تقوم عليها السوشيال ميديا.. تعرف على المعادن الحرجة التي يتصارع عليها العالم

12

طباعة

مشاركة

تعتمد العديد من العمليات البسيطة في حياة البشر اليومية حول العالم على حفنة من المعادن الأولية التي لا توجد إلا في عدد قليل من البلدان. 

فعلى سبيل المثال، يحتاج تحديث رسالة بريد إلكتروني، أو التفاعل على صورة على إنستغرام، أو إرسال إيموجي بسيط، إلى مجموعة من المواد الخام ذات الأسماء الغامضة: الفاناديوم، والجرمانيوم، والتنجستن، والأنتيمون، وغيرها من المواد. 

ويوجد بين أيدي البشر ما بين 30 و120 معدنا مستخرجا من مختلف أركان الكوكب، ومن أشهر تلك العناصر الليثيوم والكوبالت والألومنيوم، المستخدم في البطاريات، وكذلك النحاس والفضة والنيكل. 

نتيجة لذلك، أصبحت هذه المواد نبض الحياة الرقمية الحديثة ولكنها تضمن أيضا مستقبلا أكثر استدامة، لأنها ضرورية في تخزين الطاقة في المركبات الكهربائية، وفي توربينات الرياح والألواح الكهروضوئية؛ نظرا لجودتها فائقة التوصيل ومقاومتها الحرارية الكبيرة.

ونتيجة اعتماد البشر الكبير على هذه المواد الأولية أصبح من الواضح أن العالم قد انخرط في سباق غير مسبوق للحصول على هذه العناصر؛ وبالتالي تحقيق أهداف إزالة الكربون.

معادن فريدة

ونقلت صحيفة الباييس الإسبانية عن تاي يون كيم، أحد كبار المحللين في وكالة الطاقة الدولية، أن هذه المواد ليست مثل النفط، ولكن إلى حد ما فإن أهميتها متشابهة في نموذج الطاقة الجديد". 

وتحتاج السيارة التي تشحن بالكهرباء إلى معادن أكثر بستة أضعاف من تلك التقليدية، وتتطلب محطة الرياح البرية حوالي تسعة أضعاف المعادن التي تحتاجها محطة الغاز.

وكان هذا النشر القياسي لتكنولوجيا الطاقة النظيفة، مثل أنظمة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتخزين، هو الذي يقود نموا لا مثيل له في أسواق المعادن، والتي أدرج بعضها، نظرا لآثارها الاقتصادية وتطبيقاتها في مختلف الصناعات، في قائمة المعادن الحرجة.

ومن بين هذه المواد يمكن الحديث عن الليثيوم، الذي تضاعف الطلب عليه ثلاث مرات بين عامي 2017 و2022، وفقا لأرقام دراسة نشرتها وكالة الطاقة الدولية أخيرا.

أو الكوبالت، الذي زادت الحاجة إليه بنسبة 70 بالمئة في نفس الفترة، أو النيكل، الذي ارتفعت الحاجة إليه بنسبة 40 بالمئة على مستوى العالم.

وكشفت الباييس أن الأرقام تذهب إلى أبعد من ذلك. وفي هذا المعنى، يؤكد فرانشيسكو لا كاميرا، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، إيرينا، أن "الطلب سيزداد على المواد الحيوية بشكل كبير". 

ووفقا لأحدث تقديرات وكالة الطاقة الدولية، في سيناريو صافي الانبعاثات الصفرية بحلول سنة 2050، ستنمو الاحتياجات إلى المعادن الحيوية، مثل النحاس والليثيوم والنيكل والكوبالت والنيوديميوم بمقدار 3.5 مرات بحلول سنة 2030، لتصل إلى أكثر من 30 مليون طن. 

من جانبه، قال بينيديكت سوبوتكا، الرئيس التنفيذي لمجموعة الموارد الأوراسية، أحد كبار موردي المواد الخام والتعدين ومقره في لوكسمبورغ وله عمليات في كازاخستان ووسط إفريقيا إن "الانتقال إلى اقتصاد صافي الانبعاثات يعني أكبر عملية شراء للمعادن في التاريخ الحديث".

طلب غير مسبوق

وأشارت الصحيفة إلى أن الحد من الزيادة في متوسط ​​درجة حرارة الكوكب إلى أقل من 1.5 درجة مئوية، بحلول نهاية هذا القرن، سيعني مضاعفة قدرة الطاقات المتجددة بحلول سنة 2050، حيث من المتوقع أن تغطي 91 بالمئة من مزيج الطاقة، وفقا لتقديرات إيرينا. 

علاوة على ذلك، وفي ظل هذا السيناريو نفسه، يجب أن تكون 90 بالمئة من جميع السيارات كهربائية وسيمثل الهيدروجين 14 بالمئة من إجمالي استهلاك الطاقة النهائي. 

تعليقا على ذلك، يقول برزيميسلاف كوالسكي، كبير الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: "لا يعد قطاع التعدين مستعدا لمواجهة الانفجار في الطلب الذي يحتاجه التحول الأخضر". وبشكل عام، لا تستجيب الموارد المخصصة للاستخراج والإنتاج للطلب.

من جانبه، يوضح لا كاميرا: "أن الاستثمار في المواد الحيوية أمر مهم". ويضيف: "لكنها لا تزال ضئيلة مقارنة بالاحتياجات التي يتطلبها الاقتصاد الخالي من الانبعاثات". وتقدر إيرينا أن الإنفاق العالمي على التعدين والتنقيب يحتاج إلى أكثر من أربعة أضعاف المستويات الحالية. 

وأضافت الصحيفة أن نقص المواد الأولية – مثل الليثيوم أو النحاس أو العناصر الأرضية النادرة – يعدّ أحد أكبر التهديدات التي قد تؤخر التغيير في النموذج.

وقبل عامين، حذرت وكالة الطاقة الدولية بالفعل من الطلب المتزايد على المعادن، وشرحت كيف يمكن أن يكون ذلك في خطر بسبب نقص الاستثمار. 

وأشارت الصحيفة إلى أن توسيع العرض يحتاج أيضا إلى تسريع الإجراءات الإدارية، ونشر البنية التحتية في الوقت المناسب، فضلا عن توفير المزيد من الطاقة وموارد المياه الكافية.

فعلى سبيل المثال، لإنتاج طن واحد من الليثيوم، قد تكون هناك حاجة إلى حوالي 70 ألف لتر من الماء.

فإذا كان 50 بالمئة من مناجم هذه المادة، بحسب الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، تقع في مناطق تعاني من إجهاد مائي، فإن العالم أمام تحدٍّ هائل يجب حله.

احتياطات وفيرة

من جانب آخر، تقول الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إن احتياطيات المواد الحيوية وفيرة". 

لكن فرص الاستفادة من هذا الكم الهائل من الموارد والمشاريع التي سيتضمن التحول الاقتصادي ليست متساوية. وفي الحقيقة، يخضع استكشاف عملية التكرير ومعالجة المواد الحيوية لسيطرة عدد قليل من القوى الفاعلة. 

كما أن 70 بالمئة من استخراج الكوبالت، وهو أساسا منتج ثانوي من تعدين النيكل والنحاس، يعتمد على جمهورية الكونغو الديمقراطية. أما فيما يتعلق بالنيكل، فهناك ثلاثة منتجين رئيسين: إندونيسيا والفلبين وروسيا، الجهات التي تحتكر ثلثي الكعكة.

أوردت الصحيفة أن الشركات الصينية استثمرت على مدى العامين الماضيين 4.5 مليارات دولار في شراء حصص فيما يقرب من 20 منجما لليثيوم، معظمها في أمريكا اللاتينية وإفريقيا، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال. 

وتقع هذه الاستثمارات في دول مثل مالي، حيث تواجه تحديات أمنية بسبب الإرهاب؛ والنيجر، حيث استولى المجلس العسكري على السلطة بعد الانقلاب الذي وقع قبل أسبوعين، والمكسيك أو تشيلي.

في ضوء هذا السيناريو، تسعى العديد من البلدان إلى ضمان امدادات جيدة من المعادن من خلال موجة من السياسات الاقتصادية الجديدة.

وتشمل هذه القوانين قانون المواد الحرجة الصادر عن الاتحاد الأوروبي، وغيرها من القوانين الأخرى.

وقد حددت وكالة الطاقة الدولية حوالي 200 لائحة تنظيمية حول العالم، نشرت 100 منها في السنوات القليلة الماضية. 

وأشارت الصحيفة إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا وأزمة الطاقة الناتجة عنه وضعت أوروبا في مواجهة العديد من الحقائق، وكشف عن إدمانها على الغاز الروسي.

وفي الوقت الراهن، تبحث القارة، مضطرة، عن مصادر جديدة للطاقة النظيفة، لكن هذا المنعطف يمكن أن يدفعها إلى الدخول في تبعات جديدة. 

على سبيل المثال، لإنشاء توربينات الرياح أو الألواح الشمسية أو السيارة الكهربائية، يتعين على القارة العجوز شراء 99 بالمئة من العناصر الأرضية النادرة من الصين، و93 بالمئة من المغنيسيوم، المهم لصناعة الإلكترونيات والصلب، و83 بالمئة من النيوبيوم من البرازيل.

و86 بالمئة من الكوبالت من جمهورية الكونغو الديمقراطية وفنلندا وغويانا الفرنسية، و100 بالمئة من الليثيوم من التشيلي والولايات المتحدة. وحتى وقت ليس ببعيد، كانت روسيا تسهم بحوالي أربعة بالمئة من الليثيوم المستهلك في المنطقة.

الكلمات المفتاحية