من تختار مولدوفا في انتخابات الرئاسة والاستفتاء.. الاتحاد الأوروبي أم روسيا؟

a month ago

12

طباعة

مشاركة

أصبحت مولدوفا أمام مفترق طرق جراء استحقاقين انتخابيين مفصليين في تاريخ البلد الذي يبلغ عدد سكانه 2.5 مليون نسمة، ويعد من أفقر دول أوروبا.

فقد فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في جميع أنحاء مولدوفا في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2024، للناخبين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والاستفتاء حول الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وفي هذا الصدد، تحدثت وكالة "أجينسيا جيورنالستيك إيطاليا" عن الاهتمام الروسي الكبير بهذين الحدثين، ملمحة إلى إمكانية تدخلها فيهما في محاولة لوضع حد لخسارة نفوذها في البلاد.

استقطاب انتخابي

وانطلقت الانتخابات في أكثر من 2.2 ألف مركز اقتراع داخل أراضي مولدوفا، كما يوجد 234 مركزا آخر في الخارج. وستستمر عملية التصويت في المراكز الانتخابية حتى التاسعة مساءً.

وبحسب الوكالة الإيطالية، تعد مايا ساندو الرئيسة الحالية للبلاد وزعيمة حزب العمل والتضامن والمؤيدة للغرب، المرشح الأوفر حظا للفوز بولاية ثانية، إلا أنها ستواجه معارضة.

وخاصة من إيلان شور، الأوليغارشي (المتنفذ) الموالي لروسيا والمدعوم من الكرملين وزعيم حزب "شور" الذي يسعى إلى "إبطاء عملية اندماج مولدوفا في أوروبا ويروج إلى العودة لمظلة النفوذ الروسي". 

ويبلغ إجمالي عدد المرشحين الآخرين 16، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ البلاد، من ضمنهم ساندو التي تتولى منصب الرئيس منذ عام 2020، لكنها على عكس الانتخابات السابقة، تخوض هذ السباق كمستقل بدعم من حزب العمل والتضامن.

 وبصفتها المرشح الوحيد المؤيد لأوروبا والمناهض لروسيا الذي يتمتع بشعبية وطنية، تتوقع الوكالة الإيطالية مرورها إلى جولة الإعادة دون مشاكل كبيرة. 

وترى أنه من الصعب عليها تحقيق الفوز في هذه الانتخابات منذ الجولة الأولى بالنظر إلى الوضع السياسي في البلاد.

ولاحظت أن المرشحين المنافسين لساندو "كثر ومختلفون تماما عن بعضهم بعضا"، وجميعهم يسعى إلى الفوز بأصوات الناخبين المناهضين لأوروبا والمؤيدين لروسيا.

ومن بين هؤلاء رئيس الوزراء الأسبق فلاد فيلات، الذي يتمتع بخبرة سياسية وكان كذلك سجينا طيلة أربع سنوات بتهمة الفساد وإساءة استخدام السلطة.

من جانبه، ينطلق المدعي العام السابق لمولدوفا ألكسندر ستويانوغلو، بحظوظ أوفر للمرور إلى الجولة الثانية.

لا سيما أن الرئيس السابق وزعيم الحزب الاشتراكي إيغور دودون، والذي كان من المتوقع أن يقدم ترشحه بشكل مباشر، قرر التراجع وإفساح المجال أمام ستويانوغلو. 

ومن شأن ذلك أن يسمح للمرشح الجديد بالحصول على أصوات الاشتراكيين الذين يمثلون القوة السياسية الثانية في البلاد. 

وإذا سارت الأمور على هذا النحو، فسينحصر التنافس مجددا خلال جولة الإعادة المنتظر إجراؤها في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني، بين حزب العمل والتضامن وحزب الاشتراكيين، وفق الوكالة الإيطالية.

وقد أدى هذا التنافس في السنوات الأخيرة والمتمثل خاصة في شخصيتي ساندو ودودون، إلى استقطاب المشهد السياسي في مولدوفا.

العضوية المحتملة

يُجرى في نفس تاريخ الانتخابات الرئاسية الاستفتاء على الدستور، حيث سيُدعى الناخبون فيه للتعبير عن آرائهم حول مسألة لطالما كانت "ساخنة" في السياسة المولدوفية وهي عضوية الاتحاد الأوروبي. 

وسيتعين على الناخبين الإجابة بـ"نعم" أم "لا" على سؤال “هل تؤيد تعديل الدستور ليتيح انضمام جمهورية مولدوفا إلى الاتحاد الأوروبي؟”

وإذا فازت الأصوات الموافقة على هذا الاستفتاء، فسيتم تعديل الدستور "لتأكيد الهوية الأوروبية للشعب المولدوفي وعدم الرجوع عن مسار التكامل الأوروبي".

وفي حال تفوق الناخبين الرافضين للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فلن يخضع الدستور لأي تعديلات ولن يكون بالإمكان تنظيم استفتاء جديد إلا بعد عامين.

ولاحظت الوكالة الإيطالية في تقريرها أن الاستقطاب السياسي حول التصويت الرئاسي هو نفسه حول المواقف من الاستفتاء. 

وتشرح أن حزب العمل والتضامن الذي اقترح الاستفتاء في منافسة مع حزب الاشتراكيين المعارض بزعامة إيغور دودون، أن العملية التي أدت إلى تنظيم الاستفتاء غير قانونية، داعيا إلى المقاطعة أو بالأحرى التصويت بـ "لا".

وبحسب آخر استطلاعات الرأي، تبلغ نسبة التأييد في الوقت الحالي 56.5 بالمئة، في حين يعارض 25.2 بالمئة الانضمام للاتحاد الأوروبي.

وفي مولدوفا، لا تزال الأحزاب الموالية لروسيا تتمتع بدعم كبير من الناخبين خاصة في إقليمي ترانسنيستريا وغاغاوزيا. 

وانفصل إقليم ترانسنيستريا ذو الأغلبية الناطقة بالروسية والواقع على الحدود مع أوكرانيا من الشرق، من جانب واحد عن مولدوفا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع التسعينيات.

وقد أكد استفتاء عام 2006، الذي لم يعترف به المجتمع الدولي، لأول مرة الرغبة في الانضمام إلى روسيا.

الصراع الأوكراني الروسي

ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، تزايدت التوترات في مولدوفا، خاصة مع وقوع هجمات في تيراسبول، عاصمة ترانسنيستريا، على طول الحدود مع أوكرانيا. 

في 9 فبراير 2023، تحدث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لزعماء الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين عن مخطط روسي "لقلب النظام الديمقراطي وفرض السيطرة الروسية" في مولدوفا. 

كما أكدت الرئيسة المولدوفية ساندو محاولة موسكو "تغيير السلطة في تشيسيناو"، من خلال "أعمال عنف مقنعة في شكل احتجاجات لما يسمى بالمعارضة بمشاركة أجانب". 

ووجهت آنذاك أصابع الاتهام إلى العديد من الجماعات الموالية لروسيا مثل “سور”، حزب إيلان شور المعارض البارز.

وهذا الحزب فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه في أكتوبر/تشرين الأول 2022 بسبب قربه من الحكومة الروسية.

وفي نفس السياق، تحدثت الوكالة عن اعتقال شرطة مولدوفا في مارس/آذار 2023، أعضاء شبكة تديرها روسيا تسعى لزعزعة استقرارها خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة والتي قادها حزب سور.

وكان المجلس الأوروبي قد أطلق في أبريل/نيسان 2023 “بعثة الشراكة المدنية في مولدوفا”.

وجاء في بيانه أن الهدف" هو المساهمة في تعزيز هياكل إدارة الأزمات وتعزيز قدرتها على الصمود في وجه التهديدات الهجينة، بما في ذلك الأمن الرقمي، ومكافحة التلاعب بالمعلومات الأجنبية والتدخل فيها ".

وطلبت جمهورية تشيسيناو من روسيا الحماية قبل أشهر، بعد ادعائها ممارسة حكومة مولدوفا ضغوطا على اقتصادها، وهو أمر مثير للقلق بحسب الوكالة.

لا سيما أنها تعيد إلى الأذهان، ما حدث في الأيام التي سبقت غزو أوكرانيا في 24 فبراير 2022، حين أعلنت روسيا آنذاك الاعتراف الرسمي بجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين في إقليم دونباس الأوكراني.