مواجهات مسلحة بين أمن عباس والمقاومة.. وناشطون: عمالة لإسرائيل

منذ ٣ أيام

12

طباعة

مشاركة

لم تهدأ المواجهات المسلحة بين المقاومة الفلسطينية وأجهزة أمن السلطة منذ أن اغتالت الأخيرة قائدا في كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.

وتصاعدت الأحداث سريعا لتعلن أجهزة السلطة الأمنية برئاسة محمود عباس عن حملة عسكرية واسعة للقضاء على حالة المقاومة في جنين، وهو هدف فشل الاحتلال الإسرائيلي في تحقيقه على مدار سنوات طويلة.

واغتالت أجهزة أمن السلطة صباح 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، القيادي في كتيبة جنين يزيد جعايصة خلال عدوانها المستمر على مخيم المدينة الواقعة شمالي الضفة الغربية المحتلة، ضمن مساعٍ تشترك فيها مع إسرائيل لوأد المقاومة فيه.

بداية التصعيد

واستشهد الشاب يزيد جعايصة، عقب إصابته برصاص أمن السلطة، وهو من القادة البارزين في سرايا القدس وأحد المطاردين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ ما يزيد على 4 سنوات، وقد تعرض لمحاولات اغتيال إسرائيلية مرارا.

وبعد ساعات من اغتيال جعايصة، استشهد الفتى محمد عماد العامر، متأثرا بإصابته برصاص أجهزة أمن السلطة خلال حملتها المتواصلة على مدينة ومخيم جنين، وإطلاقها الرصاص الحي بشكل عشوائي على منازل المواطنين، ما أدى إلى إصابة عدد منهم وصفت جروح بعضهم بالخطيرة.

وأفادت مصادر محلية، بأن إصابة الفتى ومن ثم رحيله، وقعت خلال اشتباكات اندلعت بعد محاولة أمن السلطة التقدم نحو المخيم من 3 محاور رئيسة، عقب محاصرته واستدعاء تعزيزات من مناطق أخرى ونشر قناصة في بعض المباني.

وقال المتحدث باسم أجهزة أمن السلطة أنور رجب، إن قواتهم تواصل ما أطلق عليه عملية "حماية وطن" في مدينة ومخيم جنين، وإن اشتباكات طفيفة وقعت بين مسلحين وقوات في أجهزة الأمن بعد تفجير القوات سيارة مفخخة عثرت عليها في وسط المدينة.

وأضاف في بيان صحفي 14 ديسمبر، أن الأجهزة الأمنية تمكنت من إحباط ما سماه كارثة كادت أن تهز مخيم جنين، وذلك “بالسيطرة على سيارة مفخخة أعدها الخارجون على القانون، كان من المقرر تفجيرها وسط المواطنين ومن بينهم عناصرنا”.

وتماهيا مع بيان السلطة، قال المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان منظمة التحرير)، إن تطبيق سيادة القانون والالتزام بوجود سلطة واحدة وسلاح شرعي واحد يمثلان أساسا لضمان الأمن والاستقرار وحماية المجتمع.

وبدورها، نعت حركة المقاومة الإسلامية حماس، الشهيد القائد يزيد جعايصة، قائلة إن "استمرار أجهزة السلطة في هذا النهج المشين يدق ناقوس الخطر، ويؤجج خلافات داخلية في توقيت مصيري".

واستنكرت استمرار ملاحقة أجهزة السلطة الأمنية المقاومين المطلوبين للاحتلال، واستهدافهم المتصاعد في جنين، ودعت الفصائل والقوى الفلسطينية كافة والمكونات القانونية والحقوقية لاتخاذ موقف حاسم.

كما نددت "لجان المقاومة في فلسطين" بشن أجهزة السلطة حملة تستهدف المقاومين والمطلوبين للاحتلال.

ورأت أن ما يجرى يشكل "حالة تماهٍ وتساوق واضح مع الأجندة الصهيونية التي تستهدف القضاء على حالة المقاومة بهدف إفراغ الضفة من المقاومين، لتسهيل تنفيذ مخططات الضم والتهويد”.

ومنذ بداية معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قتلت أجهزة أمن السلطة 13 فلسطينيا بالضفة الغربية، وفق وسائل إعلام محلية.

وأثارت التطورات الأخيرة في جنين وتصعيد السلطة الفلسطينية، ضد المقاومين وتجديد الاشتباكات داخل المخيم، موجة غضب واستياء واسع بين الناشطين على منصتي "إكس"، "فيسبوك".

ودعوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #جنين، #السلطة_الفلسطينية، #محمود_عباس، وغيرها للخلاص من سلطة رام الله وإسقاطها، واتهموها بالعمالة والتبعية للاحتلال الإسرائيلي.

وبحسب تصريحات مسؤول كبير في سلطة عباس لقناة "i24NEWS" الإسرائيلية، فإن "عباس وجّه تعليماته لقوات الأمن بضرورة تحقيق السيطرة الكاملة على معسكر جنين، بأي ثمن". 

وأوضحت القناة، أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا تنوي التعليق على الموضوع لكنها تتابع الأحداث عن كثب؛ لأنه حدث كبير الحجم.

فهذه المرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن، التي تقتحم فيها الأجهزة الأمنية الفلسطينية مخيم جنين لمثل هذا الهدف.

وقالت: "بعد الأحداث، هناك رغبة في تقدير اليوم التالي، نحن نفهم أن هذا اختبار للسلطة الفلسطينية، ويمكنه إحداث تغييرات على الأرض".

استنكار وتنديد

واستنكارا لموقف السلطة الفلسطينية، قال الناشط محمد النجار، إن ما تفعله في الضفة الغربية يندى له الجبين، مشيرا إلى أنها لم تكتفِ بالتخلي عن غزة، بل والتنكر لها ولشهدائها، “بل تطلق كلابها المسعورة لمحاولة القضاء على بؤر المقاومة خاصة في مخيم جنين”.

واتهم السلطة بممارسة “دور العمالة بشكل واضح جلي، دون تورع أو مواربة”، قائلا إن “سلطة سقفها حذاء أصغر جندي إسرائيلي يجب أن تزول”.

وأشار المحلل السياسي ياسين عز الدين، إلى خروج جنين برجالها ونسائها وأطفالها نصرة للمخيم ومقاومته، لافتا إلى أن أمن السلطة يلقي قنابل الصوت والغاز على النساء، لكن هذا لم يخيفهن.

وذكر بأن إسرائيل بكل قوتها وجبروتها لم تستطع الانتصار على جنين، متسائلا: “هل يستطيع هلافيتها الانتصار؟ كيف يفكرون؟”

وقال عز الدين، إن عباس أراد إطفاء شعلة المقاومة في جنين فإذا هي تصل إليه في رام الله، لافتا إلى أن شبان مخيم الأمعري يشعلون الإطارات المطاطية في الشارع الرئيس أمام المخيم تضامنا مع جنين وتنديدا بعدوان الأجهزة الأمنية.

وأوضح أن هذا التحرك العفوي أدى إلى استنفار أجهزة أمن السلطة ومحاصرة مدخل الأمعري.

ورأى الإعلامي فارس أبو هلالة، أن الضفة تدفع ثمن عدم فهم جوهر "السلطة الفلسطينية"، وهو أنها جزء عضوي من الاحتلال.

حماية وطن!

واستهجانا لإطلاق السلطة الفلسطينية مسمى "حماية وطن" على حملتها القمعية الوحشية، قال العايش جمال، إن هدف العملية "اجتثاث للمقاومة"، داعيا الله أن يعجل بسقوط عباس وأعوانه الخونة.

وقال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده، ساخرا إن الأجهزة الأمنية في الضفة مدعومة بغطاء إسرائيلي قادرة على تنفيذ حملتها "حماية وطن" بادعاء سحب الذرائع التي يستغلها الاحتلال لاقتحام المدن وحفر الشوارع وتقطيع الأشجار والتنغيص على المواطنين.

لكن بلا شك، ستكون عاجزة أمام حماية الوطن مما هو أخطر ومن التمدد الاستيطاني القادم ومخططات الاحتلال لامتهان الكرامة الإنسانية والتي ستحول سكان الضفة والسلطة لمجرد عبيد في الحقل.

ودعا من يفكر ويقرر لقيادة السلطة ليجيب بوضوح: "الأجهزة الأمنية وجدت لحماية من؟ المستوطن أم المواطن!".

وقالت الصحفية منى العمري: قد تكون بالفعل (حماية وطن) حسب تعريف السلطة للوطن، لكنها تحمل تعريفا آخر يقول إن الأخيرة بشكل معلن ورسمي موثق ببيان أعلنت المعركة على الشعب في الضفة الغربية، تمهيدا للدور الإسرائيلي القادم الذي يمهد بدوره لضفة جديدة.

إسقاط السلطة

وإعرابا عن الغضب من مباركة مؤيدي العملية لتنفيذها، استنكر المحلل السياسي ياسر الزعاترة، دعم ما يُسمّى "المجلس الوطني" حملة السلطة لضرب المقاومة في الضفة، مؤكدا أنه مجلس أصبح "دكانة" يفتحها عباس عند الحاجة لإصدار بيان.

وندد تبريرهم العار بـ"حماية المشروع الوطني"، قائلا: "ألا شاهت وجوه عُصبة تبيع التعاون مع محتل يصعّد الاستيطان ويبشّر بالضمّ والتهجير بوصفه (حماية لمشروع وطني)".

ورأى الباحث السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، أن لا شيء يدعو للاشمئزاز في العملية التي تشنها السلطة أكثر سلطة خيانية في التاريخ الفلسطيني ضد أبناء المقاومة وقادتها، سوى تماهي طيف واسع من قواعد حركة فتح معها.

وأكد أن الخيانة لم تعد تقتصر على مؤسسات السلطة، بل تعدّت إلى قواعد حركة فتح وكوادرها، التي تروّج لسلوك خياني شديد الخيانة في لحظة مصيرية في عمر الشعب الفلسطيني، على أنه حماية للوطن، قائلا إن "فتح خائنة، مثلها مثل سلطتها، وفي هذه الخيانة، هلاكها لا نجاتها".

وأكد أستاذ دراسات بيت المقدس عبدالله معروف، أن إسقاط سلطة فتح في رام الله من ثوابت المشروع الوطني الفلسطيني.

وقال براء عبدالمحفوظ، إن وجود السلطة الفلسطينية حتى اليوم وبعد 14 شهرا من الإبادة هو قمّة العار.

وأضاف: “هاي السلطة الساقطة اللي عم تقتل بالفلسطينيين بالتعاون مع إسرائيل، حد يفهمني كيف مستمرة لليوم؟”

وتساءل: “كيف أهل الضفة راضيون أن تكون ممثلا للشعب الفلسطيني؟ وليش؟ منتفعين منها؟ شو الامتيازات اللي عاطيتكم اياها السلطة؟ مصاري؟ نفوذ وهمي؟”

وتابع: "استمرار السلطة لليوم يعني فشلنا في الدفاع عن أرضنا وحقوقنا ووجودنا ويعني أنه عيب عليك تطلب من العالم ما يطبع مع إسرائيل، وسلطتك مش بس مطبعة ومنسقة، لا! عم تقتل بالفلسطينين بطلب أميركي إسرائيلي! عار على أهل الضفة! عار!"، وفق تعبيره.

تجاهل الاحتلال

وتنديدا بهجوم السلطة على جنين وتجاهلها لجرائم الاحتلال، استنكر عبد الحلوح الرفاعي، عدم تصدي قوات محمود عباس لاعتداء المستوطنين الإسرائيليين المتكررة في الوقت الذي يدعو فيه إلى دعم عمليّة “حماية وطن” لقمع الشعب.

وقال: "إذا كان -عباس- يريد حفظ الأمن للشعب الفلسطيني، فعليه أن يوقف اعتداء المستوطنين والاحتلال عليه".

وأشار الطبيب المصري يحيى غنيم، إلى أن جهاز أمن عباس ينفذ حملة للقضاء على المقاومة فى جنين ومعسكرات الضفة تحت عنوان "القضاء على الخارجين على القانون".

ويأتي ذلك “بينما تتأهب إسرائيل لاقتحام الضفة الغربية، ويعلن المتطرف (وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل) سموتريش نية ضمها نهائيا إلى إسرائيل وتهجير أهلها، ويؤيده فى ذلك المتغطرس الجهول (الرئيس الأميركي المنتخب دونالد) ترامب”.

وأكد أن القضاء على عباس وجماعته هو الخطوة الأولى لمواجهة الإحتلال، قائلا إن عباس وأمنه هم حائط الصد ويد إسرائيل الممتدة إلى الفلسطينيين بالأذى وإلى المحتل الإسرائيلي بالمذلة والسؤال.