مطالب فرنسية بتعديل اتفاق الهجرة مع الجزائر.. ما علاقتها بزيارة تبون؟
استعرض موقع فرنسي مشروع قانون قدمه حزب "الجمهوريون" في الجمعية الوطنية (البرلمان)، يهدف لتعديل أو إلغاء اتفاقية الهجرة الفرنسية-الجزائرية من جانب واحد.
وحسب موقع "TV5 Monde" الفرنسي، فقد كان رئيس الوزراء الفرنسي السابق، إدوار فيليب، أول من دعا إلى إعادة النظر في هذه الاتفاقية.
وقال فيليب، الذي خدم خلال الفترة الأولى للرئيس إيمانويل ماكرون، في حوار له مع مجلة "ليكسبريس" الفرنسية: "بالطبع هناك علاقات تاريخية قوية جدا مع الجزائر، لكن الحفاظ على مثل هذه الترتيبات اليوم مع بلد نقيم معه علاقات معقدة لم يعد مبررا".
وأكد على هذا المطلب أيضا، رئيس مجلس الشيوخ، جيرار لارشي، حيث قال: "بعد 55 عاما، تغيرت الظروف، لذا أعتقد أنه يجب إعادة النظر في هذه الاتفاقية"، مشددا على أنها تفرض "تمييزا" بين الجزائر وباقي الدول.
أزمة دبلوماسية
وفي السياق ذاته، انتقد السفير الفرنسي السابق لدى الجزائر، كزافييه درينكور، الاتفاقية، معتبرا أنها "لا تفي" باحتياجات بلاده، حيث طالب بإعادة النظر فيها "حتى لو أدى هذا إلى أزمة دبلوماسية".
ففي مقابلة له مع مجلة "لو بوان" الفرنسية، في مايو/ أيار 2023، أشار درينكور إلى أن بنود الاتفاقية "باهظة" على فرنسا.
وزعم أن هذه الاتفاقية "وضعت المهاجرين الجزائريين في خانة مميزة مقارنة بنظرائهم من جنسيات أخرى، وكأن قوانين الهجرة لا تنطبق عليهم".
كذلك، طالب رئيس حزب "الجمهوريون" اليميني، إيريك سيوتي، بمراجعة الاتفاقية، مبديا استغرابه من "منح امتيازات للجزائريين الذين يقومون بشتمنا كل يوم"، وفق وصفه.
كما سبق أن تحدث ماكرون، خلال زيارته الأخيرة للجزائر في أغسطس/ آب 2022، حول الأمر مع المسؤولين الجزائريين، مطالبا بضرورة الاشتغال عليه وإيجاد حلول له.
وأوضح الموقع أن "اتفاق الهجرة الذي تم توقيعه عام 1968، يمنح الجزائريين وضعا خاصا، حيث ينظم شروط تنقلهم وإقامتهم والعمل في فرنسا".
وأضاف أن "هذا الاتفاق يتعرض حاليا لانتقادات من قبل عدة مسؤولين سياسيين فرنسيين، خاصة في جانب اليمين، حيث يرون أن هذا الاستثناء غير ملائم في الوقت الحالي ولا يتناسب مع الوقائع الجديدة".
وأورد الموقع الفرنسي أنه في مايو/ أيار 2023، قامت مؤسسة "فوندابول"، وهي مجموعة بحثية تنتمي إلى الاتجاه السياسي اليميني، بإدانة هذه الاتفاقية، واصفة إياها بأنها "معيبة".
ورأت المؤسسة الفرنسية أن "هذه الاتفاقية تمنع باريس من اتخاذ إجراءات فعالة في مواجهة تدفقات الهجرة من الجزائر".
وأفادت بأن "وضع فرنسا بات أكثر تدهورا بسبب عدم التزام الجزائر، خاصة فيما يتعلق بتسليم تصاريح العبور القنصلية، التي تسمح بتنفيذ عمليات ترحيل مواطنيها الذين رُفضت إقامتهم على الأراضي الفرنسية".
وتابعت المؤسسة أنه "من غير الممكن إيجاد سياسة هجرة متماسكة، دون إلغاء الاتفاقية الفرنسية-الجزائرية"، التي لم تثر الجدل العام منذ عقد من الزمان، وفق التقرير.
وحسب موقع "TV5 Monde"، فقد وُقعت هذه الاتفاقية بعد ست سنوات من انتهاء حرب الجزائر (1954-1962)، حيث "جاءت في وقت تحتاج فيه فرنسا إلى يد العون لدعم اقتصادها، لكنها تنص على إنشاء نظام هجرة يعود بالفائدة بشكل كبير على الجزائريين".
وتم إجراء ثلاث مراجعات للاتفاقية خلال 1985 و1994 و2001، وأدت هذه المراجعات إلى إضافة ثلاثة تعديلات، ولكن تم الاحتفاظ بالمبادئ الرئيسة للنص.
وأضاف الموقع أنه "بفضل هذه الاتفاقية، يمكن للجزائريين الاستقرار بحرية في فرنسا، ومزاولة نشاط تجاري أو مهنة حرة، كما يتمكنون من الحصول على تصريح إقامة صالح لمدة 10 سنوات بشكل أسرع من المهاجرين القادمين من الدول الأخرى".
وفي سياق لم شمل الأسرة، يحق لأفراد الأسرة الحصول على إقامة لمدة 10 سنوات عند وصولهم فرنسا، إذا كان المواطن الجزائري الذي يسافرون له يحمل هذه الإقامة، وفق التقرير.
وأردف أنه "يمكن للجزائريين أيضا التقدم بطلب للحصول على إقامة لمدة 10 سنوات بعد ثلاث سنوات من الإقامة في فرنسا، مقارنة بخمس سنوات للجنسيات الأخرى".
إفساد زيارة تبون
وأشار الموقع إلى أنه في المرسوم التنفيذي الصادر في 18 مارس/ آذار 1969، فقد تم تبرير هذه الاتفاقية بالنسبة لفرنسا بـ"ضرورة الحفاظ على تدفق منتظم للعمالة"، الأمر الذي كان ينظمه في ذلك الوقت "المكتب الوطني للقوى العاملة" في فرنسا.
وتابع: "هذا فضلا عن حجم الهجرة الجزائرية التقليدية إلى فرنسا، ولذلك حتى اليوم، يشكل الجزائريون أكبر جالية أجنبية من حيث العدد".
وفقا للاتفاقية، التي تخضع للقانون الدولي وبالتالي فهي "متجاوزة" للقانون الفرنسي، يتم استبعاد الجزائريين من التشريعات العامة المتعلقة بالهجرة.
وبالتالي، فإن الجزائريين ليس لديهم بطاقة إقامة عادية في فرنسا، بل يحصلون على "شهادات الإقامة للجزائريين"، حسب التقرير.
ووفقا للإحصاءات الرسمية، فقد تم تسليم حوالي 600 ألف إقامة من هذا النوع في عام 2022 فقط، وفق التقرير.
وأوضح أنه "في مشروعها لقانون الهجرة -الذي تم تأجيله حاليا- أكدت الحكومة الفرنسية الحالية على أن أحكام هذا القانون لا تشمل المواطنين الجزائريين الذين يُحكم وضعهم حصرا بموجب الاتفاقية الفرنسية الجزائرية".
ومع ذلك، وبما أن وضعهم يُنظّم بواسطة هذه الاتفاقية وحدها، فإن المواطنين الجزائريين ليس لهم الحق في الاستفادة من أنواع إقامات أخرى أُطلقت حديثا.
ويشمل ذلك "جواز سفر موهبة"، الذي يسهل استقرار الأجانب العاملين بالأجر أو بغير أجر، من الذين يرغبون في المساهمة في الاقتصاد الفرنسي، وبرنامج تنقل الطلاب، وفق التقرير.
وأضاف الموقع الفرنسي أنه "في المقابل، يعاني الطلاب الجزائريون، من تلك القضية، حيث لا يمكنهم العمل، إلا بعد التقدم بطلب للحصول على تصريح مؤقت".
وأردف: "ويتم تعيين حدود هذا العمل بنسبة 50 بالمئة من العمل السنوي في القطاع المعني، بينما يصل الحد للجنسيات الأخرى إلى 60 بالمئة".
من جانبه، يعتقد موقع "ألجيري مينتونان" أنه "يبدو أن اليمين في فرنسا يلعب بكل أوراقه لإفساد زيارة الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إلى باريس، المتوقع إجراؤها خلال يونيو/ حزيران 2023".
وبعد انتشار الجدل حول الاتفاقية، التقى سفير الجزائر في باريس، سعيد مويسي، رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لارشيه، وفق ما جاء في الحساب الرسمي للسفارة على "تويتر".