رغم التطبيع ودعم دحلان.. هل يتصالح محمود عباس مع الإمارات؟
فتحت زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى أبوظبي الحديث عن احتمالية إذابة الخلافات مع الدولة الخليجية بعد تدهورها منذ نحو عامين.
وزار عباس على رأس وفد فلسطيني الإمارات في 15 مايو/أيار 2022، لتقديم التعازي بوفاة رئيس الدولة خليفة بن زايد، وكذلك التهاني بانتخاب أخيه محمد خليفة له.
وهذه الزيارة هي الأولى للرئيس الفلسطيني إلى دولة الإمارات منذ عام 2011.
كسر الجمود
وأشار موقع "نيوز ون" العبري إلى أن عباس التقى أخيرا محمد بن زايد الذي قاد بلاده إلى التطبيع مع إسرائيل برعاية أميركية في أغسطس/آب 2020.
ورافقه في الزيارة "حسين الشيخ" خليفته المحتمل والقيادي البارز في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" وأيضا اللواء "ماجد فرج" رئيس المخابرات العامة.
ونقلت صحيفة "رأي اليوم" الصادرة في لندن عن مصادر خاصة أن زيارة عباس قد تكون الخطوة الأولى لكسر الجمود الذي بدأ بسبب التطبيع ودعم الإمارات محمد دحلان القيادي المفصول من حركة فتح وخصم الرئيس الفلسطيني.
ودحلان كان مستشارا لولي عهد الإمارات محمد بن زايد الذي أصبح رئيسا بعد وفاة أخيه.
وتحدثت الصحيفة عن قناة سرية في دول الخليج تتوسط بين السلطة الفلسطينية والإمارات ومن الممكن عقد المزيد من الاجتماعات في المستقبل القريب لبحث الخلافات بينهما ومحاولة إيجاد حل لها.
ولفت الموقع الأمني العبري إلى أنه قبل أشهر، زار ماجد فرج الإمارات وتجول في معرض "إكسبو دبي 2020"، لكن بحسب مصادر في حركة فتح، كانت هذه أول زيارة سياسية لها نتائج مهمة.
ونوه الموقع العبري إلى أن فرج التقى حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم وبحث معه تحسين العلاقات بين السلطة الفلسطينية والإمارات العربية المتحدة، والتي تراجعت في السنوات الأخيرة.
وينبع الخلل الخطير في العلاقات من سببين رئيسين: دحلان مطلوب للسلطة الفلسطينية بتهم القتل والفساد المالي، لكن الإمارات تدعمه كرئيس مقبل حال موت أو تنحي محمود عباس البالغ من العمر 85 عاما عن المسرح السياسي.
والسبب الثاني هو توقيع اتفاقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، والتي دفعت السلطة إلى إعادة سفيرها من أبوظبي، ما شكل ضربة سياسية شديدة للعلاقات.
وأشار المحلل الأمني والسياسي في الموقع "يوني بن مناحيم" إلى أن الإمارات العربية المتحدة كانت أول دولة عربية تطبع مع إسرائيل حديثا بعد مصر (1979) والأردن (1994).
وأصدرت السلطة بيانا رسميا يدينها ويتدخل في زيارات ممثلي الإمارات العربية المتحدة للمسجد الأقصى في الحرم القدسي الشريف، ويرفض قبول المساعدة المالية والطبية منها خلال فترة تفشي فيروس كورونا.
كما عزز اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل موقف محمد دحلان وارتفع رصيده في خلافه مع عباس وفشلت السلطة الفلسطينية خلال تلك الجولة، في عيون واشنطن وتل أبيب، وفق المحلل.
معركة الخلافة
ولم يتضح بعد لماذا أرسل عباس في ذلك الوقت مساعده ماجد فرج إلى دبي. وأرجعت بعض المصادر الخطوة إلى سوء الوضع المالي للسلطة الفلسطينية، والحاجة إلى الإمارات والسعودية اللذين فرضا حصارا اقتصاديا عليها.
أو "ربما بسبب موجة الشائعات التي روجتها جماعة الإخوان المسلمين بأن محمد دحلان كان سيدا في نظر حكام أبو ظبي ولكن فرضت عليه مؤخرا سلسلة من القيود"، بحسب تقدير الموقع العبري.
على أي حال، تزعم شخصيات بارزة في حركة فتح أن ماجد فرج جاء إلى دبي لتسويق نفسه كواحد من خلفاء محمود عباس المحتملين وأيضا لطلب المساعدة المالية للسلطة الفلسطينية.
ونوه ابن مناحيم إلى أن "فرج" يحظى باهتمام كبير لدى الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب علاقاته الوثيقة مع وكالة المخابرات المركزية "سي آي إيه" وجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" وحربه على "الإرهاب" (في إشارة إلى المقاومة الفلسطينية المسلحة)، وفق زعمه.
فمكانة فرج في حركة فتح والأراضي الفلسطينية المحتلة خاصة في الضفة الغربية أقوى من دحلان، وهو قريب جدا من محمود عباس.
ولفت المحلل الأمني ابن مناحيم إلى أن القلقين بشأن الزيارة الحالية لرئيس السلطة الفلسطينية إلى أبو ظبي هم أولا وقبل كل شيء محمد دحلان.
وبالطبع كبار أعضاء فتح مثل جبريل الرجوب ومحمود العالول الذين يرى كل منهم نفسه خليفة محتملا لمحمود عباس، فهم مكثوا في رام الله، وسافر مع أبو مازن كل من "حسين الشيخ وماجد فرج".
وخلص المحلل السياسي ابن مناحيم في نهاية مقالته إلى القول: "على المرء أن ينتظر ويرى كيف ستتطور الأمور من هنا وما إذا كانت الزيارة غير العادية لرئيس السلطة ستؤدي إلى كسر الجليد في العلاقات مع الإمارات".
وفي قطاع غزة والضفة الغربية، يشار إلى القيادي محمد دحلان بعبارة "طائر الفينيق الفلسطيني"، فكلما جرى تأبينه، يظهر ويفاجئ الجميع.
وعاد محمد دحلان إلى الساحة الفلسطينية بفضل التطبيع الإماراتي مع إسرائيل ويقال إنه "شارك في تخمير الاتفاقية".
وأفاد موقع "دار الحياة" الذي يبث من واشنطن في 13 أغسطس/آب 2020، نقلا عن مصادر أميركية مطلعة، أن الاتفاقية الثلاثية بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل تنص على أن دحلان سيتمكن من العودة إلى السلطة "باعتباره الشخصية الرئيسة التي يمكنها إحياء عملية السلام.