علييف يفوز بولاية خامسة.. كيف أثرت مشاركة "قره باغ" بانتخابات أذربيجان؟
تميزت الانتخابات الرئاسية في أذربيجان بانعقاد التصويت لأول مرة في إقليم قره باغ الذي استعادته باكو من أرمينيا بعد احتلال طويل.
وحقق الرئيس الحالي إلهام علييف فوزا كاسحا، حيث حصل على 92 بالمئة من الأصوات وانتخب لولاية خامسة على التوالي في الانتخابات التي جرت في 7 فبراير/شباط وأعلنت نتائجها الأولية مساء ذات اليوم.
وأعلن رئيس لجنة الانتخابات المركزية في أذربيجان "مظاهر بناهوف"، أن 4 ملايين و971 ألف ناخب صوتوا في الانتخابات الرئاسية، وبمشاركة بلغت 76.73 بالمئة.
وحلّ المرشح المستقل زاهد عروج، ثانيا بـ2.2 بالمئة من الأصوات، ثم رئيس حزب التأسيس الكبير فاضل مصطفى، بـ1.99 بالمئة، يليه رئيس حزب الجبهة الشعبية لعموم أذربيجان قدرت حسن غولييف، بـ1.78 بالمئة.
وجاء رئيس حزب الجبهة الوطنية راضي نورولاييف، خامسا بـ0.79 بالمئة، ورئيس حزب أذربيجان الكبرى إلشاد موساييف بـ0.66 بالمئة، وأخيرا المرشح المستقل فؤاد علييف، بـ0.48 بالمئة.
وتحلل صحيفة "إزفستيا" الروسية المشهد قبل وأثناء وبعد الانتخابات، لافتة إلى تداعيات فوز علييف الساحق لمدة رئاسية جديدة مدتها 7 أعوام.
ما قبل الانتخابات
أشارت الصحيفة إلى الطبيعة التاريخية الغنية للعاصمة الأذربيجانية باكو، لافتة إلى أنها حافظت على الهندسة المعمارية الثرية المقتبسة من العصور الوسطى والإمبراطورية الروسية، مؤكدة على علاقات المدينة الجيدة مع روسيا.
ولفتت إلى أنه يمكن سماع اللغة الروسية كثيرا في شوارع باكو، كما يوجد العديد من المنتجات من الشركات المصنعة الروسية في محلات البقالة.
وحتى المكتبات، يوجد فيها كتب ومنشورات باللغة الروسية أكثر من جميع اللغات الأخرى مجتمعة.
وبشأن الانتخابات، تذكر الصحيفة أنها استُقبلت عشية التصويت في باكو بالأعلام الأذربيجانية العديدة التي انتشرت في المدينة. حتى إن جدران المنازل كانت مغطاة بملصقات تدعو الناس إلى الحضور إلى مراكز الاقتراع.
وفي الوقت نفسه، تؤكد "إزفستيا" أنه لم يشك أحد في نتيجة التصويت، مشيرة إلى أن رئيس الدولة الحالي، إلهام علييف، كان المرشح الأوفر حظا بلا منازع.
وفي هذا السياق، يقول عضو البرلمان الأذربيجاني، نظامي سفروف، إنه "تحت قيادة علييف، استعادت الجمهورية وحدة أراضيها وأعادت منطقة قره باغ تحت سيطرتها". وتابع: "لقد عملنا على تحقيق ذلك لمدة 30 عاما، والآن فقط نجحنا".
وأطلق الجيش الأذربيجاني في 27 سبتمبر/أيلول 2020، عملية لتحرير أراضيه المحتلة في إقليم "قره باغ".
وبعد معارك ضارية استمرت 44 يوما، أعلنت روسيا في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ينص على استعادة باكو السيطرة على محافظات محتلة.
وأضاف سفروف أن "البلاد تواجه الآن مهاما خطيرة أخرى، فمن الضروري استعادة البنية التحتية وإعادة الأراضي المحررة إلى الحياة".
وفي هذه النقطة، شدد عضو البرلمان على أنهم سيحققون النجاح على هذا الطريق "مع القائد علييف".
من ناحية أخرى، في مقابلة له مع "إزفستيا"، قال الصحفي شاهين رزاييف إنه لم يكن لديه أدنى شك في فوز علييف.
وقال: "يتمتع الرئيس بشعبية كبيرة، ومن المميز أن حزبي المعارضة الرئيسين لم يقدما حتى مرشحيهما".
وأكمل الصحفي: "يُزعم أنهم لا يؤمنون بالفرز العادل للأصوات. ولكن في الواقع، هم ببساطة لا يريدون إحراج أنفسهم، لأن ممثليهم لن يحصلوا حتى على نسبة مئوية واحدة".
أثناء الانتخابات
تصف الصحيفة الروسية المشهد يوم الانتخابات، قائلة إنه عند مدخل كل قرية أذربيجانية "توجد منصات تحمل صور الشهداء العسكريين الذين ماتوا خلال حرب 2020".
من ناحية أخرى، تذكر الصحيفة أنه عند دخول قره باغ، تفحص قوات الأمن جوازات السفر، بخلاف نقاط التفتيش الموجودة على حدود المناطق الداخلية.
ومن المعروف أنه "بعد حرب 2020، سقط 350 شخصا ضحايا للعبوات الناسفة". وتابعت: "وكدلالة على هذه الحرب، تظهر المنازل المدمرة والمهجورة على جوانب الطرق".
ولكن على جانب آخر، تعمل معدات البناء في المناطق التي طُهرت من الألغام، حيث تُبنى الطرق والجسور الجديدة.
وبشكل أكثر تفصيلا، تسلط "إزفستيا" الروسية الضوء على المحطة الأولى، وهي قرية زابوك في مقاطعة لاتشين.
وفي حديث عابر مع الصحفيين، قال أحد المواطنين: "هذا اليوم تاريخي. لقد غادرت هذه القرية عام 1992 عندما كان عمري 30 عاما، لكني عدت في الخريف الماضي".
وأضاف المواطن: "لقد أعطتنا الدولة بيوتا مجانية، وزودتنا بالكهرباء والغاز والاتصالات".
وفي حديث آخر، قال مواطن يُدعى رؤوف: "أنا بنفسي شاركت في حرب التسعينيات (معركة قره باغ الأولى)، حيث رأيت الكثير من الدماء والخسائر البشرية. آمل أن تتوصل قيادتنا إلى اتفاق مع أرمينيا بشأن الحدود لضمان عدم حدوث أي قتال بعد الآن".
وأكد رؤوف أن "النازحين في قره باغ لا يدفعون مقابل المرافق ويستمرون في الحصول على المزايا التي كانت تُدفع لهم من قبل كلاجئين".
ومن المثير للاهتمام -من وجهة نظر الصحيفة- أن العديد من الناخبين هم من الأكبر سنا مقابل أعداد (أقل من) الشباب.
ويعزو الناخبون ذلك إلى أن الشباب نشأوا وتجذروا خارج قره باغ، حيث لم يتعرفوا على المنطقة إلا من خلال القصص التي رواها آباؤهم.
بالإضافة إلى ذلك، تلفت الصحيفة إلى أن "الكثير من الناس يسعى إلى العيش في المدن الكبرى، حيث يرون المزيد من الآفاق".
وتذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هنأ إلهام علييف بفوزه في الانتخابات الرئاسية في أذربيجان.
كما تشير إلى أن الرئيسين أعربا عن ثقتهما في أن علاقات الشراكة والتحالف الإستراتيجية ستستمر في التطور في مختلف المجالات، وناقشا كذلك القضايا المتعلقة بآفاق التعاون.