مركز تركي: الإمارات توثق علاقتها مع إسرائيل في ظل العدوان

10 months ago

12

طباعة

مشاركة

تعاني دولة الإمارات العربية المتحدة من أزمة توازن سياسي بين فلسطين ودولة الاحتلال الإسرائيلي، في ظل شن الأخيرة عدوانا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ويقول مركز "سيتا" التركي للأبحاث والدراسات إن الدولة الخليجية تتأرجح بين موازنة مصالحها مع إسرائيل وحساسيتها للقضية الفلسطينية. 

وأوضح الكاتب "حمد الله بايجار": استغلت إسرائيل هجمات حركة المقاومة الإسلامية حماس عليها وقصفت قطاع غزة بشكل مستمر منذ السابع من أكتوبر، باستثناء فترة وقف قصيرة لإطلاق النار. 

ومع تسبب العدوان باستشهاد أكثر من 23 ألف فلسطيني، فإن عددا من البلدان العالمية تتخذ موقفاً واضحاً تجاه دعمها السياسي والاجتماعي نحو القضية الفلسطينية. 

في حين نجد أنّ غالبية الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة تدعم إسرائيل علانية، بل تتجاهل في العديد من المرات الدعوات لإقرار وقف دائم لإطلاق النار، باستثناء الهدنة الإنسانية.

الحساسية والمصالح

من ناحية أخرى، فإن غالبية العالم العربي والإسلامي وغير الغربي يدلي بتصريحات مؤيدة للفلسطينيين ويدين العنف الإسرائيلي الوحشي، لكن غالبية هذه البيانات لا تتجاوز مستوى الكلام. 

بينما اتخذت جنوب إفريقيا التي كانت قد عاشت تجربة "الفصل العنصري" إجراءات من خلال رفع قضية "إبادة جماعية" في محكمة العدل الدولية ضد الهجمات الإسرائيلية على غزة. 

وأشار الكاتب التركي إلى وجود دولٍ لا تؤيّد فلسطين علنا مثل جنوب إفريقيا، وهناك وأخرى تدعم إسرائيل بشكلٍ علني مثل الولايات المتحدة، بينما هناك دول لم تحدّد موقفها أبدا؛ مبينا أنّ الإمارات تُعد واحدة من أكثر هذه البلدان المثيرة للاهتمام.  

وأردف: لم تحدد الإمارات موقفا صارما ضد إسرائيل بعد العدوان في 7 أكتوبر، ومن هنا فهي تعاني من مشكلة التوازن السياسي.

وتابع أنه "يتعين عليها أن تظهر أنها مؤيدة للفلسطينيين، ولكن من ناحية أخرى فهي واحدة من الدول التي تمتنع عن اتخاذ موقف ضد إسرائيل". 

وأقامت الإمارات علاقات رسمية مع إسرائيل عام 2020 من خلال جهود الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عبر اتفاقات أبراهام التطبيعية.

وعلى الرغم من أن مصر والأردن كانت من أوائل الدول العربية التي اعترفت بإسرائيل، فإن العلاقات المشتركة لم تكن على مستوى التحالف.

ومع ذلك منذ عام 2020، وعلى النقيض من علاقة مصر والأردن المتواضعة مع إسرائيل، وصلت الإمارات إلى عتبة التعاون في مجالات إستراتيجية مثل التجارة الحرة وتحرير التأشيرات، وفق الكاتب التركي. 

وأوضح أن أساس المصالح الاقتصادية، بالإضافة إلى المخاوف الأمنية المتعلقة بإيران تمثلان أساس هذا التقارب، مبينا أنه "ليس سرا إبرامُ الإمارات اتفاقا مع إسرائيل بشأن توريد أنظمة الأمن الجوي".

علاقات مستمرة

لذلك، لن يكون من الخطأ القول إن الإمارات تسعى جاهدة للحفاظ على العلاقات مع إسرائيل على أعلى مستوى. 

فعلى سبيل المثال استدعت البحرين، التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل في نفس الوقت مع الإمارات، سفيرها بعد بدء العدوان على غزة، لكن أبوظبي لم تتخذ أي خطوات في هذا السياق.

بل وظهرت أبعاد العلاقات الثنائية بين البلدين بشكل أكبر في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي الذي استضافته دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2023. 

إذ جرت دعوة وفد إسرائيل إلى المؤتمر الذي أقيم في دبي في الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول. 

والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ نظيره الإماراتي محمد بن زايد وقدم الزعيمان عرضا يشبه الضمان بأن العلاقات لن تتأثر.

ولفت الكاتب التركي النظر إلى أن الإمارات تبذل قصارى جهدها لعدم التأثير على العلاقات مع إسرائيل.

وفي نفس الوقت تحاول خلق صورة بأنها تبذل جهوداً بشأن هذه القضية لأنها تخشى رد فعل الرأي العام المحلي. 

وعلى الرغم من أن التطبيع الإماراتي الإسرائيلي مستمر بأقصى سرعة على مستوى الدولة، فإنه "لا ينبغي أن ننسى أن رد الفعل الشعبي على هذا الأمر منخفض للغاية". 

وبالفعل، تعززت حساسية الشعوب العربية بشأن القضية الفلسطينية بفعل العمليات العسكرية الوحشية التي تنفذها إسرائيل في غزة.

الرأي العام

وإدراكا منها لهذه الحساسية اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة أيضا مبادرات لدعم فلسطين، وفق الكاتب التركي. 

من بين أهم هذه المبادرات استخدامها لعضوية مؤقتة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حتى يناير/كانون الثاني 2024، وذلك من أجل محاولة تحقيق وقف إطلاق نار.

وعلى الرغم من فشل هذا الأمر بسبب حق النقض "الفيتو"، فإن حقيقة أن هذه المبادرة جرى تقديمها على أعلى مستوى عدت رسالة جادة للجمهور.

ومن أجل جعل موقفها المؤيد للفلسطينيين محسوسا تجاه الجمهور، نظمت الإدارة الإماراتية حملات مساعدات إنسانية مختلفة وحاولت إظهار أنها تقف إلى جانب الفلسطينيين.

وأشار الكاتب التركي إلى أن النهج الذي تنتهجه الإمارات العربية المتحدة من توازن دقيق بين إسرائيل وفلسطين كان واضحا أيضا في الاحتفال باليوم الوطني. 

إذ ألغت دول الخليج مثل عمان وقطر، التي تحتفل عادة بأعيادها الوطنية في نوفمبر وديسمبر، احتفالاتها بموقف مثالي للفت الانتباه إلى المآسي في غزة.

ولكن لم تلغ الإمارات احتفالاتها باليوم الوطني في 2 ديسمبر ونظمت أسبوعا احتفاليا بعيدا عن الأضواء على عكس السنوات السابقة.

وختم الكاتب التركي مقاله قائلاً: توازن الإمارات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وتمتنع عن فرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية جدية على إسرائيل، على الرغم من أنها تدعو إلى وقف إطلاق النار بين الطرفين. 

على الرغم من قدرة الإمارات على الحفاظ على هذا التوازن منذ هجوم 7 أكتوبر، لا يزال من غير المعروف ما إذا كانت ستتمكن من الاستمرار بذلك بشكل دائم.