يستحق الأوسكار.. حفاوة بفيلم هندي يفضح نظام الكفيل السعودي

3 months ago

12

طباعة

مشاركة

بينما يكشف الستار تدريجيا عن الطرق والآليات التي تسعى بها السلطات السعودية لتلميع صورتها أمام العالم والرأي العام خاصة من وصول الأمير محمد بن سلمان إلى ولاية العهد، يخرج إلى النور عمل سينمائي فني ليجهض كل محاولات تبييض سمعة المملكة.

عرض على منصة الأفلام الشهيرة نتفلكس في 19 يوليو/تموز 2024 الفيلم الهندي "The GOAT Life" أو "حياة الماعز"، للمخرج "باليسي" وذلك بعد عرضه في دور العرض في 28 مارس/آذار 2024، وأصبح الأعلى مشاهدة، وتم حظره في دول مجلس التعاون الخليجي.

ويجسد الفيلم قصة حقيقية لعامل هندي يدعى "نجيب" يروي معاناته والمآسي التي تعرض لها أثناء رحلته إلى المملكة السعودية بحثا عن عمل على يد "الكفيل" الذي أخذه إلى الصحراء ليرعى الغنم، وعاش حياة الجحيم لمدة 3 سنوات في الصحراء مجبرًا ولا يستطيع الفرار.

وجسد دور العامل الهندي الفنان العماني طالب البلوشي، وقد باع منزله ليحصل على تأشيرة عمل في إحدى الشركات داخل المملكة، وبمجرد وصوله إلى المطار اصطدم بكفيل سعودي حاد الطباع وعنيف المعاملة، اصطحبه في سيارة متهالكة في رحلة نحو الصحراء.

ويعكس الفيلم مآسي نظام الكفيل منذ بدايته في فترة السبعينيات قبل أن يخضع للكثير من التعديلات القانونية، وتوقع صناعه وقوع مشاكل مع السعودية، لذلك وضعوا في مقدمته عبارة "الفيلم لا يقصد الإساءة لأي بلد أو شعب".

نظام العبودية

ويلقي الفيلم بظلاله على نظام الكفالة بالسعودية ومعاناة العمالة الوافدة إلى المملكة، وخاصة عمّال البناء والعمّال المنزليين، كما يذكر بعمليّات قتل المهاجرين وطالبي اللجوء على الحدود اليمنيّة السعوديّة على أيدي حرس الحدود السعوديّين التي كشف عنها أخيرا.  

وأكدت منظمة القسط لحقوق الإنسان، وهيومن رايتس ووتش، أن السلطات السعوديّة تستخدم "المشاريع الضخمة" مثل نيوم ومحاولة استضافة كأس العالم 2034 لكرة القدم لصرف الانتباه عن انتقادات سجلها الحقوقي وتجميل صورتها كدولة ترتكب انتهاكات متفشّية.

وأشاروا في تقرير لهما في يونيو/حزيران 2024، إلى أن هذه المشاريع تعتمد على استغلال حقوق العمّال المهاجرين وانتهاكها بموجب نظام الكفالة المسيء، والذي يربط العمّال بكفلائهم للحصول على إقامتهم وتصاريح عملهم. 

ولفتت المنظمتان إلى أن العمال المهاجر ين يشكّلون ما يقارب 80 بالمئة من القوى العاملة في القطاع الخاص في السعوديّة، وعلى الرغم من الإصلاحات، لا يزال أصحاب العمل يسيطرون بشكل غير متناسب على العمّال، بما في ذلك ما إذا كان بإمكانهم تغيير وظائفهم.

وأكدوا أن العمال لا يزالون عرضة لانتهاكات واسعة النطاق تشمل استبدال العقود، ورسوم توظيف باهظة، وعدم دفع الأجور، ومصادرة جوازات السفر من قبل أصحاب العمل، والسخرة. 

وأوضحت المنظمتان أن السعودية تواصل استخدام حظر العمل في الهواء الطلق في منتصف النهار بناءً على التقويم كإجراء رئيس للوقاية من الحرّ على الرغم من ورود أدلّة تفيد بعدم فعاليّته في حماية العمّال. 

ودعوا السلطات السعودية إلى تفكيك نظام الكفالة، بما في ذلك إلغاء شرط حصول العمّال على تصريح خروج قبل مغادرة البلاد، ومواءمة التشريعات السعوديّة الخاصّة بالعمّال المنزليّين مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحق في حريّة التنقّل.

وحثت المنظمتان على إلزام الشركات التي تفكّر في ممارسة الأعمال التجاريّة في السعوديّة بإجراء تقييمات عناية واجبة قويّة لحقوق الإنسان وضمان حماية حقوق العمّال المهاجرين.

وطالبوا بتنفيذ التوصيات الصادرة في الاستعراض الدوري الشامل للسعوديّة لحالة حقوق الإنسان في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بالمصادقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة والاتفاقيّة الدوليّة لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.

وأعرب مغردون ومدونون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة على منصتي تويتر وفيس بوك أبرزها #حياة_الماعز، #نظام الكفيل، #The_goat_life، عن سعادتهم بخروج عمل فني يسلط الضوء على معاناة العمالة الوافدة للسعودية ويفضح فشل نظام الكفالة.

وأثنوا على العمل من حيث القصة والحبكة وقدرته على رصد الواقع ونقله إلى المشاهد وجعله يعايش قصة العامل الهندي ويتضامن معه، مؤكدين أن العمل السينمائي استطاع أن يفضح تستر السلطات السعودية على الكفلاء ويفشل كل محاولات تلميع صورة المملكة.

تعريف بالفيلم

وتعريفا بالفيلم، أفاد الإعلامي أسامة جاويش، بأنه إنتاج هندي استغرق تصويره خمسة أعوام ما بين بلدان الأردن والهند وبلدان أخرى وعرض في الهند في مارس الماضي ثم تم عرضه على منصة نتفلكس في يوليو الماضي ليصبح الفيلم الأكثر مشاهدة ويشاهده ملايين عبر منصة الأفلام الشهيرة.

وأوضح أن قصة الفيلم مأخوذة من رواية بنيامين وهي تجسيد لقصة حقيقية بطلها مواطن هندي حكي ما تعرض له من مآسٍ بشعة أثناء رحلة عمله في المملكة العربية السعودية على يد ما يعرف باسم الكفيل والذي جسد دوره الفنان العماني طالب البلوشي.

وأضاف جاويش، أن على مستوى صناعة الفيلم من حيث التمثيل والإخراج والتصوير والسيناريو والموسيقى التصويرية فقد أبدع صناع الفيلم في رسم تفاصيل الحكاية بدقة واحترافية شديدة ما جعل انتشار الفيلم والتأثر بأحداثه أمرا طبيعيا لما يجسده من معاناة إنسانية كبيرة لفئة العمال المغتربين.

وقال إن قصة نجيب العامل الهندي الذي باع منزله ليحصل على تأشيرة عمل في إحدى الشركات داخل المملكة العربية السعودية ، هي قصة ملايين البشر الذين ساقتهم الأقدار لرحلة عمل مشابهة داخل السعودية ليصطدموا بكابوس بشري اسمه نظام الكفيل بما يحمله من قسوة وظلم وقمع واستعباد للعامل الوافد أيا كانت جنسيته أو دينه دون رحمة أو إنسانية أو احترام لقانون أو نظام.

واستطرد جاويش في رواية باقي أحداث الفيلم، مختتما بالقول إن ما فعله الفيلم أنه ببساطة هدم المعبد فوق رؤوس أصحابه وفتح نقاشا لن يتوقف عن حقوق العمال في السعودية وعن فعالية الإجراءات التي أدخلتها السعودية على نظام الكفالة منذ مارس 2021 فيما عرف بخدمة التنقل الوظيفي ومبادرة تحسين العلاقات التعاقدية.

ورصدت رشا عزت، سبع حقائق تجعله واحد من أعلى الأفلام تشويقا لرؤيته، ومنها أنه يتحدث عن أحداث مبنية عن قصة حقيقية في فترة الثمانينيات وبداية التسعينات لشاب هندي اسمه نجيب محمد حينما سافر لأرض السعودية بحثا عن الرزق إلى أن قابل مصيره مع الكفيل كراعي غنم أسير بالصحراء بلا مأوى لا يعلم أين هو ومن هو وكيف ينتهي مصيره.

وأشارت إلى أن الفيلم من أبطاله ممثل عماني اسمه طالب البلوشي اللي قام بدور مساعد في البطولة يحكي عن القصة الحقيقية وأن نجل أو ابن نجيب الحقيقي يعمل الآن في سوبر ماركت في عمان فهو على قيد الحياة.

وأوضحت عزت، أن الفيلم يشكل الآن أعلى نسبة جدلية في الخليج العربي حاليا بعد عرضه و جرأة الهند للتعبير عن حالة من الحالات وأن تم وصفها فردية فهي تمثل حالة جدلية، وبطله الرئيس تعمد أن يزيد وزنه إلى ٩٦ كيلوجراما كحالته قبل السفر ونزل إلى ٦٧ كيلوجراما أثناء التصوير في نهاية الفيلم ليكمل الإقناع بحالته.

وأوضح بسام الهاشمي، أن فيلم حياة ماعز، يتحدث عن هندي يسافر إلى السعودية للعمل في شركة لكن يأخذه من باب المطار بدوي يجبره للعمل كراعي ويتعامل معه كأسير ويعمل لسنوات بلا أجر حتى يتمكن من الهرب بعد أن يفقد صديقه حياته، مؤكدا أن الفيلم مؤثر ويظهر الجانب المخفي للعبودية في السعودية.

وأشار الباحث السياسي عصمت سليم، إلى أن حياة الماعز "فيلم هندي" ممنوع من العرض في السعودية وغالبية الدول العربية أثار ضجة عالمية وحصل على العديد من الجوائز، مؤكدا أن هذا الفيلم كشف المستور عن كيفية استعباد العمال والوافدين فى السعودية بأساليب القرون الوسطى.

تقييمات المشاهدين

وفي تقييم لفيلم حياة ماعز ممن شاهدوه، أوضح الكاتب قطب العربي، أنه شاهد الفيلم الذي يجسد معاناة العمال الهنود (وغير الهنود) مع نظام الكفيل في السعودية، مؤكدا أن الفيلم تجسيد حقيقي للمعاناة غير الآدمية من الكفلاء غير الأسوياء نعرفها جيدا، وكم سمعنا من قصص مشابهة ممن عاشوها فعلا، وإن كان من الخطأ التعميم.

وأشار إلى أن الفيلم حرص على تقديم نموذج لرجل سعودي أنقذ (نجيب) في سيارته حتى أوصله إلى المدينة، لافتا إلى أن ما تضمنه الفيلم من فضح لنظام الكفيل، وسوء معاملة الأجانب من الكفلاء ومن موظفي الشرطة أثار هياج المسؤولين في المملكة.

واختص العربي، بالذكر رئيس هيئة الترفيه تركي آل شيخ كفيل الفنانين والذي كان يعتزم إنتاج فيلم عن النصب المصري في موسم الحج كان يفترض أن يقوم ببطولته أحمد حلمي قبل أن تحول المعارضة الشعبية المصرية دون إنتاجه. 

وأضاف أن هيئة الترفيه السعودية ورئيسها أنفقت مليارات الريالات لرسم صورة فخيمة للمملكة الحديثة المتنصلة من تراثها ولكن فيلم حياة الماعز نسف بجرة قلم هذه الصورة.

وقال أستاذ العلوم السياسية عصام عبدالشافي، إن الفيلم رغم كل ما يحمله من معانٍ فقصته تتكرر يوميا وبما هو أسوأ مما رواه الفيلم، معددا الرسائل التي أراد الفيلم إيصالها.

وأوضح أن الرسالة الأولى التي خرج بها من الفيلم أنه في بعض الأحيان تكون الحيوانات أرحم وأشرف من كثيرين من البشر كما ظهر في بعض لقطات الفيلم، والثانية أن كل المجتمعات فيها الصالح والطالح ولكن للأسف الشديد الطالحون أضعاف الصالحين ملايين المرات.

وأشار عبدالشافي، إلى أن الرسالة الثالثة أن عشرات المليارات التي أنفقها تركي آل الشيخ لبناء صورة جديدة مشوهة مع مرتزقته جاء فيلم واحد ونسفها وأصبحنا في انتظار أن يشتري آل الشيخ فريق الفيلم وبطل الفيلم ويستضيفه في مواسمه الترفيهية، ويخرج الممثلون يشكرونه على كرم الضيافة وحسن الاستقبال.

وتهكم قائلا: "ليس هناك ما يمنع أن يمنح بطل الفيلم نجيب وابنه نبيل الجنسية كما منحها لبعض السفهاء من قبل ليستخدمهم بعد ذلك أدوات لتشويه أوطانهم".

وأشار أحمد سالم، إلى أنه شاهد تراجيديا أقرب إلى الخيال، قائلا: "لا يمكن تخيل إنسان بهذه القسوة، لا سيما إن كان مسلم العقيدة.. القصة مقتبسة من أحداث حقيقية وواقع عاشه (نجيب) هو أقرب إلى عصور الفراعنة ومأساة العبيد آنذاك، عبودية مقيتة تعرض لها هو وآلاف من الهنود من أرباب عملهم، أو كما يسمونه هناك "الكفيل".

ورأى أن الأغرب أن كل هذا يقابله سكوت وحتى تواطؤ من النظام السعودي كما صور لنا الفيلم، قائلا: "بغض النظر عن القصة المأساوية، إلا أننا أمام عمل قلِّ نظيره في السينما العالمية من دراما وإخراج وموسيقى تصويرية وتمثيل".

وأضاف سالم: أما الممثل "بريثفيراج سوكوماران" الذي يقوم بدور "نجيب" فأقل ما يستحقه جائزة أوسكار تعطى له كل عام على أدائه الخرافي.

وعد طارق علي، الفيلم من أجمل أفلام سنة 2024 كونة ناقش قضية الكفالة ومعاملة الكفيل السعودي للأجنبي، قائلا: "والله إن كل الي بيعمله تركي آل الشيخ عشان يلمع المملكة في عيون العالم.. جاء هذا الفيلم فضح حقيقتهم".

وأضاف: "مع احترامي لأخوتنا في السعودية.. ما أعمم المنشور هذا على الكل.. لكن القصة حقيقية وسردها كان واقعيا وتفاصيله دقيقة جدا لما يدور في الفيلم"، ناصحا بمشاهدته لمعرفة حقيقة حكام بلاد الحرمين.

صفعة لآل الشيخ

وسلط ناشطون الضوء على دور رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ في تبييض سمعة المملكة ومحاولة تحسين صورتها عبر الفن والفعاليات الترفيهية والرياضية، مؤكدين أن خروج هذا العمل الفني الهندي في هذا التوقيت يمثل صفعة على وجه الشيخ والسلطة برمتها.

وكشفت تقارير إعلامية عن استعانة السعودية بشركة "Strategic Gears" لتلميع صورتها وذلك في إطار التحضير لتنظيم كأس العالم، في ظل انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان بأشكال مختلفة، محاولة إظهار النظام بصورة المنفتح الذي يهتم بالرياضة والفن.

واستنكر مراقبون استغلال السلطة السعودية الرياضة والفن والترفيه كقوة ناعمة لتبييض صورة السعودية في المسرح العالمي، للتغطية على الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وتقييد حرية التعبير، وإعدام الناشطين، وإهمال المعايير الحقوقية من خلال نظام الكفالة.

وقال أحمد نجيب، إن جهود تركي آل الشيخ والميزانية الضخمة التي أنفقت في سنوات لإبراز الدور الحضاري للمملكة، ذابت خلال ثلاث ساعات هي الفترة الزمنية لمشاهدة الفيلم الهندي (حياة الماعز).

وأشار أحد المغردين إلى أن الفيلم خارج عن سيطرة أموال تركي الشيخ يهدم كل ما بناه وصرف عليه الملايين لتلميع السعودية بوجه العالم لتقديمها وكأنها دولة مدنية حسب مفهومهم للتمدن، بشرائه الممثلين المرتزقة وإقامة الحفلات الماجنة والمهرجانات الغريبة، متسائلا: “هل يستطيع تركي الشيخ هذا منع الفيلم من على نتفلكس؟”

وكتب أحد المغردين: "السعودية صرفت مليارات الدولارات عشان تحسن صورة السعودية قدام العالم فالهند عملت فيلم اتكلف جنيه وربع واتعمل بممثل واحد وعشرين معزة بهدل صورة السعودية قدام العالم..".

وقال محمد عبدالغني: "بينما تركي آل شيخ قاعد يلهو بنا وبتاريخنا و يشتري المشخصاتية بتوعنا بشوية فلوس، قامت السينما الهندية هبداهم فيلم سينمائي ضخم وعامل ضجة.. اسم الفيلم حياة المعيز عن حياة مهاجر هندي اسمه نجيب محمد قصة حقيقية حيث ذهب للعمل واكتشف أنه يعامل كالعبيد وليس إنسانا حرا ذهب من أجل تحصيل لقمة عيش ".

وأشار مصطفى مصباح، إلى أن السعودية صرفت مليارات الدولارات لتحسن شكلها أمام العالم، ولتُظهر الجانب السيئ في مصر بأفلام البلطجية والنصابين وغيره التي أنتجها تركي الشيخ، قائلا "تيجي الهند تعمل فيلم اتكلف جنيه وربع واتعمل بممثل واحد وعشرين معزة يبهدل صورة السعودية قدام العالم كله".

وأوضح أن الفيلم يحكي عن الكفيل واستعباده للبشر وقلة أدبه وعدم إنسانيته.