أوروبا تنتقد إغلاق إسرائيل منظمات مدنية فلسطينية.. هل يغير "التنديد" شيئا؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدث تقرير إسباني عن الحصار الذي يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد منظمات المجتمع المدني الفلسطيني غير الحكومية والذي انتهى أخيرا إلى إغلاق مكاتب سبع منها. 

وقد قوبلت هذه الحملة بنوع من التشكيك في أوروبا والولايات المتحدة والأمم المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالاتهامات بـ"الإرهاب" ضد سبع منظمات أغلقها الجيش. 

وقالت صحيفة إلباييس الإسبانية إن إسرائيل تركت وحيدة ومعزولة خلال الموجة الجديدة من المضايقة ضد منظمات المجتمع المدني الفلسطيني. 

إغلاق ومداهمات

وكسر جنود الاحتلال أبواب مقرات هذه المنظمات في ساعة مبكرة من صباح 18 أغسطس/آب 2022 وصادروا وثائق وأجهزة كمبيوتر قبل أن يتجولوا في المكاتب وغرف الاجتماعات أثناء تسجيلهم بكاميرات المراقبة. 

إزاء هذا الوضع، أبدت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأكبر الدول الأوروبية، وحتى الولايات المتحدة، موقفا موحدا من الغارة والتفتيش والإغلاق التي نفذها الجيش ضد سبع منظمات إنسانية غير حكومية. 

في الواقع، تتفق الجهات الفاعلة الرئيسة في المجتمع الدولي على التشكيك في الاتهامات التي وجهتها حكومة الاحتلال الإسرائيلية ضد هذه المنظمات التي حافظت على المقاومة السلمية ضد احتلال الأراضي الفلسطينية لأكثر من نصف قرن.

وبعد "المداهمات" على مقر المنظمات غير الحكومية في رام الله، العاصمة الإدارية للسلطة الفلسطينية بالقرب من القدس، أصدرت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وبلجيكا والسويد والدنمارك وأيرلندا بيانا مشتركا بعدها بيوم.

وورد في البيان أن "تضييق مساحة المجتمع المدني في الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال أفعال غير مقبولة أمر مثير للقلق". 

وأشارت الصحيفة إلى أن المنظمات المتضررة من الحملة الإسرائيلية هي: مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، مؤسسة الحق، مركز بيسان للبحوث والإنماء، الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فلسطين، لجان العمل الصحي، اتحاد لجان العمل الزراعي، اتحاد لجان المرأة الفلسطينية. 

وأفادت بأن إسرائيل حظرت هذه المنظمات، التي يعمل العديد منها منذ عقود، بعد اتهامها بالحفاظ على علاقات وثيقة مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي أقلية يسارية تصنفها دولة الاحتلال والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنها إرهابية.

ومن جهتها، أكدت وزارات خارجية الدول الأوروبية التسع على أنها ستستمر في إدراج هذه المنظمات في برامج التعاون الخاصة بها، مشيرة إلى أنه "لم ترد من إسرائيل أي معلومات جوهرية تبرر إعادة النظر في سياستنا تجاه المنظمات غير الحكومية الفلسطينية".  

على نفس المنوال، طلبت الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية، بقيادة جوزيف بوريل، من الحكومة الإسرائيلية تقديم معلومات تثبت العلاقة بين المنظمات غير الحكومية المحظورة والجبهة الشعبية.

في الآن ذاته، لم تكشف عمليات التدقيق التي أجراها الاتحاد الأوروبي عن اختلاس أموال أوروبية من قبل هذه المنظمات، وهي اتهامات أخرى قدمتها إسرائيل.

ونوهت الصحيفة بأن الجيش الإسرائيلي شدد الحصار على الجمعيات الإنسانية التي توثق الانتهاكات في ظل الاحتلال وتدافع عن حقوق الإنسان في الضفة الغربية. 

وقد ندد بعضها بجرائم حرب أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين من دولة الاحتلال. 

ومن بين هؤلاء المسؤولين وزير الجيش بيني غانتس، الذي قاد العدوان العسكري على قطاع غزة عام 2014 بصفته قائدا للقوات المسلحة. 

عموما، تتفق دول وسط أوروبا والاتحاد الأوروبي مع الأمم المتحدة في تعزيز "مجتمع مدني فلسطيني حر وقوي لتعزيز القيم الديمقراطية وحل الدولتين". 

غايات انتخابية؟

ومن جانبها، توصلت وكالات الأمم المتحدة الإقليمية في الشرق الأوسط إلى أن إسرائيل لم تقدم "أدلة مقنعة" على اتهاماتها. 

واستنكروا ما أقدمت عليه قوات الاحتلال من "مداهمة وتفتيش وإغلاق مكاتب لسبع منظمات غير حكومية فلسطينية في المنطقة أ من الضفة الغربية، الخاضعة للسيطرة الحصرية للسلطة الفلسطينية (وفقا لاتفاقات أوسلو عام 1993)".

وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة، التي أعطت قبل أسبوعين فقط للجيش الإسرائيلي حرية التصرف في "حق الدفاع" في الهجوم الأخير على قطاع غزة، قد أظهرت موقفا مغايرا للغاية.  

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس: "لقد تواصلنا مع أعلى المستويات في الحكومة الإسرائيلية للمطالبة بمزيد من المعلومات حول أسباب إغلاق المنظمات غير الحكومية". 

وأضاف: "أوضحنا أن منظمات المجتمع المدني في الضفة الغربية يجب أن تكون قادرة على أداء مهمتها دون عوائق، ولم نر أي شيء حتى الآن من شأنه أن يدفعنا لتغيير وجهة نظرنا أو موقفنا من هذه المنظمات". 

ولفتت الصحيفة إلى أن الهجوم الإسرائيلي على المجتمع المدني الفلسطيني سبقه اتهامات وجهتها المخابرات ضد المنظمة غير الحكومية، لجان العمل الصحي، حيث عملت المتعاونة الإسبانية خوانا رويز سانشيز. 

وسجنت عاملة الإغاثة في إسرائيل لمدة 300 يوم بتهمة "تمويل منظمة غير مشروعة"، في إشارة إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحوكمت أمام محكمة عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية. 

وفي نهاية المطاف، قبلت رويز حكما أخف بعد اتفاق مع النيابة العسكرية، أعفاها من المحاكمة بتهم خطيرة تتعلق بالإرهاب، وفق زعمها.

ونقلت الصحيفة أن الهدف الواضح لإستراتيجية الحكومة الإسرائيلية هو محاولة إقناع الحكومات الأوروبية بضرورة التوقف عن تمويل المنظمات غير الحكومية المرتبطة بما تقول إنها "جماعة إرهابية".

 ومع ذلك، استمرت الدول التي لديها برامج تعاون في فلسطين بشكل عام في الحفاظ على العمل مع هذه المجموعات.

في هذا السياق، كتبت صحيفة هآرتس العبرية: "هذه ليست منظمات تلجأ إلى العنف. إغلاقها يعني أن إسرائيل لا تحظر المقاومة المسلحة ضد الاحتلال فحسب، بل تحظر أي نوع من النشاط الفلسطيني". 

 وتشير الصحيفة إلى أن غانتس ربما يحاول كسب حيل انتخابية بين الناخبين المحافظين، قبل الانتخابات التشريعية (الكنيست) المقرر إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني، وذلك من خلال إظهار سلوك صارم تجاه الفلسطينيين بعد أن عمل محاورا حكوميا مع السلطة الفلسطينية.

وأوردت إلباييس أن خبراء في أوضاع حقوق الإنسان في فلسطين يعدون أن الجولة الجديدة من المضايقات ضد منظمات المجتمع المدني غير الحكومية ليست إلا "عقابا سياسيا يختبئ وراء علة الأمن الإسرائيلي".  

وبالنسبة لعمر شاكر، رئيس منظمة هيومن رايتس ووتش لإسرائيل وفلسطين، فإن "التصريحات الفاترة، الصادرة عن المجتمع الدولي، لن توقف القمع الإسرائيلي ما لم تكن مصحوبة بعواقب ذات أهمية".