فاضل المرسومي.. معمم شيعي وزعيم حزب عراقي لم يهتم أحد باغتياله
"الإمام الرباني، ممهد للمهدي"، هكذا كان يطلق على نفسه رجل الدين وزعيم حزب "الداعي" العراقي، فاضل المرسومي، الذي لقي مصرعه في 7 ديسمبر/ كانون الأول 2023، إثر هجوم مسلح شمال بغداد، استهدفه داخل سيارته مع سائقه واثنين من مرافقيه.
رحيل المعمم الشيعي بهذه الطريقة، لم يسفر عن أيه ردة فعل حكومية أو سياسية وحتى شعبية، ولا سيما في الأوساط الشيعية، سوى تصريح من المتحدث باسم وزارة الداخلية، مقداد الموسوي، الذي تحدث عن تشكيل لجنة تحقيق ومطاردة الجناة وتقديمهم للعدالة.
زعيم حزب
فاضل المرسومي الحسيني (56 عاما)، يرأس حزب "الداعي" الذي أسسه عام 2008، وتمت المصادقة عليه بشكل رسمي من اللجنة العليا المستقلة للانتخابات في ذلك الوقت.
وشارك الحزب برئاسة المرسومي، في 5 انتخابات برلمانية جرت في العراق بعد عام 2003، ودورتين انتخابيتين لمجالس المحافظات (المحلية)، حيث دخل في جميع مُشاركاته الانتخابية بقائمة مستقلة، لكنه لم يحصل على أي معقد سواء برلماني أو محلي.
وفي الانتخابات البرلمانية عام 2021، شارك المرسومي في قائمة انتخابية تحمل اسم حزبه "الداعي"، لكنه لم يكسب سوى خمسة آلاف صوت تقريبا، وهذا لم يؤهله للحصول على مقعد واحد، حسب بيانات المفوضية العليا للانتخابات بمحافظة ديالى شرق بغداد.
وطرح المرسومي العديد من المرشحين في المدن العراقية للمشاركة في الانتخابات المحلية المقررة في 18 ديسمبر 2023، عبر قائمة تحمل اسم "وطنيون نطلب الإصلاح".
وينشر الحزب على موقعه الإلكتروني العديد من الزيارات التي أجراها المرسومي قبل مقتله، للترويج إلى قائمته الانتخابية، خاصة في مسقط رأسه محافظة ديالى، ذات الغالبية السنية، والتقى العديد من شيوخ العشائر.
وفي 12 سبتمبر 2023، شارك المرسومي في المؤتمر العام للمعهد الملكي البريطاني للعلاقات الدولية "تشاثام هاوس" في مقر المعهد وسط العاصمة لندن.
وألقى المرسومي كلمة أمام الحاضرين بينهم رئيس مجلس المعهد نايجل شينوالد ومديرته، برونوين مادوكس، وباقي الأعضاء وبعض الضيوف المعنيين بالشأن الدولي، حسب ما نشره موقع حزب "الداعي".
وبحسب حديثه، فإن حزبه "يحمل منهجا فكريا من شأنه أن يسهم في إرساء السلام الذي تنشده الشعوب، مستعرضا أهم التحديات التي تواجه الديمقراطية في العراق، وبعض الأحزاب التي سعت في السنوات الماضية إلى إلحاق الأذى بالشعب بكل أطيافه وقومياته".
وتناقلت العديد من المجموعات السياسية والإعلامية في العراق على تطبيق التراسل الفوري (واتساب)، أن المرسومي زار أيضا الولايات المتحدة، وتحديدا العاصمة واشنطن، قبل نحو شهر واحد تقريبا من مقتله.
مدرّس سابق
فاضل المرسومي الحسيني الهاشمي، من مواليد محافظة ديالى عام 1967، من أبوين عربيين عراقيين، نشأ وتربى في قرية "جديدة الأغوات" بمدينة الخالص في عائلة فلاحية.
حاصل على شهادة البكالوريوس من كلية الآداب قسم اللغة العربية جامعة بغداد، ومارس مهنة تدريس اللغة العربية لجميع المراحل الدراسية، حسبما أورد موقع حزب "الداعي".
وتقول في سيرته المنشورة على الموقع، إنه لم يتأثر بفكر حزب "البعث"، وبسببها كان مطاردا ومراقبا من النظام السابق (بقيادة الرئيس الراحل صدام حسين) طيلة فترة دراسته وكان "متذمرا رافضا للواقع المحاط به، ودائما ما كان يسعى إلى تغيير ذلك الواقع وهو يعيش فترة دراسته الجامعية".
وأشار إلى أن المرسومي كان "أثناء فترة دراسته الإعدادية تعرض لبعض المعاناة بسبب كثرة التفكر والتدبر وبسبب ظلم الواقع المحيط به وهو في فترة الدراسة الجامعية، وظلم حزب البعث الحاكم وطاعة الناس له، حتى تهيأ نفسيا وبدنيا للتعرف على الفكر الحقيقي والنوراني المثالي للحياة والذي نجح في حمله منذ تسعينيات القرن الماضي".
وبيّن موقع الحزب أن المرسومي "عمل في زمن النظام السابق بهذا الفكر النوراني خفية خشية من سطوة النظام ولم يخرج خارج العراق وبقي على عمله في قريته التي يسكن فيها في مسجد بناه هو وأنصاره، إذ كان يعطي الدروس والمحاضرات فيه حتى سقوط النظام والبدء بإعلان دعوته الفكرية المثالية عبر مؤسسة الداعي المدنية".
ولفت إلى أنه "واجه معارضة شديدة وعداء كبيرا من الجماعات السياسية الطائفية بسبب مشروعه الفكري الإصلاحي الذي رفض من خلاله الطائفية ورفض الدعوة إلى حمل السلاح والاقتتال الداخلي، بحجة محاربة الغرب الذين جاءوا وأسقطوا النظام السابق وأسسوا لمرحلة جديدة في البلاد متمثلة بالعملية الديمقراطية".
وأوضح أنه أسس ومجموعة من أنصاره حزب الداعي عام 2008، وبدأ ينهى عن "الإرهاب والظلم والفساد ويدعو إلى إصلاح النفوس بالفكر".
ونوه إلى أن الحزب اعتمد على التمويل الذاتي، ورفض أي تمويل خارجي، أو من أموال الشعب، وكذلك رفض التحالفات القائمة على أساس طائفي ورفض نظام المحاصصة الذي تسبب في سرقة أموال الشعب وانتشار الفساد الإداري والمالي في البلاد.
ويدعو المرسومي إلى "احترام تجربة الإنسان في الغرب والاستفادة منها من خلال الانخراط في العمل الديمقراطي والمؤسساتي الذي يمهد الناس أن يكونوا أحرارا في دنياهم وبعد ذلك يسهل عليهم استلهام الفكر المثالي والحقيقي للإسلام الذي يدعو له".
يعارض المرجعية
يتبنى المرسومي وحزبه، فكر ما يعرف لدى الشيعة بـ"التمهيد" أو "المهداوية" التي تمهّد لظهور "المهدي المنتظر"، الإمام الثاني عشر لدى الشيعة، الذين يعولون عليه في تخليصهم من الظلم والجور.
وفي 1 ديسمبر 2012، نشر "مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي" العراقي، مقابلة مع المرسومي، قال فيها إنه "بدعوتنا كإمام رباني في أمر عظيم الناس عنه غافلون وجدته لنفسي خاصة عندما اجتباني الله إليه وما كنت أدري من قبل ما هذا".
وأضاف موجها كلامه للعراقيين من السنة والشيعة، قائلا: "أخاطبكم أيها المسلمون أجمعين وبخاصة من أسكُن وسطهم من أهل (ديالى) في العراق. أنا الإمام الرباني ولا أحد غيري اليوم اجتباه الله كإمام رباني وسط الفتنة التي حلت بأهل العراق وبالمسلمين وبأهل الأرض أجمعين".
وأردف: "أنا إمام رباني اجتباني الله، والله يجتبي من يشاء ويهدي إليه من ينيب، فأعطاني نور القرآن الذي هو ملكوت السماوات والأرض (خصوص، وإشارات، وحقائق) أحياني بها ربي بعد مشيئة مني علمها فيَّ وتستطيع أن تعبر عنها بالولاية التكوينية ودليلي أتكلم به مع أهل العقول"، وفق قوله.
وردا على سؤال في ما إذا كان هو أحد رسل الإمام المهدي، قال المرسومي: "أنا إمام رباني عرفت نفسي فطرة وعرفت ربي غاية، فأعطاني نوره وأحياني به فأصبحت أعرف من أين وفي أين وإلى أين، فأصبحت أوجب على نفسي بالله أن أدعو إليه وأدلي عليه، ولا أرى أحدا على الأرض غيري ولا قوة إلا بالله".
وزاد قائلا: "المراجع الكرام (الشيعة) هم آباء لنا نالوا العلم عن طريق التحصيل فنفعوا وانتفعوا في مرحلة سابقة عن مرحلتنا التي نعتبرها اليوم قد نسخت مرحلتهم، ونحن مازلنا نعرض لهم هذا الأمر ونبينه لهم من أجل أن يجعلونا على خزائن الأرض، لأن الله فتح هذا الأمر بنا ونسأل الله أن يعافينا من أن يتهموننا أو يكذبوننا... والله يؤتي فضله من يشاء".
وترى السلطات العراقية أن المرسومي، يحمل فكرا متطرفا، فقد أعلنت في يناير 2008، أنها اعتقلت 11 شخصا من جماعة دينية متطرفة تسمى (أنصار الإمام الرباني) في مدينة الخالص بمحافظة ديالى.
ونقل موقع "الشيرازي" العراقي عن مصدر مسؤول في محافظة ديالى (لم يكشف هويته) قوله إن "مجموع المعتقلين من المجموعة المتطرفة وصل إلى 28 شخصا جرى اعتقالهم خلال يومين".
وعلق الباحث العراقي في الدراسات الإسلامية، قاسم جبار، أن "فاضل عبد الحسين المرسومي، تنص فكرته على أنه (محمد هذا الزمان)، وأن لكل زمان محمدا جديدا، وهو يدعو إلى تخلي الناس عن الدراسة بكل أشكالها، وترك القراءة، واللجوء إليه، ليمنحهم العلم بواسطة الفطرة".
وقال الباحث جبار- حسبما نقل موقع الشيرازي- أن المرسومي "بدأ دعوة النبوة منذ مطلع 2003 ودخل في نزاعات مع الكثير من المراجع التي استنكرت دعوته"، مضيفا أن أتباعه "نظموا تظاهرات متعددة خلال الفترة الماضية، وهم يتميزون بلبس (الدشداشة بلون البيج).. وبدأت حركته بالانتشار التدريجي في العراق".
وذكر موقع "إنفو بلس" العراقي، في 7 ديسمبر، أن "العديد من المسؤولين (لم يكشف هويتهم) قد اتهموا المرسومي بتزعم حركة غامضة مجهولة التمويل، تهدف إلى تشويه صورة المرجعية الدينية الشيعية وإثارة النعرات الطائفية، وأن الكثير من المنتمين لهذا التيار بحقهم مذكرات قبض وشكاوى كثيرة جراء انتهاكهم للقانون وإثارة المشاكل".
المصادر
- مؤسس حزب الداعي والامين العام للحزب يشاركان في المؤتمر العام للمعهد الملكي البريطاني للعلاقات الدولية “تشاثام هاوس “
- دعوى فاضل المرسومي حقيقة ام هلوسة ؟
- مؤسس حزب الداعي
- تفاصيل جديدة عن اغتيال رجل الدين ببغداد: زعيم إحدى الحركات “المهدوية”
- اول تعليق من وزارة الداخلية على اغتيال “المعمم فاضل المرسومي”
- يُلقب بـ”الإمام الرباني” ويتزعم حركة تتبنى “التمهيد”.. مقتل فاضل المرسومي في بغداد.. مَن هو؟ وما سبب الاغتيال؟.. إليك سيرته وأبرز ما كان يدعو له
- اعتقال 11 شخصاً من أنصار «الإمام الرباني» في ديالى