مثنى السامرائي.. رجل أعمال وسياسي يدعمه حلفاء إيران لزعامة سنة العراق

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

رغم ملفات الفساد الكبيرة التي تطارد النائب في البرلمان العراقي، مثنى السامرائي، لكنه بات مؤخرا أحد الشخصيات السياسية التي تعول عليها القوى الشيعية النافذة، لتوليته زعامة المكون السني في محاولة لإحداث توازن مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

وفي 24 يونيو/ حزيران 2022، استطاع السامرائي الذي تزعم تحالف "العزم" عقب السياسي خميس خنجر، إحداث انشقاق في تحالف "السيادة" (السني) بقيادة الحلبوسي، وذلك باستقطاب رئيس حزب "الجماهير" أحمد الجبوري (أبو مازن) وكتلته البرلمانية (6 نواب) وضمهم إلى تحالفه.

وتعليقا على انسحابه، قال الجبوري في بيان: "كنا في تحالف قوي متماسك، ولكن قرار السيد مقتدى الصدر (زعيم التيار الصدري) بالاستقالة من البرلمان كان له أثر كبير في تغيير خارطة التحالفات".

وتحالف "العزم" بقيادة السامرائي من بين أهم القوى السنية المحسوبة على محور قوى "الإطار التنسيقي" الذي يضم قوى سياسية شيعية موالية لإيران أبرزها فصائل الحشد الشعبي.

وانسحاب النواب من "تحالف السيادة"، وعودتهم إلى تحالف "العزم" سيعزز، وفق مراقبين، حظوظ قوى الإطار التنسيقي بإعلان نفسه الكتلة النيابية الأكثر عددا وتسمية مرشحها لتشكيل الحكومة الجديدة.

رجل أعمال

لم يمكن اسم مثنى عبد الصمد حسين العباسي السامرائي (43 عاما) المنحدر من مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين، ظاهرا إلى العلن قبل عام 2014، إلا أنه كان يعرف في الأوساط السياسية كرجل أعمال وحصوله على صفقات تتعلق بعدد من الوزارات.

مثنى حاصل على شهادة الإعدادية، وكان يعمل مع والده في المطابع قبل عام 2003، إذ إن والده عمل في دار الحرية، ودار آفاق عربية ثم تقاعد وأسس مطبعة خاصة في بغداد، وبعدها أصبح وكيلا عن مطابع أردنية تطبع كتب المناهج الدراسية العراقية.

بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، عمل مثنى السامرائي في مصرف الوركاء حتى عين مديرا لفرع المصرف بمنطقة كرادة مريم في بغداد (داخل المنطقة الخضراء شديدة التحصين)، التي تقع داخلها المقرات الحساسة، مثل رئاسة الجمهورية والبرلمان ومجلس الوزراء، إضافة للسفارة الأميركية.

ويمتلك مثنى السامرائي شركة "الوفاق للطباعة"، التي تتولى طباعة المناهج الدراسية العراقية في كل عام، ويملك مثنى مصرف "الوفاق" الإسلامي المسمى سابقا مصرف الرواحل، ووضع البنك المركزي يده على المصرف واحتجز الأموال المودعة فيه عام 2020.

وأظهرت وثيقة صادرة عن البنك المركزي العراقي في 30 مارس/آذار 2020، تحمل توقيع محافظ البنك مصطفى غالب مخيف، موجهة إلى الجهات القضائية العليا، تعلمهم فيها بوضع اليد على بنك "الوفاق"، وحجز أمواله البالغة 8 مليارات دينار (نحو 6.6 ملايين دولار) لغرض زيادة رأس المال.

وحول أسباب ذلك، نقلت صحيفة "العالم الجديد" العراقية في 31 مارس/آذار 2020 عن مصدر (لم تكشف هويته)، قوله إن "للمصرف المذكور دورا في تحويل 41 مليار دينار (34 مليون دولار) من حساب وزارة التربية".

ولفت المصدر إلى أن "هناك أمرا سابقا للبنك المركزي بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لشركة (أرض الوطن) اللبنانية المتورطة بالقضية التي تتعلق بعقد تأمين صحي أبرمته معها وزارة التربية".

سياسي ونائب

عرف عن السامرائي كثرة مغادرة العراق لكنه استقر فيه من عام 2014، حيث اتخذه سليم الجبوري رئيس البرلمان مستشارا له، وذكر في وقتها أن "السامرائي" كان ممولا للسياسيين السنة بالعراق في وقتها.

ترشح السامرائي للانتخابات البرلمانية عام 2014 عن مدينته سامراء في قائمة ائتلاف "متحدون للإصلاح" بقيادة السياسي السني أسامة النجيفي، ذات الرقم 259 وبتسلسل 23 في محافظة صلاح الدين.

ورغم إنفاقه الكثير من الأموال على دعايته الانتخابية، إذ نقلت مواقع محلية عن أهالي سامراء أنه وإضافة للمبالغ المالية الكبيرة التي أنفقت على حملته الانتخابية، فقد كان يمنح من يزوره من أهالي مدينته مبلغ (200 دولار) كهدية على زيارته، ومع كل ذلك خسر الانتخابات وخرج خالي الوفاض.

كما أن السامرائي فشل عام 2017 في نيل عضوية البرلمان كبديل عن ابن مدينته النائب مطشر السامرائي الذي قدم الاستقالة لأسباب صحية، إلا أن نوابا عن التيار الصدري اعترضوا على ذلك لاتهامات تتعلق بالفساد المالي.

وقبل أن يعمل السامرائي مستشارا لرئيس البرلمان العراقي السابق سليم الجبوري (2014-2018)، تولى رئاسة تحالف "الوطن أولا" في انتخابات عام 2018.

وأصبح عضوا في البرلمان عن محافظة صلاح الدين لأول مرة عام 2018 وحتى اليوم، وشغل في الدورة السابقة (2018- 2021) منصب نائب رئيس اللجنة المالية البرلمانية.

ويتولى السامرائي حاليا رئاسة حزب "المسار المدني"، إضافة إلى قيادته لتحالف "العزم" نحو (20 نائبا)، والذي يعد الكتلة المناوئة لتحالف "السيادة" السني نحو (56 نائبا)، الرافض لتولي الحلبوسي رئاسة البرلمان.

وفضل السامرائي التحالف مع قوى الإطار التنسيقي الشيعي الموالي لإيران بعد انتخابات 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، ضمن تحالف أطلق عليه اسم "الثبات الوطني"، رافضا تشكيل حكومة أغلبية سياسية التي كان يدعو إليها تحالف "إنقاذ الوطن" المشكل من التيار الصدري، وتحالف السيادة، والحزب الديمقراطي الكردستاني.

حوت فساد

تطال السامرائي العديد من قضايا الفساد، حتى أنه يوصف حاليا بأحد حيتان الفساد في العراق، إذ كانت أولى القضايا التي طرح اسمه فيها، حينما اتفق مع الوزير السابق محمد تميم بين عامي 2013- 2014 على شراء الوزارة لشركته الطباعية "الوفاق للطباعة" وتمت عملية الشراء بمبلغ خيالي.

وبسبب نفوذه المتنامي والحديث المتزايد عن ملفات الفساد في عملية طباعة المناهج الدراسية لوزارة التربية، طرح اسم السامرائي كأحد المتهمين بالفساد المالي والإداري في حكومة نوري المالكي الثانية (2010 إلى 2014)، إلا أن الأمر توقف دون تفاصيل الدعوى وسبب إغلاقها.

وفي عام 2019 كان السامرائي أحد أبرز المتهمين بعقد التأمين الصحي الذي أبرمته وزارة التربية العراقية مع شركة "أرض الوطن" وهي مملوكة لرجال أعمال لبنانيين بقيمة 41 مليار دينار (34 مليون دولار) حيث كان تمويل العقد، من رواتب العاملين في وزارة التربية.

ووفق تسريبات صحفية، فقد قسم العقد على الشكل الآتي: 16 مليون دولار للنائب مثنى السامرائي، و3 ملايين لوزيرة التربية سهى العلي، و11 مليونا مقسمة بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والنائب السابق محمد الكربولي ، و5 ملايين لشركة "أرض الوطن" والتي لم تقدم لقاءها أي خدمة.

وبعد خلاف سياسي بسبب انشقاق السامرائي عن كتلة الحلبوسي تسرب العقد للإعلام وبدأ القضاء العراقي بالتحقيق، إذ إنه بعد إصدار مذكرات قبض بحق ملاك الشركة اللبنانية أعادت الأخيرة نحو 30 مليار دينار عراقي (25 مليون دولار)، من أصل قيمة العقد البالغة 41 مليار دينار (34 مليون دولار) في محاولة لفسخ العقد وديا، وبعدها أغلقت القضية.

وقبل ذلك، طلب الادعاء العام من رئاسة البرلمان في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، الموافقة على رفع الحصانة عن النائب السامرائي على خلفية اعترافات أدلت بها وزيرة التربية السابقة بخصوص إحالة عقد التأمين الصحي لمجموعة من المستثمرين اللبنانيين.

وفي 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، شن الكاتب العراقي هارون محمد هجوما لاذعا على مثنى السامرائي، في مقال نشرته وكالة "أور" العراقية، على خلفية ترشيح الأخير لرئاسة لجنة معنية بتسمية مدينة سامراء "عاصمة للحضارة الإسلامية".

وتساءل الكاتب: "هل يعقل أن سامراء، مدينة العلم، ومنارة التاريخ، وحاضنة الثقافة، التي أنجبت فيالق من الأدباء والشعراء والفنانين والمفكرين والباحثين والمؤرخين، وما تزال ترفد العراق بالمثقفين والأكاديميين والأساتذة،، لا تجد غير النائب المحتال، واللص النشال، مثنى السامرائي، ليكون رئيسا للجنة، يحمل اسمها، كعاصمة للحضارة الإسلامية!؟".

وأضاف: "هل يبست عاصمة الإمبراطورية العباسية الثانية، من رموز الثقافة والفنون والآداب فيها، حتى يقفز (حرامي) وزارة التربية، ومشوه مناهجها، وغاصب مطبعتها، وناهب التأمين الصحي فيها، ويصبح مسؤولا للجنة؟".

وتابع محمد، "يفترض أن تكون هذه اللجنة علمية وثقافية وآثارية، وليست سياسية أو نيابية، والمدينة عبر تاريخها الطويل قدمت للعراق والوطن العربي نماذج مضيئة، وقامات عالية، وشخصيات متميزة، أبهرت العالم، أينما حلت، وحيثما نزلت، في علو منزلتها، ورفعة مكانتها".

وأضاف: "تحتاج سامراء، بالفعل، إلى لجان وهيئات تنهض بها، وتعيد البسمة إلى وجهها، بعد سنوات من إهمالها قصدا، والحقد عليها عمدا، ولكن على أيدي أبنائها، وهمة مبدعيها ورموزها، وما أكثرهم والحمد لله، ولا يشرفها أن يتصدر محسوب عليها بالانتماء واللقب فقط، مسارا فيها، أو عملا يخصها، وهو الذي لا يتذكرها إلا في مواسم الانتخابات".