"قوات سرية".. موقع فرنسي يرصد قدرات حزب الله" اللبناني وترسانته العسكرية
تناول موقع "ميديل إيست آي" البريطاني، استعراض حزب الله اللبناني لترسانته القتالية السرية، في دعوة خاصة وجهها الحزب للصحافة لزيارة أحد مراكزه التدريبية في جنوب لبنان.
ورصد الموقع بنسخته الفرنسية -من داخل المعسكر- الأسلحة التي بحوزة الحزب وأنواعها، ومنها الطائرات المسيرة، والصواريخ المضادة للطائرات، وغيرها.
وعلى مدى العقدين الماضيين، صعدت هذه المجموعة الشيعية المدعومة من إيران لتصبح أكثر الجهات الفاعلة غير الحكومية تسليحا في العالم، وفقا لتقرير صادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (أميركي).
وخلال تدريبات عسكرية استمرت ساعتين في قرية عرمتى في قضاء "جزين" بلبنان، عرض التنظيم في 21 مايو/أيار 2023، مجموعة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة.
وشارك نحو 200 من عناصر الحزب في المناورة التي أجريت على مسافة نحو 20 كلم شمال الحدود مع فلسطين المحتلة، وذلك لمناسبة حلول ذكرى انسحاب الدولة العبرية من جنوب لبنان في 25 مايو 2000.
كما جرى نشر عدد كبير من الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات وأنظمة الدفاع الجوي المحمولة، بالإضافة إلى طائرات مسيرة مسلحة وغير مسلحة.
وقال رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله في لبنان، هاشم صفي الدين، إن "هذا العرض يظل متواضعا، إذا ما أخذنا في الحسبان استمرار إخفاء العديد من أسلحة الجماعة الأكثر تدميرا عن الأنظار".
وأفاد الموقع بأن حزب الله كان هو الفصيل اللبناني الوحيد الذي سُمح له بالاحتفاظ بسلاحه بعد انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990)، من أجل محاربة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، الذي انتهى بانسحاب القوات الإسرائيلية عام 2000.
تطور عسكري
وقال الباحث اللبناني المتخصص في الحركات السياسية الإسلامية، صهيب جوار، لموقع ميديل إيست آي: "منذ عام 2006، حين خاض حزب الله مع إسرائيل جولة من القتال استمرت 34 يوما، تطورت ترسانة الحزب العسكرية سريعا".
وأضاف جوار: "يقدر الآن أن لدى الحزب مخزونا يبلغ 130 ألف صاروخ وقذيفة، وحوالي 20 ألف مقاتل نشط، بالإضافة إلى 20 ألف جندي احتياطي تحت قيادته".
كما يمتلك حزب الله شبكة واسعة تنقل الأسلحة إلى سوريا ولبنان، بشكل أساسي عن طريق القوافل الجوية والبرية عبر العراق.
وحسب الموقع، فإنه "في حين أن مقاتليه وأسلحته يشكلون أداة ردع ضد التدخل العسكري الإسرائيلي في لبنان، فإن حزب الله يدعم أيضا أجندة إيران الإقليمية، وقد لعب دورا في الصراعات في سوريا والعراق واليمن".
وشدد الباحث اللبناني على أن حزب الله "أصبح أقوى من أي تجمع عسكري آخر في لبنان".
وأوضح التقرير أن قوة حزب الله تنبع من ثلاثة مصادر: معتقداته الدينية، وهدفه المعلن في الدفاع عن لبنان ضد إسرائيل، والدعم المالي الهائل الذي يتلقاه من إيران.
وكشف حزب الله النقاب عن بندقيتين محمولتين مضادتين للطائرات بدون طيار في المعرض الذي أقامه أواخر مايو 2023، لكن طرازهما غير معروف بعد.
وقال التقرير، إن "الأسلحة المضادة للطائرات المسيرة أصبحت أساسية مع انتشار الطائرات بدون طيار صغيرة الحجم في الحروب الحديثة".
وتابع: "يمكن لهذه الأسلحة أن تعطل الطائرات المسيرة الصغيرة، التي لا تستطيع أنظمة الدفاع الجوي التقليدية اكتشافها وتعطيلها دون التسبب في أضرار مادية، مما يسمح باستعادة المعلومات الاستخباراتية".
ويجري تطوير مجموعة واسعة من الأسلحة المضادة للطائرات بدون طيار من قبل الدول والشركات التجارية، وبعضها يُصنّع محليا ويُباع على الإنترنت، وفقا لشركة خدمات أبحاث التسلح "ARES"، التي ساعدت الموقع في التعرف على الأسلحة المذكورة في هذا التقرير.
وأردف الموقع: "يمكن للطائرات المسيرة، رخيصة التكلفة وعالية الكفاءة، أن توفر فوائد هائلة للجهات الفاعلة غير الحكومية، مثل حزب الله، الذي كشف خلال عام 2022 عن أنه تمكن من صناعة طائرات عسكرية مسيرة في لبنان".
كما عرض الحزب طائرات "الأوكتوكوبتر" الثقيلة، والتي اسُتخدمت أيضا في أوكرانيا وسوريا والعراق، حسب التقرير.
وأفاد الموقع بأن هذه الذخائر يمكنها التحليق فوق مواقع العدو، وتوجيه ضرباتها بدقة فائقة، كما يمكن استخدامها لمهام المراقبة والاستخبارات.
وأشار أنه في عام 2022، خلال مفاوضات الحدود البحرية المتوترة بين لبنان وإسرائيل، اعترض الجيش الإسرائيلي ثلاث طائرات مسيرة غير مسلحة أطلقها حزب الله، كانت متجهة إلى حقل غاز بحري في مياه البحر الأبيض المتوسط المتنازع عليها.
ووفقا لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، تتكون الترسانة الصاروخية لحزب الله بشكل أساسي من صواريخ مدفعية صغيرة غير موجهة ومحمولة باليد، والتي على الرغم من ضعف دقتها، فهي تعد "أسلحة فعالة" بسبب "عددها الهائل".
أسلحة سرية
كما يلاحظ الباحث في المركز الأميركي، شان شيخ، أنه لم يجر الكشف عن بعض نماذج الصواريخ الباليستية الأكثر تدميرا التي يمتلكها حزب الله.
وأشار الباحث إلى وجود صواريخ فتح -110 الإيرانية وصواريخ سكود السوفيتية، والتي يتراوح مداها بين 250 و300 كيلومترا و300-550 كيلومترا على التوالي، وهي من بين الأسلحة بعيدة المدى في ترسانة حزب الله.
وأضاف التقرير أن "صواريخ سكود يمكنها إصابة أهداف إسرائيلية من الأراضي الخاضعة لسيطرة الحزب في شمال لبنان".
وتابع شيخ: "بينما أشار زعيم حزب الله، حسن نصر الله، والجيش الإسرائيلي علنا إلى المصانع الموجودة في لبنان التي تُصنّع فيها، إلا أن هذه الصواريخ لم تكن قد استُخدمت أو اختُبرت بعد للتأكد من أن الحزب يمتلكها".
وهدد رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله صفي الدين، خلال عرض الأسلحة، باستخدام ذخائر موجهة بدقة، قائلا: إنه في حال وقوع عدوان إسرائيلي فإن الصواريخ "ستمطر" على الدولة اليهودية.
وأفاد التقرير أن حزب الله يمتلك صواريخ "كورنيت"، وتحتوي على رأس حربي متفجر قادر على اختراق دروع بسمك 1000 إلى 1300 ملم، ويُعتقد أن سوريا هي التي زودت الحزب بها في أوائل ومنتصف العقد الأول من القرن الحالي.
كما عرض الحزب صاروخ "طوفان" الإيراني، وهو نسخة هندسية عكسية من الصاروخ الأميركي طراز "BGM-71 TOW".
ويعد هذا الصاروخ العمود الفقري للصواريخ الإيرانية المضادة للدبابات، ويصل مداه إلى 3750 مترا، ويحمل رأسا متفجرا يبلغ 3.6 كيلوغرام، ويمكنه اختراق الدروع التي يبلغ سمكها حوالي 550 ملم.
وحسب التقرير، فإن إيران أيضا هي من زودت حزب الله بهذا الصاروخ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وأضاف أنه "غالبا ما كان يُستخدم ضد دبابات ميركافا الإسرائيلية والمركبات العسكرية الأخرى، خلال حرب 2006، كما استخدمه مقاتلو حزب الله ضد تنظيم الدولة في سوريا".
وجرى عرض عدة إصدارات من قاذفات صواريخ متعددة محلية الصنع (LRM)، رُكّبت على شاحنات مدنية، بما في ذلك قاذفات MBRL، عيار 122 ملم و107 ملم.
"وعلى الرغم من أن قاذفة الصواريخ محلية الصنع، فمن المحتمل أن تكون الصواريخ نفسها مقدمة من إيران"، حسب التقرير.
كما يمتلك الحزب "RPG-29 Vampir"، وهي قاذفة صواريخ تعود إلى الحقبة السوفيتية، ويبلغ مداها حوالي 500 متر ويمكنها اختراق 1500 ملم من الدروع.
وقد اسُتخدمت القاذفة بالفعل ضد دبابات "ميركافا" الإسرائيلية، ما أدى إلى إصابة أو قتل أفراد الطاقم في بعض الحالات.
"وعلى الرغم من أنه يُعتقد أن إيران تنتج هذا النوع من الصواريخ، فمن المحتمل أن يكون حزب الله قد حصل عليها عبر سوريا، حيث إن خصائصه تشبه إلى حد كبير النموذج السوفيتي"، حسب التقرير.
وقال المحلل اللبناني صهيب جوار، إن هذا العرض كان بمثابة "تحذير" من أي محاولة عسكرية قد يلجأ إليها الإسرائيليون، مضيفا أنه اتخذ "طابعا هجوميا" بالنظر إلى الأسلحة التي عُرضت فيه.
وأردف أن "العرض العسكري جرى أيضا وسط ضغوط إيرانية متزايدة على حزب الله لتأكيد وجوده بشكل أكبر في المنطقة".
وفي اليوم السابق للعرض، حذر سفير إيران في لبنان، مجتبى أماني، من "الوعود الاقتصادية الفارغة" للدول التي "تتخلى عن قدراتها العسكرية".
كما كانت هذه المناورة العسكرية بمثابة تذكير من قبل حزب الله لمؤيديه اللبنانيين بمخزونه من الأسلحة، وتأكيد على رفضه الانخراط في أي عملية ينتج عنها نزع سلاحه.