أحمد أبو رغيف.. ذراع ضارب للكاظمي انقلب عليه حلفاء إيران بالعراق

"مجرم تعذيب، مُبتز، وشاذ"، ألقاب بدأت تطلقها وسائل إعلام عراقية على الفريق أول، أحمد أبو رغيف، بعد إعفائه من منصب وكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات، وإصدار محكمة محلية قرارا بمنعه من السفر ومصادرة أمواله.

ورغم أن أبو رغيف طالته الكثير من الاتهامات منذ توليه مناصب أمنية عدة بعد عام 2003، إلا أن ما جعله الشخصية الأكثر تداولا في وسائل الإعلام منذ بداية عام 2021، هو خلافه الشديد مع حلفاء إيران في عهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي.

تعذيب المعتقلين

في 8 ديسمبر/كانون الأول 2022، أصدرت محكمة تحقيق الكرخ في بغداد، أمرا بمنع سفر مدير استخبارات الداخلية المقال أبو رغيف ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة له وتقصيها في ثلاث دول (تركيا والإمارات والأردن)، حسبما أعلن البرلماني العراقي، مصطفى سند، على حسابه عبر "تويتر".

وفي السياق ذاته، قال عضو لجنة النزاهة البرلمانية، علي تركي الجمالي، لوكالة "المعلومة" العراقية في 10 ديسمبر، إن "رئيس اللجنة المختصة بقضايا الفساد بعهد الكاظمي أبو رغيف يواجه اتهاما جديدا يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية". 

وقال الجمالي إن "أبو رغيف سيمثل أمام القضاء بناء على دعاوى جديدة تقدم بها عوائل الضحايا"، مشيرا إلى أن "الجرائم التي ارتكبها وكيل الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية المقال أبو رغيف كفيلة وكافية بأن يمتثل أمام القضاء". 

وفي 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أصدر وزير الداخلية، عبد الأمير الشمري، قرارا بإعفاء ثلاث قيادات عليا بوزارة الداخلية، بينهم أبو رغيف.

وتولى أبو رغيف رئاسة اللجنة العليا للتحقيق بقضايا الفساد الكبرى والجرائم الاستثنائية التي شكلها رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي في 27 أغسطس/آب 2020، والتي حلتها المحكمة الاتحادية (أعلى جهة قضائية بالبلد) في مارس/ آذار 2021 بدعوى أنها "غير قانونية".

وأفادت وكالة "بغداد اليوم" (خاصة) بأن "الأموال التي استهدفتها لجنة مكافحة الفساد برئاسة أبو رغيف 8.5 ترليونات دينار عراقي (1 دولار يساوي 1500 دينار)"، لافتة إلى أن "المتهمين بقضايا فساد كانوا رجال أعمال وموظفين بمناصب مختلفة في الدوائر الحكومية، وقد أحيلوا للقضاء".

لكن النائب حسن سالم أوضح خلال مؤتمر صحفي عقده بمبنى البرلمان، في 3 ديسمبر 2022، أن "جميع الأدلة الخاصة بتعذيب السجناء في لجنة تحقيق أبو رغيف جاهزة وقد قدمت إلى القضاء".

وذكر سالم أن "عائلة مدير عام الغذائية في وزارة التجارة قاسم حمود الزيرجاوي توفي بسبب التعذيب، وأن قبيلة الأخير اتجهت إلى قبيلة أبو رغيف لمحاسبته عما فعله بولدها والاقتصاص منه عشائريا".

وفي السياق، قال محمد الساعدي محامي الدفاع عن ثلاثة معتقلين ضمن لجنة أبو رغيف، لوكالة "المعلومة" الخاصة، في 2 سبتمبر إن "الكثير من المعتقلين من اللجنة التي كان يرأسها أبو رغيف أقاموا دعاوى عدة ضد الأخير بتهمة انتزاع اللجنة الاعترافات بالقوة".

ومن ضمن الاتهامات التي وجهت إلى أبو رغيف "الشذوذ الجنسي"، حيث استضافت قناة "الجنوبية" القريبة من الحشد الشعبي في 6 ديسمبر 2022، أحد المحللين السياسيين ويدعى بشير الحجيمي، وتحدث عن مقطع مصور ادعى أنه اطلع عليه "يُظهر أبو رغيف بوضع مخل وهو يمارس الشذوذ في لبنان".

ضابط حقوقي

أحمد طه هاشم أبو رغيف (57 عاما تقريبا) من مواليد مدينة الكوت بمحافظة واسط، خريج كلية الشرطة، وحاصل على شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في القانون، وكان يحمل رتبة رائد حتى الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003.

أعيد إلى الخدمة في سلك الشرطة بعد عام 2003، برتبة رائد، لكنه حصل على ترفيعات بشكل سريع، وأصبح برتبة مقدم في 2005، وبعدها بعام حصل على رتبة عقيد، وفي 2007 على رتبة عميد، وفي 2009 حصل على رتبة لواء، وعام 2011 حصل على رتبة فريق.

لكن أبو رغيف أُحيل إلى التقاعد مطلع ديسمبر 2014، بقرار من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، لكنه أُعيد إلى الخدمة في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 بقرار من رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.

وفي عهد الكاظمي، أصبح أبو رغيف أحد أبرز القادة الأمنيين المقربين منه، حيث رفّعه إلى رتبة فريق أول في 14 يوليو/ تموز 2021.

وخلال وجوده في وزارة الداخلية، تولى أبو رغيف عدة مناصب، منها، معاون مدير شرطة بغداد، ومعاون قائد شرطة بغداد، ومعاون مدير شؤون الداخلية، ومدير شؤون الداخلية، ووكيل مساعد مدير وكالة الاستخبارات، ثم آخرها شغل منصب وكيل الوزير لشؤون الاستخبارات والتحقيقات.

وفي 27 أغسطس/ آب 2020، عيّنه الكاظمي رئيسا للجنة العليا للتحقيق في قضايا الفساد الكبرى والجرائم الاستثنائية، والتي اصطدم خلالها بالعديد من الأحزاب والمليشيات الموالية لإيران.

عدو المليشيات

دخل أبو رغيف حربا إعلامية مع المليشيات الشيعية في مايو/ أيار 2021، وذلك بعدما اعتقلت لجنته القيادي البارز في الحشد الشعبي، قاسم مصلح، بتهمة قصف قاعدة "عين الأسد" العراقية التي توجد فيها قوات أميركية، والتي تقع بمحافظة الأنبار غرب البلاد.

وعدت المليشيات المسلحة هذه الخطوة "مساسا بوجودها"، حيث بدأت الاعتراضات ضد عمل اللجنة والصلاحيات الممنوحة لرئيسها، وجرى اعتقال أكثر من 30 شخصية، بينها أسماء بارزة في عالمي السياسة والأعمال، القريبة والمحسوبة على القوى القريبة من إيران.

كما كان اسم أبو رغيف يتردد أيضا خلال الأيام الأولى من مايو 2021، عندما اندلعت اشتباكات في مدينة البصرة بين مسلحين يعتقد أنهم من مليشيا "عصائب أهل الحق"، وقوة من خلية الصقور التابعة للداخلية ويديرها أبو رغيف، خاصة بعدما اعتقلت القوة مجموعة متهمين بالقتل والسلب، بينهم منتمون لما يعرف بـ"خلية الموت" المتهمة باغتيال ناشطين.

ولهذا فإن اسم أبو رغيف في دائرة الجدل دوما، ليس فقط ضمن الملفات الأمنية، وإنما على مستوى ملفات الفساد التي أصبحت من صلب عمله بعدما عُين رئيسا للجنة العليا لمكافحة الفساد، والتي لا تقل أهمية وخطورة عن توليه منصب وكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات.

وفي فبراير/ شباط 2022، دخل أبو رغيف في أزمة أخرى مع "عصائب أهل الحق" وذلك بعدما اعتقلت لجنته أحد عناصر هذه المليشيا الموالية لإيران، بتهمة التورط في قصف منزل الكاظمي بطائرة مسيرة في نوفمبر 2021.

وحينها، منعت قوة أمنية تابعة إلى لجنة أبو رغيف نقل عائدية المتهم إلى عهدة لجنة قضائية تابعة للحشد الشعبي، فيما اتهمت وسائل إعلام قريبة من المليشيات الشيعية بأن المعتقل مختطف منذ 50 يوما ويتعرض للتعذيب.

واتهمت قناة "الرابعة" العراقية القريبة من "الحشد الشعبي" في 22 فبراير 2022، قوة أمنية حاصرت مبنى محكمة استئناف الكرخ الاتحادية في بغداد، ما دفع المحكمة إلى إصدار مذكرة قبض بحق أبو رغيف.

وزعمت القناة أن "منتسبا بالحشد الشعبي تم (اختطافه) بأوامر من رئيس مجلس الوزراء المنتهية ولايته الكاظمي ووكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية الفريق أول أبو رغيف منذ 50 يوما"، مضيفا أن "المختطف كان يتعرض للتعذيب بحجة أنه متهم بقصف منزل الكاظمي".

وادعت "الرابعة" أن "‏القضاء طالب المدعين بالأدلة بعد أن قالوا إن بصماته كانت على الطائرة"، مشيرة إلى أن "القضاء قال لهم: أين الطائرة؟، وبعدها طالب القضاء المدعين بتقديم الأدلة خلال 24 ساعة، لكن أبو رغيف قام بعدها بمحاصرة مبنى محكمة استئناف الكرخ الاتحادية".