أسوأ أزمة منذ تأسيسها.. صحيفة روسية: فساد عائلة الرئيس يوصل سريلانكا للإفلاس
سلطت صحيفة روسية الضوء على تدهور الوضع في سريلانكا وانتشار الفساد في السلطات في الجزيرة الآسيوية، مما أدى إلى إثارة غضب الشعب وقيامه بالمظاهرات والاحتجاجات العنيفة لإقالة الرئيس، غوتاباي راجاباكسا، وأتباعه.
وتوقفت صحيفة "لينتا دوت رو" في مقال للكاتبة، فيكتوريا كوندراتيفا، عند الدوافع التي أدت إلى استشاطة الشعب غضبا ومحاولة الإجابة عن إمكانية خضوع الدولة لمطالب الشعب.
وقالت كوندراتيفا إن "سريلانكا تعاني من أخطر أزمة اقتصادية في تاريخها فقد نفد البنزين في البلاد، وليس لدى الناس ما يكفي من الغذاء والدواء، كما اضطر البنك المركزي إلى طباعة المزيد من الأموال لدفع رواتب المسؤولين".
وأشارت إلى أنه "نتيجة لذلك، طغت الاحتجاجات الجماهيرية على الدولة منذ عدة أشهر، حيث يطالب الناس باستقالة الرئيس راجاباكسا وإجراء إصلاحات جديدة، فيما تصاعدت المظاهرات بانتظام وتحولت إلى اشتباكات مع الشرطة، حيث أصيب مئات الأشخاص وآخرون لقوا حتفهم".
على وشك الانهيار
وأوضحت كوندراتيفا أن "سريلانكا تشهد أزمة اقتصادية وسياسية خطيرة منذ تأسيسها عام 1948، عندما نالت الدولة استقلالها عن بريطانيا، وهي الآن على شفا الإفلاس، حيث يقدر الدين الخارجي بـ51 مليار دولار، وحسب وزير المالية، علي صبري، ينبغي للسلطات إعادة هيكلة الديون على وجه السرعة وطلب المساعدة المالية الخارجية".
فيما أكد رئيس الوزراء، رانيل ويكراماسينغي، في 16 مايو/أيار 2022، أن "البنزين نفد من الجزيرة، حيث يموت بعض السريلانكيين أثناء وقوفهم في طوابير طويلة للحصول على الوقود، في حين أن البعض الآخر بالكاد يتكاتف معا للحصول على الطعام، فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 30 بالمئة في مارس/آذار 2022 فقط".
وعلقت الكاتبة: "على سبيل المثال، ارتفعت تكلفة الأرز بنسبة 93 بالمئة منذ عام 2019، وهو أحد الأطعمة الأساسية في سريلانكا، وارتفعت أسعار الدجاج والعدس ما لا يقل عن 55 بالمئة و117 بالمئة على التوالي، وذلك خلال نفس الفترة الزمنية".
أما عن مجال الرعاية الصحية، فالأمور تزداد سوءا حيث يتم جلب 85 بالمئة من الأدوية من الخارج، ولكن من الصعب أيضا توفيرها بسبب الإجراءات التقييدية المتعلقة بفيروس كورونا، تقول كوندراتيفا.
وفي نهاية أبريل/نيسان 2022، أرسلت إندونيسيا بالفعل الدفعة الأولى من المساعدات الطبية إلى سريلانكا، وتعد جاكرتا أحد المصدرين الرئيسين للمنتجات الصيدلانية لكولومبو.
كما وعدت السلطات الهندية أن تحذو حذوها، وأعلنت أنها ستزود سريلانكا بمساعدات تبلغ أكثر من 88 مليون روبية (أي ما يزيد قليلا عن مليون دولار).
ومع ذلك، وحسب تقديرات تقريبية لسلطات سريلانكا، فإنها ستحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاثة مليارات دولار فقط لتزويد الضروريات، وهي الأدوية والغذاء والوقود.
وأكدت كوندراتيفا أنه "نتيجة لذلك قام متظاهرون يائسون، كثير منهم لا يملكون المال الكافي للطعام، بمحاصرة وتخريب مساكن أقارب الرئيس السريلانكي، فقد اتهموه بالفشل في التعامل مع الأزمة الاقتصادية ويطالبون باستقالته".
وأحرق المتظاهرون أكثر من 40 منزلا لأعضاء الحزب الحاكم، فضلا عن مئات السيارات والدراجات النارية والمقار المحلية للحزب الشيوعي الحاكم.
ودفع المتظاهرون حافلات تقل أنصار الرئيس راجاباكسا إلى كولومبو في بحيرة قرب مقر إقامة رئيس الوزراء، كما تم دفع الأشخاص المشتبه في ولائهم للحكومة في نفس البحيرة.
مسألة عائلية
وأشارت الكاتبة إلى أن ما يغضب الشعب السريلانكي أكثر وأكثر أن هناك محسوبية بين كبار المسؤولين، حيث يحتل أقارب الرئيس أعلى المناصب، وشغل أشقاء الرئيس "ماهيندا" و"باسيل" و"شمال" منصب رئيس الوزراء ووزير المالية ووزير الري على التوالي، بينما يشغل ابن شقيق الرئيس "نامال" منصب وزير الشباب والرياضة.
وفي الوقت نفسه، كان ماهيندا (أكبر إخوة راجاباكسا) رئيسا للبلاد من 2005 إلى 2015، وشغل هذا المنصب لفترتين متتاليتين.
ومكن فوز "غوتاباي" و"ماهيندا" في الانتخابات البرلمانية عام 2021 من وضعهم في مثل هذه المناصب بعد تغيير الدستور جذريا في السابق.
ومع ذلك، سئم السريلانكيون من عائلة "راجاباكسا" واستمروا في المطالبة بالإصلاحات، تؤكد كوندراتيفا.
وقدم جميع أعضاء الحكومة السريلانكية استقالاتهم أوائل أبريل 2021 على أمل تهدئة المحتجين (وقبل ذلك، قرر شمال وباسيل ونامال اتخاذ مثل هذه الخطوة).
ومع ذلك، اكتسبت الحركة المناهضة للحكومة زخما فقط، ومنتصف أبريل 2022، استقال رئيس الوزراء، ماهيندا أيضا.
وبدلا من ذلك، تولى المنصب زعيم الحزب الوطني المتحد، ويكراماسينغي، الذي كان قد انتخب بالفعل رئيسا للوزراء أربع مرات، ثم وعد الرئيس راجاباكسا، بأنه سيوسع وظائف البرلمان ويتخلى عن عدد من سلطاته.
ورغم أن زعيم الحزب الوطني المتحد، ويكراماسينغي، معارض رسميا، إلا أنه يعد قريبا من عشيرة راجاباكسا، بمعنى آخر، لم يكن لدى السلطات خيار آخر حيث رفض عدد من المعارضين بشكل مباشر الانضمام إلى الحكومة.
ومن بين هؤلاء، على سبيل المثال، زعيم المعارضة والذي يقود ثاني أكبر حزب في البرلمان "قوة الشعوب المتحدة"، ساجيت بريماداسا، وكذلك زعيم حزب السلطة الشعبية الوطنية، أنور كومار ديساناياكي.
وختمت الكاتبة مقالها بالقول إن "السلطات السريلانكية قامت أوائل مايو 2022 بوضع المركبات المدرعة والجيش في شوارع العاصمة، ومددت حظر التجول وسمحت بإطلاق النار دون سابق إنذار على المتظاهرين، ونتيجة للاحتجاجات قتل 9 أشخاص وأصيب ما لا يقل عن 300 شخص".