جفاف غير مسبوق.. تحذيرات أممية من مجاعة مؤكدة في الصومال
سلطت صحيفة "لوموند" الفرنسية الضوء على التحذيرات التي أطلقتها المؤسسات الأممية حول مخاطر الجفاف في الصومال.
وأوضحت الصحيفة أن رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، أطلق في 5 سبتمبر/أيلول 2022، "تحذيرا نهائيا" حول الجفاف في الصومال قبل وقوع كارثة بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول 2022.
وأشار غريفيث، خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة مقديشو، إلى أن "تقرير تحليل الغذاء والتغذية في الصومال يظهر مؤشرات ملموسة على أن مجاعة ستحدث في منطقتين من منطقة الخليج [...] بين أكتوبر وديسمبر من هذا العام".
وحذر من أن هذه الكارثة "ستؤثر على منطقتين في جنوب البلاد، وهما بيدوة وبور هاكابا".
ألم ومعاناة
وقال غريفيث إنه "صُدم بشدة من مستوى الألم والمعاناة الذي يعاني منه الكثير من الصوماليين، حيث تضرر 7.8 ملايين شخص، أي ما يقرب من نصف السكان، من آفة الجفاف التي تضرب البلاد بشكل كبير في سابقة من نوعها تاريخيا".
وهناك ما يقرب من 213 ألفا من جملة المتضررين من الجفاف، معرضون لخطر المجاعة، وفقا لأرقام الأمم المتحدة.
ومنذ عام 2021، ألقى الجوع والعطش بمليون شخص على الطرقات بحثا عن المساعدة.
وهو ما أكدته ممثلة مفوضية اللاجئين في الصومال، ماجاتي جيسي، بقولها إن "المجتمعات الضعيفة هي الأكثر تضررا من آثار أزمة المناخ، مما يترك العديد من العائلات بدون حماية ويزيد من النزوح".
وأضافت أن الوضع في الصومال "كان بالفعل من أكثر حالات نقص التمويل قبل هذه الأزمة الأخيرة".
وقالت: "بينما نبذل نحن وشركاؤنا في المجال الإنساني كل ما في وسعنا للاستجابة، فإننا ببساطة لا نمتلك موارد كافية، ويجب على المجتمع الدولي أن يكثّف من جهوده لإنقاذ الأرواح ودعم هذه الاستجابة الإنسانية".
انعكاسات خطيرة
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في يوليو/تموز 2022 إن البلاد "تشهد ثالث موجة جفاف لها منذ عقد".
لكن الجفاف الحالي "تجاوز موجات الجفاف المروعة في 2010-2011 و2016-2017 في مدتها وشدتها".
إن هذه الموجة الحالية من الجفاف هي نتيجة لتسلسل غير مسبوق لما لا يقل عن أربعين عاما من أربعة مواسم ممطرة متتالية غير كافية منذ نهاية عام 2020.
وسبق أن حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في نهاية أغسطس/آب 2022، من الاحتمال الكبير بأن موسم التساقطات المقبل، الذي من المتوقع أن يبدأ في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، سيفشل أيضا.
وقضى الجفاف على القطعان، وهي جد ضرورية لبقاء السكان الرعويين إلى حد كبير، كما قضى على المحاصيل، التي دمرها بالفعل غزو الجراد بين نهاية 2019 و2021.
فيما ساهمت عواقب جائحة كورونا في تدهور أكبر في الظروف المعيشية للعديد من الصوماليين، في ظل تدابير الإغلاق وتباطؤ النشاط التجاري وغيرهما.
وفي الأشهر الأخيرة، كانت للحرب الروسية على أوكرانيا انعكاسات خطيرة على الصومال الذي كان يستمد 90 بالمئة من إمداداته من القمح من هذين البلدين.
وشهدت الصومال في 2011-2012 مجاعة أودت بحياة حوالي 260 ألف شخص نصفهم من الأطفال دون سن الخامسة.
وقد تم إعلان المجاعة، حينذاك، في عدة مناطق في جنوب ووسط البلاد بين يوليو/تموز 2011 وفبراير/شباط 2012.
تحركات دولية
ودعت الولايات المتحدة إلى تحرك جماعي من أجل دعم الصومال في أزمة المجاعة التي من المتوقع أن تصيبها هذا العام، في الوقت الذي تشل فيه أزمة الجفاف المنطقة.
وقال مدير مكتب العلاقات الصحفية بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامنثا باور، إن "لجنة مراجعة تصنيف الأمن الغذائي المتكامل أصدرت توقعاتها بأنه في حالة عدم وجود زيادة عاجلة في المساعدات الإنسانية، فمن المتوقع أن تحدث المجاعة في مقاطعتي بور هكابا وبيدوا جنوب الصومال بين أكتوبر وديسمبر".
وأضاف في بيان صادر عنه في 31 أغسطس/آب 2022، أن "الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء هذه التوقعات الصارخة والحجم الهائل للاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد، وذلك في المقام الأول نتيجة الجفاف غير المسبوق تاريخيا الذي تميز بتوقف هطول المطر لأربعة مواسم متتالية".
ولفت إلى أن "توقع المجاعة يجب ألا يحدث، وساعد التحرك الدولي السريع عندما دمر جفاف آخر الصومال سنة 2017 في تجنب المجاعة، واليوم لا يزال من الممكن أن تساعد الزيادة الكبيرة في المساعدات الإنسانية على منع حدوث مجاعات وحالات وفاة جماعية".
وأكد البيان أن "الولايات المتحدة هي أكبر مانح منفرد للمساعدات الإنسانية للصومال، وهي تمثل أكثر من نصف التمويل الإنساني للصومال سنة 2022..".
وقامت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بتوسيع جهود الإغاثة لتقديم المساعدات الطارئة، بما في ذلك تقديم المساعدات الغذائية لما لا يقل عن 3.5 ملايين شخص شهريا وعلاج سوء التغذية الحيوي والاستجابة لتفشي الأمراض والاحتياجات الصحية الأخرى، وكذلك توفير المأوى وخدمات الحماية وتزويد المجتمعات بمياه الشرب وتحسين النظافة".
وأفادت بأن "تمويل الوكالة من أجل مكافحة الجفاف في الصومال بلغ أكثر من 668 مليون دولار في هذه السنة المالية وحدها، ونحن على استعداد لبذل المزيد في الأسابيع المقبلة لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح".
واستدرك البيان قائلا: "يجب علينا جميعا أن نتحرك الآن، ولا يمكن لأي جهة مانحة أو حكومة وحدها أن تحل هذه الأزمة بمفردها، وهذا هو السبب في أننا ندعو جميع المانحين، سواء التقليديين أو البارزين حديثا، إلى التعجيل بالمساعدة في منع المجاعة الجماعية والوفيات، فانتظار المجاعة ليس خيارا".