حبس صحفي حاور زوجة معتقل.. وناشطون: أين الحريات التي يتغنى بها السيسي؟

منذ ٤ أيام

12

طباعة

مشاركة

ندد ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، بإصدار نيابة أمن الدولة العليا بمصر، قرارا يقضي بحبس الصحفي والمذيع أحمد سراج 15 يوما احتياطيا، بدعوى اتهامه بـ"الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة".

وجاء ذلك على خلفية حوار صحفي مصور أجراه سراج مع المترجمة ندى مغيث حول ملابسات توقيف زوجها رسام الكاريكاتير المسجون أشرف عمر.

نيابة أمن الدولة العليا حققت في 16 يناير/ كانون الثاني 2025 مع كل من الأكاديمية ندى مغيث، والصحفي بموقع "ذات مصر" أحمد سراج، في القضية رقم 7 لسنة 2025.

وقررت النيابة إخلاء سبيل مغيث بكفالة 5 آلاف جنيه (نحو 100 دولار)، بينما أمرت بحبس سراج 15 يوما، بعد أن وجّهت لهما النيابة اتهامات الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، وللأخير اتهاما إضافيا بتمويل جماعة إرهابية واستخدام موقع بدون ترخيص لنشر أفكار إرهابية.

أداة شريرة

وتجدر الإشارة إلى أن نيابة أمن الدولة العليا هي فرع خاص من النيابة العامة تتولى المسؤولية عن التحقيق في القضايا التي تنطوي على تهديد لأمن الدولة، لكنها تعمل "كأداة شريرة للقمع"، بحسب منظمة العفو الدولية.

العفو الدولية أكدت في تقرير لها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، أن نيابة أمن الدولة العليا دأبت على إساءة استخدام قانون مكافحة الإرهاب بشكل روتيني لملاحقة الآلاف من المنتقدين السلميين للحكومة، وتعطيل ضمانات المحاكمة العادلة.

وكشفت عن تواطؤ نيابة أمن الدولة العليا في حالات الإخفاء القسري، والحرمان التعسفي من الحرية، والتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة، فقد احتجزت النيابة الآلاف من الأشخاص فترات طويلة لأسباب ملفقة، وأطلقت لنفسها العنان في انتهاك حقوقهم في محاكمة عادلة.

وأوضحت العفو الدولية، أنه منذ أن تولى رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي زمام السلطة في مصر عام 2013، تزايد عدد القضايا المحالة إلى نيابة أمن الدولة العليا للمحاكمة نحو ثلاثة أضعاف، أي من نحو 529 قضية عام 2013 إلى 1739 قضية عام 2018.

وبحسب ثماني منظمات حقوقية، منها "هيومن رايتس ووتش"، فإن سلطات النظام المصري تمارس اعتداء متواصلا على حرية التعبير وتلاحق الصحفيين، وتستخدم الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، والحبس التعسفي على ذمة المحاكمة، واتهامات واهية تتعلق بالإرهاب ضدّ المنتقدين.

وأشارت المنظمات في تقريرها خلال أغسطس/آب 2024، إلى أن حرية التعبير وحرية الإعلام تعرضا في عهد السيسي لهجوم بلا هوادة لسنوات، لافتة إلى أن مصر تحتلّ بانتظام مرتبة ضمن البلدان التي فيها أكبر عدد من الصحفيين المحتجزين.

وأوضحت أن "اللجنة الدولية لحماية الصحفيين" وجدت أن مصر فيها أكثر من 13 بالمئة من مجموع الصحفيين المحتجزين حتى 2023. 

وأكدت المنظمات أن وسائل الإعلام التقليدية تخضع إلى قيود شديدة في مصر، وتواجه المواقع القليلة المتبقيّة تقييدا ومضايقات من الحكومة، وأن السلطات أساءت في السابق استخدام قوانين الإرهاب، بما في ذلك مقاضاة الصحفيين والنشطاء والمنتقدين.

بدورها، أدانت “لجنة الحريات” بنقابة الصحفيين واقعة القبض على أحمد سراج، وحبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات، بعد حوار مصور أجراه مع ندى مغيث، معلنة تضامنها الكامل معه ومع جميع الصحفيين المحبوسين.

وطالبت بمراجعة ملف قضايا الرأي وضمان حرية الصحافة والعمل الصحفي في مناخ يحترم الحقوق والحريات.

واستنكر ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #أحمد_سراج، #الحرية_لأحمد_سراج، وغيرها من الوسوم، استهداف نظام السيسي للصحفيين والتضييق عليهم وملاحقتهم، وإدانتهم بتهم "معلبة".

من جانبه، أكد نقيب الصحفيين، خالد البلشي، تضامنه مع سراج، مشددا على أن إجراء حوار صحفي مع زوجة أحد المحبوسين "ليس جريمة"، وأن التحقيق مع أسر المحبوسين يمثل تحولا خطيرا في التعامل مع قضايا الرأي.

من جهته، دعا وكيل النقابة، محمود كامل، إلى الإفراج الفوري عن الصحفيين المحبوسين، مؤكدا أن ممارسة الصحفي لدوره المهني في نقل معاناة المواطنين حق أصيل يجب حمايته.

وتصعيدا للجهود، تقدم النقيب ببلاغ للنائب العام ومخاطبة للجهات المختصة، طالب فيها بالعفو عن 24 صحفيا محبوسا ومراجعة أوضاع جميع المحبوسين على ذمة قضايا الرأي تمهيدا لإغلاق هذا الملف المؤلم، مشيرا إلى تجاوز بعضهم فترات الحبس الاحتياطي المقررة قانونا.

وشملت المخاطبات قائمة تضم 20 صحفيا محبوسا احتياطيا، مرفقا بها تواريخ القبض عليهم، بينهم 16 صحفيا تجاوزت فترات حبسهم الاحتياطي عامين، بالإضافة إلى 4 زملاء صدرت ضدهم أحكام بالحبس، لتضمينهم في قوائم العفو الرئاسي.

تنديد واستنكار

وتنديدا واستنكارا لقرار حبس سراج، أعادت شيماء كمال علي، نشر تدوينة البلشي، معربة عن استيائها من الأحكام الصادرة بحق غيث وسراج، بالقول: "مش فاهمة.. ليه يعني نص البلد جوه وأحسن الناس.. مش فاهمه ليه؟!". 

وتساءلت: "هل احنا مطالبين بأننا نتعامل بالأخلاق والحلم وهم يواجهوا هذا الحلم بعكسه فنظل نحن المسالمون وهم المسيطرون؟!".

وتابعت كمال تساؤلاتها: "هل هذا معنى الحب أو المعاملة الحسنة أو تطييب الخواطر.. ولا عايزينا سفهاء الأحلام؟! هل ما زالت النظرة لابد وأن تكون قاصرة على ذلك فقط؟! سؤال محيرني؟! وعلامة استفهام".

وقال السياسي أيمن نور، إن “اعتقال صانعي المحتوى أحمد أبو زيد وأحمد سراج يثير تساؤلات حول مستقبل صناعة المحتوى في مصر”.

واستنكر حزب "تكنوقراط مصر"، الحكم الصادر بحق سراج، قائلا: "حدثني أكثر عن الحريات التي يتغنى بها النظام الآن"، داعيا للمشاركة في هاشتاج حملة #لازم_يمشي والانضمام لمجموعة على منصة تلغرام والتي تستهدف إسقاط رئيس النظام السيسي.

وأعرب علاء النجار، عن غضبه من التهم المعلبة التي توجهها النيابة العامة، قائلا: "أما شغلانه سوده علي دماغكم.. خليتوا مصر ولادة للمنتمين للجماعة المحظورة...!!! ما تغيروا نوع التهم علشان الناس تصدقكم.. جاتكوا القرف".

ورأى أحد المغردين، أن موضوع القبض على أشرف عمر ومن بعده مراته ندى مغيث وأحمد سراج "يحيلنا إلي ظاهرة جديدة مكنتش بتحصل قبل كدا بالبجاحة دي، وهي ظاهرة الظباط الحرامية".

وقال: "زمان كانت الحملات لما بيدخلوا بيت عشان يقبضوا على حد كانوا بيكسروا ويبهدلوا البيت بس مكنوش بيسرقوا فلوس و مجوهرات -دا في الغالب- دلوقتي بقت الحملة هدفها الأول التقليب، وأصبح السؤال الأهم هو هنطلع بكام في الطلعة دي بدل سؤال هنلاقي المتهم أو لا".

وأضاف المغرد أن "الموضوع بقي متكرر وريحته فاحت وشكلهم بقى عرة أكثر ماهما عرر"، مؤكدا أن "القبض على ندى وسراج لم يكن بسبب آراء سياسية، لكن كان بشكل أساسي بسبب التأكيد على نقطة سرقة الضباط لفلوس ومجوهرات".

الحرية لسراج

ودعوة لإطلاق سراح سراج وإعرابا عن القلق من تعرض الصحفيين الذي يؤدون عملهم بمهنية لمصير مشابه، طالب الصحفي حسام بهجت بالحرية له".

وأشار إلى أنه سيتوجه الأحد (19 يناير) لنيابة أمن الدولة "للتحقيق معه في القضية 6 لسنة 2025 أمن دولة".

كما طالب الصحفي كارم يحيى، بالحرية لسراج، مؤكدا أنه “مارس عملا صحفيا مهنيا محترما ولا يدخل إلا في نطاق تمكين الناس من حق المعرفة والمعلومة والتعرف على وجهات النظر المحجوبة”.

وقالت الصحفية هدير المهدي، إن القبض على الزميل سراج يمسنا كلنا كصحفيين، مستنكرة أن سراج قبض عليه بسبب حوار صحفي مع زوجة زميل آخر محبوس.

وأضافت: "مش كل الصحفيين بياخدوا أوامر بالسامسونج، فيه ناس بتحاول تشتغل بجد، وحرية الصحافة هي واحدة من أهم الضمانات اللي بتقوم عليها الدول!".

صحفي نبيل

وعن سراج، قال الكاتب عمار علي حسن: "عرفت الكاتب والشاعر أحمد سراج الذي حبسوه 15 يوlا من موقف يدل على ضيقه بالفساد ونبله في آن"، وروى الموقف.

وأكد أنه لم يجد في سراج سوى "رجل يسعى بشرف وبلا كلل ولا ملل"، يجتهد في الكتابة، ويتابع الوسط الثقافي عن كثب، يقترب من كتاب وشعراء قرأ لهم كثيرا، ويكتب عنهم لمجرد أنه يتحمس لهم فنيا وإنسانيا.

وأضاف حسن: "بان لي سراج طوال الوقت مثقفا واسع الاطلاع، يحرص على الابتعاد عن الخطوط المتعرجة، ويهرب من التطرف والتعصب هروب السليم من الأجرب، ويفرح حين يحصل أحد على شيء يستحقه، والعكس صحيح، ويؤمن إيمانا لا يتزعزع بأنه لا يبقى في الأرض إلا ما ينفع الناس".

وأعرب عن أمله في الإفراج عن سراج قبل انقضاء الـ15 يوما المقررة لحبسه، إفراجا لا يترك وراءه أي ذيول، فمثله يجب ألا يُعاقب في رأي أو مقولة أو إدارة حوار، لا يبغي منه شيئا سوى السعي وراء الحقيقة، وهذا لا يغضب بالطبع إلا من يكرهها.

وأكدت آية ياسر، أن "سراج من أكثر الشخصيات المثقفة احتراما ولطفا في الوسط الثقافي كله، أعرفه منذ سنوات، لم يشكُ منه أحد، لا يستحق هذا المصير".