"أردوغان غير عابئ".. موقع أميركي: بايدن يسعى لوقف عملية تركيا بسوريا
سلط موقع المونيتور الأميركي الضوء على العملية العسكرية البرية، التي من المرتقب أن تشنها تركيا في الشمال السوري، ضد التنظيمات الكردية الانفصالية المسلحة، والضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية لوقف هذه الخطوة.
وجاء في التقرير أن الرئيس الأميركي جو بايدن، يسعى إلى كبح جماح العمليات العسكرية التركية في سوريا، إلا أن نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، غير عابئ بهذا الضغط حتى الآن.
وقال أردوغان، إن عملية "المخلب-السيف" (بدأت 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بهجمات جوية ومدفعية ومسيرات) ما زالت في انطلاقتها، ما يعني أنه قد يستخدم قريبا قوات برية.
وكتبت وزارة الدفاع التركية عبر تويتر، عند انطلاق العملية: "حان وقت الحساب، سيدفع الأوغاد ثمن اعتداءاتهم الغادرة".
وتهدف العملية، وفق أردوغان، إلى إنشاء "خط أمني سيضمن في نهاية المطاف وحدة أراضي كل من سوريا والعراق".
ويشير التقرير إلى أن أردوغان يرى أن مدن تل رفعت، ومنبج، وعين العرب مناطق مثيرة للقلاقل، وهذا يعني أن القوات التركية ستكون في صراع مباشر مع "قوات سوريا الديمقراطية (SDF)"، حسب الموقع.
وذكر أن هذا التنظيم الكردي المسلح يتلقى دعما من الولايات المتحدة، كما ينضوي تحت لوائه كل من "وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)"، و"حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)".
وفي حين كانت "قوات سوريا الديمقراطية" شريك الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم الدولة، فإن تركيا تعدها ذراعا لحزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابيا لدى أنقرة وواشنطن.
تفجير "الاستقلال"
وكانت السلطات التركية قد اتهمت حزب العمال الكردستاني بتدبير تفجير شارع الاستقلال وسط إسطنبول، في 13 نوفمبر 2022، الذي راح ضحيته 6 مواطنين أتراك، وأكثر من 80 جريحا.
وفي 23 نوفمبر، قال أردوغان إنه "لم يعد ليستمع إلى الكذبة الغربية التي تفرق بين قوات سوريا الديمقراطية، وحزب الاتحاد الديمقراطي، ووحدات حماية الشعب من جهة، وحزب العمال الكردستاني من جهة أخرى".
وتابع الرئيس التركي: "من الآن فصاعدا لا يمكننا أن نتسامح مع أي شخص يأتي أمامنا بهذه الكذبة".
ومضى أردوغان في انتقاد نمط "الخصومة" الذي يقف خلف ممارسات جائرة مورست ضد أنقرة، بما في ذلك أزمة مقاتلات "إف 35" مع الولايات المتحدة، ورفض الاتحاد الأوروبي منح تركيا العضوية الكاملة.
وفي اليوم نفسه، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" والعميد في سلاح الجو، بات رايدر، إن "الضربات الجوية الأخيرة في سوريا هددت بشكل مباشر سلامة الأفراد الأميركيين الذين يعملون في سوريا مع شركاء محليين لهزيمة تنظيم الدولة".
وأُطلقت غارة تركية من طائرة مسيرة وقعت على مسافة 130 مترا فقط، من الجنود الأميركيين الموجودين في قاعدة أميركية بالقرب من محافظة الحسكة السورية، وفق المونيتور.
ويضيف التقرير أن المسؤولين الأميركيين يصرون على أن مصلحتهم الوحيدة مع المليشيات الكردية هي احتواء تنظيم الدولة في سوريا.
ولم يتضح بعد ما مدى الضغط الذي ترغب واشنطن في توظيفه لإقناع حليفها الرئيس في حلف شمال الأطلسي "الناتو" بعدم مهاجمة التنظيمات الكردية المسلحة، حسب التقرير.
قال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني (المعروف أيضا باسم مظلوم عبدي)، إن مدينة "كوباني" (عين العرب) قد تكون هدفا لهجوم بري تركي محتمل في سوريا، وفق تصريحاته للموقع الأميركي.
وأضاف "عبدي" أن تركيا لن تشن هجوما بريا دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة وروسيا، كما يأمل أن توضح واشنطن ذلك لأردوغان بشكل أقوى.
وأكد أن الدعوات التي تطلقها إدارة بايدن لضبط النفس "ليست قوية بما فيه الكفاية على الإطلاق" حتى هذه اللحظة.
ويرى الموقع أنه "ما لم يقف كل من الكرملين وواشنطن بحزم، فمن المرجح أن تنفذ تركيا تهديداتها المتكررة بتحريك قواتها ضد عبدي كما فعلت في عمليتين عسكريتين منفصلتين، عامي 2018 و 2019".
وبين عبدي أن "أي عمل من هذا القبيل سيزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، ونسف الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لاقتلاع فلول تنظيم الدولة".
وعزا الهجمات التركية الأخيرة إلى جهود الرئيس أردوغان لتأجيج المشاعر القومية قبل الانتخابات التركية العامة المزمع عقدها في 2023، وفق زعمه.
رسائل وتقارب
وكشف الموقع أن إلهام أحمد، عضو مجلس سوريا الديمقراطية، الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية، كتبت إلى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، تحث إدارته على التحدث بقوة أكبر ضد العملية العسكرية البرية المحتملة.
بدورها، تقول إدارة بايدن، إن تركيا لها الحق في الدفاع عن نفسها، لكنها تحذر من أن تتسبب العمليات التركية في تقويض هدف أنقرة وواشنطن المشترك المتمثل في هزيمة مقاتلي تنظيم الدولة.
ويقدر الجيش الأميركي عدد مقاتلي تنظيم الدولة الموجودين حاليا ما بين 6 إلى 10 آلاف مسلح في جميع أنحاء سوريا والعراق.
وبعد ما يقرب من أربع سنوات من انهيار "الخلافة" التي أعلنها تنظيم الدولة، لا يزال بضع مئات من الجنود الأميركيين متمركزين في الأراضي التي تديرها التنظيمات الكردية؛ بهدف مساعدتها في التصدي لما تبقى من "الفلول الإرهابية".
ويعتقد عبدي أن الحرب الروسية الأوكرانية ربما تسببت في إضعاف الرسائل الروسية والأميركية إلى تركيا، بحسب وصفه.
وادعى أن تركيا "استفادت من الصراع، وسوقت لنفسها بنجاح لدى كل من الولايات المتحدة وروسيا".
وأضاف أنه "إذا فشل كلا البلدين في تلبية توقعاتنا في مواجهة العملية التركية، فإن ذلك مرتبط جزئيا بالديناميكيات حول الصراع في أوكرانيا".
وتابع عبدي أنه "من الصحيح أيضا أن اهتمام الولايات المتحدة بالشرق الأوسط وسوريا على وجه الخصوص قد تضاءل".
وفي سياق متصل، أورد التقرير احتمالات التقارب التركي-السوري، مشيرا إلى تصريح الرئيس أردوغان بأن عقد لقاء مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، "أمر ممكن".
وقال أردوغان إنه "لا يوجد سخط أو خصومة دائمين في السياسة، سيجرى اتخاذ خطوات في هذا الصدد عاجلا أم آجلا في الظرف الأنسب".
ويعتقد الموقع أن تركيا ولكي تشن عملية برية شمالي سوريا، فإنها بحاجة إلى مباركة موسكو، التي تضغط بدورها منذ فترة طويلة على كل من أنقرة ودمشق لإصلاح العلاقات بينهما.
ويؤكد التقرير أن احتمال حدوث تقارب بين أنقرة ودمشق، وبين النظام السوري والتنظيمات الكردية، يضع الأخيرة في قلب المناقشات حول مستقبل سوريا.
وينقل موقع المونيتور عن عبدي قوله إن "الولايات المتحدة بحاجة إلى صياغة سياسة أوضح بشأن سوريا، إذ إنها ليس لديها إستراتيجية غير محاربة تنظيم الدولة، وفشلت في صياغة سياسة واضحة فيما يتعلق بمستقبل المناطق الواقعة تحت سيطرتنا".
وأضاف أن "غياب هذه السياسة يجعل من الصعب عليهم التفاوض بنجاح مع دمشق"، مشيرا إلى أن روسيا تريد من "قوات سوريا الديمقراطية" السعي للاتفاق مع نظام الأسد.
وأكد عبدي أن "الولايات المتحدة لا تعارض إجراء محادثات مع حكومة الأسد، إلا أن النظام السوري نفسه غير مستعد، وروسيا لا تمارس ضغوطا كافية عليه".
وأردف أن "المشكلة الأخرى هي أن حكومة دمشق ترى أنه لا يمكن الاستغناء عنها، ولا بديل لها، وهذه العقلية تجعلها أكثر استعصاءً على الحل وعدم الاستجابة لمطالبنا".