مليشيات إيران صامتة.. جدل واسع بشأن تحركات عسكرية أميركية في العراق

12

طباعة

مشاركة

يتداول ناشطون عراقيون مقاطع مصورة منذ أيام، تظهر تحركات مريبة لأرتال عسكرية أميركية تتجول في البلاد، وسط صمت تام لمليشيات إيران، التي لا تكف ليلا ولا نهارا عن تهديد واشنطن.

ويثار الجدل حاليا بشأن حقيقة ما كشفته وسائل إعلام عراقية محلية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، عن وجود تحركات عسكرية أميركية جديدة في العراق.

الناشطون على تويتر تداولوا مقاطع فيديو قالوا إنها تظهر الوجود الأميركي العسكري في العراق، وتؤكد أن جيش الولايات المتحدة يحكم سيطرته على مطار بغداد الدولي، وأنه يسيطر على الحدود السورية-العراقية.

وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، نفت في 15 أغسطس/آب 2023، وجود تحركات عسكرية أميركية في العراق وأكدت أن القوافل المذكورة ليست تابعة لها.

وسبق أن أكد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، أن بلاده ليست بحاجة إلى قوات قتالية أجنبية، وكشف عن إجراء مباحثات متقدمة من أجل تحديد شكل العلاقة والتعاون المستقبلي مع التحالف الدولي بالعراق.

وكانت الولايات المتحدة والعراق قد جددا في 9 أغسطس/آب 2023 التزامهما بتعزيز التعاون الأمني والعسكري وحماية الاستقرار الإقليمي، في ختام حوار التعاون الأمني المشترك بينهما الذي انعقد في العاصمة الأميركية واشنطن.

ولم يلق النفي الأميركي قبولا لدى الناشطين على تويتر، ودفعهم للإعراب عن استيائهم من دخول قوات عسكرية جديدة إلى العراق، وتساءلوا عن أسباب التحرك والنشاط العسكري الأميركي.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #القوات_العسكرية، طالبوا بتفسيرات من السلطات العراقية للتحركات العسكرية الأميركية وإعادة التمركز في بلدهم، مستنكرين صمت السلطة وتجاهلها للمقاطع المنتشرة.

واتهم ناشطون النظام العراقي بترويج الأكاذيب حول انسحاب القوات الأميركية من العراق تارة إبان فترة حكم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في 2011، وأخرى في 2021، حين أعلن بقاء نحو 2500 جندي أميركي وألف جندي من قوات التحالف في البلاد.

العراق محتل

وتفاعلا مع الأحداث، قال خبير بروتوكول الدولة عمر غانم، إن حالة عدم اليقين وضياع الصواب في فهم حركة الأرتال العسكرية الأميركية في العراق من طرف الحكومة وأذرعها دليل على أن البلد محتل تمخره القوات الأجنبية شمالا وجنوبا بين جنرالاته يضربون أسداسا وأخماسا في غرف العمليات الصماء.

وأكد الإعلامي مهدي جاسم، أن تحرك القطع العسكرية للتحالف الدولي أربك الجميع وكشف أمرين، الأول أن الحكومة العراقية لا تعلم طبيعة هذه التحركات ولا يوجد تنسيق مسبق مع قيادة التحالف، أو أن التحالف الدولي لا يريد أن يُعلِم الجانب العراقي بهذه التحركات.

وأضاف أن الأمر الثاني، هو وجود فوضى وإرباك وتشتت الموقف والقرار عند الحكومة في تبيان وشرح حقيقة ما جرى مما جعل الكثيرين يبحثون عن مصادر إعلامية دولية لمعرفة حقيقة الأمر.

وردت الإعلامية شهد العنزي، على جاسم قائلة: "هي حقيقة لا تنكر.. العراق محتل من قبل أمريكا وإيران، والطرفان لا تستأذنان الحكومة في أي تحرك أو تدخل، والمنافسة على أشدها وأرض العراق ساحة معركة حرب باردة، والدولتان في منأى عن أضرار هذه الحرب.

وأضافت ساخرة: "بيتهم ويلعبون به، والحكومة تتشاغل وتغلس، والعراق يتحمل الخسائر".

وقال عبيد البناء: "بعد أن رأينا المقاطع التي تتجول فيها الدبابات الأميركية في شوارع بغداد وفي الأعظمية علمنا أن انسحاب القوات الأميركية كان كذبة وأصبح العراق محتلا من دولتين هما أمريكا وإيران".

وعد ناصر عراقي، تجول أرتال عسكرية أميركية وسط بغداد، رمزية واضحة وضوح الشمس أن العراق بلد محتل بلا سيادة ومستباح من شماله لجنوبه.

تباين وجدل

وبرز التباين في ردود الفعل على الوجود العسكري للقوات الأميركية، إذ رآه البعض مسعى للخلاص من السلطة التابعة لإيران بينما ذهب آخرون إلى أن التفكير بهذا المنظور سذاجة، مؤكدين أن واشنطن لا تعمل إلا وفق مصالحها ولا يهمها استقرار العراق.

وكتب بشار حربي: "إلى أنظار السفيرة الأميركية في العراق (آلينا رومانوسكي) ومن خلالها إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن قواتكم ال 150 ألف تملأ بغداد والعراق هذه فرصتكم الكبرى لاستعادة ثقة الشعب العراقي بكم، أسقطوا هؤلاء السراق المخانيث المتسلطين على رقاب الشعب العراقي الذين باعوا وطننا الى إيران".

ورأى أستاذ التاريخ السياسي أركان السحيم، أن من يظن أن الولايات المتحدة ستنفذ خطوات مفاجئة في العراق "مخطئ"، مؤكدا أن المسألة معقدة وتتداخل فيها مصالح دولية مهمة.

وأشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن على بعد أشهر من سنة انتخابية مهمة وأي تصرف غير محسوب جيدا سيكون كارثيا عليه، قائلا: "لا أفهم كيف لمثقفين عراقيين لم يفهموا العقلية الأميركية بعد كل ما حصل؟!"

وذكر محمد الشامي، أن خطة بايدن عندما كان منصبه نائب للرئيس الأميركي (باراك أوباما) كانت تقسيم العراق لثلاثة أقاليم "شيعي وسني وكردي".

مليشيات إيران

وصب ناشطون جام غضبهم على الفصائل العراقية والمليشيات التابعة لإيران التي عمدت عبر لجانها الإلكترونية إلى تكذيب الوجود الأميركي، مذكرين بمواقف السنة القوية تجاه الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق.

وخاطب رئيس موقع بغداد بوست سفيان السامرائي، المليشيات الشيعية والإلكترونية، قائلا: "بدلا من استعراضاتكم الفاشوية وتكذيبكم أخبار انتشار القوات الأميركية قوموا فورا بتصوير تحركاتكم حول المطار بمواكب كبيرة وليقم كل قادتكم بالتجول في كل نقطة توجد فيها أميركا".

وأشار الكاتب والأكاديمي عبدالقادر بوعرفة، إلى أن القنوات الإعلامية أفادت بأن أرتالا أميركية كبرى تسرح وتمرح بأريحية، قائلا إن قتلة العراقيين على الهوية ينظرون إليهم غير قادرين على فعل أي حركة.

ولفت السياسي اليمني فهد الخليفي، إلى أن أميركا تنشر قواتها في البحار وفي العراق وسوريا، متسائلا: "هل تجرؤ مليشيات إيران الشيعية الإرهابية التي تدعي قتال أمريكا على إطلاق صاروخ واحد فقط على القوات الأمريكية؟!"

وأكد فايد الحسني، أن أميركا منذ احتلال البلاد وإلى الآن تلعب تحت الأرض وإيران فوق الأرض، واتفق الاثنان على تدمير العراق وتدمير كل البنى التحتية وزرع الطائفية والعنصرية وانتشار الجهات المسلحة المتطرفة وانتشار الفساد في مؤسسات الدولة.

استنكار الصمت

وهاجم ناشطون الولايات المتحدة وأعربوا عن رفضهم لأي وجود عسكري في بلادهم وطالبوا برحيل القوات كافة، معربين عن استيائهم من صمت السلطة وعدم إعلانها حقيقة التحشيد العسكري الأميركي بالعراق.

وقال الحاج هاشم المياحي: "إذا كانت القوات الأميركية تستهدف جيران العراق فدستور البلاد لا يسمح بالاعتداء على أراضي الدول المجاورة من أرضها".

وكتبت الناشطة السياسية تمارة الخزراجي: "شيء غريب أنه ماكو أي مقاومة لوحود الأرتال الأميركية بالعراق.. زين وين صارت الفصائل المسلحة اللي كانت تضرب هاي الأرتال بصفتها قوات محتلة للعراق؟"

وتعجب أحد المغردين، من موافقة الإطار التنسيقي الشيعي الذي يحكم البلاد، على انتشار القوات الأميركية المحتلة.

ورأى الناشط عصام حسين، أن اللطيف في الانتشار في العراق أن السفيرة الأميركية والقادة العسكريين الأمريكان هم من يبررون هذا الانتشار لعدم إحراج الفصائل المسلحة الداعمة لحكومة محمد شياع السوداني، مع صمت مطبق لقادة هذه الفصائل.

وقال أحمد العراقي: "بعد أن شاهدنا الأرتال الاميركية اليوم في العراق تسرح وتمرح أمام أنظار مقاولة الأطار -مقاومة الإطار- نستذكر رجال المقاومة العراقية (السنية) الذين سطروا أروع ملاحم الدفاع عن الأرض والعرض التي أبادت جيش أميركا ودمرت أرتالهم وسحقت رؤوسهم".

ورصدت لينا العسيلي، دخول القوات الأميركية برتل إلى مدينة الأعظمية في بغداد، ورتل آخر في بغداد التاجي، وثالث دخل محافظة البصرة، قائلة: "قلت لكم الجيش الأميركي بقى شوية ويدخلون لبيوتنا".