"حرب ضد الإسلام".. تعرف على أسباب الرفض الشعبي لقانون الطفل بالأردن

12

طباعة

مشاركة

عاد الأردن ليثير الجدل بمشروع قانون جديد يخص الأطفال، بعد وقت قصير من إغلاق السلطات مراكز تحفيظ القرآن الكريم بقرار من وزير الأوقاف محمد الخلايلة.

وهذه الخطوة الأخيرة عدّها مراقبون بمثابة حرب ضاربة على الإسلام والفضيلة واستهداف للأجيال القادمة ونشر للانحلال، واليوم يتواصل الاستهداف بما أسمته السلطات قانون حماية الطفل.

مشروع القانون لسنة 2022 مررته الحكومة إلى البرلمان للتصديق عليه، وهو معروض حاليا أمامه.

وفي أواخر يوليو/تموز 2022 أحال البرلمان المشرروع إلى لجنة نيابية مشتركة (القانون، والمرأة وشؤون الأسرة)، للنظر فيه وإبداء الملاحظات اللازمة، وذلك بعد جلسة شهدت مناقشات واسعة حوله.

وينص القانون على أن للطفل الحق في "التعبير عن آرائه، سواء بالقول، أو الكتابة، أو الطباعة، أو الفن، أو بأي وسيلة أخرى يختارها، وتُولى آراءه الاهتمام وفقا لسنّه ودرجة نضجه"، كما يعطى له الحق في احترام حياته الخاصة.

ويحظر القانون تعريض الطفل لأي تدخل تعسفي أو إجراء غير قانوني في حياته، أو أسرته، أو منزله، أو مراسلاته، كما يُحظر المساس بشرفه أو سمعته، مع مراعاة حقوق وواجبات والديه أو من يقوم مقامهما وفقا للتشريعات ذات العلاقة.

ويتيح القانون للطفل الاتصال مع مقدمي خدمات المساعدة القانونية دون أي قيد، ويمنح له الحق في المشاركة بالتجمعات والنوادي التي يمارس من خلالها نشاطاته الاجتماعية والثقافية والترفيهية، ومزاولة الألعاب والرياضة والفنون بما يتناسب مع سنه ودرجة نضجه وفقا للتشريعات النافذة.

كما نص القانون على أن "للطفل الحق في التنقل والعيش في بيئة مرورية آمنة".

ولكن يعتقد المعترضون على مشروع القانون أن بعض بنوده مبنية على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، خصوصا ما يتعلق بالحق في اختيار الدين أو تغييره، في حين تؤكد الحكومة أن الأردن أبدى تحفظه على تلك المواد في الاتفاقية الدولية المذكورة.

واستنكر ناشطون كل محاولات تمرير القانون وفرضه على المجتمع، متهمين السلطات الأردنية بالسعي لإرضاء الغرب ومنظماته التي تحيك المؤامرات لتدمير الأسرة المسلمة بفرض قوانين وتمرير سياسات تغريب لا تتماشى مع طبيعة المجتمعات العربية المحافظة. 

وأطلقوا حملة #قانون_الطفل_مسموم، أعلنوا خلالها رفضهم لإقرار قوانين تهدف لتعليم الأطفال الفاحشة والتمرد وإعطاء الفتيات حق الزنا والإجهاض ونشر الشذوذ والدياثة في المجتمع الأردني، مؤكدين أن القانون بمثابة معول هدم للقيم الإسلامية وثوابت الشرعية.

وأكد ناشطون أن أغلب نصوص قانون حماية الطفل تتناسب مع المجتمعات الغربية، التي يولد فيها أغلب الأطفال خارج نطاق الأسرة، مشيرين إلى وجود هجمة شرسة ممنهجة تهدف إلى تدمير وتفكيك الأسرة المسلمة وصناعة جيل فاسد لا يحمل أي قيم أو أخلاق.

ورفضوا تذرع البعض بالموافقة على إقرار قانون الطفل بهدف حماية الأطفال واستدلالهم على معاناتهم ببعض الحالات التي تعرض فيها الأطفال لعنف أسري، مستنكرين استخدام الحالات الفردية للترويج لقانون يفتت الأسرة ويمنع الرقابة الأبوية على الأطفال. 

وانتقدوا تسليط الضوء على بضعة أفعال فردية يمكن للقانون على حاله الحالي ردعها، رافضين تعميم فكرة فساد الأبوة وفشل الرابطة الأسرية وتجريد الأبناء من سياق عائلتهم وتركهم فرائس يمكن التلاعب بهم.

سياسات غربية

 وتفاعلا من الحملة، تعجب الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، من اتهام من يعارض "قانون الطفل" الذي يثأر الجدل بشأنه في الأردن، بأنه "متخلف"؛ وأحيانا "مُحافظ"، مشيرا إلى أن الحقيقة التي يعرفها الجميع أن القانون جزء من منظومة غربية يتم فرضها علينا، وهدفها تدمير منظومة الأسرة كحصن أخير لمجتمعاتنا.

وأوضح محمد علاء، أن طمس الفطرة، ومحاربة الدين، وتسهيل الحرام، ووأد الفضيلة، وتفكيك الأسرة- التي قد تفككت في دولهم-، هو هدف الدول العلمانية الغربية، لافتا إلى أن مفهوم الفضيلة والأخلاق عندهم نسبي لأنها دول تنطلق من فلسفات مادية إلحادية.

ورأى أحد المغردين، أن قانون حقوق الطفل مثل حقوق المرأة حق يراد به باطل وإملاءات من دول الانحلال الأوروبي والأميركي التي وصفها بالكاذبة والمنافقة التي تتبع برامج تحديد النسل وحماية الأسرة وربطها بالمساعدات والمنح من دول الاتحاد الأوروبي وامريكا لتدمير المجتمعات المسلمة.

وأكدت المغردة سعاد، أن جميع القوانين المخالفة للفطرة السليمة كحقوق "المثلية" أو المخالفة للقرآن والسنة كحقوق (الطفل والمرأة) هي قوانين وضعية مسمومة بنوايا عدوانية هدفها الرئيس تغريب المسلمين ومحو دين الإسلام بالكلية.

وتساءل أستاذ الفقه وأصوله من الجامعة الأردنية أيمن البلوي: "ألا يوجد في الأردن أهل اختصاص بالشرع والتربية وصياغة القوانين؟!"، مضيفا: "إن كان الجواب نعم يوجد.. فما حاجتنا لقوانين مشؤومة تفرض علينا من الخارج!، وإن كان الجواب لا يوجد.. فهو إعلان رسمي لفشل كل مؤسسات التعليم والتربية في الأردن من جامعات ومدارس ووزارات".

كما تساءل معلم التربية الإسلامية عيسى الجيتاوي: "هل خلا الإسلام من قانون يحمي الأطفال ويضمن لهم حقوقهم كلها؟"، داعيا إلى الرجوع إلى نظام الأسرة في الإسلام وعندها ستحل كل المشاكل التربوية والقيمية.

أسباب الرفض

وخصص ناشطون تغريداتهم للحديث عن أسباب رفضهم لتمرير القانون، مؤكدين أنه جريمة لن تمر بحق الأسرة والأطفال والأخلاق.

الأكاديمي والداعية الإسلامي الأردني إياد قنيبي، بث حلقة بين فيها حقيقة بعض العبارات المسمومة في القانون وحقيقة الأمم المتحدة ومعاهداتها، وتحدث عن البنود التي تساعد على الزنا والشذوذ بوضوح، داعيا المدافعين عن القانون للرد على ما جاء بالحلقة وإلا فلا يغضبوا إذا اتهمهم بإرادة تدمير مجتمعنا الأردني.

وأعادت الكاتبة إحسان الفقيه، نشر رد قنيبي، على المدافعين عن قانون الطفل، مشيرة إلى أنه من العادي أن نُصادف من يدافع عن الباطل في كل موضع وفي كل حين، إلا أن المسلم الذي يعرف أساسيات دينه، يعلم أن رؤية قانون أفضل من قانون الله يُعتبر من نواقض التوحيد ويدخل في الشرك الذي لا يغفره الله ما لم يَتُب صاحبه، وفق تعبيرها.

وأوضح مدير مكتب كتلة الإصلاح النيابية بالأردن خالد وليد الجهني، أن بعض من يؤيدون مشروع قانون الطفل في الأردن لهم أزمة مع الإسلام أساسا، ويرفضون كعلمانيين استناد أي تشريع للإسلام، مع أن الإسلام في الدستور دين الدولة.

وأردف: "لذلك عندما تطالبهم بأن تدرج في القانون عبارة (ألا يتعارض مع الشريعة الإسلامية) تراهم لووا رؤوسهم وصعروا خدودهم".

رئيس القطاع الشبابي في حزب جبهة العمل الإسلامي رياض السنيد، قال إن مسودة قانون الطفل المسموم مرفوضة شعبيا، مؤكدا أن الأسرة والمجتمع والبلد كلها تحتاج إلى قانون يحفظها من العبث السياسي والمجتمعي.

وأكد المغرد إبراهيم أن هذا القانون هدفه الرئيس هدم الأسرة والقيم الإسلامية، معربا عن استغرابه ممن يطبعون لهذا القانون وكأن أطفال المسلمين يعيشون حياة سيئة بلا حقوق، وأن هذا القانون هو المنقذ.

ورفض بلال الخالدي، الخضوع لمنظمات وأتباع سيداو الذين يعتاشون على تدمير القيم وهدفهم القضاء على الأسرة عن طريق الطفل، داعيا إلى قطع الطريق عليهم.

الحكومة والبرلمان

وصب ناشطون غضبهم على الحكومة ومجلس النواب، وانتقدوا سعيهم لتمرير القوانين التي تهدف إلى تدمير المجتمع والأسرة.

واستنكر المحامي والباحث الأكاديمي والمستشار القانوني حسين الدريدي، سعي مجالس النواب في المزارع العربية وتسابقها إلى إقرار القوانين التي تمهد لتشريع الشذوذ وتدمير المنظومة الأُسرية.

وبين أن ذلك يحدث تحت ضغط الحاجة إلى القروض والمساعدات من الدول الكافرة، ويضربون بعرض الحائط شرع الله.

وأكد محمد المكالحة، أن الحكومة الأردنية لن تنفذ من كل بنود قانون حماية الطفل سوى حرية الجنس والجندر والدين ورفض الأبوة والأسرة، أما بقية الكلام عن حقوق وحريات وتعليم وصحة وتعبير عن رأي فلن يرى منها الطفل شيئا.

ولفت محمد علي إلى أنه يظهر لكل عاقل أن تمرير مثل هذا القانون من الدول المسلمة العربية ليس إلا لمصلحة الحكومة الممررة للقانون (مصلحة إرضاء الغرب المسيطر على الحكم).

وأكد عبيدة أبو عياد، أنه لا ثقة بأداء الحكومة ولا ثقة للنواب الموافقين على إقرار قانون الطفل.

ووفق دراسة نشرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) في 2021، تقدر نسبة الأشخاص من دون سن 18 عاما بأكثر من 40 في المئة من سكان الأردن، أي حوالي 4.2 ملايين طفل.

وأضافت أن حوالي 50 في المئة من الأطفال تعرضوا للإيذاء الجسدي من قبل الوالدين أو الأوصياء القانونيين ومعلمي المدارس والأشقاء، إضافة إلى تزايد التنمر على شبكة الإنترنت.