حلقات عمانية عراقية.. ما الجديد بمسلسل التطبيع بين النظام المصري وإيران؟

يوسف العلي | a year ago

12

طباعة

مشاركة

بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى القاهرة، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، أنها ترحب بإعادة العلاقات مع مصر في حال استعداد الأخيرة لذلك، ليجري الحديث مجددا عن وجود وساطة عراقية بين الطرفين.

وفي 12 يونيو/حزيران 2023، وصل السوداني إلى مصر على رأس وفد حكومي رفيع في زيارة هي الثانية له خلال 100 يوم، حيث زارها آخر مرة في 5 مارس/آذار من العام نفسه، والتقى خلالها برئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزرائه مصطفى مدبولي.

وقطعت العلاقات بين الطرفين تماما عام 1978 بعد أن أطاحت الثورة الإيرانية بحكم الشاه محمد رضا بهلوي، الذي لجأ إلى القاهرة واستقبلته في ظل حكم الرئيس المصري محمد أنور السادات.

حينها قرر "زعيم الثورة" وقتها آية الله الخميني، قطع العلاقات مع مصر، وأغلقت السفارة الإيرانية في القاهرة، ولم تفتح إلى يومنا هذا. 

وكان من موانع تطبيع العلاقات على الجانب الإيراني طيلة السنوات الماضية، الاحتكاكات التي حدثت بين إيران ومصر بسبب نظرة إيران السلبية لاتفاقية كامب ديفيد، التي وقعتها القاهرة مع تل أبيب عام 1979.

وزادت حدة التوتر بإطلاق نظام الملالي على أحد شوارع العاصمة طهران اسم خالد الإسلامبولي، وهو ضابط في الجيش المصري اغتال السادات، خلال عرض عسكري في القاهرة عام 1981.

أولوية الزيارة

وبعيدا عن الملفات الاقتصادية، التي نتج عنها توقيع السوداني ومدبولي على 11 مذكرة تفاهم مشترك بين البلدين في مجالات وقطاعات عدة، فإن موضوع الوساطة التي تجريها بغداد لإعادة تطبيع العلاقة بين طهران والقاهرة كانت من أولويات الزيارة، بحسب مراقبين.

وتحدث أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد طارق الزبيدي عن أهمية الزيارة التي يجريها رئيس الوزراء العراقي إلى القاهرة، بالقول لصحيفة "الأخبار" اللبنانية في 13 يونيو 2023 إن "زيارة السوداني لمصر هي من أهمّ الزيارات، وفيها مهام متعدّدة ولا يمكن حصرها بقضية محدّدة".

وأشار الزبيدي إلى أن "مصر تُعد من الدول التي لها ثقل عربي كبير، وأن من ضمن أولويات الزيارة تطبيع العلاقات الإيجابية بينهما، ولا سيما أن العراق نجح في الوساطة سابقا بين إيران والسعودية، وكذلك له دور كبير في إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية".

وكانت العاصمة العراقية بغداد قد استضاف ست جولات محادثات بين السعودية وإيران لإعادة تطبيع العلاقات، بدأت منذ أبريل/نيسان 2021، انتهت باتفاق رعته الصين في مارس 2023، يقضي باستئناف العلاقة بينهما وإعادة افتتاح سفارتي البلدين.

من جهته، قال الخبير السياسي العراقي، نبيل التميمي إن "توقيت الزيارة يشير إلى أنها لن تكون تقليدية، فقد يحمل السوداني ملفات عدة لمناقشتها مع السيسي ومدبولي في القاهرة".

وأضاف التميمي خلال تصريح لصحيفة "الدستور" المصرية في 11 يونيو 2023 أنه "على الصعيد السياسي، قد يحمل السوداني رسائل خاصة من طهران في ظل الجهود العراقية للوساطة بين إيران ومصر من أجل عودة العلاقات الطبيعية بينهما".

ورأى مراقبون أن وساطة العراق بين مصر وإيران، والتي نتج عنها لقاء مسؤولين من البلدين في بغداد، آخذة بالتصاعد، خصوصا بعد التسوية التي حصلت بين الرياض وطهران، لذلك قد نشهد خلال مدة قريبة لقاءات على مستوى وزراء خارجية البلدين.

وأشاروا إلى أن مذكرات التفاهم التي وقعتها مصر مع العراق خلال زيارة السوداني الأخيرة، لن تأخذ طريقها للتنفيذ في حال لم تكن علاقتها قد ترطبت مع إيران، لأن حلفاء الأخيرة في بغداد قد يعرقلونها، لذلك القاهرة مضطرة للتعجيل في التطبيع مع طهران.

ترحيب إيراني

وفي يوم زيارة السوداني إلى مصر، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، خلال مؤتمر صحفي عقده في 12 يونيو 2023، إن بلاده ترحب بإعادة العلاقات مع مصر في حال رغبت الأخيرة بذلك.

وقال المتحدث إنه "تم بالفعل الإعلان عن موقف واضح للحكومة والجهاز الدبلوماسي (الإيراني) وقد عرضت القيادة وجهات نظرها خلال الاجتماع مع سلطان عُمان (هيثم بن طارق) وإن العلاقات مع الدول الإسلامية في المنطقة من أولوياتنا".

وتابع: "بالنسبة لمصر، إذا كانت الحكومة المصرية ترغب في استئناف العلاقات مع إيران فإننا نرحب بذلك".

وفي مايو/ أيار 2023، أعلنت الحكومة الإيرانية عن استعدادها لتعزيز العلاقات مع مصر، وفق ما جاء على لسان المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي بهادري جهرمي.

وقال جهرمي، إن طهران  مستعدة لتطوير العلاقات مع مصر، وإن رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي أوعز لوزارة الخارجية باتخاذ الإجراءات اللازمة.

وكان المرشد الإيراني علي خامنئي قد رحَّب، خلال لقاء مع سلطان عُمان هيثم بن طارق، بالوساطة العمانية لعودة العلاقات بين طهران والقاهرة، قائلا: "نرحب بهذا الموقف وليس لدينا مشكلة في هذا الصدد".

والتقى سلطان عُمان، في 29 مايو 2023 المرشد الإيراني الأعلى، إذ ذكر الموقع الإعلامي للأخير أن الأول نقل رغبة مصر في استئناف العلاقات مع إيران، ليعلّق خامنئي بالقول: "إننا نرحب بهذا الموقف، وليست لدينا مشكلة في ذلك".

وتعليقاً على تعبير السلطان العماني عن سعادته باستئناف العلاقات بين طهران والرياض، قال خامنئي إن "هذه المواضيع هي نتيجة السياسة الجيدة لحكومة السيد (إبراهيم) رئيسي لتوسيع وتعزيز العلاقات مع الجيران ودول المنطقة".

وأعرب خامنئي عن أمله في تنامي العلاقات بين الدول الإسلامية، لـ"تستعيد الأمة الإسلامية عظمتها، ويعود تضافر الفرص والطاقات والإمكانيات في الدول الإسلامية بالنفع على الشعوب والدول والحكومات الإسلامية".

وللمرة الأولى منذ تسلمه الحكم في بلاده، قبل أكثر من 3 أعوام، زار سلطان عمان هيثم بن طارق، القاهرة في 21 مايو 2023، وأجرى على مدار يومين مباحثات رسميّة حضرها مسؤولون من الجانبين، تلتها جلسة مباحثات ثنائية مُغلقة بينه وبين السيسي.

ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن سلطان عُمان، حمل معه رسالة خاصة من نظام السيسي إلى طهران، بشأن العلاقات الثنائية، وهو ما يؤشر إلى أن الجليد المتراكم على مدار 44 عاما في العلاقات الإيرانية المصرية آخذ في الذوبان.

دور محوري

وكشفت شخصيات إيرانية وأخرى مصرية عن دور محوري عراقي لإعادة تطبيع العلاقة بين طهران والقاهرة، إذ تحقق أول لقاء بين مسؤولي البلدين في بغداد خلال أبريل 2023.

وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) فداحسين مالكي، خلال تصريح لوكالة تسنيم الإيرانية في 14 مايو 2023 إن "العراق احتضن مفاوضات إيرانية – مصرية".

وأوضح مالكي أن "المفاوضات بين إيران ومصر جارية في العراق، وستستعاد العلاقات الإيرانية المصرية في المستقبل القريب، وسنشهد افتتاح سفارتي البلدين، وبعد هذا الإجراء، سيتم التحضير للقاء رئاسي".

وأشار البرلماني الإيراني إلى أنه "من المهم جدا إعادة العلاقات بين إيران ومصر، لأن الأخيرة من أقدم الدول المتحضرة في المنطقة والعالم، لذلك فإن مكانتها كبيرة ومهمة للغاية مقارنة بالدول الأخرى".

وقبل ذلك، قال الرئيس التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية، عزت سعد إنّ "العراق قد يلعب دورا محوريا في فتح باب المشاورات بين مصر وإيران، خصوصا أن القاهرة منفتحة دائما على العلاقات مع جميع الدول".

وأضاف سعد، خلال تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية، في 26 ديسمبر/كانون الأول 2022 أنّ "العلاقات بين مصر وإيران ليست طبيعية، نظرا لأن هناك عددا من الملفات التي تقف عائقاً في طريق تطبيعها".

لكن الوساطة العراقية التي يجري الحديث عنها بعد مؤتمر بغداد 2 في الأردن (في 20 ديسمبر 2022)، قد تفتح الباب لبداية المشاورات، وفق تقديره.

وحول ما إذا كانت بغداد تريد القيام بالدور نفسه الذي مارسته لتقريب وجهات النظر بين طهران والرياض، قال سعد: "من الممكن أن يلعب العراق الدور نفسه كما حدث مع السعودية".

ولفت إلى أنّ "التجربة العراقية يمكن الاستفادة منها، وبغداد مؤهلة بحكم علاقاتها الخاصة بإيران بأن تؤدي دور الوساطة في تقريب وجهات النظر بين القاهرة وطهران، مشيرا إلى "تطورات إيجابية كبيرة لا يمكن تجاهلها في العلاقات العراقية- المصرية".

وكان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، قد أبدى ترحيبه بمقترح لمحمد شياع السوداني، لبدء حوار مع مصر بوساطة عراقية لتحسين العلاقات معها.

وقال عبد اللهيان إنّ "السوداني اقترح خلال لقائي معه على هامش مؤتمر بغداد 2 في الأردن، بدء محادثات مع مصر لتعزيز العلاقات بين طهران والقاهرة".

وتابع: "سنواصل متابعة هذا الموضوع تماشيا مع دور العراق الإقليمي للمساعدة في تعزيز الحوار والتعاون".