إعلام إسباني: ضعف الكرملين يفاقم المخاطر النووية في حرب أوكرانيا
سلطت الصحافة الإسبانية الضوء على التهديد النووي في سياق الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط 2022.
وتناولت العديد من التحليلات حجم الترسانة النووية الروسية، ونظيرتها الغربية، واحتمال تفاقم المخاطر النووية خلال الفترة القادمة، التي ستكون حاسمة.
وقالت صحيفة لاراثون الإسبانية إن الهجوم المضاد الأوكراني الذي سمح له باستعادة جزء من أراضيه، دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تحريك بيادقه من أجل اكتساب المصداقية.
تبعا لذلك، أعلن الرئيس الروسي عن تحركات عسكرية جديدة لتحذير الغرب الذي يتهمه بمحاولة "إضعاف بلده وتقسيمه وتدميره".
وفي فبراير/شباط 2022، أمر بوتين بوضع "قوات الردع"، التي تشمل القوات النووية، في "نظام الخدمة الخاصة" ردا على "إعلانات العدوان" من قبل دول الناتو (حلف شمال الأطلسي) الرئيسة، في هجوم عسكري روسي كامل ضد أوكرانيا.
وبحسب وزارة الدفاع الروسية، تتكون قوات الردع الإستراتيجي الروسية من قوات الهجوم وقوات الدفاع.
ونوهت الصحيفة بأن ترسانة القوات الهجومية الإستراتيجية تعزّز بمجمعات صواريخ عابرة للقارات وطائرات بعيدة المدى.
وتتكون أيضا من القوات النووية التي تشمل قوات الصواريخ الإستراتيجية. وتضم كذلك وحدات قاذفات إستراتيجية وطويلة المدى وغواصات وسفنا وحاملات طائرات تابعة للبحرية الروسية مزودة بأسلحة بعيدة المدى وعالية الدقة.
أما قوات الدفاع الإستراتيجي فتتكوّن من القوات ووسائل الدفاع الجوي، بما في ذلك نظام الإنذار بالهجوم الصاروخي.
وأيضا نظام التحكم في الفضاء والدفاع المضاد للصواريخ والدفاع الفضائي. كما تشمل القوات والوسائل الدفاعية المضادة للطائرات.
الترسانة النووية الروسية
وأشارت لاراثون إلى أن أحدث البيانات التي جمعها معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تكشف أن روسيا تملك حوالي 1625 رأسا نوويا منتشرا، فضلا عن حوالي 2870 رأسا نوويا تعزز به مخازنها.
يضاف إلى ذلك حوالي 1760 أخرى ذات طبيعة إستراتيجية، ليصبح المجموع 6255 رأسا نوويا.
وبحسب المصدر ذاته، تمتلك الولايات المتحدة 1800 رأسا حربيا نوويا منتشرا، وتقدر ترسانتها الإجمالية بحوالي 5550.
أما الدول الأخرى التي تمتلك أسلحة نووية فهي الصين برصيد 350، وفرنسا في حدود 290 والمملكة المتحدة بحوالي 225 وباكستان بحوالي 165 والهند التي تملك ما يقارب 156 وإسرائيل برصيد 90 رأسا حربيا.
وتشير البيانات الواردة من هذا المعهد إلى أن قدرة كوريا الشمالية تتراوح بين 40 و50 رأسا نوويا.
على الرغم من حقيقة أن روسيا بدأت قبل أربعة عقود في خفض مخزونها من الأسلحة النووية بعد الاتفاقات التي جرى التوصل إليها مع الولايات المتحدة منذ الحقبة السوفيتية، فهي لا تزال تمتلك أكبر عدد من الرؤوس الحربية النووية في العالم.
وتشير أحدث البيانات الصادرة عن مجلة علماء الذرة إلى أن روسيا لديها 1588 رأسا نوويا منتشرا على قواعد الصواريخ الباليستية والقاذفات الثقيلة.
هذا بالإضافة إلى 977 رأسا حربيا إستراتيجيا إضافيا وحوالي 1912 رأسا حربيا غير إستراتيجي في الاحتياط.
وتجدر الإشارة إلى أن جزءا من الترسانة التي تمتلكها روسيا موجود على وجه التحديد في أوكرانيا.
ولكن بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي، تخلت أوكرانيا عن الأسلحة النووية وسلمتها إلى روسيا مقابل ضمان استقلالها ووحدة أراضيها.
وأضافت الصحيفة أن بوتين كشف في غرة مارس/آذار 2018، عن صاروخ سارمات الباليستي "بمدى غير محدود تقريبا" قال إنه جعل الدرع الصاروخي الأميركي "عديم الفائدة".
وبعد بضعة أشهر قدم الكرملين صاروخا آخر، وهو أفانجارد الذي تفوق سرعته سرعة الصوت، قادر أيضا على التغلب على الدرع المضاد للصواريخ الأميركية، وأيضا، على أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ التي سيجرى تطويرها مستقبلا، وفقا للرئيس الروسي.
ويمكن أن يصل أفانجارد إلى الطبقات الأكثر كثافة في الغلاف الجوي ويتجاوز سرعة الصوت 20 مرة، مما يسمح له بالوصول إلى الولايات المتحدة في 15 دقيقة.
إمكانية الهجوم
من جهتها، نقلت صحيفة إلباييس الإسبانية أن العديد من الخبراء يرون أن هجوما نوويا روسيا أمر غير مرجح للغاية، لكن السياق العسكري والسياسي الذي يزعزع استقرار بوتين يثير الكثير من المخاوف.
في الحقيقة، أطلق بوتين تهديدات نووية جديدة وصريحة في إطار غزو أوكرانيا.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يقدم فيها على هذه الحركة، لكن السياق الحالي يجعل من تهديداته أكثر إثارة للقلق من سابقاتها؛ مع وجود الكرملين في وضع صعب غير مسبوق في هذا القرن، على مستويات مختلفة.
منها ساحة المعركة، بسبب الهجوم المضاد الناجح لأوكرانيا في شمال شرق البلاد والخسائر الفادحة التي تكبدتها روسيا حتى الآن خلال الغزو.
وعلى المستوى الدولي، مع وجود كتلة غربية موحدة وحلفاء محتملين أو شركاء لموسكو يتسمون بالبرود ويتخذون مسافة من بوتين على نحو متزايد. وعلى المستوى الداخلي، في ظل ظهور المعارضة للعلن.
ونوهت الصحيفة بأن الرئيس الروسي فقط يعرف إذا ما كان مستعدا بالفعل للجوء إلى الأسلحة الذرية.
وعموما، تتنوع الآراء بين الخبراء ولا يزال الكثيرون، مثل ويليام ألبيركي، مدير قسم الحد من التسلح في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، يرون التصعيد النووي أمرا مستبعد للغاية.
ويقول: "إنني أراها علامة ضعف ومحاولة لتحفيز الأوروبيين على فرض المفاوضات".
وأوردت الصحيفة أن المتخصص في المعهد الملكي للخدمات المتحدة المحلل سيدهارث كوشال، يرى أيضا أن لجوء روسيا إلى الأسلحة النووية أمر غير محتمل.
يعلل ذلك قائلا: "أعتقد أن السلاح النووي تهديد راكد، مصمّم لخلق حالة من عدم اليقين. أعتقد أن الموقف الدولي الهش لروسيا، المعزولة تماما، ومع شركاء بدأوا في إظهار مخاوفهم، يمثل في النهاية عاملا رادعا".
إذا هاجمت روسيا بالسلاح النووي، فستجد نفسها في حالة عزلة تامة، الأمر الذي سيكون مدمرا لاقتصادها، وفق قوله. ويعتقد كوشال أن هجوما نوويا هو احتمال لا يمكن استبعاده.
وأردف: "إذا استمرت أوكرانيا في المسار الذي يؤدي في النهاية إلى تدمير الجزء الأكبر من القوات الروسية، فسنواجه الاحتمال الأول لقوة نووية يجرى هزيمتها بشكل حاسم في القتال التقليدي، وهنا، لا يرى خبراء آخرون أن الحل النووي الروسي أمر مستبعد".
وبحسب إلباييس، يتفق الخبراء على أنه في حالة اتخاذ خطوة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، فإن الكرملين سيختار الرؤوس الحربية النووية التكتيكية، التي تتميز بإمكانية تدميرية أقل ويجرى حملها بواسطة مركبات توصيل قصيرة المدى.
ونقلت الصحيفة عن روز جوتيمولر، العنصر رقم اثنين سابقا في الناتو، أن روسيا يمكن أن تستخدم هذه الأسلحة بطريقتين.
إما إلقاء قنبلة في مياه البحر الأسود، بمثابة عنصر قسري ويهدف لبثّ الرعب، أو إطلاق رأس حربي نووي ذي إمكانات محدودة ضد بنية تحتية عسكرية معزولة. لكن، لم يتضح بعد كيف سيكون رد فعل أوكرانيا على مثل هذا التحدي.
وأشارت الصحيفة، فيما يتعلق بالرد الغربي على هجوم محتمل، إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن حاول النأي بنفسه عن الخطاب التحريضي في الحديث عن التهديد النووي.
لكنه حذر في الآن ذاته من أن واشنطن سترد على هذا الهجوم المحتمل، مؤكدا أن بلاد العم سام "ستردّ بحسب نوع الهجوم الروسي".