فيكتور زولوتوف.. قائد الحرس الوطني الروسي المستفيد الأكبر من تمرد فاغنر

12

طباعة

مشاركة

على الرغم من أنه لا يحظى بكفاءة عالية؛ يملك فيكتور ألكسندروف زولوتوف، قائد الحرس الوطني الروسي، أحد أكثر الخصال التي تلاقي تقديرا لدى الرئيس فلاديمير بوتين، وهي الولاء الأعمى. 

وقالت صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية إن زولوتوف هو المستفيد الأول من تمرد مجموعة المرتزقة الروسية شبه العسكرية "فاغنر" ضد بوتين.

وبينت أن مراقبة الواقع السياسي الروسي كانت تحمل، منذ فترة، الكثير من فلسفة الكرملين القديمة، المتمثلة في التدقيق في صعود وهبوط الشخصيات التي لها وزنها في جهاز الدولة الروسية بناء على إشارات معينة في نظام محكم بقبضة من حديد على نحو متزايد.  

سياسة الكرملين

وبشكل خاص، عانى بعض الأفراد من صعود وهبوط واضحين في مناصبهم في الكرملين، مثل وزير الدفاع، سيرجي شويغو، أو وزير الخارجية، سيرغي لافروف.

وهناك آخرون صعدوا عاليا جدا قبل أن يسقطوا في الفراغ؛ حرفيا، مثل زعيم مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين. 

لكن؛ إذا كان هناك أي شخص كان مساره صاعدا بشكل لا لبس فيه ولا يمكن إيقافه، فهو الجنرال فيكتور زولوتوف قائد "روس غفارديا" (الحرس الوطني الروسي)، وفق الصحيفة الإسبانية.

ونوهت بأن زولوتوف هو الدليل العملي على أن الشرط الرئيس للمضي قدما في نظام بوتين هو امتلاك الحماية من المناصب العليا في الدولة.

هذا العضو السابق في قسم الكي جي بي - الذي بدأ حياته المهنية عام 1975 في قوات الحدود التابعة لجهاز الاستخبارات السوفيتي المخيف - يدين بمسيرته المهنية ليس فقط لصداقته الشخصية مع بوتين، حيث كانا منذ شبابهما في سانت بطرسبرغ خلال التسعينيات.

ولكن أيضا بعد تمرد فاغنر الفاشل، لم تتوقف أهمية هذا العنصر بالنسبة لأمن النظام عن النمو. ويعده الكثيرون المستفيد الرئيس من الانتفاضة الفاشلة لمجموعة المرتزقة.

وقتل بريغوجين البالغ من العمر 61 عاما، في 22 أغسطس/آب 2023 بعد تحطم طائرة شمال موسكو، مما أسفر عن مقتل جميع الأشخاص العشرة الذين كانوا على متنها.

ويعد مقتل زعيم مرتزقة فاغنر الروسية الخاصة، المفاجئ وغير المتوقع فرصة جديدة لوزارة الدفاع والحكومة الروسية، لإعادة هيكلة هذه المجموعة، بعدما هزت عرش الكرملين في محاولة انقلاب فاشلة نهاية يونيو/حزيران 2023.

فيكتور زولوتوف

ونقلت الصحيفة أن زولوتوف من مواليد سنة 1954، في بلدة ساسوفو بمنطقة ريازان. وسرعان ما أظهر بعض المواهب بصفته حارسا شخصيا.

بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وخروجه من القوة العامة، أدرك أنه في خضم حروب المافيا المضطربة التي دمرت المدن الروسية الرئيسة خلال التسعينيات، كانت هناك حاجة كبيرة لخدمات الحماية.

وبناء على نصيحته، تأسست شركة الحراسة الشخصية "بالتيك اسكورت" في سانت بطرسبرغ، والتي سرعان ما أصبحت أهم شركة حراسة شخصية، مسؤولة عن أمن الشخصيات السياسية الرئيسة في المدينة، مثل العمدة ناتولي سوبتشاك، ومرافقه الذي كان لا يزال مجهولا آنذاك، فلاديمير بوتين.

في وقت لاحق، سرعان ما بدأ زولوتوف في مشاركة بساط الجودو وحلبة الملاكمة مع بوتين، مما عزز العلاقة الودية بينهما، التي استمرت مع مرور الوقت.

عموما، يثق بوتين في زولوتوف كثيرا، حتى إنه في عام 2000، بمجرد أن أصبح رئيسا للاتحاد الروسي، عينه رئيسا للأمن، وهو المنصب الذي شغله لأكثر من عقد من الزمان. ومرت معظم تلك الفترة بسلام، حتى تغير كل شيء في سنة 2011. 

في ذلك العام، بعد أن قرر بوتين العودة لافتكاك منصب ديمتري ميدفيديف وترك منصب رئيس الوزراء ليصبح رئيسا مرة أخرى، اندلعت احتجاجات حاشدة في عشرات من المدن الروسية، الأمر الذي جعل الكرملين يخشى أن تكون البلاد على وشك الثورة.

ولمنع ذلك، وضعت الحكومة الروسية خططا لإنشاء حرس وطني قادر على قمع هذا النوع من الانتفاضات بشكل فعال، والذي لا يبدو أن ما يسمى بالقوات الداخلية هو الخيار الأمثل.

واستغرق المشروع بضع سنوات للانطلاق، ولكن في هذه الأثناء جرى تعيين زولوتوف الرجل الثاني في تلك القوات، بقيادة الجنرال نيكولاي روجوزكين.  

في سنة 2014، جرت ترقية روجوزكين إلى منصب المبعوث الرئاسي إلى منطقة سيبيريا الفيدرالية، وحل محله زولوتوف.

وفي العام نفسه، بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم واندلاع الصراع في دونباس، جرى تعيين صديق بوتين أيضا نائبا لوزير الداخلية.

وأخيرا، رأت "روس غفارديا" النور في عام 2016، خلال فترة مضطربة أخرى من الاحتجاجات في روسيا، وهذه المرة لأسباب اقتصادية إلى حد كبير.

وتعليقا على ذلك، يشير عالم السياسة الروسي، نيكولاي بيتروف، في مقال نشر أخيرا بالصحافة الروسية، إلى أنه "في هذه المرحلة أصبحت هناك منظمة جديدة يمكن لبوتين أن يثق بها، وكان يديرها بشكل أساسي حارسه الشخصي". 

"إنقاذ الوطن"

استوعبت هذه الهيئة المنشأة حديثا القوات الداخلية، بالإضافة إلى جميع موارد وزارة الداخلية تقريبا، وأكثر من ذلك.

ولهذا السبب، كان الحرس الوطني في صراعات مستمرة مع هذه الوزارة، ولكن في جميع المناسبات وقف بوتين إلى جانب زولوتوف، كما تقول الكونفدنسيال.

ويعتقد العديد من المراقبين أن هذا قد أدى إلى تقليص قدرات الدولة الروسية في مجال حفظ الأمن، لكنه أمر ثانوي بالنسبة للكرملين مقارنة بمهمة دعم النظام. 

ورغم أن "روس غفارديا" لعبت دورا ثانويا نسبيا في مختلف العمليات العسكرية الخارجية التي نفذتها روسيا، مثل ضم شبه جزيرة القرم، فقد كان بوتين دائما يهنئ هذه الهيئة.

وخلال المراحل الأولى من غزو أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، على سبيل المثال، شارك الحرس الوطني في المقام الأول بالمهام المساعدة للحفاظ على النظام في الخلفية.

وحتى بعد فشل عملية غزو كييف، تجنب التشكيل الانتقادات التي أطلقها الكرملين ضد الجيش الروسي وأجهزة المخابرات، وفق الصحيفة الإسبانية.

في المقابل، كرّم بوتين أعضاء "روس غفارديا" بعد شهر في إحدى المناسبات، قائلا لهم: "إن البلاد بأكملها فخورة بكل فرد منكم". لكن، جذب كل هذا اهتماما أكبر مما هو مرغوب فيه؛ حيث تعرض صديق الرئيس لعقوبات من المجتمع الدولي. 

وأوردت الصحيفة أن "روس غفارديا" عادت إلى دائرة الضوء الإعلامية في نهاية يونيو/حزيران، خلال تمرد فاغنر.

وعلى عكس الوحدات الأخرى التي اختارت عدم مواجهة القوات شبه العسكرية، بذل الفيلق قصارى جهده لمحاولة حماية موسكو، حيث فجّر الجسور وأقام الحواجز؛ الأمر الذي لاقى استحسان بوتين وإعجابه.

واليوم، أكثر من أي وقت مضى، أصبحت "روس غفارديا" بمثابة الحرس الإمبراطوري الحقيقي للرئيس الروسي. ويقول بيتروف: "في بعض الجوانب، أصبح الحرس الوطني بمثابة جيش بوتين الخاص".

وأشار إلى أن الزعيم الروسي "لا يحتاج إلى قوة أمنية فعالة، بل قوة مخلصة". وإذا كان تمرد فاغنر يمثل تحذيرا، فربما كان على حق، وفق الصحيفة الإسبانية.