خالد العناني.. المرشح المصري لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو
خالد العناني بدأ حياته المهنية كمرشد سياحي
قدمت صحيفة "جون أفريك" الفرنسية لمحة تعريفية عن خالد العناني، المرشح المصري لمنصب المدير العام لليونسكو، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.
وتذكر الصحيفة أن العناني يتمتع بخبرة واسعة في إدارة المؤسسات الثقافية والمشاريع الأثرية، وقد شغل مناصب متعددة، بما في ذلك مدير عام المتحف الوطني للحضارة المصرية.
واستعرضت أهم مزايا العناني المدعوم من الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية في ترشحه لليونسكو في الانتخابات المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2025.
قاهري أصيل
وخالد العناني البالغ من العمر 53 عاما، بروفيسور وعالم مصريات معروف ووزير سابق للسياحة والآثار.
وبالإشارة إلى خلفيته الأسرية، تذكر الصحيفة أن العناني ابن مهندس وأستاذة لغة فرنسية، وُلد ونشأ في حي الروضة في العاصمة المصرية القاهرة.
وعلى هذه الخلفية، تصفه بأنه "قاهري أصيل بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، بما في ذلك الحيوية والفكاهة، وحتى السخرية الذاتية.
وهذه السمات -بحسب الصحيفة- مميزة لـ 20 مليونا من سكان هذه المدينة التي لا تنام أبدا، كما وُصفت مرارا في كتب وأشعار العديد من الأدباء.
إضافة إلى ذلك، يتميز العناني بحبه لفرق كرة القدم في العاصمة المصرية، خاصة النادي الأهلي، الذي اختير “نادي القرن الإفريقي” عام 2000 من قبل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF).
وقال العناني في حديث مع “جون أفريك”: "والدي هو قدوتي، ورثت منه حب الجد والاجتهاد، فبالنسبة له، كان العمل قيمة أساسية، تكاد تكون دينا وتحديا دائما".
وأضاف أن والده نشأ في أسرة متواضعة من عشرة أبناء في دلتا النيل، وكان أول فرد في أسرته يغادر قريته ليأتي إلى القاهرة من أجل استكمال دراسته العليا.
وبحسب ما ورد عن الصحيفة، فإن والده، البالغ من العمر 85 عاما، كان مهندسا ميكانيكيا يعمل في القطاع العام طوال حياته.
كما كان يعمل في وظيفتين لدعم تعليم أبنائه وتأمين تعليمهم في المدرسة الفرنسية بالقاهرة.
مرشد سياحي
وقبل أن يصبح مرشح اليونسكو عالم آثار مرموقا، تذكر الصحيفة الفرنسية أن العناني بدأ حياته المهنية كمرشد سياحي.
وهي مهنة اختارها بسبب شغفه بالتاريخ وتأثره بقصص جيرانه الذين عملوا في هذا المجال.
إلا أن هذا الخيار جاء عكس رغبات والده المهندس، الذي كان يفضل أن يتبع خالد نفس مساره المهني.
وبعد حصوله على شهادة البكالوريا العلمية في الرياضيات عام 1988، اتخذ خالد قرارا بتغيير مساره.
والتحق بكلية السياحة والفنادق، قسم الإرشاد السياحي القسم الفرنسي في جامعة حلوان بالقاهرة.
وبعد التخرج، عمل لعدة سنوات كمرشد للسياح الأجانب، خاصة الفرانكوفونيين، أي متحدثي اللغة الفرنسية.
وتشير الصحيفة إلى أن العناني، في الوقت نفسه، عُين معيدا في الجامعة.
وهاتان الوظيفتان سمحتا له بلقاء زوجته، التي كانت حينها طالبة في جامعة حلوان.
كما أتاحتا له تعميق معرفته بتاريخ مصر وتعريف زوار العالم بتراثها، وفق ما ورد عن الصحيفة الفرنسية.
مدافع عن التراث
ورغم مسؤولياته كزوج شاب، تذكر أن العناني قرر مواصلة دراسته وحصل على درجة الماجستير في علم المصريات من جامعة حلوان عام 1996.
ثم تابع دراسته للحصول على دبلوم الدراسات المعمقة والدكتوراه في علم المصريات من جامعة مونبلييه الثالثة في فرنسا، بين عامي 1997-2001.
وقد أثمرت جهوده، حيث انضم بعد إنهاء دراسته عام 2002 إلى المعهد الفرنسي للآثار الشرقية "إيفاو" كباحث مشارك وخبير في علم المصريات وعضو في مجالس الإدارة والعلمية.
علاوة على ذلك، تلفت الصحيفة إلى أن العناني عضو شرفي في الجمعية الفرنسية لعلم المصريات والمعهد الأثري الألماني.
ومن ناحية أخرى، عُين مديرا عاما لمتحف الحضارة المصرية عام 2014، ثم لمتحف القاهرة المصري عامي 2015 و2016.
وبوصفه "مدافعا عن التراث"، عين خالد العناني وزيرا للآثار في مصر من مارس/ آذار 2016 إلى ديسمبر/ كانون الأول 2019.
ثم وزيرا للسياحة والآثار من ديسمبر 2019 إلى أغسطس/ آب 2022، في بلد يعمل فيه مليونا مصري في قطاع السياحة الذي يسهم بأكثر من 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتضيف الصحيفة أن العناني أشرف على مشاريع ضخمة، مثل "الموكب الذهبي للفراعنة" في أبريل/ نيسان 2021، حيث نُقلت 22 مومياء لملوك وملكات مصر القديمة من ميدان التحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية في القاهرة.
كما أشرف على افتتاح طريق الكباش في الأقصر الذي يمتد لنحو ثلاثة كيلومترات ويربط بين معابد آمون وكرنك الأسطورية.
وتلك الفعاليات -بحسب الصحيفة- تميزت بعروض احتفالية مستوحاة من الطقوس القديمة.
وبقولها إن هذه الفعاليات أثرت في المشاهدين في مصر وخارجها، توضح أن المشاهد بُثت عبر التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما أسهم في الترويج للتراث المصري بين الجمهور العريض والمتخصصين.
وعلى جانب آخر، تلفت إلى أنه خلال فترة ولايته، عُدلت العديد من القوانين المتعلقة بالآثار والسياحة في عامي 2018 و2021 لتتوافق مع الظروف المعاصرة وتعزز حماية التراث المصري.
الثقافة للجميع
وفي هذا السياق، تلفت "جون أفريك" النظر إلى أنه "من المبادئ الأساسية لخالد العناني، سواء كان وزيرا أو مديرا لمتحف، هو أن الثقافة والمعرفة يجب ألا تقتصر على النخب، بل تكون شاملة للجميع، لتعزيز التنمية والسلام بين الشعوب".
ولهذا السبب، يفخر العناني بـ "جعل المواقع الأثرية والمتاحف أكثر إتاحة للمصريين، خصوصا الشباب وذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك من خلال تنفيذ سياسة تسعيرية جذابة".
وهذا الالتزام جعله يحصل على عدة تكريمات، أبرزها وسام الفنون والآداب من فرنسا في 2015.
وحصل كذلك على وسام الاستحقاق من جمهورية بولندا في 2020، ووسام الشمس المشرقة من اليابان في 2021.
كما أنه سيحصل على درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة مونبلييه في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وفق الصحيفة.
وعلى غرار مواطنه ونموذجه، الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالي الذي توفي عام 2016، يُعد خالد العناني من المدافعين المتحمسين عن الفرانكوفونية واللغة الفرنسية.
جدير بالإشارة هنا إلى أن إتقانه للغة يعود إلى والدته الحاصلة على شهادة في الأدب الفرنسي والتي عملت كمدرسة للفرنسية في مدرسة فندقية.
بالإضافة إلى تلقيه تعليمه الابتدائي والثانوي في المدرسة الفرنسية "لا ليبرتي" بالقاهرة.
ورغم أن اللغة الإنجليزية هي الأكثر استخداما في الأعمال التجارية، إلا أن مصر لديها تقاليد طويلة في الفرانكوفونية، كما تقول الصحيفة.
وتعد اللغة الفرنسية، المستخدمة في الأوساط الفكرية والأكاديمية، رمزا للتعليم العالي والانفتاح الثقافي.
وإلى جانب دوره الثلاثي كأكاديمي ومثقف وعالم مصريات شهير، تقول الصحيفة إن "خالد العناني أثبت أنه مدير متميز ورجل ميدان من خلال إدارته لأزمات مختلفة خلال فترتي ولايته كوزير".
فخلال جائحة كوفيد-19، التي تسببت في فقدان نحو مليون مصري يعملون في قطاع الفنادق والمطاعم أو السياحة وظائفهم بشكل مفاجئ، لم يتردد العناني في استخدام إستراتيجيات مبتكرة.
تمثلت هذه الإستراتيجيات في تنظيم الفعاليات وتطوير سياحة المؤتمرات والاستفادة من القطاع الخاص لتمويل ورعاية وحتى تقديم الخدمات للعملاء في المجال الثقافي أو في المواقع الأثرية.
رجل اليونسكو؟
ومن ناحية أخرى، تسلط الصحيفة الضوء على أن "العناني، بفضل عفويته وحماسه المميز، كوّن على مر الزمن شبكة دولية قوية، تضم باحثين وشخصيات أكاديمية وسياسية".
وتضم هذه الشبكة شخصيات مهمة مثل المديرة العامة الحالية لليونسكو أودري أزولاي، والأمين العام لمنظمة السياحة العالمية زوراب بولوليكاشفيلي.
كما كان يشترك العناني لفترة طويلة مع صديقه زاهي حواس، عالم المصريات الشهير عالميا والمعروف بـ "إنديانا جونز المصري" بسبب قبعته، في تنظيم رحلات ثقافية للدبلوماسيين المقيمين أو الزائرين في القاهرة.
وبالعودة قليلا إلى الوراء، تشير الصحيفة الفرنسية إلى أن خالد العناني كان في السابعة أو الثامنة من عمره عندما أشرفت اليونسكو، التي تأسست في عام 1945، على إنقاذ آثار النوبة في جنوب مصر خلال الستينيات.
كانت هذه لحظة حاسمة في حياة العناني، الذي تناول في رسالته للماجستير بعد نحو ثلاثين عاما مشاهد "آلهة معابد رمسيس الثاني في النوبة السفلى".
ولذلك، عندما عرض عليه وزير الخارجية ترشيح مصر لرئاسة اليونسكو في عام 2022، شعر العناني بأن "حلم الطفولة قد يتحقق".
وتقول الصحيفة إنه “منذ ذلك الحين، ينفذ العناني جولات عالمية للدعوة إلى برنامجه”.
ويرتكز فيها على كلمات مثل السلام والتناغم والاستماع والحوار والعالمية، بهدف بناء برنامج قريب من الشعوب ويعالج التحديات المعاصرة مع الحفاظ على التراث العالمي.
ويعتمد في ذلك على "خبرته الشخصية وفهمه للتحديات التي تواجه إفريقيا والعالم العربي".
وبالعودة إلى الوقت الحالي، تبرز "جون أفريك" أن العناني حصل على دعم الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية في ترشحه للمنصب الجديد.
ورغم أن هناك بعض الأسماء المتداولة، لم يظهر حتى الآن منافس رسمي آخر في انتخابات 2025، باستثناء الدبلوماسي الغابوني نيلسون نيسون ميسوني.