ناصر القرني: السعودية تعمد لتهميش لبنان وتدعم إبادة غزة وتنتظر عودة ترامب (خاص)
"محمد بن سلمان يعمد إلى تهميش لبنان كنوع من العقاب غير المعلن"
رأى الناشط السعودي ناصر عوض القرني أن موقف ولي العهد محمد بن سلمان من الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، ينعكس في وسائل الإعلام السعودية التي تعمل على شيطنة المقاومة وتبدو كناطق رسمي عربي للاحتلال.
وفي حوار مع “الاستقلال”، أكد أن السعودية لم تكتف بعدم اتخاذ أي خطوات فعالة لدعم الفلسطينيين خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، بل تشجع الاحتلال على الاستمرار في الإبادة بذريعة القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس.
وبين أن المملكة أدارت ظهرها كذلك للبنان الذي يتعرض أيضا لعدوان إسرائيلي بعد تشكيل حزب الله جبهة إسناد لغزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وداخليا، يتوقع القرني تزايد القمع في السعودية، حال عودة الرئيس الأميركي السابق، الجمهوري دونالد ترامب إلى الحكم؛ حيث تنعقد الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني وينافسه فيها الديمقراطية كامالا هاريس.
واستدل على ذلك بأن ترامب كان أكثر من حمى ابن سلمان بعد تورطه في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في أكتوبر 2018.
وبيّن أن الوضع الحقوقي في المملكة يشهد تدهورا غير مسبوق، وأن المحاكمات مستمرة بصورة انتقامية منذ أن تولى ابن سلمان ولاية العهد عام 2017.
وناصر هو نجل الداعية السعودي الشهير عوض القرني المهدد بالإعدام والذي اعتقلته السلطات ضمن حملة شنتها ضد دعاة وأكاديميين وكتاب سعوديين في سبتمبر/ أيلول 2017.
ومطلع أكتوبر 2022، أعلن القرني وهو مهندس صناعي، تمكُّنه من مغادرة السعودية والوصول إلى مكان آمن للبدء في الدفاع عن والده، و"لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في البلاد".
السعودية والعدوان
- كيف تقيم موقف السعودية من العدوان الإسرائيلي على غزة؟
موقف السعودية من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يُظهر انحيازا واضحا لصالح إسرائيل.
ففي الوقت الذي تُدمر فيه غزة ويُقتل الأبرياء، لم تتخذ السعودية أي خطوات فعّالة لدعم الفلسطينيين.
بل اتخذت إجراءات تعكس موقفا معاديا للمقاومة، بما في ذلك اعتقالها أخيرا بعض الأفراد الذين أظهروا تعاطفهم مع فلسطين وقضية غزة.
إضافة إلى ذلك، أصبحت بعض المنصات الإعلامية السعودية أشبه بناطق رسمي باللغة العربية باسم إسرائيل.
فهي تروّج لخطاب يشيطن المقاومة ويُظهرها كتهديد، بدلا من الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني المشروع في الدفاع عن أرضه.
والأسوأ من ذلك أن السعودية، عبر قنواتها الدبلوماسية، تبعث برسائل لإسرائيل تشجعها على الاستمرار في العمليات العسكرية بهدف القضاء النهائي على المقاومة، في موقف لا يمثل شعب المملكة في هذه القضية.
- لماذا يتجاهل النظام السعودي أداء دور جاد في قضية لبنان على الرغم من امتلاكه أوراق قوة؟
ولي العهد السعودي يعمد إلى تهميش لبنان كنوع من العقاب غير المعلن، إذ إن دعم بيروت التقليدي لفلسطين يضع السعودية في موقف محرج، خاصة في ظل تزايد تقاربها مع إسرائيل.
والدليل على هذا الموقف هو مهاجمة إعلام ولي العهد للحليف السابق (رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الذي يحمل الجنسية السعودية) سعد الحريري، بسبب موقفه المعارض للعدوان على لبنان واصطفافه إلى جانب قضيته الوطنية.
هذا التجاهل يزيد معاناة اللبنانيين ويظهر السعودية كمن تدير ظهرها لمحيطها العربي.
إيران وأميركا
- كيف تقرأ التقارب السعودي مع إيران على الرغم من شيطنتها لمحورها وتجريمه وكذلك ذهاب المملكة نحو التطبيع مع إسرائيل؟
التقارب السعودي مع إيران نابع من مخاوف حقيقية من قوة الحوثيين المدعومين من طهران.
فبعد الخسائر الاقتصادية والتكلفة الباهظة التي سببتها هجمات الحوثي على المنشآت النفطية، تسعى السعودية إلى تهدئة الأوضاع مع إيران كوسيلة لتجنب العودة إلى حرب استنزافية في اليمن.
ويبدو هذا التقارب كمحاولة لإبقاء الحوثي خارج الحسابات العسكرية المباشرة؛ وذلك تجنبا لاستمرار نزيف الاقتصاد السعودي، وتأتي التهدئة مع إيران كوسيلة دفاعية أكثر من كونها خطوة سياسية حكيمة.
- ماذا ينتظر السعودية إذا عاد دونالد ترامب إلى الحكم بالولايات المتحدة؟ هل يتحقق التطبيع مع إسرائيل؟
ولي العهد السعودي يفضّل دون شك عودة ترامب للسلطة، فهو رجل أعمال لا يهتم بانتهاكات حقوق الإنسان ومستعد لتقديم الغطاء لأي زعيم مستبد مقابل صفقات مربحة.
وعودة ترامب قد تفتح الباب أمام مزيد من القمع في الداخل؛ إذ كان سابقا الحامي الأكبر لولي العهد من تبعات قضية خاشقجي.
أما بالنسبة للتطبيع، فإن ولي العهد لن يتردد فيه سواء فاز ترامب أم كامالا هاريس؛ فهو يسعى له كأحد أساسيات سياسته الإقليمية بغضّ النظر عمن في البيت الأبيض، أو عن جرائم إسرائيل في غزة.
الوضع الحقوقي
- تراجع زخم ملف اعتقالات الرأي إعلاميا وأصبح المعتقلون في طي النسيان، ما المطلوب لإعادته إلى الواجهة؟
على الرغم من المجازر التي ترتكب في غزة، وانشغال الجميع بهذه القضية، فإنه لا يمكن القول إن ملف حقوق الإنسان واعتقالات الرأي قد انتهى تأثيره على ابن سلمان.
إذ لا يزال هذا الملف مصدر قلق وضغط على ولي العهد. وتزايد أعداد المعارضين لسياساته الأخيرة دليل على الوضع المأساوي في البلاد ويعكس حالة من السخط المتزايد تجاه سياسات النظام القمعية.
- بعد سنوات من سيطرة ابن سلمان وزجّه بالمئات في السجون، كيف تقيم الوضع الحقوقي في المملكة اليوم؟
الوضع الحقوقي في المملكة يشهد تدهورا غير مسبوق، فالمحاكمات مستمرة بصورة انتقامية.
إذ وصلت الأحكام إلى حد الحكم بالإعدام على مواطن بسبب تغريداته، وسجن آخر لمدة 35 سنة بسبب رأي على منصة “إكس”.
كما أن ولي العهد اعترف بنفسه في لقاء مع قناة فوكس نيوز بأن هذا الوضع هو الواقع، وهذا اعتراف مخجل على مستوى حقوق الإنسان.
فمازال النظام يستخدم المحاكمات كأداة ترهيب موجهة لكل صوت ينتقد سياساته، ما يؤكد أن مناخ حقوق الإنسان في المملكة يعيش أسوأ مراحله.