إعادة ترامب تصنيف الحوثيين منظمة "إرهابية".. كيف تؤثر على الشرق الأوسط؟

منذ ٧ أيام

12

طباعة

مشاركة

بعد أيام قليلة من عودته للبيت الأبيض، صنف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحوثيين مجددا كـ"منظمة إرهابية أجنبية"، في خطوة تهدف إلى تشديد القيود على الجماعة التي صعدت من هجماتها ضد السفن المرتبطة بإسرائيل لإيقاف إبادة غزة.

وكان التصنيف السابق لترامب ألغي في عهد الرئيس السابق جو بايدن لأسباب إنسانية؛ حيث يعيش غالبية الشعب اليمني في فقر مدقع وبحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة.

وفي السياق، نشرت وكالة الأناضول مقالا للكاتب "محمد رقيب أوغلو"، سلط فيه الضوء على  قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية.

خلفية القرار

وقال الكاتب التركي: إن ترامب أصدر سلسلة من الأوامر التنفيذية التي كانت أبرزها إعادة إدراج جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في قائمة "المنظمات الإرهابية". 

ويُعد هذا القرار من القرارات المهمة التي قد تؤثر بشكل كبير على توازن القوى الإقليمي وسير الحرب الأهلية في اليمن. 

كما أن له تداعيات محتملة على العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها، إضافة إلى تأثيره على دور إيران في المنطقة، والتهديدات الأمنية التي تواجه التجارة البحرية في البحر الأحمر.

ويعتمد قرار إدارة ترامب بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية على مجموعة من العوامل السياسية والإستراتيجية. 

أولا، يعد هذا القرار خطوة سياسية تهدف إلى تصعيد التوترات بين إدارة ترامب وإدارة بايدن، إذ إن ترامب قد صنف الحوثيين كمنظمة إرهابية في آخر أيام رئاسته في عام 2021. 

إلا أن الإدارة الديمقراطية برئاسة بايدن قد تراجعت عن هذا القرار، وذلك بعد أن أثارت مخاوف بشأن تأثيره السلبي على المساعدات الإنسانية لليمن. 

ويرى ترامب أن إزالة الحوثيين من قائمة الإرهاب قد جعلهم أكثر عدوانية، مما يعرض المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة لخطر أكبر.

ثانيا، يرتبط هذا القرار بخطة ترامب لتقليص نفوذ إيران الإقليمي؛ إذ يُنظر إلى الحوثيين كأهم قوة بالوكالة لإيران في اليمن، وتعدهم الولايات المتحدة جزءا من سياسة إيران التوسعية في المنطقة. 

ومن خلال تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، يهدف ترامب إلى تقليل تأثير إيران في الشرق الأوسط. 

ففي السنوات الأخيرة، نفذ الحوثيون هجمات تهدد الأمن البحري في البحر الأحمر، مما أثر بشكل مباشر على المصالح الأميركية وحلفائها. ولذلك، يسعى ترامب إلى الحد من هذا التهديد عبر إدراج الحوثيين في قائمة الإرهاب.

ثالثا، يظهر القرار دعم الولايات المتحدة لحلفائها في المنطقة، خاصة إسرائيل ودول الخليج. فقد كانت هجمات الحوثيين على السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل أحد العوامل التي أسهمت في تسريع قرار ترامب. 

إلى جانب ذلك، فقد قامت كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما الحليفان الرئيسيان للولايات المتحدة، بممارسة ضغوطٍ من أجل الاعتراف بالحوثيين كمنظمة إرهابية. 

حيث تزعم هذه الدول أن الحوثيين يشكلون تهديدا كبيرا لأمنها من خلال الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار.

التوازنات في اليمن

ولفت الكاتب التركي إلى قرار ترامب بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يعد خطوة محورية قد تترك آثارا عميقة على الوضع في اليمن.

 أولا، من المتوقع أن يؤدي القرار إلى زيادة الضغط المالي والدبلوماسي على الحوثيين؛ ففي الفترة الأخيرة بدأت الولايات المتحدة في مناقشة استخدام الأدوات الاقتصادية بشكل أكثر فعالية لمكافحة الحوثيين. 

حيث يُعتقد أن الضغط الاقتصادي والسياسي ضدهم سيكون أكثر تأثيرا من العمليات العسكرية، وذلك لأن القرار يسعى إلى استبعاد الحوثيين من النظام المالي الدولي وتجميد أصولهم. 

إن هذه العقوبات قد تؤدي إلى تقليص قدرة الحوثيين على تمويل أنشطتهم العسكرية. ولكن تبقى فاعلية هذه الخطوة غير مؤكدة، وذلك بالنظر إلى أن العقوبات السابقة لم تكن كافية للحد من قدراتهم العسكرية.

ثانيا، يعكس قرار ترامب القلق من تأثير العقوبات على الأزمة الإنسانية في اليمن؛ حيث يسيطر الحوثيون على العديد من الموانئ والمناطق الحيوية، مما يعيق وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة. 

وإذا تم تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، فقد يتم قطع الاتصال بهم، مما يعيق جهود توزيع المساعدات إلى ملايين الأشخاص الذين يعانون من الجوع والأمراض. 

في هذا السياق، تحذر الأمم المتحدة من أن هذا النوع من العقوبات قد يفاقم من الأزمة الإنسانية الحالية في اليمن، التي تُعد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

ثالثا، قد يؤدي قرار ترامب إلى تعطيل عملية السلام في اليمن. فبدلا من دفع الحوثيين إلى طاولة المفاوضات، هناك خطر أن يبتعد الحوثيون عن المحادثات، حيث قد يعدون هذا القرار تدخلا خارجيا، بل ويمكن أن يقوموا بتشديد إستراتيجياتهم العسكرية. 

وقد يسهم هذا القرار أيضا في تعقيد الديناميكيات الإقليمية، خاصة إذا أثر على عملية التطبيع بين السعودية وإيران.

رابعا، من المتوقع أن يؤدي هذا القرار إلى مزيد من التطرف بين الحوثيين وزيادة أنشطتهم العسكرية. 

فقد يتبنى الحوثيون موقفا أكثر عدوانية، ويكثفون هجماتهم في البحر الأحمر. ففي الماضي عندما زادت الضغوط عليهم، كثف الحوثيون هجماتهم بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد السعودية والإمارات. 

وهذه الهجمات قد تهدد الأمن الإقليمي وتؤدي إلى توسيع نطاق الحرب.

ردود الفعل المحتملة

وأشار الكاتب التركي إلى أنه من المتوقع أن يرد الحوثيون على القرار الأميركي بهجمات مضادة؛ حيث يمكنهم زيادة نشاطاتهم العسكرية في البحر الأحمر، بما في ذلك الهجمات على السفن التجارية الدولية. 

إضافة إلى ذلك، قد يوسع الحوثيون من استهدافهم للوجود العسكري الأميركي في المنطقة. 

في المقابل، من المحتمل أن تزداد وتيرة الدعم الإيراني للحوثيين؛ حيث يمكن لإيران استغلال هذا القرار لتعزيز خطابها المعادي للولايات المتحدة وزيادة نفوذها في المنطقة. 

وقد تؤدي هذه التطورات إلى تصعيد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وقد تخلق أزمة أمنية جديدة في منطقة الخليج.

وتعد هذه الخطوة من ترامب مكسبا إستراتيجيا للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا. فقد كانت الحكومة اليمنية تطالب منذ فترة طويلة بتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية. 

فقد يؤدي هذا القرار إلى قطع مصادر التمويل الخاصة بالحوثيين وتقليص دعمهم الدولي. بالإضافة إلى ذلك، سيحظى البنك المركزي اليمني بفرصة أفضل لتنفيذ عقوبات اقتصادية ضد الحوثيين بشكل أكثر فاعلية. 

وهذا التطور قد يضعف قدرة الحوثيين على تمويل أنشطتهم العسكرية، ويحد من قدرتهم على تهديد الاستقرار الإقليمي. 

من ناحية أخرى، قد يدفع القرار دولا مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى اتخاذ خطوات أكثر عدوانية ضد الحوثيين، مما قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في الصراع.

في المجمل، يعكس قرار ترامب بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية تحولا مهما في السياسة الأميركية تجاه اليمن والشرق الأوسط. 

فرغم أن هذا القرار يهدف إلى تقليص تأثير الحوثيين وتقييد مصادر تمويلهم، إلا أنه قد يؤدي إلى تصعيد الأزمة الإنسانية في اليمن وتعقيد عملية السلام. 

فعلى المدى المتوسط والطويل، من المرجح أن يزيد هذا القرار من التطرف العسكري للحوثيين ويدعم دور إيران في المنطقة. 

ولذلك، فإن الحل الشامل للأزمة اليمنية يتطلب نهجا متوازنا يشمل الجوانب العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية، بعيدا عن الحلول الأحادية التي قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة.