رحلة مفاجئة.. لماذا فتحت روسيا أبوابها لقائد مليشيا عراقية تابعة لإيران؟

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

في خطوة غير مسبوقة، أجرى أكرم الكعبي زعيم "حركة النجباء" إحدى المليشيات الشيعية العراقية المدعومة من إيران زيارة إلى روسيا التقى خلالها مسؤولين كبارا، ما أثار تساؤلات عن دلالة وأبعاد وتوقيت مثل هذه الزيارة.

الكعبي التقى خلال زيارته التي بدأها في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، بنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، والمستشار الخاص للرئيس الروسي،فيتالي نؤومكين، إضافة إلى لقائه بمفتي روسيا، رئيس الجمعية الدينية للمسلمين الروس، ألبير غرغانوف.

لقاءات متعددة

وخلال الزيارة واللقاءات التي أجراها الكعبي مع المسؤولين الروس، شن زعيم المليشيا المولية لإيران هجوما على الولايات المتحدة ووصفها بالمحتلة للأراضي العراقية، وتطرق خلال محادثاته إلى ضرورة إنهاء احتلالها للعراق بقوة السلاح، وكذلك إنهاء الهيمنة الأميركية على العالم.

وقال الكعبي خلال مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" في 28 نوفمبر، إن "الخيار العسكري السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال الأميركي في العراق، لأن الخيار السياسي لا ينفع، والآن المقاومة تعمل على الأرض ضد الاحتلال حتى يخرجوا من العراق".

وتابع: "المقاومة لن تتوقف إلا بعد تحرير العراق بشكل كامل من شماله إلى جنوبه ووجود القوات الأميركية في العراق ما هو إلا احتلال سافر كان ومازال سببا للتخريب وتدمير البلد ونهب ثرواته".

ولفت الكعبي إلى أنه "بعد ضعف الدور الاستخباري الأميركي بسبب انشغالهم بالأزمات العالمية لاحظنا تناميا مريبا للموساد الصهيوني لسد الفراغ التخريبي انطلق من أربيل وبدأ يعمل بنشاطات استخباراتية واضحة في عموم المدن".

وعن زيارته إلى روسيا، قال الكعبي: "تربطنا مع روسيا علاقة قوية وجئنا إلى روسيا للقاء القيادات الدينية والسياسية"، مضيفا أن "عالم أحادي القطب قد انتهى ونشهد الآن عالما متعدد الأقطاب".

وأشار إلى أن "روسيا دولة أساسية من دول محور الخير مثل إيران والصين وغيرها وأضعفت دور أميركا"، لافتا إلى أن "روسيا تحارب أميركا وأوروبا بوجه آخر خلال الحرب مع أوكرانيا، وأن العالم مقبل على أقطاب متعددة بعد تراجع الدور الأميركي في كثير من المناطق".

كما التقى الكعبي المبعوث الخاص للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" إلى الشرق الأوسط وافريقيا، ميخائيل بوغدانوف، وأكد على ضرورة عدم السماح لأميركا ببقاء احتلالها للعراق أرضا وثروات.

وأوضح في هذا اللقاء أن العالم يمرّ اليوم بمنعطف دقيق يؤسس إلى نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ينهي الهيمنة الأميركية المطلقة على العالم، مثنيا على الدور الروسي في العالم عامة وفي منطقة غرب آسيا خاصة.

وقال بيان لمكتب الكعبي في 26 نوفمبر إن زعيم "النجباء" استعرض مع نائب وزير الخارجية، المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط وإفريقيا ميخائيل بوغدانوف، مبادئ "حركة النجباء الجهادية والسياسية" مؤكدا على "ضرورة عدم السماح لأميركا ببقاء احتلالها للعراق أرضا وثروات".

وأضاف الكعبي أن العالم اليوم يمرّ بمنعطف دقيق يؤسس إلى نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ينهي الهيمنة الأميركية المطلقة على العالم؛ مثمنا "الدور الروسي في العالم عامة وفي منطقة غرب آسيا خاصة، فيما أبدى "كل الاستعداد للعمل من أجل أفضل علاقة بين روسيا والعراق".

من جهته، أشاد مبعوث الرئيس الروسي بمليشيا النجباء و"الدور المهم في محاربة الإرهاب في العراق وسوريا"، مؤكدا أن "شعوب المنطقة تطمح للعيش بسلام وسيادة"، فيما شدد على ضرورة توطيد العلاقة مع العراق وتفعيلها على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية كافة.

ومع مفتي روسيا، رئيس الجمعية الدينية للمسلمين الروس، ألبير غرغانوف، بحث الكعبي آخر المستجدات والتحديات الطارئة على المستوى الديني، داعيا إلى "ضرورة تفعيل الجهود لمنع كل مخططات الغرب في العبث بالأديان السماوية".

وأشار زعيم مليشيا النجباء بـ"دور جمهورية روسيا الاتحادية والجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذا المجال"، مؤكدا أن "العراق ساحة مناسبة لتكون ملتقى للجميع".

وفي لقاء آخر، استعرض الكعبي مع مستشار الرئيس الروسي، رئيس معهد الاستشراق في روسيا، فيتالي نؤومكين، الوضع العراقي بمختلف تفاصيله وحيثياته ومشكلاته، فضلا عن رؤيته للحلول المقترحة والتحديات الطارئة التي تواجه البلدين".

وأعلن مكتب الكعبي أن نؤومكين أشاد في هذا اللقاء بدور الحركة، ودعا إلى تطوير العلاقات بين روسيا والعراق وخاصة في المجالات الثقافية والبحثية لأن العراق بلد غني بالحضارات والثقافة".

أبعاد جيوسياسية

وبخصوص أهداف وتوقيت الزيارة، قال حيدر اللامي عضو المجلس السياسي لـ"النجباء" خلال مقابلة تلفزيونية في 29 نوفمبر إنها "تأخذ أبعادا عدة منها ثقافية اقتصادية وسياسية وأمنية، لكن هناك هدفا جيوسياسيا للزيارة".

وأوضح اللامي أن "الهدف الجيوسياسي يأتي في ظل معطيات جديدة قائمة على تغير فواعل النظام الدولي نحو عالم يشارك في قراره السياسي دولا عدة لا دولة واحدة".

وأضاف: "هنا حركة النجباء جزء فاعل ومؤثر من محور المقاومة لا في الداخل العراقي فقط، بل خارجه في سوريا وأماكن أخرى أيضا، لذلك يحتم علينا كحركة أن ندخل في معادلة التوازنات الدولية ضمن محور المقاومة".

وتابع: "عندما نتحدث عن حركة النجباء، فإنه في ظل هذه المعطيات وتغير التوازنات الدولية، فإن هذه المعادلة التي حتمت علينا الدخول فيها، لأسباب عدة منها: الهيمنة والسيطرة والاحتلال الأميركية والقصف المستمر للكيان الصهيوني داخل العراق على قطعات القوات الأمنية وفصائل المقاومة والحشد الشعبي".

من جهته، رأى الباحث في الشأن العراقي إياد الدوري، أن "زيارة الكعبي إلى روسيا الهدف منها عسكري بالدرجة الأساس لا سياسيا، وربما تكون بدعوة من الجانب الروسي، لأن موسكو لم تكن سابقا تقيم لهذه المليشيات الموالية لإيران أي وزن، ولم يحصل لقاء مشابه بينهما".

وتوقع لـ"الاستقلال" أن "الروس بحاجة إلى كل فرد يقاتل إلى جانبهم في الوقت الحالي، فهم  يجنّدون حتى المسلمين السنة مقابل منحهم الجنسية الروسية، وكذلك دفعوا بقوات الاحتياط الروسية إلى جبهات القتال مع أوكرانيا".

وتابع: "لذلك استبعد أن تكون زيارة الكعبي إلى روسيا الهدف منها تلقي الدعم المالي والعسكري لهذه المليشيات أو غيرها، لأن روسيا منشغلة حاليا ولا قدرة لها في الوقت الحالي لإرسال مساعدات عسكرية أو حتى مالية".

وأشار الدوري إلى أن "مليشيا النجباء العراقية حالها حال حزب الله اللبناني، لأنها أيضا تمتلك مصانع للطائرات المسيرة بإشراف إيرانيين في محافظة ديالى وقضاء جرف الصخر الذي تسيطر عليه منذ سنوات المليشيات الموالية لإيران".

وأكد أن "روسيا ربما تكون هي من طلبت الدعم من المليشيات العراقية، كما فعلت مع إيران، فهي بحاجة ماسة إلى مثل هذه الطائرات، والتي عرضت إيران إلى موجة انتقادات غربية وطالها عقوبات نتيجة ذلك".

وأعرب الباحث عن اعتقاده بأن "زيارة للكعبي اللافتة هذه وغير المسبوقة من زعيم مليشيا عراقية، لأن رغم كل ما قدموه في السابق خلال وقوفهم إلى جانب النظام السوري والقتال ضد الشعب السوري، لم يعطهم الروس أي مكانة سواء لديهم أو في سوريا".

دلالات مهمة

وفي السياق ذاته، قال "مركز درع للأبحاث الإستراتيجية" العراقي (أكسر) خلال بيان على "تويتر" في 28 نوفمبر إن هناك "دلالات سياسية وأمنية لزيارة الأمين العام لحركة النجباء إلى موسكو".

وأوضح أن "استقبال شخصية حكومية روسية لزعيم فصيل مسلح مرتبط بإيران يُعبّر عن دخول روسيا على خط اللادولة في العراق بعد أن كان يقتصر التعاون الروسي مع الفصائل المسلحة على النشاط داخل الأراضي السورية خلال الحرب الممتدة منذ عام 2011".

وأضاف المركز أن المسؤولين الروسيين شددوا خلال اللقاء مع الكعبي على "ضرورة توطيد العلاقة مع العراق وتفعيلها على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية كافة، وهذه المسائل ينبغي بحثها مع الخارجية العراقية لا مع زعيم فصيل مسلح، إذ يعكس ذلك تشجيع روسيا على التعامل غير الرسمي مع العراق عبر فواعل اللادولة".

ولفت المركز إلى أن حديث الكعبي عن "عدم السماح ببقاء الاحتلال الأميركي للعراق أرضا وثروات، والاستعداد للعمل من أجل أفضل علاقة بين العراق وروسيا"، من شأنه إحراج الحكومة العراقية التي تعهدت بحصر السلاح بيد الدولة وتقويض الجهود الرامية لتحرير القرار السياسي العراقي من تدخلات الفصائل المسلحة.

وتابع: "ليس على المستوى الداخلي فحسب، إنما على مستوى القرار السياسي الخارجي سواء ما يرتبط بالعلاقة مع التحالف الدولي من جانب، وروسيا من جانب آخر، وهو ما يضع روسيا بقائمة الدول التي تتدخل في الشأن الداخلي العراقي وبشكلٍ رسمي، ما يضاعف الجهود المطلوبة من الدبلوماسية العراقية لحفظ السيادة الوطنية".

وكان لافتا في هذا السياق أنه لم يصدر تعليق فوري على هذه الزيارة من قبل حكومة محمد شياع السوداني العراقية الموالية لإيران.

وتأسست "النجباء" عام 2012 بزعامة رجل الدين الشيعي أكرم الكعبي، الذي كان قياديا في التيار الصدري، قبل أن يستقلَّ بقيادة "النجباء" المتفرعة من مليشيا "عصائب أهل الحق" بقيادة قيس الخزعلي، وكلاهما على قوائم الإرهاب الأميركية.

أما الاسم الرسمي للحركة هو "المقاومة الإسلامية: حركة النجباء"، وتتلقّى دعما كبيرا من إيران لدرجة دفعت بعض وسائل الإعلام لوصفها بأنها "حزب الله العراقي" وشاركت بقوة في القتال إلى جانب رئيس النظام السوري بشار الأسد.

وفي أبريل/ نيسان 2022، نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن مليشيات مسلحة عراقية شكّلت شبكة لتهريب الأسلحة إلى روسيا لمساعدتها خلال حربها في أوكرانيا، وهو الخبر الذي نفته السُلطات العراقية.

وتعليقا على ذلك حينها، سخر القيادي في "النجباء"، حيدر اللامي على "تويتر"، بالقول: "لا يُمكن لعاقل أن يستوعب مثل هذا الشيء. لماذا تتلقى روسيا صاحبة ثاني أكبر جيش في العالم وأكثره تجهيزا، ذخيرة وأسلحة من فصائل المقاومة في العراق. هذا مضحك".