أيام من رحيله عن الحكومة.
ورأوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس"، "فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #نواف_سلام، #لبنان، #نجيب_ميقاتي، وغيرها، أن البلد يسير على الطريق الصحيح، وفي المقابل حذر آخرون من تهميش الشيعة وتبعات امتناع حزب الله عن التصويت.
وتجادل ناشطون حول دور السعودية في اختيار رئيس وزراء لبنان، إذ ذهب فريق إلى أن أوامر من المملكة صدرت للنواب ألزمتهم باختياره.
فيما أكد أخرون أن ملف رئاسة الوزراء لم يشهد تدخلات خارجية وترك الحسم بيد النواب، وجرى وفق انتخابات نزيهة أوصلت رئيس محكمة العدل الدولية لرئاسة الوزراء.
لعنة القرضاوي
وتعبيرا عن فرحته بسقوط ميقاتي وتذكيرا بدوره في تسليم الشاعر عبدالرحمن القرضاوي للإمارات، وصفه الصحفي أحمد عطوان، بالمجرم، والساقط، معربا عن سعادته بسقوطه إلى مزبلة التاريخ، ونجاح نواف سلام لرئاسة الوزراء.
وقال: “لن يهنأ المجرم غير النجيب وستلاحقه الدعوات القضائية اللبنانية والأممية لتسليمه عبدالرحمن القرضاوي للموت.. ملعون الغدر والخيانة في كل كتاب".
وقال السياسي والحقوقي المصري أسامة رشدي: نجيب ميقاتي الذي اختطف الشاعر عبدالرحمن القرضاوي إلى مزبلة التاريخ، مؤكدا أنه ختم تاريخه بالقرصنة والغدر بشاعر وكاتب سلمه لنظام مجرم نظير صفقة مشبوهة ستكشفها الأيام بإذن الله.
وأشار إلى أن ما فعله ميقاتي مخالفة للقانون اللبناني والقانون الدولي، لافتا إلى أن مصير القرضاوي الآن مجهول ويخشى على حياته وسلامته.
وتمنى رشدي، على رئيس الحكومة الجديد نواف سلام أن يتابع ويحقق في الجريمة التي ارتكبها ميقاتي وهي في النهاية مسئولية الدولة اللبنانية.
وأكد الإعلامي قطب العربي، أن لعنة القرضاوي تصيب نجيب ميقاتي في مقتل وتحطم مساعيه لرئاسة الحكومة اللبنانية التي دفع تسليم عبد الرحمن ثمنا لها.
وأشار إلى أن الأغلبية في البرلمان تجاهلت ميقاتي واختارت نواف سلام رئيسا للحكومة، قائلا إنه ضمن اللعنة أيضا تحرك قضية في فرنسا ضد فساد مالي لنجيب، واللعنة حتما ستصيب آخرين.
ورأى أحد المغردين، أنه لا مجال للمقارنة بين الرجلين، قائلا إن نواف سلام الذي لا نعرفه هو قاض ورئيس محكمة العدل الدولية، أما نجيب ميقاتي رئيس أكبر منظومة فساد فهو فاسد متسلط على أموال الإسكان وعراب صفقات الفساد ولا يصلح إلا شريكا لنبيه بري (رئيس مجلس النواب) وأمثاله.
حفاوة وثناء
وإشادة بسلام وحفاوة بتنصيبه رئيسا للوزراء، عد محمود هدهود، اختياره لرئاسة الحكومة اللبنانية خطوة أخرى نحو وضع لبناني أفضل، سواء من جهة تقليل تبعات إحلال النفوذ السعودي في لبنان محل النفوذ الإيراني من خلال الحزب، أو من جهة استعادة الدولة والسيادة على المسرح الدولي.
وأشار إلى أن سلام يأتي من خارج تيار المستقبل الذي لم يبق منه سوى مزيج من الفساد المالي والتبعية السياسية، كما يحظى بسمعة دولية تسمح له بممانعة الضغوط الخارجية في حدود معينة، ولا يتبنى رؤية متصهينة أو مخلجنة للبنان على غرار جهات وشخصيات متعددة في البلاد.
ورأى السياسي جورج قرياقوس، أن رئيس جمهورية قوي وعصامي مثل العماد جوزيف عون، ورئيس مجلس وزراء نظيف الكف ودبلوماسي محنّك مثل نوّاف سلام هم أول الغيث وبداية أمل في تغيير إيجابي قادم، مشيرا إلى أن التغيير صعب ولكنه بمتناول اليد.
وتوقع أن تخف العزلة الدولية عن لبنان، وترجع علاقاته مع الدول المؤثرة والدول الخليجية، مؤكدا أن "الطريق طويل وليس هينا".
وعرضت الصحفية جودي الأسمر، صورة لرئيس لبنان ورئيس الوزراء، قائلة: “هيك رئيس يليق بهيك رئيس.. وبلد يقوده هذان الرئيسان يليق بكرامة اللبنانيين”.
وأضافت: "أهلا بالدولة اللبنانية التي تتمتّع بتركيبة منسجمة بين سلطتين مقررتين، دون استرضاء وترقيع وتعطيل. على أمل أن ينعكس هذا المزاج على التشكيلات الحكومية."
ورأى الكاتب نواف القديمي، أنه بعد انتخاب الرئيس جوزيف عون، وتأكد تكليف نواف سلام برئاسة الحكومة، يمكن الحديث أن لبنان سيبدأ بأولى خطوات طريق التعافي، وسيدخل في مسار صعود مركزية "الدولة" على حساب هيمنة القوى الأخرى.
خاصة سيطرة حزب الله على القرار اللبناني، بعد التغيير الكبير الذي حصل في المؤثر الأهم على لبنان “سوريا”، وفق تقديره.
مهاجمة سلام
وفي المقابل، هاجم ناشطون سلام، إذ قال ماجد، إنه لم يرشح نفسه، وإنما رشحه الخارج وألزم الداخل به، مضيفا: "تخيلوا جبنا رئيس حكومة مش سامعين صوتو ولا منعرف رأيو بأي مسألة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.. قمة الجهل والتخلف".
وأشار الصحفي فايد نضال، إلى أن الطائفة الشيعية لم تسم سلام، وعد اختياره بداية متعثرة للعهد الجديد يمكن تداركها قبل فوات الأوان.
وحذر من أن عزل أي طائفة أو محاصرتها أمر خطير ولا يصلح في لبنان مهما تبدلت موازين القوى.
وقال المدون محمد محمد، إن سلام هو من قاد مشروع قرار الحظر الجوي على ليبيا في مجلس الأمن، والذي أدى لقصف وتدمير هذا البلد، مضيفا: "هكذا تدار اللعبة الأميركية بمجموعة عملاء يقدمونهم لنا في الإعلام بأنهم خبراء وكفاءات".
دور سعودي؟
وبرز الجدل حول دور السعودية في تكليف رئيس وزراء لبنان الجديد، إذ عد رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان، اختيار سلام، رابع انتصار سياسي للسعودية خلال أقل من شهرين.
وقال: "سوريا، قصر بعبدا، السودان، السراي الكبير لبنان.. نجاحات تفرض على المملكة مسؤوليات كبيرة في مقدمتها إعادة النظر في حسابات ورجالات وتحالفات وتوازنات العشرية السابقة في المنطقة بكاملها".
ونقل الباحث السياسي جمال عبدالعزيز التميمي، عن صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، قولها إن الأحزاب السياسية المعارضة لحزب الله والتي شجعتها قوى أجنبية مثل السعودية، توحدت حول ترشيح نواف سلام مما ضمن أن يصبح القاضي الدولي رئيسا لحكومة لبنان القادمة.
وألمح الإعلامي والكاتب السياسي خليل نصر الله، أن ما حصل هو مكالمة من الرياض تم بموجبها اختيار سلام.
وأعاد الأمير السعودي عبد الرحمن بن مساعد، نشر تغريدة نصرالله، معلقا عليها بالقول إن "أي ألو من السعودية هي خير للبنان".
فيما أوضح الناشر ورئيس تحرير موقع لبنان الكبير محمد نمير، أن التوافق على اسم القاضي نواف سلام تم في ساعات متأخرة وعندما انسحب النائب فؤاد مخزومي (المرشح الآخر لرئاسة الحكومة) صباحا، بات بإمكان النواب الآخرين الانضمام للتوافق خلال هذا اليوم.
وقال: "بالتالي كل ما يتم الترويج له أنه تم فرض الاسم من الخارج وخصوصا من المملكة العربية السعودية لا صحة له، والدليل أن النواب المقربين من المملكة كانوا مشتتين.. ومن تابع مسار ما حصل أمس وأول أمس يدرك انه توافق داخلي واضح".
وأضاف نمير، أن السعودية تريد الاستقرار والسيادة للبنان والازدهار، وأن مسار التأليف سيكون وفق الدستور وبالتالي الاعتراض عليه يكون أيضا وفق الاطر الدستورية تحت سقف حماية لبنان.
وتابع: “المرحلة تحتاج وحدة وطنية ولنشارك جميعا في صناعة لبنان الجديد لكل اللبنانيين".
وكتب النائب في البرلمان وضاح صادق: "لا يصدقون ولن يصدقوا، لا كمين ولا من يحزنون، ولا اتفاقات حتى يتم نقضها. لم يتعودوا أن تجرى انتخابات ديموقراطية طبيعية، لم يتدخل أحد، ولم تعرف أي دولة بما يحدث فوجئوا كما غيرهم."
وأكد أن عددا قليلا من النواب اتخذ القرار، وتدحرجت كرة الثلج تحت تأثير الضغط الشعبي على النواب، قائلا إن حلم تحقق، واليوم لبنان أفضل.
وأكد الكاتب والصحفي فلاح المشعل، أن سلام لم ترشحه دولة خارجية، ولا مافيات المال والعقود والصفقات المليارية، بل اختارته النخب اللبنانية؛ لأنها تجد فيه الكفاءة والنزاهة والعمق الثقافي والفكري والقانوني مع قوة القرار.
وأشار إلى أن سلام خريج جامعة هارفرد والسوربون، ويتحدر من عائلة بيروتية معروفة بمواقفها الوطنية.
وقال المشعل، إن النخب -الأحزاب التي اختارت سلام-، وهي الأغلبية، لم تنظر إلى طائفته أو ثروته، بل لشخصيته وقدرته على إيجاد حلول لمشاكل لبنان وأزماته المتراكمة.
الثنائي الشيعي
واستنكر ناشطون امتناع ممثلي الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) عن المشاركة في المشاورات النيابية حول تسمية رئيس الوزراء، منددين بحملة الهجوم والإساءة الشرسة التي شنوها على سلام ورفضهم لتنصيبه رئيسا للوزراء.