غاب عباس ورؤساء الأنظمة العربية.. وداع مهيب لقائد حماس وإشادة بقطر
“قطر تقف مرة أخرى واثقة متميزة منحازة لنبض هذه الأمة”
ودعت جموع غفيرة قُدّرت بالملايين بمختلف أنحاء العالم رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إسماعيل هنية، الذي استشهد رفقة حارسه في 31 يوليو/تموز 2024، خلال زيارته إيران لحضور حفل تنصيب رئيسها الجديد مسعود بزشكيان.
ووصل في 2 أغسطس/آب 2024، جثمان هنية (62 عاما) قادما من إيران إلى العاصمة القطرية الدوحة حيث أقيمت مراسم تشييعه، عقب صلاة الجمعة من مسجد محمد بن عبد الوهاب، الأكبر في قطر، ووري الثرى في مقبرة الإمام المؤسس في منطقة لوسيل.
وأمّ عضو المكتب السياسي لحماس خليل الحية، آلاف المصلين في صلاة الجنازة على هنية وحارسه، فيما عجّت الشوارع المحيطة بالمسجد بمئات المصلين.
وشارك في أداء صلاة الجنازة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، والأمير الوالد حمد بن خليفة، ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، محمد بن عبد الرحمن، ووفود رسمية وقيادات الفصائل الفلسطينية.
وودع هنية الملايين من مختلف العواصم العربية والإسلامية وحتى العالمية، حيث خرجت عقب صلاة الجمعة مظاهرات عدة منددة باغتياله، وتلبيه لآخر دعواته قبل استشهاده بالحشد والتظاهر؛ نصرة لغزة ضد العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وشهدت مدينة إسطنبول التركية تظاهرة حاشدة خرجت من مسجد الفاتح، بعد أن أصدرت وزارة الشؤون الدينية قرارا بتعميم صلاة الغائب على هنية في مساجد تركيا، كما شهدت العاصمة اليونانية أثينا والعاصمة اللبنانية بيروت تظاهرة تنديدا باغتيال هنية على يد قوات الاحتلال.
وفي الأردن والمخيمات الفلسطينية واليمن وباكستان وماليزيا، خرجت مسيرات عقب صلاة الجمعة؛ تنديدا باغتيال هنية، كما أقيمت صلوات الغائب عليه بمختلف المساجد، وجددت الشعوب تضامنها مع القضية الفلسطينية وتنديدها بجرائم الاحتلال وتوعدت بالثأر.
وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #إسماعيل_هنية، #استشهاد_إسماعيل_هنية، #شهيد_الأمة، وغيرها، أشاد ناشطون بدفن هنية ومرافقه في مقبرة الأسرة الحاكمة بقطر، وعدوها رسالة من الأسرة الحاكمة بأن "الشهيد منهم وهم منه".
وأعربوا عن استيائهم من غياب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، عن جنازة هنية، رغم مشاركته في تشييع رئيس الاحتلال الإسرائيلي السابق شمعون بيرز، وظهور علامات الحزن والتأثر عليه بفقدانه، ووصفوه بـ"الخائن والعميل"، مثنين على الشعوب التي خرجت لرثاء هنية.
وندد ناشطون بإعراض حكام أنظمة عربية حاكمة عن إدانة اغتيال هنية، والمشاركة في تشييع جنازته رغم إدانتهم أخيرا محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب، مؤكدين أن ذلك "شرف لا تناله الأنظمة العميلة ولا يحظى به إلا من يستحق".
إشادة بقطر
وثناء على قطر وأمرائها ودورها، قال الإعلامي وضاح خنفر، إن "قطر تقف مرة أخرى واثقة متميزة منحازة لنبض هذه الأمة".
وأضاف أن "التشييع المهيب لجنازة الشهيد هنية في الدوحة وصلاة الجنازة بحضور سمو الأمير وسمو الأمير الوالد ورئيس الوزراء، ثم قرار دفنه في مقبرة الإمام المؤسس، مواقف تدل على أن الرجولة قرار مهما كانت التحديات".
ولفت الداعية محمد الصغير، إلى أن قطر خرجت كلها "والدا وولدا، أميرا وشعبا" لوداع ضيفها، وصلوا جميعا على فقيد الأمة إسماعيل هنية في أكبر مساجدها، ودفنوا جثمانه في مقبرة جدهم المؤسس"، سائلا الله أن يتولى شكرهم وحفظهم، وأن يثبت على الحق أقدامهم، ويرد عنهم بصنائع المعروف مصارع السوء.
وأكد خبير إدارة الأزمات مراد علي، أن "جنازة هنية شهدت العديد من المشاهد التي تؤكد تكريم الرجل واحترام قدره، راصدا من هذه الملامح التي تسترعي الانتباه دفن الشهيد في مقابر العائلة الحاكمة في قطر بجانب قبر المؤسس الأول ورمز الدولة".
وأوضح أن الرسالة التي تريد قيادة قطر إيصالها أنها "تعد هنية فردا من العائلة تقديرا لبذله وعطائه".
وأكد علي آل ثاني، أن "دفن هنية في مقبرة المؤسس لفتة تكريمية عظيمة لمقام ورمزية الشهيد المقاوم أكثر منه شخص إسماعيل ذاته، واعتراف سامٍ بقدسية التضحية وبطولة الدفاع عن الأرض، ويحمل في طياته رسالة بأن من يضحي بحياته في سبيل حرية أرضه يجد مكانه الأبدي بين عظماء التاريخ".
وقال محمد أبو بكر المصلح: "شرف لنا في قطر أن تحتضن أرضها جثمان شهيد وقائد من قادة أقدس قضية في عصرنا، هذا لسان حال أهل قطر، قيادة وشعبا".
وأضاف: "هو ما لمسناه وشهدناه اليوم في التشييع المهيب لجنازة القائد الشهيد هنية ومرافقه الشهيد وسيم أبو شعبان ودفنهما في ثرى مقبرة الإمام المؤسس في لوسيل".
ورأى المحلل السياسي ياسين عز الدين، أن "تشييع هنية في طهران ثم تشييعه والصلاة عليه في مسجد محمد بن عبد الوهاب في قطر يعكس إجماع الأمة على قضية القدس ومسرى نبيها".
وأفاد بأن "هذا لا ينفي وجود الخلافات والاختلافات، لكنه يؤكد أن المسجد الأقصى وعقيدة التوحيد أكبر من كل الخلافات".
وأوضح عاصم عبدالماجد، أن "جنازة هنية حضرها (تميم) وحده، ولم يأت معزيا، بل جاء كصاحب عزاء، ولذا جاء بلا عقال، ومن عادة القوم أن صاحب العزاء لا يلبس العقال".
وأشار أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي، إلى أن "قطر وتركيا تصدرت مشهد الوقوف والتضامن الدول العربية والإسلامية بتقديم الدعم والتضامن بعد اغتيال إسرائيل لهنية في إيران".
واستطرد: "ففضلا عن استضافة قطر هنية وعائلته وقيادات حماس، حضر أميرها والأمير الوالد ورئيس الوزراء صلاة الجنازة، ووضع صورة إسماعيل هنية وعلم فلسطين على أبراج لوسيل".
وأضاف: "أما تركيا فقد أمر الرئيس أردوغان بإعلان الحداد العام الجمعة وإقامة صلاة الغائب في مساجد تركيا، وإرسال وفد رفيع المستوى إلى الدوحة لتقديم العزاء برئاسة نائب الرئيس ورئيس مجلس النواب ووزير الخارجية ووزير الاستخبارات".
وكذلك "تنكيس الأعلام في تركيا وبعثاتها الدبلوماسية ما تسبب بأزمة دبلوماسية مع إسرائيل واستدعاء القائم بالأعمال التركي وتوبيخه وهي عادة صهيونية مقيتة ووقحة".
جنازات مهيبة
وإشادة بخروج مئات الآلاف في مختلف بقاع الأرض لتأدية صلاة الغائب على هنية، كتب أحمد منصور: "كلنا سنموت لكن الشهادة في سبيل الله هي أشرف ميتة، وكل مسلم يموت يصلي عليه من حضر صلاة الجنازة".
واستدرك: "لكن هنية نال شرفين الأول هو الشهادة بإذن الله والثاني أن المسلمين في أنحاء الدنيا كلها صلوا عليه صلاة الجنازة، ودعوا له بالرحمة والمغفرة وهذا أمر لا يحدث إلا لمن يكتب الله له مكانة كبيرة في قلوب الناس".
وقال الناشط محمد النجار، إن "دم هنية يوحّد الأمة، وهي حادثة نادرة في التاريخ، بل ربما تكون الأولى، أن يصلَّى على قائد عربي في طهران يؤم الناس المرشد الأعلى للشيعة، ثم يؤتى به لجزيرة العرب فيصلَّى عليه في مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب، يتقدمهم أمير البلاد، وقادة العرب والعجم، صلاتين بمذهبين على دين واحد، دين الإسلام".
وأشار أستاذ الإعلام السياسي أحمد بن راشد بن سعيد، إلى أن "من إندونيسيا إلى المغرب، ومن باكستان إلى جنوب إفريقيا، العالم الإسلامي يصلّي على فقيده الشهيد هنية، ويودّعه الوداع الذي يليق بإمامته وزعامته".
عباس وبيريز
وتحت عنوان "محمود عباس بين جنازة بيريز وجنازة إسماعيل هنية"، عرض المحلل السياسي ياسر الزعاترة، صورة لعباس أثناء مراسم تشييع رئيس الاحتلال الأسبق شمعون بيرز عام 2016 ويبدو عليه الحزن.
وسخر قائلا: "يستحق بيريز أن يشارك عباس في جنازته. أما هنية، فلا..!!"، مؤكدا أن من صلّى عليه الملايين في أرجاء الأرض، لن يضيره غياب من يوفّر للقَتَلة "أرخص احتلال في التاريخ"، مضيفا: "سلام الله على إسماعيل، والعار لمُدمني العار".
وعرض الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، الصورة ذاتها، مؤكدا أن الذين صلّت قلوبهم وخشعت على ترانيم التوراة فوق جنازة بيريز لن تعرف قلوبهم حلاوة الصلاة على المجاهدين.
وأشار عبدالله آل خليفة، إلى أن عباس بكي على شمعون بيرز؟! متسائلا: “هل حضر جنازة الشهيد إسماعيل هنيه وبكى؟!”
واستنكر شوقي سواد، "ذرف عباس الدموع على جنازة بيرز وعلى ترانيم التوراة، بينما لم يسمع له كلمة أو تذرف له عين عندما اغتالت الصهاينة الرجل الفذ والقائد العظيم هنية الذي يدافع عن أرضه وعرضه".
وعرضت ندى محمد، ثلاث صورة لعباس الأولى أبدى فيها تعاطفا مع الاحتلال الإسرائيلي وقادته وحلفائه، متسائلة: “لماذا الغضب والامتعاض من عدم حضور الكثير جنازة إسماعيل هنية من القادة العرب؟”
وقالت إن هؤلاء الأنجاس ستنقضي أعمارهم بدون أي موقف مشرف في صحائفهم وهذا أمر مفرح، مضيفة أن اتّباع جنائز المسلمين فيه أجر كبير لا يليق بمثلهم، فهؤلاء لا يروق لهم سوى جنائز الكفار مثل الملكة إليزابيث وبيرز.
خذلان عربي
وعن غياب رؤساء الأنظمة العربية الحاكمة عن جنازة هنية أو حتى إدانتهم لاغتياله، قال الصحفي محمد أبو طاقية: “لا حرج أو تلاعب بالحروف، في هذا اليوم المشهود العظيم.. الموقف المفقود؛ والدول المفقودة من مشهد جريمة وجنازة شهيد الأمة (بلا استثناء) هو موقف من الحقوق والمقاومة الفلسطينية -الحقيقية- موقف عار مطابق وتابع للموقف الصهيوني وأسوأ”.
وتساءل: "ماذا تنتظر منهم غير هذا الذي ترى وما خفي أقبح؟! وعلى هذه الحقيقة ليُرسم مصير وحرية أمة كاملة، وإلا فلن نكون إلا صهاينة نصلي ونتصدق.!".
وعرض الباحث في العلاقات الدولية حسين شعيتو، صورة تعبيرية تجمع عدد من رؤساء الأنظمة العربية الحاكمة وأفواههم مكممة بعلم الاحتلال الإسرائيلي، ويقف إلى جانبهم نتنياهو.
وعلق قائلا إن "أقزام الأنظمة العربية العبرية المنبطحة التي لم تدن الاغتيالات وأعلنت عن استعدادها لإسقاط صواريخ الرد ما تفكروا ناسيينكم، ولكن مواقفكم وتصرفاتكم لا تقدم ولا تأخر في الوقت الحالي منخلص المهم ومنرجع ينشف ريقنا قد ما رح نبزق عليكم".
وكتب أحد المغردين: "عندما تجد بعض الأنظمة العربية تهتز لجُرح في أُذن ترامب الذي نقل سفارة بلاده إلى (القدس) ولا تهتز لاستشهاد (هنية) الذي دفع حياته وهو يناضل من أجل استرداد القدس، عندما تجد ذلك، اعلم يقينا أن هذه الأنظمة قبلتها تجاه البيت الأبيض لا إلى البيت الحرام".
واستنكر سامح مصطفى، تقاعس الأنظمة الفاسدة عن إدانة اغتيال القائد هنية الذى وقف وحيدا فى أشرف القضايا مدافعا عن المقدسات وعن أرضه وشعبه وحقهم فى الوجود.
وأشار عباس بن شبيب، إلى أن "مصر والأردن والمغرب وبعض دول الخليج (الفارسي العبري) لم يستنكروا اغتيال القائد المسلم هنية، ولم يكتفوا بذلك بل أطلقوا العنان لمرتزقتهم من كتاب ومغردين وإعلاميين وشيوخ دين لمهاجمة الشهيد ومجاهدي حماس وإيران".
ورأى أن هذه الأنظمة المتصهينة كلمة جبناء وخونة لا تكفي بحقهم.