سلطنة عمان تفتح مجالها الجوي للطيران الإسرائيلي.. ماذا بعد؟
في 23 فبراير/شباط 2023، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية فتح سلطنة عمان مجالها الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية للمرة الأولى، على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين الطرفين.
وبصفتها الخطوة الأخيرة نحو تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، وصف وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، هذا التطور بأنه "قرار تاريخي".
وفي هذا السياق، صرح كوهين بأن هذه الخطوة "مهمة جدا للاقتصاد والمواطن الإسرائيلي، حيث إنها جعلت الخطوط الجوية أكثر تنافسية، وقصرت مسافة الرحلة من إسرائيل إلى آسيا".
خطوات تطبيعية
ووفقا لصحيفة "مينا واتش" الألمانية، توجه كوهين بشكره لسلطان عمان هيثم بن طارق آل سعيد، وكذلك التدخل الأميركي على مساعدتهم الكبيرة في اتخاذ هذا القرار.
وتزامنا مع إعلان وزارة الخارجية الإسرائيلية، كتبت هيئة الطيران المدني العمانية في تغريدة على "تويتر": "إنفاذا للمتطلبات الدولية والمحلية بعدم التمييز بين الطائرات المدنية في المعاملة، فإن هيئة الطيران المدني تؤكد بأن أجواء سلطنة عمان مفتوحة أمام جميع الناقلات الجوية التي تستوفي شروط العبور"، لكنها لم تذكر الطيران الإسرائيلي بالاسم.
التزاما ببنود معاهدة شيكاجو 1944 وإنفاذا للمتطلبات الدولية بعدم التمييز بين الطائرات المدنية أمام جميع دول منظمة الطيران المدني الدولي. نؤكد بأن أجواء سلطنة عُمان مفتوحة أمام جميع الناقلات الجوية التي تستوفي شروط عبور الأجواء العُمانية. pic.twitter.com/3z8BsYjvHg
— هيئة الطّيران المدني (@CAAOMN) February 23, 2023
وتنوه الصحيفة الألمانية إلى المناقشات الطويلة للتوصل إلى هذا القرار، وأكدت على ذلك وزارة الخارجية الإسرائيلية.
إذ جاء الإعلان عن القرار بعد شهور من المحادثات بين عمان وإسرائيل، ولا سيما بعد فتح المجال الجوي السعودي أمام التحليقات الجوية الإسرائيلية في يوليو/تموز 2022.
وبالرغم من القرارات الأخيرة، لفتت الصحيفة إلى أن سلطنة عمان والسعودية لم توقعا على اتفاقيات إبراهام، والتي من خلالها عملت إسرائيل، بوساطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، على تطبيع علاقاتها مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان.
وقد صرح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في 26 فبراير 2023، بأنه "يتودد إلى الرياض لإقناعها بالانضمام إلى اتفاقات إبراهام، وهو ما يعني قفزة نوعية نحو السلام في المنطقة".
وأضاف: "إذا تمكنا من تحقيق ذلك، من خلال خطوات التطبيع التدريجي، ستتغير علاقة إسرائيل ببقية العالم العربي تماما".
"الرفض يتضاءل"
وخلال فترة ولايته السابقة، زار نتنياهو سلطنة عمان عام 2018. وبعد لقائه مع السلطان الراحل قابوس بن سعيد، قال مكتبه في ذلك الوقت: "تعد الزيارة خطوة حاسمة في تعزيز العلاقات مع أصحاب المصلحة في المنطقة".
وأضاف: "في المقابل، سنسمح لهم أيضا بالاستفادة من خبرة إسرائيل في مجالات الأمن والتكنولوجيا والاقتصاد".
وتبعا لخطوات التقارب بين إسرائيل والدول العربية، صرح مايكل روبين، وهو باحث بارز في معهد "أميريكان إنتربرايز": "إن فتح المجال الجوي العماني علامة إيجابية على أن الرفض القياسي لإسرائيل بدأ يتضاءل في جميع أنحاء المنطقة".
وأضاف روبين وفق ما نقلت الصحيفة الألمانية: "ولكن مع ذلك، حقيقة أن الإعلان عن هذا القرار جاء وسط تصاعد العنف في الضفة الغربية لا ينبغي أن يؤخذ على أن القضية الفلسطينية اختفت تماما من حسابات الدول العربية في التعامل مع إسرائيل".
وأردف: "من المؤكد أن العديد من الدول العربية تريد المضي قدما في التقارب مع إسرائيل، وعدم السماح للقضية الفلسطينية بأن تجعل تطور العلاقات رهينة".
لكنه يرى كذلك أن هذا "لا يعني أن عمان توقفت عن الاهتمام بالفلسطينيين، أو تنوي التوقف عن الشراكات الدبلوماسية معهم".
تلفت الصحيفة الألمانية إلى لقب "سويسرا الشرق الأوسط"، الذي أُطلق على سلطنة عمان بسبب مواقفها الحيادية النسبية في النزاعات الإقليمية.
وفي هذا السياق، أشارت إلى استعدادات سلطان عمان لزيارة إيران، من أجل إحياء المحادثات النووية.
وفي هذا الصدد، ذكرت وكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية شبه الرسمية أن "سلطان عمان سيحاول التوسط بين إيران والولايات المتحدة"، لتسهيل المراسلات بين مسؤولي الدولتين، والذين لا يتفاوضون بشكل مباشر مع بعضهم بعضا.
وأخيرا، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين: "العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 كانت معلقة، ويعود ذلك إلى موقف إيران السلبي منها".
كما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس بعدها أن العودة إلى الاتفاق "ليست على جدول الأعمال"، لكن الرئيس الأميركي جو بايدن رفض التصريح علنا بأن المحادثات قد انتهت تماما.
وحول موقف بايدن، قال روبن: "بايدن لم يستسلم، لكنه فقط يريد التفاوض بعيدا عن مجال رؤية أولئك الذين يشككون في معنى هذه المحادثات".
وأردف أنه "لطالما أن المبعوث الأميركي الخاص لإيران، روبرت مالي، لا يزال يشغل وظيفته، فإن الجميع في المنطقة سيعتقدون أن بايدن مستعد لفعل كل ما هو ضروري، للحصول على توقيع (المرشد الإيراني الأعلى علي) خامنئي على قطعة من الورق تدعم السلام في عصرنا".