بسيطرة طالبان على ممر واخان الاقتصادي.. ما احتمالات تقاربها مع الصين؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تحدث مركز دراسات تركي عن تقديم باكستان عرضا إلى طاجيكستان في يوليو/تموز 2022، لربط البلدين عن طريق ممر واخان في الاتجاهين الشمالي والجنوبي.

جاء ذلك عقب إعلان السكرتير الخاص للرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، أن باكستان تريد فتح طريق عبور عبر واخان للتجارة مع طاجيكستان، وحذر حكومة طالبان من خطر عزلة أفغانستان وتفتتها. 

ورد المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد على هذه المزاعم، قائلا: "لم تكن هناك محادثات مع باكستان حول هذه القضية. ولن يتعرض شبر واحد من أراضي أفغانستان للخطر". 

الممر الاقتصادي

وبعد ذلك بوقت قصير، أعلن أن طالبان قد استولت على ممر واخان. وأشار المركز إلى أن فكرة باكستان عن ربط طاجيكستان بالممر الاقتصادي الصيني الباكستاني ليست جديدة". 

وقدمت باكستان مطالب إلى أفغانستان خلال فترة الرئيس الأسبق حامد كرزاي، ولكن هذا الطلب لم يقبل، وفق ما قال مركز أنقرة للأزمات والأبحاث السياسية "أنكاسام" في مقال للكاتب جينك تامر.

والهدف من شق ممر واخان الذي يربط أفغانستان بالصين في الاتجاه الشمالي والجنوبي بطريقة توفر اتصالا بين باكستان وطاجيكستان، هو القضاء على اعتماد بلدان آسيا الوسطى إلى كابول عند نقطة الممرات. 

ولفت المركز النظر إلى أنه "لو غضت حكومة طالبان الطرف عن ذلك، لكانت قد فقدت أهميتها الجيوسياسية وخسرت ورقة رابحة (ممر اقتصادي) يمكن أن تستخدمها ضد دول آسيا الوسطى والصين".

وينبغي ألا ننسى أن الهند تعارض أيضا العلاقة بين باكستان وطاجيكستان. وبشكل عام، تعارض نيودلهي فكرة إنشاء ممر يربط دول آسيا الوسطى بإسلام ٱباد، يقول المركز. 

وأردف تامر: الاعتراض الرئيس للهند هو أن الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني يمر عبر منطقة كشمير المتنازع عليها. 

وينظر إلى تعزيز علاقات دول المنطقة، وخاصة أفغانستان وطاجيكستان، مع باكستان ومشاركتها في مشروع الصين على أنها تهديد كبير للهند.

والأهم من ذلك، تعتقد نيودلهي أنه في مثل هذا السيناريو، ستفقد نفوذها بالكامل في أفغانستان، لأن باكستان تعارض اتفاقية عبور من شأنها أن تسمح للهند بالوصول إلى آسيا الوسطى عبر أراضيها، وبالتالي يقيدها في حدودها. 

وبهذا المعنى، فإن الجهود التي تبذلها باكستان لتعزيز علاقاتها مع طاجيكستان تعد "إستراتيجية". 

وستفضل دول آسيا الوسطى إما الممر بين أفغانستان وإيران والهند أو تتصل بالممر الاقتصادي الصيني الباكستاني عبر طاجيكستان والصين. كل هذا التنافس الجيوسياسي عالق بين إيران وباكستان، بحسب تقييم الكاتب التركي.

موقف الصين

وعلق تامر: "اللاعب الرئيس في هذه المنافسة هو طالبان. لدرجة أن تحركاتها يمكن أن تكسر أو تزيد من النفوذ الجيوسياسي للهند وباكستان والصين". 

واستدرك: ضمنت طالبان بسيطرتها على ممر واخان أمرين: أنه يتعين على طاجيكستان أولا استخدام الأراضي الصينية للاتصال بباكستان.

والأمر الثاني أن بلدان آسيا الوسطى لا تزال تعتمد على أفغانستان للوصول إلى باكستان، "وستضطر الصين إلى التعاون والتسوية مع طالبان". 

وأضاف: لا يمكننا القول إن الصين تؤيد تأييدا كاملا إنشاء جسر بين طاجيكستان وباكستان من خلال واخان، وبالتالي إقامة الربط المذكور.

وأردف: "بكين لديها خطط بديلة لطاجيكستان وقد تخطط لإحياء اتفاق النقل العابر بين كازاخستان وقيرغيزستان والصين وباكستان وإدراج الأولى في هذا الممر". 

وبعبارة أخرى، فإن الصين تركز على مشاركة أفغانستان في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني عبر خط السكك الحديدية بين أوزبكستان وأفغانستان وباكستان (عبر كابول).

وفي الواقع، بما أن شق واخان بين الشمال والجنوب سيزيد من الممرات الحرة من باكستان إلى طاجيكستان، فإن الإرهاب والمشاكل الأمنية يمكن بسهولة أن تجلب إلى دوشانبي عاصمة الأخيرة ولن تتمكن الصين من السيطرة على الأوضاع. 

ولذلك، فإن إمكانية ربط باكستان غير المنضبط بطاجيكستان وإمكانية تحول ممر واخان إلى عش للإرهاب يزعج الصين التي تهدف إلى ضمان سلامة واخان. 

وفي هذا السياق، ربما أرادت الصين أن تتخذ طالبان خطوات في هذا الاتجاه للحفاظ على سيطرتها على واخان.

وبعبارة أخرى، ربما تكون الصين قد دعمت طالبان لمنع هذا المشروع من تجاوزها، لأن بكين تخطط لربط دول آسيا الوسطى بالممر الاقتصادي الصيني الباكستاني عبر أراضيها ومن ثم تمرير ممرها بشكل رئيس من كشمير إلى باكستان.

ولقراءة العكس، تدعم الصين خطتها لمغادرة أراضيها واستخدام الممر الأوسط للهبوط في قيرغيزستان وأوزبكستان، ومن هناك إلى أفغانستان ثم إلى باكستان. 

وإذا تحقق الربط بين باكستان وطاجيكستان، فإن أهمية مشروع الصين للربط بأفغانستان عبر آسيا الوسطى ومن هناك إلى إسلام آباد ستتضاءل، ولن ترغب بكين في المشروع الذي همش أفغانستان، بحسب الكاتب التركي.

منافسة إقليمية

وذكر المركز أن الكشف عن أن طالبان وفرت ملاذا آمنا لتنظيم القاعدة سيكون مصدر قلق كبير للهند. 

فالحركة طالبان تحاول الحصول على المساعدة ليس فقط من المجتمع الدولي، ولكن أيضا من جيرانها الصين والهند ودول آسيا الوسطى من خلال وعدهم بـ "الحرب على الإرهاب". 

وواصل الكاتب: "لن تتمكن الهند ولا الصين من الثقة الكاملة في تعهد طالبان بمكافحة الإرهاب وإظهار التضامن معه. في هذه الحالة، سيجرى البحث في المخاوف الأمنية للصين الناشئة عن واخان وطاجيكستان". 

وبعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري مطلع أغسطس/آب 2022، يزعم أن باكستان قدمت دعما استخباراتيا للولايات المتحدة باستخدام شبكة حقاني (أفغانية متحالفة مع طالبان). 

كما أن نفوذ باكستان على "الجماعات الأصولية الأخرى" من خلال طالبان يثير قلق الصين أيضا. 

ويقول الكاتب: "الصين، التي لا تستطيع السيطرة على باكستان، ستعارض أيضا ارتباطها بطاجيكستان. لذلك، ستكون بكين أكثر استعدادا لإبقاء ممر واخان تحت سيطرة طالبان". 

وأضاف: علاقات طالبان بالمنظمات الإرهابية تعمق المنافسة في سياق الممرات الاقتصادية، كما أن حكومتها في أفغانستان ومشكلة الإرهاب وعدم الاستقرار المتنامية المرتبطة بها تدفعان الهند والصين إلى التنافس بدلا من أن تتلاقى معا". 

وبين أن مشكلة ثقة الهند بطالبان أكبر بكثير من مشاكل الصين مع الحركة التي استولت على الحكم بأفغانستان في أغسطس 2021.

 ويمكن أن تؤدي مشكلة الثقة هذه بين طالبان والهند إلى زيادة تعزيز الصين في أفغانستان في المنافسة الإقليمية. 

ويعود ذلك إلى أن الصين قادرة على التغلب على مشاكل الثقة مع طالبان بسهولة أكبر من الهند في الحرب ضد الإرهاب. 

وما يؤثر على نظرة الصين إلى طالبان هو علاقاتها بالمنظمات الإرهابية. وتنبع مشاكل الثقة التي تواجهها مع باكستان من علاقاتها مع الولايات المتحدة. 

لذلك، قد لا تسمح الصين لباكستان بإنشاء معادلة جيوسياسية جديدة من خلال واخان. 

وتطمح الصين إلى إقامة جغرافيا سياسية إقليمية من خلال ضمان الربط بين أوزبكستان وأفغانستان في إطار كل من الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني والممر الأوسط، بحسب الكاتب التركي.