بعد إلغاء الدعم الحكومي.. ما فرص نجاح رئيس نيجيريا الجديد في حل أزمة الطاقة؟

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع ألماني الضوء على قرار الرئيس النيجيري الجديد، بولا أحمد تينوبو، إلغاء الدعم الذي تقدمه الدولة على الوقود، وهو ما أسفر عن احتجاجات وقلق شعبي.

وأوضح موقع "دويتشه فيله" أن "قرار الرئيس يُعزى إلى رغبته في حل إشكالية أمن الطاقة التي تعاني منها بلاده، رغم أنها أكبر منتج للنفط والغاز في إفريقيا". 

واستدرك: "لكن نيجيريا تعتمد بشكل كامل تقريبا على الواردات باهظة الثمن لتلبية احتياجاتها من الوقود".

وناقش "دويتشه فيله" الفرص والمسارات التي تلوح أمام الرئيس الجديد، للتنويع من مصادر الدخل وزيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي من الطاقة، بدلا من الاستيراد.

تزايد الفقر

وأوضح الموقع حقيقة أن "نيجيريا تستورد البنزين باهظ الثمن رغم أنها أكبر منتج للنفط في إفريقيا".  

ولهذا، أعلن الرئيس الجديد تينوبو وقف دعم الوقود، في محاولة منه للحد من هذا الوضع.

وبحسب الموقع، أثار الرئيس الجديد احتجاجات بمجرد توليه منصبه، بعد اندفاعه معلنا على الفور إنهاء دعم الوقود الذي أبقى أسعار المنتجات البترولية منخفضة لسنوات. 

وذكر أن "العديد من النيجيريين يشعرون بقلق متزايد بشأن سبل عيشهم، رغم أن البلد الذي يبلغ عدد سكانه 220 مليون نسمة يمثل ثقلا اقتصاديا في المنطقة".

الجدير بالذكر أن "ولاية لاغوس وحدها تتمتع بإنتاج اقتصادي أكبر من دولة كينيا"، وفق الموقع الألماني.

كما أشار إلى أن "إنتاج نيجيريا محليا ككل أكبر من جميع دول غرب إفريقيا الأخرى مجتمعة".

من ناحية أخرى، قال "دويتشه فيله" إن "الآلية الاقتصادية لنيجيريا مدفوعة بالنفط الموجود في رواسب ضخمة في دلتا النيجر".

ولكن رغم هذه الثروة، أكد الموقع أن "الأداء الاقتصادي سيء، حيث أصبح النمو الاقتصادي أقل من النمو السكاني، مما دفع الخبراء للتحذير من زيادة الفقر والاضطرابات الاجتماعية".

بالإضافة إلى ذلك، رأى أن نيجيريا "فشلت في الاستفادة من طفرة أسعار النفط العالمية عام 2022". 

فوفقا للاقتصادي النيجيري، أفولابي أولووكيري، انخفضت حصة قطاع النفط من الإيرادات الحكومية من 47 بالمئة عام 2017 إلى 7.4 بالمئة فقط في النصف الأول من عام 2022. 

كما انخفضت حصة قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي لنيجيريا إلى النصف تقريبا منذ عام 2010، من أكثر من 13 بالمئة إلى ما يقرب من 6 بالمئة فقط، بحسب الموقع.

وقال إن "المشكلة الأساسية لنيجيريا تتمثل في أنها تعتمد بالكامل على الواردات باهظة الثمن لتلبية احتياجاتها من الوقود، رغم كونها أكبر منتج للنفط والغاز في إفريقيا". 

وذكر أنه "يوجد في نيجيريا أربع مصاف مملوكة للدولة، لكن سوء الإدارة جعلها معطلة". 

انكماش الاحتياطيات

ولتخفيف العواقب الاجتماعية، أوضح الموقع الألماني أن "الحكومات قبل تينوبو لجأت إلى ضخ مليارات الدولارات في دعم الوقود كل عام".

وفي حديث له مع "دويتشه فيله"، قال الخبير الاقتصادي في مجال الطاقة، أندرو أوكودو، إنه "للنجاح في الخروج من هذه الأزمة، من المهم أن يحصل تينوبو على دعم جميع الشركات القوية في قطاع النفط وتحقيق التواصل معها بشكل فعال".

وفي وقت مبكر من عام 2018، ذكر الموقع أن "صندوق النقد الدولي ناشد نيجيريا للحد من ديونها المتزايدة وتنويع الاقتصاد من أجل تجنب حدوث أزمة". 

لكن لم يساعد هذا كثيرا، ففي المقابل، أشار الموقع إلى انخفاض الإنتاج اليومي البالغ 1.8 مليون برميل يوميا قبل جائحة كورونا إلى حوالي مليون برميل.

وفي غضون ذلك، انخفض سعر النفط مرة أخرى، فبعد أن بلغت القيمة القياسية للبرميل الواحد حوالي 130 دولارا في ربيع عام 2022، أصبح البرميل بحوالي 80 دولارا في الوقت الحالي.

وبشأن احتياطيات النقد الأجنبي، حذر خبراء ماليون دوليون من أنه "إذا كان الحد البالغ 30 مليار دولار أقل من الحد المسموح به، فهناك خطر انخفاض قيمة العملة الوطنية، النيرة".

ومع انخفاض الإيرادات الضريبية، وارتفاع تكاليف دعم الوقود، إلى جانب الانخفاض المتجدد في أسعار النفط وانخفاض إنتاج النفط، لفتت "دويتشه فيله" إلى تزايد معدل التضخم عن 20 بالمئة.

وبإلقاء نظرة على تصنيف "منظمة الشفافية الدولية"، وهي منظمة غير حكومية معنية بالفساد، فإننا "سندرك مدى قوة سيطرة الفساد على النشاط الاقتصادي". 

واحتلت نيجيريا المرتبة 154 من بين 180 دولة شملها الاستطلاع عام 2021، وهو انخفاض كبير بعد أن كانت في المركز 144 عام 2018، بحسب التصنيف.

في الختام، تحدث دويتشه فيله عن مصفاة "دانغوتي" الضخمة، والتي تعد هي منارة الأمل للحكومة، لافتة إلى أنها "أكبر مصفاة نفط في إفريقيا".

وأوضح أن "استثمارات القطاع الخاص تأمل في توفير بديل للمصافي المملوكة للدولة". 

وتبلغ الطاقة الإجمالية للمصافي الأربع الحالية 450 ألف برميل يوميا، بينما من المتوقع أن تبلغ سعة مصفاة "دانغوتي" 650 ألف برميل.

لكن في نفس الوقت، يعتقد الموقع الألماني أن "الزخم الجديد لقطاع النفط وحده لن يكون كافيا، ولطالما طالب الخبراء نيجيريا بالتخلي عن اعتمادها على النفط". 

وأكد على ذلك الخبير الاقتصادي أوكودو في حديثه لـ"دويتشه فيله"، حيث قال: "لسوء الحظ، نوقشت سياسة التنويع لمدة أربعة أو خمسة عقود، لقد تحدثنا عن الثورات الكبيرة، وأردنا تعزيز قطاع التعدين وتطوير الزراعة، لكننا لم نستطع النجاح".