ما مكافأة ترامب لنتنياهو بعد اتفاق غزة؟.. مؤرخ إسرائيلي يجيب

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

لا يُعرف حتى الآن ماهية المكافأة التي قد يحصل عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد موافقته على طلب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بإنهاء العدوان على غزة وعقد صفقة لتبادل الأسرى.

ويتخوف الناشط والمؤرخ الإسرائيلي، مائير مارغليت، من أن يُكافئ ترامب نتنياهو بالموافقة على ضم الضفة الغربية، بحسب ما قال لصحيفة الإنديندينتي الإسبانية.

ويعد هذا الناشط ذو الأصول الأرجنتينية من الأقلية التي ترفض التوقيع على أي وثيقة تواطؤ مع وحشية الحرب، وينتمي إلى مجموعة أولئك الذين رفضوا العدوان على غزة.

اتفاق التهدئة

وأعرب مارغاليت في لقاء عن مشاعر مختلطة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس في وقت متأخر من 15 يناير/كانون الثاني 2025.

وقال: "أنا مستاء أيضا؛ لأنه كان من الممكن أن نتوصل إلى نفس الاتفاق في مايو/أيار 2024، فهو يشبهه تماما"، في إشارة إلى مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن آنذاك.

وأردف: "لو أقدمنا على هذه الخطوة آنذاك، لكنا أنقذنا أرواح الآلاف من الفلسطينيين ومئات الإسرائيليين. لذا فإن المشاعر متناقضة ومتشابكة للغاية: سعيد، حزين، وغاضب"، وفق تعبيره.

وهناك سؤال يطرح نفسه: لماذا أصبح الاتفاق ممكنا في هذه المرحلة؟ وتعليقا على ذلك، أشار المؤرخ الإسرائيلي إلى أن "السبب، على ما يبدو، كان ترامب. ويمكن القول إنه بطريقة ما، أعطى لنتنياهو مهلة نهائية لإنهاء الحرب".

وتابع: "ترامب يريد الظهور في صورة القائد الذي تمكن من إحراز نتائج عجز غيره عن التوصل إليها"، في إشارة إلى بايدن.

 لذلك، كان الضغط أو التهديد من ترامب قويا لدرجة أنه لم يكن أمام نتنياهو خيار سوى التكيف مع أوامره. 

أما اللغز الأكبر فيتمحور حول “ما الذي وعده به ترامب مقابل ذلك كي يقبل هذه القرارات؟”

وأضاف: "تراودني مخاوف من أن ترامب سيسمح لنتنياهو بضم الضفة وجعلها جزءا لا يتجزأ من إسرائيل، ووضع حد نهائي لحلم الدولة الفلسطينية".

وبين أن الحزبين الفاشيين في إسرائيل، حزب القوة اليهودية التابع لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وحزب الصهيونية الدينية بزعامة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، هددا دائما بالانسحاب من الحكومة إذا جرى التوصل إلى وقف إطلاق النار.

ولفت إلى حقيقة أنهما يتحدثان بالفعل عن كيفية بقائهم داخل الائتلاف الأساسي على الرغم من وقف إطلاق النار.

وهو "الأمر الذي يغذي شكوكي، ويؤكد أن الأمور تسير في هذا الاتجاه. إن المقابل هو الضفة الغربية، وسيدفع الفلسطينيون الثمن".

الوضع الداخلي

وعما إذا كان للوضع الداخلي في إسرائيل أي تأثير على قرار وقف الحرب، أجاب مارغليت بـ “نعم”، مضيفا أن الجيش يعاني من نقص في الجنود والأسلحة، وخاصة الصواريخ والقنابل الثقيلة، وكان العامل المهيمن هو ترامب.

 لكن أيضا، رغم استنفاذ قواتها، كانت تل أبيب قادرة على مواصلة الحرب لوقت أطول؛ حيث إن الأحزاب الموجودة الآن في السلطة لا تكترث للتآكل أو التدهور الاقتصادي أو حتى فرار جزء من السكان من إسرائيل، وفق تعبيره.

ويضيف الخبير: "إن الاتفاق عبارة عن فشل للبرنامج السياسي لنتنياهو. سيفعل كل ما بوسعه حتى يواصل حربه، ولن يتوقف حتى تدمير حماس".

وواصل القول: "من الواضح أن حماس تلقت ضربة قاتلة، ولكنها لم تُبَدْ، ويبدو أنها خرجت أقوى مما كانت عليه؛ لأنها تقدم نفسها كقوة لم تسمح لنفسها بالهزيمة على يد الجيش الإسرائيلي".

فقد وعد نتنياهو بأنه لن يتخلى عن ممر فيلادلفيا بين غزة ومصر؛ لأنه حيوي، لمنع تسرب الأسلحة، ولكن إسرائيل ستنسحب منه وفق الاتفاق.

وبالمثل، تعهدت إسرائيل بعدم فعل نفس الخطوة في ممر نتساريم الفاصل بين جنوب قطاع غزة وشماله.

ولكن سينتهى بها الأمر بالانسحاب، ليعود أكثر من مليون نازح إلى شمال غزة، على عكس ما وعد به نتنياهو. 

وعموما، كان ذلك بمثابة ضربة موجعة لحكومة نتنياهو، التي يبدو أنها تخضع لضغوط هائلة، وفق تقديره.

وحول جدية الاتفاق، أشار المؤرخ إلى أنه يشك في أنه سيصل إلى المرحلة الثانية؛ لعدم ثقته في نتنياهو.

ويتضمن الاتفاق 3 مراحل تشمل بدايةً الإفراج عن الأسرى من الطرفين ووقف العدوان، مع الاستمرار في التفاوض على المراحل اللاحقة التي تضم أيضا إعادة إعمار غزة والإشراف على معبر رفح وغيرها من الملفات.

ورأى المؤرخ أن الضربة المعنوية التي تلقاها نتنياهو قوية لدرجة أن هناك مخاوف من أن يبحث عن أول فرصة للتخلص من هذه الاتفاقيات والعودة إلى برنامج الحرب الذي يهدف في الأساس إلى تحسين صورته وتخليدها في التاريخ. 

وفي إجابته عن سؤال: هل يتمكن نتنياهو من البقاء على قيد الحياة؟ قال مارغليت: إنه “أثبت أنه شخص ينجو بطريقة أو بأخرى من أي حدث سياسي”.

وتابع: "ما يقلقني هو ما يسمى بنهج نتنياهو، حيث تمكن من اختراق الثقافة السياسية في إسرائيل وتغييرها وربطها به، ويرسّخ هذا النهج فكرة أنه إذا سقط فلن يأتي من هو أفضل منه".

ما القادم؟

وعما إذا كان الاتفاق سيمهد الطريق نحو السلام من عدمه، رأى مارغليت أن ذلك يعني إنهاء الاحتلال.

لكن ما هو مطروح على الطاولة في الوقت الراهن هو نوع من الاتفاق مع غزة، "ولا أرى أنه سيدوم".

وتابع: "لا أرى كيف يمكن لنتنياهو أن يحافظ على برنامج يتناقض مع كل ما قاله خلال العام 2024؟ 

في الحقيقة، يعتمد هذا الوضع على ترامب لا غير، وفي حال كان الأمر بيد نتنياهو، فلن يستمر هذا الوضع كثيرا، وفق تقديره.

وفي الحكومة الإسرائيلية الحالية، هناك الكثير من مفتعلي الحرائق، الذين يرغبون في رؤية هذا الاتفاق يهدم في أقرب وقت ممكن.

وأبرز هؤلاء سموتريتش وبن غفير اللذان صوّتا ضد اتفاق الصفقة، وهددا بالاستقالة من الائتلاف الحكومي.

وقالت القناة 12 الإسرائيلية: إن سموتريتش قرر البقاء في الحكومة بعد اتفاق مع نتنياهو ينص على تنفيذ أهداف الحرب كافة، بما في ذلك تدمير حماس.

ولكن تجاهلت حركة حماس هذه التصريحات، وقالت: إن نتنياهو وحلفاءه يتعمدون الاستهلاك الداخلي.

وأشارت الصحيفة إلى أن قليلين هم الذين يراهنون على أن الاتفاق سيصمد إلى ما بعد هذه المرحلة الأولى.

وتتضمن هذه المرحلة إطلاق سراح 33 أسيرا إسرائيليا، بمن فيهم جميع النساء (جنود ومدنيون)، والأطفال والرجال فوق سن 50 عاما، مقابل إطلاق سراح ما بين 990 و1650 أسيرا فلسطينيا، و"يبدو أن استئناف الحرب هو السيناريو الأكثر احتمالا اليوم". 

ومن جهته، يحذر كاوه حسن، الخبير في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة ستيمسون للأبحاث، من أن “تنفيذ المرحلة الأولى هو الأسهل. إن التحدي الرئيسي يتمثل في تنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة”.

وهنا، تشكل القيادة الحاسمة التي يتمتع بها ترامب أهمية كبرى، فهو الوحيد الذي يملك السلطة والنفوذ للضغط على نتنياهو بشكل مستمر للالتزام بالاتفاق".