"لا حل عسكريا".. إعلام عبري: تخبط إسرائيلي متواصل بشأن الحرب مع غزة
تحدثت وسائل إعلام عبرية عن النتائج التي قالت إنه يجب استخلاصها من "العملية العسكرية" الإسرائيلية الأخيرة في قطاع غزة، وأبرزها أنه "لا حل عسكري".
وشن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا جديدا ضد قطاع غزة في 5 أغسطس/آب 2022 واستمر لثلاثة أيام، باغتياله تيسير الجعبري القائد في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، بلغ عدد شهداء العدوان الإسرائيلي 49، من بينهم 17 طفلا و4 سيدات، في حين أصيب العشرات.
وردت المقاومة الفلسطينية بإطلاق عشرات الصواريخ تجاه الأراضي المحتلة في عملية سمتها "وحدة الساحات"، وأطلق عليها الاحتلال "بزوغ الفجر".
لا حل عسكري
وأشار موقع "واي نت" العبري إلى أنه في اللحظات الأولى للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة تنبأ سياسيون وصحفيون ومغردون بتكرار سيناريوهات من الممكن أن يتجرأ فيها العرب على العودة إلى أحداث مايو/أيار 2021 التي واجهوا فيها الإسرائيليين بالشوارع في المدن المحتلة عام 1948.
ونوه الموقع التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أنه مع انتهاء "العملية" هدأت التهديدات وغيرت مسارها عن قضية "الوقوف بجانب غزة ضد الجيش الإسرائيلي".
ويرى أن العلاقة بين التهديدات التي يتعرض لها المواطنون العرب أثناء التوتر، والغبطة في النجاح التكنولوجي لاحقا واضحة جدا.
فقد أعطت التكنولوجيا المتقدمة لنظام "القبة الحديدية" الدفاعي معظم الإسرائيليين الشعور بالأمن، وأن ما يحدث في قطاع غزة لا علاقة له بهم ولا يؤثر عليهم، وفق قوله.
وزعم أن "الهجمات في غزة نالت شرعية واسعة في نفس الوقت الذي جرى فيه تجاهل الحصار بالقطاع بشكل شبه كامل من قبل القلة الذين ظلوا مهتمين بهذا الأمر".
ويرى "أمجد شبيتا" المدير المشارك لمنظمة "Sichok-Opok" التي تعمل على تعزيز ما يسمى "المساواة والمجتمع المشترك بين العرب واليهود في إسرائيل" أنه من واجب "عرب الداخل المحتل، واليهود اليساريين وكل من يعارض الحرب والعنف الاستمرار في التعبير عن الصوت المهمش والمكتوم في أثناء الحرب".
وأشار شبيتا إلى أن هذه المهمة أصبحت قاصرة على المجتمع العربي وتناقص عدد المقاتلين اليهود من اليسار.
وولفت إلى أن رئيسة حزب العمل اليساري "ميراف ميخائيلي" لم يهتز لها طرف عندما شوهت الواقع واتهمت غزة بفرض حصار على إسرائيل، ومثلها هناك كثيرون آخرون في هذا المعسكر.
ويرى أن رفع صوت معارضة الحرب ليس واجبي فقط بصفتي فردا من أبناء الشعب الفلسطيني، ولكن أيضا كمواطن في دولة لها مصلحة في التحرر من الاحتلال، والتفوق، والتمييز وآثاره الجانبية المدمرة.
وأردف: "كمواطن في الدولة من واجبي أن أهز المجتمع الإسرائيلي من ثمل القوة والمجد بالتكنولوجيا، وأن أقول مرارا وتكرارا: لا يوجد حل عسكري، فالتكنولوجيا الأكثر تطورا لن تقهر الفلسطينيين".
وتابع بالقول: "إليكم الحقائق: في العقدين الماضيين جرت 14 عملية عسكرية في غزة، كلها في المتوسط كانت تحدث مرة كل عام ونصف، وجميعها فشلت فشلا ذريعا".
على عكس الاعتقاد الشائع، فشل التهديد بالقضاء على غزة أو كبح جماح سكانها.
وركز إطلاق النار والقصف على الهدف "الأكثر واقعية" المتمثل في القضاء على التنظيم الأول في غزة وهو حركة المقاومة الإسلامية حماس، وفق ما يقول.
وفي المقابل، فشلت أكثر التقنيات تقدما في العالم بالقضاء على التنظيم الآخر هناك وهو حركة الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري سرايا القدس.
ويرى شبيتا أنه في العملية المقبلة ستفشل التكنولوجيا الأكثر تطورا في هزيمة التنظيم الثالث في القطاع، أيا كانت هويته.
فلا يوجد حل عسكري، ودولة إسرائيل محظوظة بوجود أقلية كبيرة وقوية داخلها لا تتخلى عن السباحة ضد التيار وإسماع هذا الصوت، كما يقول.
وأكد شبيتا أن القوة والتكنولوجيا لها حدود، "وهذه ليست المرة الأولى التي يسعد فيها الأقوياء بسحر التقدم، وحتى في أبشع الحروب في التاريخ الأكثر إيلاما للبشرية عامة وللشعب اليهودي خاصة".
فقد كتب الكاتب المسرحي والشاعر الألماني "بيرتولد بريخت" خلال الحرب العالمية الثانية: "طائرتك سلاح جبار، تطير عاليا كالنسر، إنها تهاجم، سريعة وحديثة، لكن لها عيب واحد فهي تحتاج إلى طيار يكون بداخله إنسان مخلوق فعال للغاية، يعلم كيف يطير ويقود ويقتل، لكن لديه عيب واحد: أنه (لا) يعرف كيف يفكر".
ولفت شبيتا إلى أنه على الرغم من أنه في إسرائيل عام 2022 جرى التغلب على "الخلل في الطائرة"، ويمكن لعدد كبير من المركبات الطيران والقتل بدون طيار.
لكن لن تحل أبدا جميع التقنيات، والرقابة، ومفاعلات الانصهار، وكواتم الصوت، والمدافع المدوية والسجون المكتظة، والخلل في الإنسان يكمن في القدرة على التفكير، بحسب تعبيره.
وخلص المدير شبيتا في نهاية مقالته إلى القول، لن ينجحوا أبدا في فصل الشخص عن محنة شعبه.
قرار الحرب
وفي مقال آخر، قال ذات الموقع إن الهرم الرسمي في إسرائيل مقلوب من جهة أن المسؤولين الأمنيين يلعبون دورا أكثر من السياسيين في إقرار الحرب على قطاع غزة.
فالمسؤولون الأمنيون في جهازي الشاباك (الأمن العام) والموساد (الاستخبارات الخارجية) والاستخبارات يعدون أنفسهم فوق القانون والرقابة من قبل أي فرد في الدولة.
فقد أعلن في الأيام الأخيرة عن نقاش حول الحاجة إلى موافقة مجلس الوزراء السياسي (المجلس الأمني المصغر المعروف باسم الكابنيت ويضم عدة وزراء) على بدء عملية "بزوغ الفجر" في غزة.
وأشار "واي نت" إلى أن الوزير "نيتسان هورويتش" أوضح أنه كان من الضروري الموافقة على هذه الحرب.
ومن ناحية أخرى، رد رئيس الوزراء يائير لابيد بأن عملية من هذا النوع لا تحتاج إلى موافقة محددة من مجلس الوزراء "الكابنيت".
وحتى بدون معرفة ما قيل بالضبط في الاجتماعات السرية، فمن الممكن فهم جذور الخلاف الذي يجري في تلك الأروقة ومعرفة المجريات القانونية فيما يتعلق باتخاذ القرار وبالعمليات العسكرية، ولكن صلاحيات الهيئات المدنية المختلفة مفتقدة بشدة ولا يجري دعمها بشكل واسع.
ومن الواضح أن المستوى العسكري تابع للسياسي، الذي تلزم موافقته لبدء العمليات العسكرية، كبيرة كانت أو محدودة.
ولفت إلى أن أعلى مستوى سياسي في الأمور الأمنية بشكل عام، والتعليمات للجيش بشكل خاص، هي الحكومة الإسرائيلية.
وأكد الموقع العبري أن الوضع المنشود يتطلب قبول قرارات المستوى السياسي في منتدى مهني وواسع، مما سيتيح مناقشة موضوعية وذات مغزى بالإضافة إلى إشراف ورقابة حقيقيين على النشاط العسكري.
وعلى رأس السلطة التنفيذية في إسرائيل، تقف الحكومة كهيئة جماعية، ومن المناسب أن تجري عملية صنع القرار على الأقل من قبل هيئة تمثل الحكومة قدر الإمكان.
ونوه الموقع العبري إلى أنه لا يسمح باتخاذ قرار من قبل شخص واحد أو مجموعة صغيرة.
وينص " القانون الأساسي" على أنه يمكن للحكومة بالفعل تفويض سلطتها إلى مجلس الوزراء (المصغر)، لأنه هو صاحب القرارات الأمنية.
لكن قرار مجلس الوزراء مطلوب فقط فيما يتعلق بخوض "حرب" أو عمل عسكري كبير قد يؤدي بمستوى من الاحتمال وشبه مؤكد إلى حرب.
ولا يحدد القانون ماهية الحرب، وحكم المحكمة العليا في هذه القضية يمنح الحكومة مرونة كبيرة في التصرف.
والنتيجة أن الهرم ينقلب على رأسه: "أجهزة الأمن تحدد متى سيشرف مجلس الوزراء على عمله".
وهناك مشكلة أخرى وهي تشكيل المجلس المصغر: فهو ينعقد بناء على قرار رئيس الوزراء وبدون مواعيد محددة.
في الواقع، ترك ضعف مجلس الوزراء المصغر ومقر الأمن القومي معظم صنع القرار في أيدي رئيس الوزراء ووزير الجيش، دون التعمق والتدقيق الذي يمكن أن تؤدي إليه المناقشات المهمة في المجلس.
وأوضح الموقع أنه يجب أن ينص في القانون الأساسي على أن سلطة مجلس الوزراء هي المسؤولة عن اتخاذ قرار بشأن "الأعمال العدائية على نطاق واسع" وليس فقط بشأن الحرب.
كما يجب أن يعهد بسلطة اتخاذ القرار بشأن احتمال أن يؤدي العمل إلى أعمال عدائية إلى رؤساء أجهزة المخابرات، وليس فقط إلى الجيش الإسرائيلي.
وأردف: "يجب أن يحدد القانون الحد الأدنى المطلوب من أعضاء مجلس الوزراء في الاجتماعات لاتخاذ القرارات، فضلا عن المعلومات التي سيتلقونها، كما ينبغي السماح لثلث أعضاء المجلس بالمطالبة بالانعقاد".
وخلص إلى القول: "تبين أن العملية العسكرية الأخيرة في غزة كانت قصيرة وانتهت بنجاح على ما يبدو، لكن يجب أن يستعد نظام اتخاذ القرار في مسائل الأمن القومي أيضا لسيناريوهات سيئة، ومن أجل التعامل معها هناك حاجة إلى تعديل".