معهد أمني إسرائيلي: لماذا تذكرت الصين فجأة حق عودة الفلسطينيين؟
في الأسابيع الأخيرة، ذكر الرئيس الصيني شي جين بينغ، ووزير خارجيته وانغ يي، مرارا وتكرارا "حق العودة" ضمن جملة حقوق مختلفة للشعب الفلسطيني.
و"حق العودة" يعني أن من حق الفلسطيني الذي خرج من موطنه لأي سبب عام 1948 (النكبة) أو في أي وقت لاحق، العودة إلى الديار أو الأرض أو البيت الذي كان يعيش فيه حياته الاعتيادية قبل 1948.
هذا الحق ينطبق على كل فلسطيني سواء كان رجلا أو امرأة وكذلك على ذرية أي منهما مهما بلغ عددها وأماكن تواجدها ومكان ولادتها وظروفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
كما ينطبق حق العودة على كل مواطن فلسطيني طبيعي سواء ملك أرضا أم لم يملك لأن إخراج اللاجئ أو مغادرته موطنه حرمته من جنسيته الفلسطينية وحقه في المواطنة، ولذلك فإن حقه في العودة مرتبط أيضا بحقه في الهوية التي فقدها وانتمائه إلى الوطن الذي حرم منه.
ووفقا لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، فبالرغم من أن بكين تتناول أزمة اللاجئين منذ بدئها دعم الفلسطينيين خلال "مؤتمر باندونغ" عام 1955، فإنها نادرا ما تناولت بشكل رسمي هذه القضية منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والصين في عام 1992.
وكانت الصين تمتنع دائما تقريبا عن التصريح الرسمي الواضح بأنها تقبل أو تدعم الموقف الفلسطيني بشأن مسألة "حق العودة".
ويرى المعهد أن موقف الصين تغير منذ بداية العدوان الحالي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويتساءل المعهد هنا عن سبب هذا التغير المزعوم.
خطر التهجير
أرجع هذا التغير في الموقف الصيني إلى ثلاثة أسباب محتملة، قد تكون جزءا من المنطق الصيني بدرجة أو بأخرى.
السبب الأول هو "إشارات المسؤولين الإسرائيليين أثناء الحرب إلى تهجير الفلسطينيين من غزة، إلى أماكن أخرى في العالم".
وألمح مسؤولون إسرائيليون مرارا منذ بداية العدوان إلى تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء أو توزيعهم على عدة دول عربية.
وهذا ربما دفع بكين إلى تصعيد تصريحاتها المحددة بشأن مسألة "حق العودة"، بحسب المعهد.
ويوضح أن هذا يعني أن الصين لا تعارض خلق لاجئين جدد فحسب، لكنها تؤكد أن القدماء منهم يجب أيضا إعادتهم إلى موطنهم الأصلي.
ويزعم المعهد الإسرائيلي أيضا أن موقف بكين كان مؤيدا للفلسطينيين طوال فترة العدوان.
بديل لأميركا
التفسير الثاني المحتمل مرتبط بعمل الولايات المتحدة على تعزيز موقفها في الشرق الأوسط، وإظهار ذلك من خلال حاملات الطائرات والغواصات والمدمرات وما إلى ذلك.
وفي هذه النقطة، تقول بكين إن واشنطن تعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة، بينما تجلبه هي. وهنا يؤكد المعهد أن "الصين تحاول تقويض الرواية الأميركية الداعمة لإسرائيل".
وتابع أنه كلما فكرت واشنطن في "اليوم التالي للحرب في المنطقة، كلما حاولت الصين تقديم بديل آخر".
من ناحية أخرى، يشير المعهد إلى أن الدعم الصيني لـ "حق العودة" يمكنه أن يضر بـ "المحاولة الأميركية لجلب إسرائيل والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات في المستقبل".
ونوه إلى كون هذه القضية "واحدة من أكثر القضايا حساسية وإثارة للجدل"، بافتراضها "تهديدا واضحا للكيان الإسرائيلي".
في الوقت نفسه، يؤكد المعهد أن "الدعم الصيني وتقويضه للموقف الأميركي يعزز الموقف الفلسطيني بشكل كبير".
ونتيجة لسياساتها، يرى أن الصين تأمل في اكتساب شعور أكبر بالدعم من الدول العربية والإسلامية، في الوقت الذي تدق فيه إسفينا في المساعي والجهود الأميركية، وفق زعمه.
مسار مزدوج
أما السبب الأخير لهذا الموقف الصيني الجديد، فهو محاولة بكين صرف الانتباه الداخلي عن العديد من المشكلات الداخلية.
إذ يرى المعهد أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والدعم المتزايد للفلسطينيين يدعمان هذا الغرض.
وعزا ذلك إلى أن تبني الصين خطابا فحواه أنها تحارب الاستعمار والاحتلال يحفز الشعور القومي المتصاعد في بكين، فضلا عن أن دعم حق العودة يزيد من حدة هذه القضية.
وإضافة للساحة الصينية، يرى المعهد أن سردية النضال ضد الاستعمار تفيد الصين في مساحات متجاوزة لساحتها الداخلية.
إذ إن هذه السردية تخدمها أيضا في ما يسمى بـ "دول الجنوب العالمي". وبهذه الطريقة، تحقق السياسة الصينية هدفين في آن واحد.