ألمانيا وسويسرا وبلجيكا وهولندا تفتح أبوابها لمنكوبي زلزال تركيا وسوريا.. ما الشروط؟
في خطوة لإغاثة المشردين ومن يحتاجون رعاية طبية عقب الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا، قدمت عدد من الدول الأوروبية تسهيلات لحصول المنكوبين على تأشيرات سفر عاجلة للالتحاق مؤقتا بأقرباءهم هناك.
وسمحت سويسرا وبلجيكا وهولندا وألمانيا، لذوي المنكوبين من الزلزال المقيمين لديها من السوريين والأتراك، أن يستضيفوا مؤقتا أقرباءهم من أجل الحصول على مأوى وعلاج وذلك وفق شروط محددة.
وفي 6 فبراير/ شباط 2022، وقع زلزال بقوة 7.7 درجات، أعقبه آخر بقوة 7.6 درجات، وآلاف الهزات الارتدادية العنيفة، ما أودى بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وخلَّف دمارا ماديا ضخما في تركيا وسوريا.
تسهيلات ألمانيا
وفي 13 فبراير/ شباط 2023، كشف متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، عن شروط جديدة للحصول على تأشيرة لدخول بلاده، من أجل جعل قدوم المتضررين من الزلزال إلى ألمانيا أسرع وأسهل.
وبحسب الشروط، يجب أن يتكفل من يتقدم بطلب لجلب أقاربه من الدرجتين الأولى والثانية توقيع إقرار بالتكفل بمعيشتهم ونفقاتهم في ألمانيا، كما يتوجب على القادمين التوقيع على تعهد بالعودة إلى ديارهم.
من جانبها، قالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر في بيان حكومي بتاريخ 15 فبراير، إن تسهيل التأشيرات هو جزء من الإسعافات الأولية لمنكوبي الزلزال.
وأضافت: "نريد أن نضمن أن العائلات التركية أو السورية في ألمانيا يمكنها إحضار أقاربها من منطقة الكارثة إلى منازلهم دون بيروقراطية".
بدورها قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك: "لقد شكلنا فريق عمل بدأ عمله على الفور مع وزارة الداخلية، لجعل إجراءات التأشيرة غير بيروقراطية قدر الإمكان لأولئك المتضررين من الزلزال".
ويعيش في ألمانيا حوالي 2.9 مليون شخص من أصل تركي، أكثر من نصفهم يحملون الجنسية التركية، ويمثلون أكبر جالية تركية في العالم بهذا البلد الأوروبي.
بينما يعيش حوالي 924 ألف سوري في ألمانيا منذ أن رحبت بهم المستشارة السابقة أنجيلا ميركل خلال ذروة أزمة اللاجئين في عام 2015 بعد فرارهم من بطش نظام الأسد.
وفي هولندا التي لجأ إليها قرابة 51 ألف سوري منذ عام 2013، أكدت وزارة العدل والأمن الهولندية حصول 22 ألفا و820 سوريا ممن يحملون تصاريح الإقامة والعمل على الجنسية الهولندية حتى أبريل/نيسان 2021.
ويحتل الأتراك المرتبة الأولى في قائمة الجاليات الأكبر تواجدا في القارة الأوروبية، إذ يتجاوز عددهم أكثر من 6 ملايين مواطن من إجمالي 15 مليون تركي مهاجر.
إذ يوجد في فرنسا أكثر من مليون تركي، وفي هولندا أكثر من 500 ألف، وفي بلجيكا 280 ألفا، وفي النمسا 250 ألفا.
شروط برلين
وحددت برلين، للأشخاص الراغبين في التقدم للحصول على تأشيرات تقديم الطلبات من خلال شركة الخدمات المعتمدة "iDATA".
وهي المؤسسة الرسمية الوحيدة المعتمدة من قبل وزارة الخارجية الألمانية لتقديم خدمات التأشيرات في أنقرة وإسطنبول وإزمير ومدن أخرى، بهدف تقليص فترة الانتظار للرد.
واعتبارا من 13 فبراير، بدأ أخذ مواعيد طلبات التأشيرة من فروع مراكز قبول التأشيرات في جميع أنحاء تركيا.
إذ أن برلين لم تتنازل عن جميع متطلبات التأشيرة العادية والتي تتضمن تقديم جواز سفر ساري المفعول وهو الأمر الذي يشكل عقبة أمام الأشخاص الذين فقدوا كل ممتلكاتهم ووثائقهم بعد انهيار أبنيتهم.
ومن أجل مساعدة الأشخاص هؤلاء للمساهمة بسفرهم بسرعة إلى أقاربهم تقوم وزارة الخارجية الألمانية بالتنسيق مع السلطات التركية للحصول على مستندات جديدة وهذا الأمر بالنسبة للمواطنين الأتراك.
لكن يجب على المتقدمين للحصول على تأشيرة إثبات أن مكان إقامتهم يقع في منطقة الزلزال وأنهم قد تأثروا بالزلزال، لضمان حصولهم على التأشيرة العاجلة.
ولذلك سيكون هناك مقابلة شخصية مع المتقدمين لهذا الغرض في القنصلية الألمانية.
كما يجب على الأقارب في ألمانيا إثبات أنهم يحملون الجنسية الألمانية أو حق الإقامة الدائم ليتمكنوا من جلب أقاربهم من الدرجة الأولى أو الثانية.
وأقارب الدرجة الأولى هم الوالدان أو الأبناء، والأقارب من الدرجة الثانية هم الأشقاء والأجداد والأحفاد.
كما يجب على أولئك الذين يحضرون أقاربهم إلى ألمانيا تقديم تعهد بدفع جميع التكاليف الناشئة فيما يتعلق بإقامة الضيف، بما في ذلك تكاليف أي علاج طبي.
ويجب إرسال التعهد إلى سلطة الهجرة المحلية.
واستهدفت التسهيلات الألمانية طلبات لم شمل أفراد العائلة التي جرى تقديمها من قبل أصحاب الحماية الفرعية، وهي طلبات لم شمل الزوج/ الزوجة أو الأطفال القصر، أو القصر الذين يريدون لم شمل أهاليهم.
وشملت التسهيلات الألمانية للسوريين عقب الزلزال زيادة المواعيد، وإعطاء الأولوية للأشخاص المتضررين من الزلزال، وإسقاط شرط اللغة للزوج/ الزوجة في حال كان من الصعب تحقيقه.
كما أن برلين اعتمدت إجراء إضافيا بعدم مراجعة الطلبات من قبل شؤون الأجانب بعد معالجتها من السفارات اختصارا للوقت.
وهناك 5 ولايات ألمانية لا تزال فيها برامج استقدام السوريين من الدرجة الأولى والثانية عبر الكفالة صالحة، لكن الشروط تختلف بحسب الولاية.
ولم تحدد أي من وزارتي الداخلية أو الخارجية الألمانيتين عدد الأتراك والسوريين المتضررين من الزلزال الذين يرغبون في القدوم إلى ألمانيا.
وفي عام 2022 قبلت ألمانيا 244 ألف طالب لجوء من دول أخرى، قدم معظمهم من سوريا وأفغانستان وتركيا والعراق.
بالنسبة للأشخاص القادمين من سوريا، فإن الوضع أكثر تعقيدا، إذ يتعين على المتقدمين من سوريا التوجه إلى البعثات الأجنبية المحيطة بسبب إغلاق السفارة الألمانية في دمشق، وهذا يعني أنه يجب عليهم السفر إلى السفارة في بيروت، أو عمّان، أو إسطنبول.
لكن بالنظر إلى الوضع الكارثي للبنية التحتية في سوريا، فهذه ليست مهمة سهلة، لا سيما أن الضرر الأكبر من الزلزال تركز في مناطق المعارضة شمال غربي سوريا، حيث شرد نحو مليون شخص، ودمر بشكل كلي 1123 منزلا، مع وجود 3484 منزلا آخر قابلا للسقوط.
وهؤلاء لا يمكنهم التنقل بسهولة داخليا للوصول إلى بيروت أو الأردن، بسبب حواجز النظام السوري المنتشرة، وأغلب هؤلاء من فئة الشباب والرجال المطلوبين للأجهزة الأمنية.
كما أنه لا يوجد آلية تسمح بدخول هؤلاء إلى تركيا عبر المنافذ الحدودية البرية المعتمدة والتي تديرها المعارضة السورية للتوجه للقنصليات الأوروبية.
سويسرا وبلجيكا وهولندا
بدورها، أعلنت الأمانة السويسرية للهجرة السويسرية، أن طلبات الحصول على التأشيرة المقدمة من ضحايا الزلزال ستعطى الأولوية.
وقالت في بيان إن جميع الضحايا الذين تربطهم روابط عائلية وثيقة في سويسرا سيتمكنون من الحصول على تأشيرة من خلال إجراءات أقل صرامة والانضمام إليهم مؤقتا.
وأوضحت أن أولئك الذين دمرت منازلهم ويريدون الانضمام إلى أفراد أسرهم في سويسرا سيحتاجون إلى حمل جواز سفر، مبينة أن إجراءات منح التأشيرات لضحايا الزلزال ستظل متوافقة مع قانون تأشيرة "شنغن".
وتسمح تأشيرة "شنغن" للحاصل عليها التنقل بين 26 دولة بحرية، وهي دول الاتحاد الأوروبي وأربع دول غير أعضاء هي: "أيسلندا، النرويج، سويسرا، وليشتنشتاين"، وذلك لمدة تبلغ 90 يوما.
وبصرف النظر عن تخفيف قواعد التأشيرة، قررت سويسرا أيضا نشر موظفين إضافيين في تركيا حتى تتمكن قنصليتها من معالجة طلبات التأشيرة في أسرع وقت ممكن.
وأوضحت أنه جرى تقديم أكثر من 600 طلب من القنصلية العامة السويسرية في إسطنبول.
واتخذت بلجيكا نفس القرار أيضا، إذ أعلنت وزارة اللجوء والهجرة البلجيكية أنها أصدرت تعليمات بالفعل إلى مكتب الهجرة لتسريع إجراءات طلب التأشيرة للمواطنين الأتراك والسوريين المتضررين من الزلزال.
وكتبت وزيرة الهجرة واللجوء البلجيكية، نيكول دي مور عبر تويتر: "يرغب العديد من البلجيكيين في مساعدة أقاربهم في تركيا والاعتناء بهم مؤقتا في المنزل. لقد أصدرت تعليمات لمكتب الهجرة بتسريع إجراءات طلب التأشيرة".
تماما مثل البلدين المذكورين أعلاه، أعلنت الحكومة الهولندية أيضا أنها قررت تخفيف قواعد التأشيرة للمواطنين الأتراك والسوريين الذين تضرروا من الزلزال.
وقالت الحكومة في بيان إنها ستعطي الأولوية لمواعيد التأشيرات التي يقوم بها ضحايا الزلزال، مما يسمح لهم بالبقاء مع أقاربهم في البلاد.
وأكدت الخارجية الهولندية، استلام المئات من طلبات التأشيرة في الأيام التسعة الأولى عقب وقوع الكارثة، والتي عادة ما تستغرق أسابيع أو شهورا لمعالجتها.
لكن الوزارة لم تقرر ما إذا كانت ستخفف شروط تأشيرات الإقامة القصيرة، مثل شرط أن يتصرف أحد أفراد الأسرة كضامن لأي تكاليف يجري تكبدها، بما في ذلك النفقات الطبية.
يذكر أن المفوضية الأوروبية ورئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي السويدي ستستضيف مؤتمر المانحين في مارس/آذار 2023 لمساعدة شعبي تركيا وسوريا.
إذ سبق أن عقد مؤتمر مماثل عام 2020 بعد الزلزال الذي ضرب وسط ألبانيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وأسفر عن مقتل 51 شخصا وتشريد الآلاف.
إقامة تجريبية
ويرى الكثير من القانونيين، أن الشروط المقدمة للسوريين المنكوبين من الزلزال ويرغب أقاربهم في جلبهم إليهم إلى دول اللجوء، "تكاد تكون تعجيزية".
وفي هذا الإطار، قالت نهلة عثمان المحامية المختصة في الهجرة واللجوء، لإذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله"، إنه "يجب على الحكومة الألمانية عمل برامج استقبال جديدة لتجاوز حدوث مشاكل مع العدد الكبير الذي سيصل عبر التأشيرات السريعة".
وأضافت عثمان: "للأسف التأشيرات فقط للأتراك، بينما السوريون هي فقط للمتقدمين على لم الشمل ولديهم أقارب من الدرجة الأولى والثانية، وهناك ضرورة لسماح السلطات الألمانية بتسهيلات الزيارة المؤقتة للسوريين".
ومضت تقول: "ينبغي على السلطات الألمانية إعادة النظر بتقديم تسهيلات جديدة للسوريين في مناطق شمال غربي سوريا (مناطق المعارضة) غير القادرين على الوصول لسفارات ألمانيا في دول الجوار".
من خلال عمل تسهيلات من الداخل لصعوبة تأمين هؤلاء جواز سفر سوري ساري المفعول، كما أن شرط أن يكون صاحب الكفالة ألمانيا أو حاصلا على إقامة دائمة ينبغي تغييره، توضح عثمان.
وذهبت المحامية للقول: "يمكن إعطاء السوريين المتضررين من الزلزال إقامة تجريبية في ألمانيا لمدة عام حيث يعيشون فيها ويختبرون أنفسهم في العيش الجديد هناك، ومن يرد منهم العمل يمكن له العمل في مجالات معينة، إذ يمكن لهم تعلم اللغة الألمانية والاندماج في المجتمع".
من جانبه، رأى مانفريد نوفاك، خبير في شؤون اللاجئين، أن "التخوفات من جلب مزيد من اللاجئين إلى ألمانيا غير مبررة وعلينا أن نقنع الناس بأن تقديم المساعدة يفيد اللاجئين ويفيد الدولة الألمانية".
المصادر
- Germany offers temporary visas to Syrians, Turks affected by earthquake
- These EU Countries Have Eased Visa Rules for Türkiye & Syria Earthquake Victims
- Turkish & Syrian Earthquake Victims Face Obstacles Despite Germany Easing Visa Rules, BKMO Says
- Türk ve Suriyeli depremzedeler, acil vizeyle Almanya’ya nasıl gelecek?