روسيا حاضرة بقوة في سباق الانتخابات الرئاسية التركية.. ما الأسباب؟

12

طباعة

مشاركة

رأى موقع روسي أن العلاقات بين موسكو وأنقرة أصبحت عاملا مهما في السباق الانتخابي للرئاسة في تركيا، لا سيما أنهما أكبر شريكين في العديد من المجالات مثل التجارة والطاقة والسياحة.

وفي هذا السياق، يسرد موقع "روسيا اليوم" مجالات التعاون بين البلدين، موضحا مستقبل العلاقات بينهما في حال فوز مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو في الجولة الثانية 28 مايو/أيار.

ولم تحسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى التي جرت في 14 مايو، إذ حصل رجب طيب أردوغان الرئيس التركي الحالي ومرشح تحالف الشعب على نسبة 49.5 بالمئة من الأصوات، بينما حصد كليتشدار أوغلو مرشح تحالف الأمة وزعيم حزب الشعب الجمهوري نسبة 44.89 بالمئة.

نهج متوازن

ويعتقد المحللون أنه بالنسبة لكل من أردوغان وخصمه، كمال كليتشدار أوغلو، فإن "العلاقات مع روسيا" هي واحدة من القضايا الرئيسة في السباق الانتخابي.

ويقول الموقع إن "موضوع العلاقات مع روسيا هو أهم علامة على التمركز السياسي في الصراع على الرئاسة، حيث يثير ذكر الجانب الروسي دائما ردود فعل عاطفية من الجمهور التركي". 

ويؤكد الموقع على هذه الحقيقة بأن "العلاقات مع الاتحاد الروسي تضمن استقرار الاقتصاد التركي".

كما أن "الشراكة في المجال العسكري التقني تعزز أمن الجمهورية، والعلاقات المربحة في قطاع الطاقة تسمح لتركيا بالتطور".

في وقت سابق، قال الزعيم التركي إنه "في حال فوزه بالانتخابات، فإنه سيواصل اتباع نفس السياسة تجاه روسيا"، وأوضح أنه "لا ينوي تغيير المسار الاقتصادي للبلاد". 

بالإضافة إلى ذلك، كما يذكر التقرير، تعهد أردوغان بأن أنقرة لن تفرض عقوبات على موسكو على غرار الغرب، لأن الجانب التركي "ليس لديه مشاكل في العلاقات مع روسيا"، بل وصفها بأنها "إيجابية".

وأكد أردوغان على ذلك في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية، حيث قال: "هناك حاجة إلى نهج متوازن بالنسبة لدولة مثل روسيا، وهذا النهج سيحقق نجاحا كبيرا"، مضيفا أن لديه "علاقة خاصة" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. 

ويلفت الموقع إلى أن العالم بأكمله، وليس الشعب التركي فقط، ينتظر نتيجة الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية.

وكما يوضح، تنتظر روسيا هذه النتيجة بشكل خاص، وذلك لأن العلاقات الروسية ستتأثر في حال فاز مرشح المعارضة.

وبهذا الشأن، قال كليتشدار أوغلو، في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إنه "في حال فوزه، ستمتثل البلاد لقرارات الغرب بشأن العقوبات ضد الاتحاد الروسي".

وفي وقت لاحق، صرح مستشار السياسة الخارجية للمرشح، أونال سيفيكوز، أن "كلمات كليتشدار أوغلو وردت بشكل غير صحيح".

مجالات التعاون

وحول مجالات التعاون بين روسيا وتركيا، يشير الموقع الروسي إلى مقابلة أردوغان مع "سي إن إن"، تطرق فيها إلى جوانب محددة من التعاون بين أنقرة وموسكو. 

وعلى وجه الخصوص، قيم الزعيم التركي العلاقات العسكرية الفنية بين الطرفين، مذكرا بشراء نظام الدفاع الجوي "إس 400" من روسيا ولافتا إلى "النهج الخاطئ" للولايات المتحدة تجاه هذه القضية.

كما أشار أردوغان إلى أهمية العلاقات بين أنقرة وموسكو الاتحادية في مجال السياحة، وقيّم بشكل إيجابي حجم التجارة الخارجية مع الجانب الروسي، مؤكدا أن أنقرة وصلت إلى "المستوى المثالي" هنا، وفق "روسيا اليوم".

وفي هذا السياق، يذكر الموقع أن حجم التبادل التجاري بين روسيا الاتحادية وتركيا من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان 2023 زاد بنسبة 7.3 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022.

وبحسب وزارة الخارجية التركية، فإن هذا الرقم مستمر في الارتفاع تدريجيا بعد قفزة حادة عام 2022.

وبذلك، يؤكد موقع روسيا اليوم أن "حجم التبادل التجاري بين موسكو وأنقرة تضاعف تقريبا وفقا لنتائج عام 2022 وتجاوز 68.2 مليار دولار"، مشيرا إلى أن "المستوى الذي جرى تحقيقه هو الأعلى في تاريخ العلاقات الاقتصادية بين البلدين".

ففي تصنيف اتجاهات الاستيراد والتصدير الرئيسة لموسكو، يذكر التقرير أن "أنقرة تمكنت من الصعود إلى المركز الثاني بعد الصين، وفق ما هو مذكور في مواد دائرة الجمارك الفيدرالية في الاتحاد الروسي".

وفي مجال الطاقة، يقول الموقع إن "روسيا تزود تركيا في المقام الأول بالمواد الخام والطاقة، حيث تعد الجمهورية التركية أحد المشترين الرئيسين للغاز الطبيعي الروسي". 

وحتى عام 2022، يذكر موقع روسيا اليوم أن "تركيا كانت واحدة من أكبر خمسة مستوردين لهذا الوقود".

أما اليوم، وبعد خفض الإمدادات من موسكو إلى أوروبا، "أصبحت أنقرة على الأرجح أكبر مستهلك لخطوط الأنابيب لدى روسيا".

وبحسب هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية، اشترت أنقرة عام 2022 حوالي 21.6 مليار متر مكعب من الغاز من روسيا.

يمثل هذا حوالي 40 بالمئة من إجمالي المعروض من هذا الوقود، وفقا لـ"روسيا اليوم".

شراكة قوية

وبالعودة إلى الوقت الحالي، يشير الموقع إلى "تلقي أنقرة الغاز الروسي عبر خطي أنابيب التيار التركي والتيار الأزرق، اللذين يمتدان على طول قاع البحر الأسود". 

وفي الوقت نفسه، تعمل موسكو على فكرة بناء طرق سريعة إضافية كجزء من مبادرة لإنشاء أكبر مركز توزيع للغاز في أوروبا في تركيا. 

واتفق فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان على فكرة إنشاء مركز وقود كهذا في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، كما ذكر التقرير.

إلى جانب ذلك، يؤكد أن "أنقرة كانت ولا تزال واحدة من المستهلكين الرئيسين للمنتجات الزراعية الروسية".

وفي الوقت نفسه، تعد روسيا أهم مورد للمنتجات الغذائية لسوق الجمهورية التركية، كما جاء في دراسة أجراها المركز الفيدرالي التابع لوزارة الزراعة في الاتحاد الروسي.

وأشار معدو التقرير إلى أنه "في العام 2022، جرى استيراد 12.6 مليون طن من المنتجات بقيمة 4.3 مليارات دولار من روسيا إلى تركيا، وكانت السلع الأساسية هي القمح وزيت عباد الشمس والشعير والذرة".

وعلى خلفية الزيادة الملحوظة في التجارة، يقول الموقع الروسي إن "موسكو وأنقرة توصلتا إلى توافق حول مسألة التسويات المتبادلة بالعملات الوطنية".

وأشار إلى أنه بدأت بالفعل التجارة الجزئية في الروبل والليرة بين البلدين، وفق ما صرح به سابقا وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز.

وبأخذ الجانب السياحي في الحسبان، وفقا لاتحاد منظمي الرحلات السياحية في روسيا، تبين الصحيفة أن تركيا في الوقت الحالي هي الوجهة الأجنبية الأكثر شعبية للسياح الروس. 

وفقا للمحللين السياسيين، تعد تركيا وروسيا من أقوى الشركاء "من جميع النواحي".

ويقول الموقع إن "هذا لا يتضح فقط من خلال العلاقات القوية بين البلدين في عدد من المجالات، ولكن أيضا من خلال معدل النمو غير المسبوق لهذا التعاون"، كما تظهر البيانات الرسمية للدولتين. 

بالإضافة إلى ذلك، تعزو "روسيا اليوم" هذه الشراكة القوية إلى "إيجاد موسكو وأنقرة دائما لغة وأرضية مشتركة، على الرغم من كل التناقضات والاختلافات القائمة في مصالح البلدين على المسار السياسي".

ووفقا للسياسيين، فإن التعاون الناجح والمفيد للطرفين بين روسيا وتركيا يرجع إلى حد كبير إلى العلاقة الوثيقة بين بوتين وأردوغان.

وعلاة على ذلك، في المجتمع التركي، ولا سيما دوائر الأعمال، تلفت الصحيفة إلى المستوى العالي من الدعم لمسار أنقرة في توسيع العلاقات مع موسكو.