معرض تكنوفيست للدفاع والتكنولوجيا.. كيف نجح في تغيير توجهات الشباب الأتراك؟

12

طباعة

مشاركة

نسخة بعد أخرى، تزداد أهمية معرض "تكنوفيست" لصناعة الدفاع التركي من حيث نجاحه في إحداث تغييرات نموذجية لدى الأجيال الجديدة، بالإضافة إلى اختلافه عن نظرائه من المعارض في هذا المجال.

وخلال الفترة من 27 سبتمبر/أيلول وحتى 1 أكتوبر/تشرين الأول 2023، احتضنت ولاية إزمير غرب تركيا، مهرجان "تكنوفيست" لتكنولوجيا الطيران والفضاء، الذي يعد الأكبر من نوعه في العالم.

ويعد "تكنوفيست" (TEKNOFEST) وسيلة مهمة لاكتشاف مواهب الشباب المشاركين لعرض ابتكاراتهم التكنولوجية، مثل الصواريخ والروبوتات، بدعم من مؤسسات حكومية.

استقلالية الصناعة

وقالت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية في مقال للكاتب، جان قصاب أوغلو، إن "معرض تكنوفيست حاز تقييما كبيرا في جدول الأعمال كونه إحدى أهم فعاليات التكنولوجيا والطيران المرموقة في تركيا.

وذكر الكاتب نقطة مهمة تتجاهلها وسائل الإعلام في التعليقات اليومية، وهي أن تكنوفيست وغيرها "تعد بمثابة أدوات للتحول الإستراتيجي على المدى الطويل".

وأضاف أن "الهدف من هذا التحول ليست الأنظمة الدفاعية أو القدرات العسكرية، بل نظام فكري واسع النطاق".

وشدد قصاب أوغلو على أن "الهدف هو جذب انتباه الأجيال الشابة إلى التقنيات الدفاعية ودفعهم إليها، لذا يحمل هذا التحول المعني أهمية بالغة ضمن هذه المبادرة الجديدة في مجال صناعة الدفاع".

ورأى أن "صناعة الدفاع التركية حققت تقدما كبيرا خلال العقود القليلة الماضية، حيث باتت تركيا التي نتحدث عنها الآن تنافس الصين في مجال الطائرات بدون طيار في السوق العربية-الخليجية".

ولفت قصاب أوغلو إلى أن "تركيا تُعدّ واحدة من الجهات الفاعلة التي تمتلك برنامج المسيرات الأكثر تطورا بين الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)".

وتابع: "لم تقتصر أنظمة الحرب الآلية التركية على الجو فحسب، بل امتدت أيضا إلى قطاعات الحرب البرية والبحرية".

وعند النظر إلى المسألة من منظور قطاعي وفني، يرى الكاتب أن "هناك العديد من الثغرات التي يجب سدها".

واستطرد: "بداية، يجب تقليل الاعتماد الخارجي المستمر في العديد من أنظمة السلاح الفرعية المهمة للأسلحة تدريجيا، حيث إن انعدام الاعتماد الخارجي في أنظمة السلاح الفرعية هو شرط أساسي لحيازة مستوى عال من الاستقلال التشغيلي".

النظام البيئي

وأوضح قصاب أوغلو أن "الأهم من استقلالية أنظمة السلاح الفرعية هنا هو بناء النظام البيئي، حيث أصبح الإبداع الدفاعي وتوسيع القدرات التكنولوجية في القرن الـ21 مرتبطا بالنظام البيئي أكثر من أي وقت مضى".

وأشار إلى أن "بناء النظام البيئي يقع في إطار مختلف تماما عن السياسة العسكرية والدفاع الوطني".

وتشكل العديد من العوامل، مثل نظام التعليم العام وعلاقة الأجيال القادمة بالتكنولوجيا والمناهج العلمية وجودة التعليم العالي والمنشورات العلمية، بالإضافة إلى قدرات المؤسسات البحثية، ما هو مطلوب لبناء النظام البيئي لصناعة الدفاع في العالم في العقود القادمة.

فيما تشكل الموارد البشرية في البلاد المصدر الأساسي لهذه العوامل، بحسب الكاتب التركي.

ويوفر "تكنوفيست" وغيره من المعارض المماثلة التوجيهَ التكنولوجي للموارد البشرية، وهو أمر ضروري للنظام البيئي لصناعة الدفاع.

فأولا، تتنافس الأجيال الشابة في بيئة المنافسة التي يوفرها "تكنوفيست" بتقديمه حلولا تكنولوجية من تصميمه وإنتاجه.

ثانيا، يتعرف جيل "تكنوفيست" الشاب في سن مبكرة جدا على ابتكارات مثل مسيرات "Akıncı" و"TB2" و"Aksungur" الحربية وطائرات الهليكوبتر الهجومية مثل "T-129 ATAK"، ومقاتلات مثل "F-16 SOLOTÜRK" و"HÜRKUŞ".

وعلّق الكاتب: "قد يبدو الأمر بسيطا للوهلة الأولى بالنسبة لنا نحن المهنيين العاملين في مجال الدفاع والعلوم العسكرية، ولكن كل منا قد عاش لحظات مماثلة في تلك الفترة من العمر حيث جعلتنا مهتمين بالمهنة".

وتابع: "كما سيخطو الشباب المشاركون في تكنوفيست خطواتهم الأولى في عالم الدفاع بصورٍ التقطوها للابتكارات التي لمسوها شخصيا، وليس بالصور التي اقتطعوها من مجلات الدفاع والطيران التي كان من الصعب العثور عليها في السابق".

ومن المؤكد أن القفزة التي حققتها تركيا في مجال صناعة الدفاع "تبدو جذابة".

وأضاف الكاتب موضحا أن "المفتاح الذي سيحول هذه القفزة إلى مكسب سياسي وعسكري واقتصادي دفاعي طويل المدى هو الاستقرار".

جذور ومستقبل

وقال قصاب أوغلو: "لقد كان ارتفاع صادرات تركيا الدفاعية خاصة في مجال المسيرات سريعا للغاية".

وأضاف أنه "لم تتوقع أي من مؤسسات الفكر والاستطلاع الرائدة أن تركيا ستكون قادرة على تصدير حلول عسكرية روبوتية عالية التقنية إلى دول الناتو الأخرى، بالإضافة إلى عَرْضِها في سوق تنافسية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات مثل سوق الدفاع العربي-الخليجي".

وحسب قول الكاتب، فإن هذا الارتفاع "لم يكن نتيجة لتحسن غير عادي في نظام التعليم أو تقدم غير مسبوق في التعليم العالي التركي".

وذكر وجود اتجاهين حاسمين في هذا الارتفاع، قائلا إن أولهما هو "الاستثمارات التي بدأت في الفترة ما بين 1970-1980 والتي أرست أُسُس العديد من اللاعبين الرئيسين في صناعة الدفاع التركية اليوم".

وذكر ثانيا أن "ريادة الأعمال الحكيمة وإستراتيجية الجمع بين تقنيات الجيل الجديد والمفاهيم المبتكرة قد أسفرت عن نتائج غير عادية في وقت قصير، خصوصا في قطاع الطائرات بدون طيار".

وذكر الكاتب أن "الصواريخ الباليستية لمنصة إطلاق النار الطائرة، والذي يجمع بين المسيرات الإستراتيجية لشركة بايكار وصاروخ TRG-230 من شركة روكيتسان، هو نتيجة تقاطع الاتجاهين المعنيين".

وشدد على أن " التحول الإستراتيجي في الأنظمة الجوية التركية بدون طيار يقدم دروسا مهمة لمستقبل صناعة الدفاع التركية، حيث تعد مسيرة شركتي بايكار وتوساش في التصميم الدفاعي رائعة".

ورأى أن "هذه المَسيرة برزت إلى الواجهة مع TB2 وANKA، ثم امتدت أولا إلى تصميم مُسَيّرات إستراتيجية مثل Akıncı وAksungur، لتصل إلى تصميم المُسيّرات الحربية المرفقة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي المتقدمة والقدرات الحركية مثل Kızılelma وAnka-3، ماضية بمبدأ التعاون البشري-الآلي".

وأكد أن "مواصلة هذه الرحلة متروكة للأجيال التي ستتبع مصممي الأعمال المذكورين".

وأوضح قصاب أوغلو أن "تكنوفيست والأحداث المماثلة هنا تهدف إلى إحداث تحول نموذجي لدى الأجيال الجديدة".