فريدة مراد خاني.. إيرانية معارضة لم تشفع قرابتها لخامنئي في منع اعتقالها

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

رغم أنها ابنة شقيقة المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، إلا أن فريدة مراد خاني، واحدة من أشد الناشطات المعارضات للنظام في إيران.

واعتقلت السلطات الإيرانية فريدة خاني بعد مقطع فيديو حثت فيه "أصحاب الضمير الحي في العالم" على دعم الاحتجاجات الشعبية في بلادها.

وقال محمود مراد خاني شقيق فريدة عبر "تويتر" في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إن شقيقته أُلقي القبض عليها.

وأردف: "اعتقال الناشطة الحقوقية والناشطة السياسية فريدة مراد خاني ونقلها إلى السجن، عندما توجهت إلى مكتب المدعي العام لتسلم أمر قضائي".

معارضة شرسة

اعتقال فريدة مراد خاني جاء بعد دعوة وجهتها عبر بيان مصور دعت فيه الحكومات الأجنبية إلى قطع جميع علاقاتها مع إيران بسبب قمع الاحتجاجات، حسبما أظهر المقطع الذي شاركه شقيقها محمود المقيم في فرنسا على "تويتر" في 26 نوفمبر.

خلال الفيديو، قبيل اعتقالها، دعت فريدة مراد خاني الناس حول العالم إلى حث حكوماتهم على قطع علاقاتها مع النظام الإيراني. كما دعتهم إلى "وقف التعامل مع هذا النظام".

وقالت فريدة مراد خاني: "يا أيها الأحرار، كونوا معنا وقولوا لحكوماتكم أن توقف دعم هذا النظام الدموي وقاتل الأطفال. هذا النظام ليس مخلصا لأي من مبادئه الدينية ولا يعرف أي قوانين أو قواعد غير القوة والحفاظ على سلطته بأي طريقة ممكنة".

وأضافت: "الآن، في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ، تلاحظ البشرية جمعاء أن الشعب الإيراني بأيدٍ فارغة، وشجاعة مثالية يقاتل قوى الشر. في هذه اللحظة يتحمل الشعب الإيراني عبء هذه المسؤولية الثقيلة وحده من خلال دفع أرواحهم".

ورأت مراد خاني خلال المقطع المصور أن "الشعب الإيراني في حالة حرب مع الحكومات التي تدعم النظام الإيراني"، داعية الدول الديمقراطية إلى "استدعاء ممثليها من إيران وطرد ممثلي طهران من دولهم".

وقالت الناشطة: "المطلوب بشكل عاجل عدم دعم هذا النظام الذي قتل آلاف الإيرانيين في أربعة أيام في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بينما كان العالم يتفرج فقط".

وقارنت خلال تصريحاتها بين خالها وهتلر وموسوليني، وعبرت عن أملها بأن ينجح "الشعب الايراني في إسقاط النظام". 

وفي 27 نوفمبر 2022، أفادت وكالة أنباء "هرانا" الإيرانية المعارضة المهتمة بشؤون حقوق الإنسان، بأن فريدة مراد خاني بعد اعتقالها بدأت محكومية بالسجن مدتها 15 عاما.

واجهت الاحتجاجات التي دخلت شهرها الثالث الآن، حملة قمع شديدة من قبل قوات الأمن الإيرانية باستخدام الذخيرة الحية والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لقمع المظاهرات.

وقتل ما لا يقل عن 451 شخصا، بينهم 63 قاصرا، واعتقال 18173 آخرين، حسبما أعلنت "مجموعة ناشطي حقوق الإنسان" في إيران خلال آخر إحصائية لها في 28 نوفمبر 2022.

اندلاع الاحتجاجات كان بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية، مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما على يد "شرطة الآداب" في سبتمبر/ أيلول 2022 بدعوى ارتدائها لباسا غير "لائق"، حيث سرعان ما تحولت إلى أخطر تحد يواجه النظام الحاكم في إيران منذ الثورة ضد نظام الشاه عام 1979.

ناشطة حقوقية

عرفت فريدة مراد خاني البالغة من العمر نحو 50 عاما برفضها لعقوبة الإعدام في إيران وأطلقت حملة ضدها قبل أشهر، ودافعت بشكل مستمر عن حقوق الإنسان، إضافة إلى مناهضتها للنظام الحاكم حاليا وتأييدها لنظام الشاه الذي أطيح به عام 1979.

وفي 17 يناير/كانون الثاني 2022، كشفت منظمة "هرانا" الإيرانية، أن سلطات بلادها اعتقلت فريدة مراد خاني، الناشطة الحقوقية المؤسسة والمديرة لحماية ودعم السجناء في البلاد، ابنة شقيقة المرشد علي خامنئي.

وأضافت أن "اعتقال مراد خاني جرى من قبل عملاء وزارة المخابرات في طهران وهي في طريقها إلى منزلها"، مبينة أن "قوات الأمن فتشت منزلها سابقا وصادرت بعض متعلقاتها الشخصية".

من جانبه، ذكر شقيقها محمود لموقع "إيران إنترناشيونال"، الإيراني المعارض أنه "جرى نقلها إلى سجن إيفين شمال طهران الذي يخضع لحراسة أمنية مشددة".

وكشف وقتها أن "فريدة جرى اعتقالها بسبب إلقاء قصيدة تمدح فيها السيدة فرح بهلوي (زوجة شاه إيران) بمناسبة الذكرى السنوية لعيد ميلادها".

لكن المسؤولين في السلطة القضائية والأمنية الإيرانية لم يكشفوا حينها عن الاعتقال أو التهم الموجهة إلى ابنة شقيقة المرشد.

فيما أشارت وكالة الأنباء الفرنسية في 17 يناير 2022 إلى أنه ليست هناك تفاصيل حول سبب الاعتقال المفاجئ.

لكن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أشاروا إلى ظهورها أخيرا في 14 أكتوبر 2021 خلال مكالمة بالفيديو تشيد فيها بفرح بهلوي، أرملة الشاه محمد رضا بهلوي الذي أطاحت به الثورة عام 1979.

وخاطبت مراد خاني أرملة الشاه التي كانت تعرف في عهد زوجها بـ"الملكة العزيزة" ودعتها للعودة إلى البلاد لقيادة "نهضة" الثقافة الإيرانية. إلا أن السلطات الإيرانية عادت وأفرجت عنها دون ذكر الأسباب أو المدة التي قضتها في السجن.

وفي الأول من مايو/ أيار 2022 أفاد موقع "إيران انتر ناشيونال" الإيراني المعارض نقلا عن مصادر حقوقية (لم يسمها) بالإفراج المؤقت عن فريدة مراد خاني، بعد 3 أشهر ونصف الشهر من اعتقالها.

ونقل عن موقع "حقوق الإنسان في إيران"، أن الإفراج المؤقت عن مراد خاني، حصل بكفالة قدرها 10 مليارات تومان (1 دولار يساوي 42371 تومان)، وفرض "قيود على مغادرة محافظة طهران حتى انتهاء جلسات المحاكمة والاستجواب".

وبعد نقلها إلى سجن إيفين ثم إلى سجن قرجك في ورامين، حكمت محكمة طهران الجنائية على فريدة مراد خاني بالسجن لمدة 3 أشهر بتهمة "الإخلال بالنظام العام". ثم جرى تغيير هذه العقوبة إلى 3 أشهر مع وقف التنفيذ بعد إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف.

فريدة هي ابنة علي مراد خاني المعروف باسم "الشيخ علي طهراني" المتزوج من بدرية حسيني أخت المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي.

كان والدها علي من رجال الدين المعارضين للنظام الملكي في إيران، وبعد انتصار ثورة 1979 أصبح من منتقدي حكومة الجمهورية الإسلامية.

في بداية الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، ذهب إلى بغداد وبدأ في اتخاذ موقف علني ضد الجمهورية الإسلامية.

ثم عاد إلى طهران عام 1994 وحُكم عليه بالسجن لمدة 20 عاما بعد المحاكمة. أطلق سراحه من السجن عام 2004 وعاش بعدها في عزلة سياسية بطهران حتى وفاته في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 عن عمر ناهز 96 عاما.

ولا تعرف أسباب أخرى لمعارضة طهران لنظام الحكم بعد العهد الملكي، والذي تزعمه رجل الدين روح الله الخميني، سوى معارضه للحرب مع العراق.

إذ كان مقربا من الخميني أيام معارضته للشاه، كذلك هو يعد أقرب أفراد عائلة المرشد الأعلى الذين يجرى اعتقالهم. 

وكذلك فإن فريدة هي شقيقة المعارض والمحلل السياسي الإيراني، محمود، الذي أكد خلال مقابلة صحفية مع موقع "بي بي سي" فارسي في سبتمبر/أيلول 2022، أن والده كان على علاقة منخفضة المستوى بعلي خامنئي.

وبين أن والده من طلاب المرشد الإيراني الراحل روح الله الخميني القدامى.

وأضاف محمود، أن والده قبل الثورة (الإيرانية ضد الشاه) هرب إلى العراق مرات عدة لرؤية الخميني (مرشد إيران الراحل) وإحضار رسائل منه، وكان يحصل عليها من الخميني نفسه. لذلك لا يمكن مقارنة الرتبة الأكاديمية والروحانية والدور الذي لعبه والدي في الثورة مع علي خامنئي (المرشد الإيراني الأعلى).

وكان الخميني قد وصل إلى العراق في سبتمبر/أيلول 1965 واتخذ من مدينة النجف مقرا له لممارسة المعارضة ضد حكم الشاه.

وبقي في النجف حتى نهاية عام 1978 وغادرها إلى باريس، ثم دخل إيران مع الإطاحة بنظام الشاه عام 1979، وتولى قيادة النظام فيه حتى توفي في 3 يونيو/حزيران 1989، ليتولى علي خامنئي منصب المرشد الأعلى لإيران منذ ذلك الحين.

وقارن محمود نظام الشاه بالنظام الحالي في التعامل مع معارضيه بالقول: "خلال النظام السابق، كان لدى معظم الملالي فترات سجن قصيرة جدا. حتى والدي، الذي دخل السجن مرات عدة، وبحسب ما أذكر، لم تتجاوز مدة سجنه خمسين يوما".

وتابع: "نظام الشاه نفى الملالي أكثر. في المنفى، كان هناك ما يكفي من وسائل الراحة والعديد من المرافق للإعلان والاتصال بالناس، وهذه الأمور تنطبق أيضا على سجن علي خامنئي (أيام الشاه)".

وأكد محمود مراد خاني أن "خامنئي لم يكن العقل المدبر في السنوات التي سبقت الثورة وبعدها، ولعب في الغالب دور تلميذ الآخرين".

وأردف: "أناس مثل رفسنجاني (الرئيس الإيراني الراحل)، الذين كانوا يديرون البلاد من وراء الكواليس، حاولوا أن يصنعوا زعيما مطيعا ويواصل وينفذ سياسات الخميني. أعتقد أن سبب اختيار علي خامنئي قائدا هو ضعفه الفكري وليس قوته".

وتطرق محمود إلى خاله الآخر هادي خامنئي، بالقول: "من الضروري أن نقول إنه في عائلتنا وعائلة خامنئي، شخص آخر تعرض للسجن، هو خالي (شقيق علي) فقد سجن في ذلك الوقت (إبان حكم الشاه)، لمدة خمس سنوات".

ويعد هادي خامنئي شقيق المرشد الإيراني، واحدا من أشد المعارضين للأخير، فقد دعا في 25 أكتوبر 2022، النظام في البلاد إلى الاعتراف بمطالب المتظاهرين الذين يواصلون الاحتجاجات، رافضا الرواية الرسمية التي تقول إن "أيادي خارجية" تحركها.