بعد فرارهم إليها.. لماذا عاود آلاف اليهود الروس الهجرة من إسرائيل؟

قالت قناة عبرية إن 41 بالمئة من مجموع اليهود الروس الذين وصلوا الكيان الإسرائيلي خلال الأشهر الأخيرة، عادوا إلى روسيا بعد حصولهم على الجنسية وجواز السفر، في ظاهرة وصفت بـ"المقلقة والمخيبة للآمال" من وجهة نظر إسرائيلية.
وأظهر تقرير القناة "13" وجود هجرة عكسية في صفوف المهاجرين اليهود من أصول روسية، وذلك بعد وصول عشرات الآلاف منهم منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022.
ويرى معد التقرير الصحفي في القناة، رفيف دروكر، أن "إسرائيل كانت تطمع في استغلال الحرب الروسية على أوكرانيا لإقناع أكبر عدد ممكن من اليهود الروس بترك روسيا واللجوء للكيان خشية تحول النزاع إلى حرب نووية مع الغرب".
واستدرك دروكر: "إلا أن آمال الكيان تبددت مع الكشف عن موجات الهجرة العكسية الكبيرة للغاية".
هجرة سريعة
وبين التقرير أنه "لم يستطلع أحد من موظفي وزارة الاستيعاب والهجرة الإسرائيلية آراء قرابة 35 ألف مهاجر روسي وصلوا الكيان خلال الأشهر الأخيرة، ولم يتم سؤالهم حول طبيعة هجرتهم إليه وأهدافهم، وفيما إن كانوا يعتزمون البقاء في الكيان بعد حصولهم على حقوقهم المدنية".
وقال إن "قانون العودة" الذي أقره الكنيست سابقا يربط الحصول على الجنسية الإسرائيلية بنية طالبها البقاء في الكيان، حيث وصل قرابة 35 ألف مهاجر يهودي منذ ربيع 2022، ليتبين لاحقا أن 14 ألفا و200 منهم حصلوا على الجنسية الإسرائيلية وبعدها عادوا إلى مسقط رأسهم.
وتساءل معد التقرير "هل من الممكن أن أكثر من 14 ألف يهودي كانوا ينوون العيش في إسرائيل وندموا بعدها؟ أو ربما أن أحدا لم يكتشف نواياهم بهذا الخصوص من البداية؟".
ولفت إلى أن "الجهة المسؤولة عن فحص نوايا المهاجرين عبارة عن وكالة حكومية تسمى (نتيف)، وهي مرتبطة بحزب (إسرائيل بيتنا) الذي يتزعمه أفيغدور ليبرمان من ذوي الأصول الروسية".
وذكر دروكر أن "موظفي الوكالة انشغلوا بالترحيب بالمهاجرين وتجاهلوا نواياهم الحقيقية، حيث يسعى كثيرون منهم للحصول على الجنسية الإسرائيلية والاستفادة المالية من خدمات الرفاه والخدمات الطبية دون المغامرة بالعيش في كيان تهدده المخاطر من كل اتجاه".
فيما ضرب التقرير مثالا على سياسة "الباب الدوار" في الهجرة العكسية من الكيان إلى روسيا، حيث حضرت سياسية روسية يهودية تدعى كاسنيا سوبتسيك، وهي إعلامية وسياسية معروفة في روسيا وكان والدها من المقربين للرئيس فلاديمير بوتين.
واستقبلت سوبتسيك في مكاتب وكالة "نتيف" خلال ساعات المساء حتى لا يراها أحد، ودخلت إلى المكاتب وحصلت على الهوية الإسرائيلية، وبعدها مباشرة غادرت عائدة إلى روسيا.
ونقل عن أحد مسؤولي الوكالة السابقين، ويدعى "أنان أخيتوف"، قوله إن "الإعلامية المذكورة لم تكن تنوي البقاء في إسرائيل من الأساس، وتم منحها الهوية وحصلت على جواز السفر وهو سار لمدة 5 سنوات، وذلك رغم أن تعليمات وزارة الداخلية الجديدة تحظر ذلك".
تصدع كبير
أما المثال الثاني فيتمثل في المغنية الروسية الشهيرة، إيلا فوغتشوبا، التي وصلت تل أبيب في 17 أبريل/ نيسان 2022، ورغم إغلاق مكاتب الوكالة بسبب عيد الفصح اليهودي، إلا أنها فتحت بشكل استثنائي، ومن ثم وصل إلى المكان أحد مسؤولي الوكالة ومنحها الهوية وجواز السفر.
وأضاف أخيتوف أن "قانون العودة ينص على أن من ولد لأم يهودية ولم يغير دينه يتم توصيفه بأنه يهودي، وهو ما لم ينطبق على المغنية المذكورة وزوجها".
فرغم أن والدة زوجها، مكسيم غلاكين، كانت يهودية، وهو ما منحهم الحق في الهجرة إلى إسرائيل، إلا أن غلاكين اعتنق لاحقا الديانة المسيحية، وعقد الزوجان قرانهما في الكنيسة، و"بالتالي فلا يمنحهم القانون الحق في التحول للديانة اليهودية والحصول على الجنسية الإسرائيلية"، على حد وصفه.
واستطرد أخيتوف: "لقد رأيتهم وهم يضعون الصليب خلال مراسم الزواج في الكنيسة، وبالتالي لا يحق لهم الحصول على أي حقوق مدنية في إسرائيل".
ونقلت القناة عن مهاجرين يهود من روسيا قولهم إنه "من السهل الحصول على جنسية إسرائيلية والعودة بعدها".
أشاروا إلى "حالة الفوضى التي تعم مكاتب وكالة الهجرة اليهودية"، مؤكدين "وجود تلاعب في منح الجنسيات الإسرائيلية لمن ليسوا يهودا".
ووفقا للبيانات الإسرائيلية الرسمية، فقد وصل إسرائيل، بين مارس/ آذار وأكتوبر/ تشرين الأول 2022، 44 ألفا و182 مهاجرا، منهم 29 ألفا قدموا من روسيا، و14 ألفا من أوكرانيا، إضافة إلى 1500 آخرين من بيلاروسيا.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد وصل تل أبيب من تلك الدول آلاف المواطنين غير يهود تحت بند "اللجوء من الحرب"، ووصل عددهم إلى 12 ألفا و877 أوكرانيا، ولا يزال نصفهم على الأقل في إسرائيل بانتظار انتهاء الحرب.
جدير بالذكر أنه وصل إلى إسرائيل عام 2021، ما مجموعه 9 آلاف و400 مهاجر يهودي من روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا، وذلك مقارنة مع 44 ألفا في 2022.
وفيما يتعلق بأماكن استيعاب اليهود الروس والأوكرانيين، أظهرت بيانات وزارة الهجرة الإسرائيلية أن مدينة حيفا استوعبت النسبة الأكبر من المهاجرين، حيث وصل العدد إلى 8 آلاف، تليها مدينة ريشون لتسيون، جنوبي تل أبيب، التي وصلها 6 آلاف و400، أما مدينة تل أبيب فقد وصلها 6 آلاف مهاجر.
وعلى صعيد توزيع اليهود الروس والأوكران، فقد بينت المعطيات تركيز ما يقرب من 92 بالمئة من يهود روسيا في تل أبيب، مقابل 8 بالمئة من اليهود الأوكرانيين.
وختمت القناة تقريرها بالقول إن "هذا الأمر يدل على أن الحرب الروسية الأوكرانية تتسبب في تصدع كبير في العلاقات الإسرائيلية البينية، حتى بين الجاليات اليهودية ذاتها في الكيان".