إياد علاوي.. سياسي عراقي نجا من فأس صدام يثير الجدل عبر الإشادة به

يوسف العلي | a year ago

12

طباعة

مشاركة

"طبيب، زعيم حزب، رئيس وزراء سابق"، كل هذه الألقاب يحملها السياسي العراقي، إياد علاوي، الذي عاصر جميع التقلبات السياسية في العراق منذ انتهاء النظام الملكي عام 1958 وصولا إلى الاحتلال الأميركي، إذ كان هو أول رئيس حكومة أعقبت سقوط بغداد عام 2003.

علاوي الذي يعج تاريخه بالأحداث السياسية، يظهر بين الحين والآخر في وسائل الإعلام مفجرا العديد من المفاجآت التي تضعه في حرج مع شركاء سياسيين بالعراق، فهو تارة يقدم نفسه شاهدا عليها، وتارة أخرى يكون أحد لاعبيها الأساسيين.

رغم أنه من أبرز الشخصيات السياسية في مرحلة الاحتلال الأميركي للعراق، وكان يعد من أهم الشخصيات المقربة من الإدارة الأميركية، فقد أظهر ندمه أخيرا على إسقاط نظام حزب البعث بقيادة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وتسليم البلاد لإيران.

خصم صدام

في 24 سبتمبر/ أيلول 2023، ظهر علاوي في مقابلة مصوّرة مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، تحدث فيها عن أحداث ووقائع سياسية، ولاسيما مع صدام حسين، الذي كان رفيق دربه في سبعينيات القرن العشرين، قبل أن يصبح من أشد أعدائه، إذ حاول قتله مرارا.

وقال علاوي، إن السلطات التي قامت بعد سقوط نظام صدام حسين، أجرت تحقيقات ولم تعثر على عقار واحد باسم الأخير بما فيها الطائرة التي استخدمها.

وأضاف في إطار سلسلة "يتذكر"، أن همّ صدام كان السلطة والنفوذ والقوة لا المال ولم يقترب من المال الحرام لأنه كان محافظا".

وأردف: "لم نعثر على عقار مسجل باسمه.. كل شيء مسجل باسم الحكومة العراقية ووزارة الخارجية ومجلس قيادة الثورة".

ومع إصرار الصحفي الذي كرر السؤال "ألم تعثروا مثلا على أموال؟"، أجاب علاوي: "أبدا أبدا.. حتى طائرته الخاصة كانت مسجلة في شركة تملكها مجموعة من المخابرات العراقية.. أقصد الطائرة الخاصة القادرة على الطيران لمسافات بعيدة".

وأكد علاوي في تصريحاته: "كان صدام محافظا على الصعيد الشخصي، كان محافظا جدا.. وكانت العلاقة به قوية منذ بدء معرفتي به وحتى موعد مغادرتي العراق.. تصور أنه أصر على أن يذيع شخصيا نبأ وفاة والدتي".

وذكر أنه على الرغم من جروحه الشخصية نتيجة محاولة اغتياله على يد النظام، فقد رفض زيارة صدام بعد اعتقاله عام 2003، كي لا يرى رئيس العراق في أيدي جنود الاحتلال، ولأن التقاليد لا تسمح بالشماتة، وفق تعبيره.

وتعرض علاوي إلى محاولة اغتيال في فبراير/شباط 1978 على يد المخابرات العراقية داخل منزله في مدينة لندن، أصيب خلالها إصابة بالغة في رأسه وقدمه بعد ضربه بالفأس، بقي على إثرها في المستشفى لأكثر من عام للعلاج.

وقال السياسي العراقي إن "أميركا خرّبت العراق، وإيران كانت شريكتها"، مؤكدا أنه لم يزر طهران يوما ورفض استجداء رئاسة الوزراء من الخارج.

وأفاد علاوي بأن جو بايدن (رئيس الولايات المتحدة) تدخل لديه مرات عدة حينما كان نائبا للرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، لإقناعه بالتخلي عن حقه لمصلحة بقاء نوري المالكي رئيسا للوزراء في العراق إرضاء لإيران، وحاول إغراءه بمنصب رئيس الجمهورية.

ويتهم علاوي إيران بإبعاده عن رئاسة الحكومة العراقية عام 2010 بعد فوز قائمة العراقية التي كانت يتزعمها في الانتخابات البرلمانية، متقدما على ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، والذي أصبح حينها رئيسا للوزراء لولاية ثانية امتدت من 2010 إلى 2014.

وكشف أيضا خلال مقابلته عن رفضه عرضا من قائد فيلق القدس الإيراني السابق الجنرال قاسم سليماني، لتولي زعامة الشيعة في العراق وأجابه: "أنا عراقي عروبي علماني".

حامي الصدر

إياد علاوي الذي تولى رئاسة أول حكومة عراقية شكلها الأميركيون في العراق عام 2004، أعلن أكثر من مرة أنه وقف ضد اعتقال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من رئيس سلطات الاحتلال الأميركي حينها، وكان قد حماه من القتل خلال معركة مع الأميركيين.

وقال علاوي خلال مقابلة تلفزيونية في 17 سبتمبر، إنني "أخبرت بول بريمر (الحاكم الأميركي المدني للعراق عام 2003 إلى 2004) أنه لا يحق لهم اعتقال الصدر، وذلك على خلفية اتهام الأخير بقتل رجل الدين الشيعي مجيد الخوئي في النجف".

ففي عام 2003، صدرت مذكرة اعتقال بحق مقتدى الصدر، لاتهامه باغتيال رجل الدين الشيعي مجيد (نجل أبو القاسم الخوئي مرجع الشيعة في العراق المتوفى عام 1992)، في أبريل/ نيسان من العام نفسه، بالقرب من مرقد "الامام علي" في مدينة النجف.

وأضاف علاوي أنه عندما اندلعت المعارك بين جيش المهدي (مليشيا مسلحة يتزعمها مقتدى الصدر) والقوات الأميركية عام 2004، أبلغت نجاح الشمري قائد القوات الخاصة في وقتها (وزير دفاع العراق عام 2019 إلى 2020)، بأن يدخل مع مجموعة إلى مرقد "الإمام علي" الذي كان يتحصن به الصدر، لحماية الأخير من الاغتيال، وتوثيق إطلاق النار على المرقد.

وأشار إلى أن هذه القوة صورت قصفا مدفعيا على "المرقد" ينفذه جيش المهدي حتى يرموا التهمة على الحكومة، وأمرت وقتها الوزراء الأمنيين بعقد مؤتمر صحفي وإظهار هذه الصور لوسائل الإعلام.

تصريحات علاوي التي تتعلق باتهامه لمليشيا "جيش المهدي" بالوقوف وراء قصف المرقد، أعقبها في اليوم التالي تداول ناشطين على مواقع التواصل مقطع فيديو- لم تؤكده جهة رسمية- يظهر احتشاد المئات في أحد شوارع بغداد، قيل إنهم أتباع الصدر يحاولون الوصول إلى منزل رئيس الوزراء العراقي الأسبق.

وعلى إثر ذلك، أصدر المكتب الإعلامي لعلاوي بيانا في 20 سبتمبر، ذكر فيه أن حديث الأخير "كان عن وجود مندسين يدعون الانتماء لجيش الإمام المهدي وكانوا يقصفون الحضرة (المرقد) لإثارة الفتنة بين الحكومة والتيار الصدري آنذاك".

وأضاف البيان أن "هناك العديد ممن يحاول إشعال الأزمات وزعزعة الاستقرار وإثارة الفتنة بين عائلة آل علاوي وآل الصدر الكرام".

عائلة مسؤولين

إياد هاشم حسين علاوي، ولد في بغداد عام 1944، وتخرج في كلية الطب بجامعة بغداد عام 1970، وحصل بعدها على شهادة الماجستير من جامعة لندن عام 1975، والدكتوراه من ذات الجامعة عام 1979.

متزوج وله بنتان وولد واحد، وهو يحمل إضافة إلى الجنسية العراقية، جنسيتين، واحدة بريطانية، والثانية لبنانية، لأن والدته من لبنان.

تعود أسرته العربية القاطنة في محافظة واسط العراقية، إلى عشيرة ربيعة التي استوطنت العراق قادمة من شبه الجزيرة العربية، وجده الحاج حسين علاوي من كبار التجار العراقيين ومن الشخصيات المهمة في الدولة العثمانية.

وينتمي علاوي إلى أسرة سياسية وطبية، فقد عمل هو- مع مزاولته للسياسة- في مهنة الطب كاستشاري في علم الوبائيات والصحة البيئية لدى منظمة اليونيسف الأممية للمدة من 1979 إلى عام 1981.

ووالده هاشم علاوي من أوائل استشاريي طب الأمراض الصدرية ومؤسس لمستشفى أمراض التدرن في العراق في ثلاثينيات القرن العشرين.

وله ثلاث أعمام عبد المجيد علاوي (استلم عدة مناصب وزارية وبعدها عين في مجلس الأعيان في المملكة العراقية) وصادق علاوي (طبيب أطفال ونائب) والمحامي توفيق علاوي كان من كبار الصنّاعين والتجار في بغداد.

 ولهذه العائلة عدد كبير من الذين استلموا مناصب حكومية منذ العهد الملكي العراقي وحتى اليوم، مثل المهندس المعماري المعروف جعفر علاوي (وزير الإسكان والأشغال العراقي السابق)، وجعفر صادق علاوي (وزير للصحة من 2019 إلى 2020).

هذا إضافة إلى علي علاوي (وزير دفاع عام 2003 إلى 2004 ووزير مالية من 2019 وحتى 2022)، ومحمد علاوي (وزير اتصالات من 2010 إلى 2012).

كان إياد علاوي عضوا في حزب البعث، وقياديا في مكتب القيادة القطرية، إلا أنه اختلف مع رئيس الجمهورية آنذاك أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين وترك العراق إلى بيروت عام 1971.

وفي عام 1972 غادر إلى لندن لإكمال الدراسات العليا، وفي 1973 انتخب مسؤولا للتنظيم القومي لحزب البعث في أوروبا الغربية وبعض بلدان الخليج العربي، إلا أنه استقال رسميا من حزب البعث عام 1975.

الحياة السياسية

أسس منذ عام 1974 تنظيما سريا مع بعض السياسيين العراقيين، أعلنه في بيروت عام 1990، وأطلق عليه اسم "حركة الوفاق الوطني العراقي"، وانتخب أمينا عاما لها في 1991، وجدد انتخابه عام 1993 وحتى اليوم.

كان علاوي أحد أعضاء لجنة المتابعة والتنسيق، التي أقرها مؤتمر لندن للمعارضة العراقية عام 2002، وهدفه التحضير لحكم العراق ما بعد صدام حسين، حيث كانت الولايات المتحدة تعد العدة لتغيير النظام في البلاد واحتلالها.

بعد الاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003 اختير عضوا في مجلس الحكم الانتقالي العراقي الذي أسسته الولايات المتحدة وسلطة الحاكم المدني بول بريمر، وترأس إحدى دورات المجلس في أكتوبر/ تشرين الأول 2003، واستمرت فترة رئاسته شهرا كما كان محددا.

وفي 28 يونيو 2004 شكلت الحكومة العراقية المؤقتة لتخلف مجلس الحكم وسلطة الحاكم المدني الأميركي، إذ شهدت فترة حكمه القصيرة تنفيذ عمليات عسكرية لمواجهة نفوذ جيش المهدي حيث قاد حملة ضدهم في النجف ومحاصرتهم.

وقد تعرض على إثر ذلك لمحاولة اغتيال في إحدى جوامع مدينة النجف أدت إلى إصابته بجروح.

وبعدها وفي عام 2004 أيضا، شن علاوي بصفته رئيسا للحكومة، حملة عسكرية واسعة على مدينة الفلوجة غرب العراق للقضاء على المسلحين، وقد أعطى الأوامر للقوات العراقية مدعومة بقوات الاحتلال الأميركي لبدء حملة عسكرية واسعة على مدينة الرمادي.

حازت القائمة العراقية برئاسته في انتخابات مجلس النواب العراقي والتي أجريت في 7 مارس/آذار 2010 على 91 مقعدا من أصل نحو 350 مقعدا في البرلمان، واحتلت القائمة بذلك المركز الأول من بين الكيانات المتنافسة، لكن نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون الذي حقق 89 مقعدا تمكن من الحصول على رئاسة الوزراء لولاية ثانية.

أما في انتخابات مجلس النواب العراقي في عام 2014 فقد تزعم علاوي ائتلاف الوطنية وتراجع عدد مقاعد كتلته إلى 21 مقعدا، وتولى منصب نائب رئيس الجمهورية.

وفي 9 أغسطس/آب 2015 أعلن رئيس الوزراء العراقي وقتها حيدر العبادي عن مجموعة قرارات وإصلاحات أبرزها إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية (نوري المالكي، وأسامة النجيفي، وإياد علاوي) ونواب رئيس مجلس الوزراء (بهاء الأعرجي، وصالح المطلك، وروز نوري شاويس) في استجابة للاحتجاجات الشعبية.

وحقق ائتلاف "الوطنية" بزعامة إياد علاوي في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2018، 21 مقعدا من أصل 329.

وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2021، حصل ائتلاف "الوطنية" على مقعد واحد، الأمر الذي عزاه إلى وجود تلاعب في النتائج، وطالب بـ"إبطال العملية الانتخابية بالكامل وفقا لأحكام الدستور".