شركات المناولة.. هكذا ساهمت في "استغلال واستعباد" النساء بالمغرب

12

طباعة

مشاركة

أصوات منددة تتعالى في المغرب، لإنقاذ الطبقة العاملة من جشع شركات ساهمت في "استعباد واستغلال" العمال، خاصة من النساء.

وأطلق "اتحاد نسائي" حملة ترافعية للدفاع عن حقوق العاملات في "شركات المناولة"، وسط اتهامات لها بـ"استعباد" النساء وإجبارهن على العمل في ظروف غير لائقة.

و"شركات المناولة"، مهمتها توفير اليد العاملة لأصحاب المؤسسات العمومية والخاصة في مجالات عدة كالحراسة والتنظيف والتصنيع.

والمتعاقدون معها ينحدر أغلبهم من طبقات اجتماعية هشة تعاني الفقر والتهميش، وهم يمتلكون مهارات أو إمكانيات كبيرة.

بيد أن مستواهم التعليمي عموما محدود جدا إلى بسيط فمؤهل (أصحاب الشهادات)، مما يضطرهم لقبول العمل في ظروف أقل ما يقال عنها مزرية.

استعباد وتمييز

وأطلق الاتحاد التقدمي لنساء المغرب، المنضوي تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، في يونيو/حزيران 2022، حملة احتجاجية ترافعية للدفاع عن حقوق النساء العاملات في بعض شركات المناولة.

والحملة التي امتدت من 16 يونيو إلى 6 يوليو/تموز 2022، حملت شعار "كفى من استعباد واستغلال النساء العاملات في شركات المناولة! امنحوهن حقوقهن من أجر يضمن العيش الكريم، وظروف العمل اللائق".

الحملة الترافعية نبهت إلى وجود "عدم احترام للحد الأدنى للأجور، والحرمان من الأقدمية وغياب الاستقرار في العمل، وغياب الحماية الاجتماعية بعدم التصريح، والتصريح الناقص بالعاملات لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي".

كما تحدث عن غياب "التأمين على حوادث الشغل، والحرمان من حقوق الأمومة والصحة الإنجابية، والتعرض للتحرش الجنسي، ولكل أشكال العنف والانتهاكات المرفوضة أخلاقيا واجتماعيا في غياب أية حماية قانونية حقيقية".

ودعا الاتحاد التقدمي لنساء المغرب إلى "التصدي لكل أشكال الاستعباد والظلم والتعسف والتمييز الذي يطال عاملات وعمال شركات المناولة، وإسماع صوتهم وفضح حقيقة بعض الشركات، والخروقات الجسيمة التي ترتكبها في حق العاملات والعمال بها".

ودقت الحملة "ناقوس الخطر لما أضحت تشكله شركات المناولة من تهديد خطير للاستقرار والسلم الاجتماعيين، بضرب الحق المقدس في العمل اللائق والعيش الكريم"، داعية العمال إلى "الانخراط المكثف فيها لوقف الانتهاكات المهنية".

منظمة "أوكسفام" الدولية، طالبت المغرب بـ"تحسين وضعية حراس الأمن الخاص وعاملات النظافة".

وقالت المنظمة في تقرير لها حول "ظروف العمل في قطاعي الأمن والنظافة بالمغرب”، إن "حراس الأمن الخاص وعاملات النظافة، يشتغلون في ظروف تطبعها القسوة ولا تساهم في الاستقرار الوظيفي لهذه الفئة".

وبينت أن العاملين في القطاع يشتغلون في إطار غير مهيكل، وبعقود شغل مؤقتة، يتقاضون بموجبها أجورا زهيدة، ويجري تغيير ساعات عملها باستمرار، من قبل شركات المناولة، التي تقتطع أقساطا مهمة من أجورهم".

وأوضحت أن "عاملات النظافة هن الأكثر تعرضا للتعسف والفصل عن العمل"، مشيرة إلى أنهن يشتغلن لساعات طويلة تتجاوز 14 و16 ساعة، في خرق لما هو متفق عليه في عقود الشغل، وغياب لأدنى عناية صحية بهن رغم ما يبذلنه من جهد بدني شاق.

إلى جانب حراس الأمن الخاص، الذين يشتغلون بدون تغطية صحية وتأمين على حوادث الشغل، "مما يجعلهم معرضين لكل أصناف الهشاشة".

وعبرت "أوكسفام"، عن رفضها لوضعية عمل هذه الفئة من العمال، وخاصة حراس الأمن، والذين يتواصلون يوميا وبشكل مباشر مع المواطنين، 24 ساعة على 24، بما في ذلك أيام العطل ونهاية الأسبوع.

وشددت على ضرورة تحسين وضعية هذه الفئة من خلال مراجعة القانون التشريعي المتعلق بها، مع تشديد مصالح الدولة المختصة المراقبة على شركات المناولة التي تشغل حراس الأمن وعاملات النظافة دون احترام ساعات العمل القانونية.

أجور زهيدة

الحقوقي، محمد عيسى، دعا الحكومة المغربية، إلى "تحسين وضعية الطبقة الشغيلة، مع تشديد مصالح الدولة المختصة، المراقبة الإدارية والقانونية على شركات المناولة التي تشغل دون احترام لساعات العمل القانونية و الحد الأدنى للأجور.".

وفي حديث لـ"الاستقلال"، طالب عيسى الإدارات الرسمية المعنية، أن "تعتمد مقترحات المجتمع المدني التي هي موضوعية وقابلة للتنفيذ ولا تتطلب سوى النية الحسنة والإرادة الحقيقية لتحقيقها".

واقترح "إخراج قانون منصف لهذه الفئة العريضة من المجتمع، وطرح مشاكلهم وقضاياهم، بهدف بلورة مشروع قانون ينصف هذه الطبقة التي تعرف ظروف عملها تدهورا متزايدا في ظل صمت للوزارة الوصية على القطاع".

الحقوقية إلهام بلفحيلي دونت بالقول: "عبودية القرن الواحد والعشرين، الاستعباد والاستغلال في أبشع صوره، الحكرة الظلم الغبن، هذا حال عمال وعاملات شركات المناولة بالمغرب، لا عدالة أجرية ولا ضمان اجتماعيا، لا عطلة، لا رخصة مرضية، لا حقوق، لا حريات".

وأضافت عبر موقع فيسبوك أن "قانون الغاب في دولة الحماية الاجتماعية، حيث يتم الاسترقاق ويستعبد البشر، حيث الرق والعبودية تحت وصاية الدولة المغربية، شركات لا مواطنة لا قانونية لا شرعية لها، فقط وجدت لكسب المال على حساب العمال والعاملات، في ظل هذا الوضع ومع التتبع اليومي لهؤلاء العمال والعاملات".

بدورها، قالت نائبة رئيسة الاتحاد التقدمي لنساء المغرب، أسماء لمراني، إن “الاتحاد النسائي يدافع عن حقوق النساء بصفة عامة، والعاملات بصفة خاصة، منذ تأسيسه سنة 1962 بعد الحصول على الاستقلال”.

وأضافت لمراني، لموقع "هسبريس" في 22 يونيو 2022، أن “الاتحاد تلقى مئات الشكايات والملفات المتعلقة بخروقات شركات المناولة التي انتشرت بشكل ضخم في بلادنا؛ بل أصبح حضورها قويا بالمؤسسات العمومية التي توجهت إلى خوصصة عدد من خدماتها”.

وأوضحت أن “تلك الشركات ساهمت في هشاشة قطاع الشغل؛ ذلك أن جل تلك النساء يشتغلن في القطاع غير المهيكل دون توفرهن على الحقوق الاجتماعية الأساسية، بما يشمل الأجرة الشهرية والتعويضات الصحية”.

وتابعت نائبة رئيسة الاتحاد التقدمي لنساء المغرب بأن “العديد من شركات المناولة تغامر بصحة تلك النساء دون أدنى تدخل من لدن الجهات الرسمية، علما أنها تتحصل على ميزانيات طائلة لتمويل القطاعات الخدماتية التي تشرف عليها؛ لكن العاملات هن الحلقة الأضعف في المنظومة”.