انقلابات بالداخل وارتهان للخارج.. ماذا قدم هادي لليمن خلال عقد مضطرب؟

12

طباعة

مشاركة

مع مرور عشر سنوات على تولي عبدربه منصور هادي رئاسة اليمن في انتخابات صورية، كان فيها المرشح التوافقي الوحيد، تعيش البلاد وضعا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا معقدا وغير مسبوق في تاريخها الحديث.

وتأتي هذه الذكرى فيما يزال هادي يقيم في العاصمة السعودية الرياض للعام الثامن على التوالي، بعد فراره إليها بسبب سيطرة مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء وإسقاط مؤسسات الدولة بقوة السلاح في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

ومنذ ذلك الحين، يشهد اليمن حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف سعودي إماراتي، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على محافظات عدة بينها صنعاء.

مبادرة خليجية

وصعد هادي إلى الحكم بعد الثورة الشعبية في اليمن ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، التي كانت امتدادا لثورات الربيع العربي في عام 2011، كمرشح توافقي حيث كان نائبا لصالح.

وذلك بموجب مبادرة تم تقديمها من مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية في 3 أبريل/ نيسان 2011، عُرفت بالـ"المبادرة الخليجية" وتم التوقيع عليها في الرياض من قبل الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

في 23 أبريل 2011، تم التوقيع على المبادرة بحضور عاهل السعودية الراحل عبد الله بن عبد العزيز، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، ووفد من أحزاب المعارضة اليمنية بالإضافة إلى وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد الذي وقع على الاتفاق لكون بلاده ترأس دورة مجلس التعاون الخليجي.

وبعد توقيع صالح على المبادرة قام ممثلون عن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وعن المعارضة بالتوقيع على الآلية التنفيذية لها.

وتضمنت تلك الآلية جدولا زمنيا يحدد بالتفصيل ملامح المرحلة الانتقالية في اليمن، ومن أهمها تسليم صالح صلاحياته إلى نائبه هادي، على أن يبقى الأول رئيسا شرفيا لمدة تسعين يوما، تُشكل خلالها حكومة وحدة وطنية برئاسة شخصية من المعارضة.

وجرت الانتخابات الرئاسية في 21 فبراير/ شباط 2012، بموجب المبادرة الخليجية، وكان هادي المرشح الوحيد دون أي منافس.

وأنتخب هادي رئيسا توافقيا لمدة عامين، في انتخابات شكلية غير تنافسية أقرب إلى استفتاء، بعدد أصوات تجاوزت ستة ملايين صوت.

ليصعد، للمرة الأولى، رئيسا جديدا لليمن، بعد عقود من حكم صالح، الذي تولى الحكم في الشطر الشمالي من اليمن عام 1978، ثم حكم اليمن الموحد، مع قيام الجمهورية اليمنية عام 1990.

صعود هادي

وكان هادي (76 عاما) قد صعد إلى الحياة السياسية لأول مرة من بوابة الجيش، إذ تخرج في أكاديمية ساندهيرست العسكرية في بريطانيا عام 1966، وشغل العديد من المناصب في الشطر الجنوبي لليمن قبل توحيد البلاد عام 1990.

وعُين هادي نائبا للرئيس صالح، خلفا للنائب الأسبق علي سالم البيض عام 1994، واستمر في منصبه حتى قيام ثورة الشباب في فبراير/ شباط 2011 .

وفي هذا الصدد، قال الباحث والكاتب اليمني عبدالناصر المودع إن "هادي لم يكن مؤهلا أن يكون رئيسا توافقيا ولا رئيسا فعليا، ولكن طمع الطبقة السياسية، وفسادها وانحصار اهتمامها بمشاريع صغيرة حزبية وجهوية وانفصالية جعلها تتمسك بعبدربه ليكون جسرا لأطماعها".

وأضاف في تغريدة عبر تويتر في 23 فبراير 2022، "لهذا صعد للسلطة الشخص الخطأ، في وقت كانت الدولة في حاجة لشخص مختلف عنه تماما".

من جانبه، رأى الكاتب الصحفي اليمني عباس الضالعي أن "تشبث هادي بالمنصب عمل على خلط أوراق المرحلة الانتقالية حيث تم اختياره رئيسا انتقاليا لفترة عامين فقط".

وأضاف الضالعي لـ"الاستقلال أن "التمديد لهادي بموافقة القوى السياسية كان بداية المشكلة حيث استغلت بعض القوى رغبة هادي هذه ونسجت حبالها حول عنقه وعنق اليمن".

ولفت إلى أن "هادي شخص غير مؤهل لإدارة بلد مثل اليمن، وهو شخص يفتقد للأهلية وقدراته ضعيفة وربما منعدمة وأثبت من خلال العشر السنوات الماضية أنه شخص معاق ذهنيا".

حوار وطني

وبعد تولي هادي رئاسة اليمن في الفترة الانتقالية، أصدر قرارات بهيكلة الجيش والأمن بالإضافة إلى حكومة وفاق وطني تضم مختلف القوى والأحزاب اليمنية.

كما أصدر هادي قرارات جمهورية بإنشاء اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل وأمانة عامة للمؤتمر، وفي 16 مارس/آذار 2013 أصدر قرارا جمهوريا بتسمية أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل البالغ عددهم 565 شخصا.

وبدأ مؤتمر الحوار الوطني اليمني أول جلساته في 18 مارس/آذار 2013، بالعاصمة اليمنية صنعاء بمشاركة جميع القوى السياسية والمكونات الاجتماعية الحزبية والمستقلة، بما في ذلك الحوثيون والحراك الجنوبي، واستمر لمدة عشرة أشهر حتى 25 يناير/ كانون الثاني 2014.

وخرج المؤتمر بمسودة الحوار الوطني وحضر جلسته الختامية إلى جانب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، العديد من الشخصيات العربية وممثلين عن الأمم المتحدة.

وفي فبراير 2015 حاصر الحوثيون هادي في منزله بصنعاء ليقدم بعدها استقالته، لكن سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة بما في ذلك مبنى البرلمان، حالت دون انعقاد مجلس النواب للبت في الاستقالة.

ثم ظهر في مدينة عدن بعد فراره بصورة غامضة، وهناك عدل هادي عن الاستقالة، ليقصف الحوثيون القصر الجمهوري بعدن بالطيران الحربي الذي تم الاستيلاء عليه بصنعاء.

ومن ثم بدأ هادي من جديد رحلة هروب إلى سلطنة عمان، ومنها إلى السعودية التي يقيم فيها حتى اليوم.

تدخل خارجي

وبعد الهروب، قدم هادي طلبا للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ومجلس التعاون الخليجي للتدخل العسكري، في مارس/ آذار 2015، من أجل إعادته إلى مقعد السلطة والمساعدة في القضاء على انقلاب مليشيا الحوثي.

وبدأ التحالف الذي تقوده السعودية بشن الغارات في اليمن، وأطلق ما يسمى بعملية "عاصفة الحزم" في 25 مارس 2015، وتحولت حكومة هادي من “الحكومة اليمنية الشرعية” إلى “الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا”.

وفي هذا السياق اعتبر الكاتب الصحفي عباس الضالعي أن "حكم هادي هو فترة التدمير والكوارث التي جلبها بسبب تراخيه وحساباته الخاطئة، فهو من سهل للجماعات المسلحة، بل هو من سلمها السلطة ومنحها شرعية التواجد وهو من جلب التحالف بحجة إعادة شرعيته التي تخلى عنها".

ولفت الضالعي إلى أنه "خلال عشر سنوات من تولي هادي للسلطة لم ترمم حتى مدرسة أو مستوصف صغير وأن مهمة الدولة في اليمن قد توقفت منذ عقد".

وسبق تدخل التحالف بقيادة السعودية، تدخل إيراني تمثل في دعم مليشيا الحوثي بالسلاح والخبراء.

وأبرزها سفينة جيهان التي تم القبض عليها من قبل السلطات اليمنية في 23 يناير/ كانون الثاني 2013، وهي محملة بالأسلحة عندما كانت في طريقها إلى ميناء ميدي الذي يسيطر عليه الحوثيون لتزويدهم بحمولتها.

وكانت السفينة تحمل 48 طنا من الأسلحة والقذائف والمتفجرات بمختلف أنواعها.

وتلى ذلك العديد من السفن والشحنات التي تم ضبطها في البحر من قبل القوات الأميركية وقوات التحالف في البحرين العربي والأحمر.

مستقبل غامض

وعلى الرغم من كل الأحداث والمنعطفات التي مرت بها اليمن فما زال هادي يحظى بشرعية دستورية أجبرت كل القوى اليمنية والدولية على التمسك به رئيسا لليمن للعام العاشر كونه يمثل ما تبقى من الشرعية ولو بشكل نسبي.

 وتبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 2216 عام 2015، الذي نص على فرض عقوبات تمثلت في تجميد أرصدة وحظر السفر للخارج، نالت زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، وأحمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس السابق، والقائد السابق للحرس الجمهوري اليمني، المتهمين بـ"تقويض السلام والأمن والاستقرار في اليمن".

وتم وضع اليمن تحت البند السابع، إلى جانب إدراج الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي قُتل على أيدي الحوثيين في صنعاء واثنين من قادة الحوثيين هما عبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيى الحاكم على قائمة العقوبات الدولية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014.

ومن هنا أصبحت الكلمة الفصل فيما يخص مصير البلاد للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، فمن يضفي الشرعية على الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي هو مجلس الأمن والفاعلون الدوليون.

ويرى الصحفي عباس الضالعي أن "هادي يأكل ويشرب وينهب ويتآمر فقط ولا توجد لديه حلول وليس من اهتماماته البحث عن حل".

"بل أصبح هو العائق أمام أي حل لمشكلة اليمن والخارج وخاصة التحالف السعودي الإماراتي الذين يرونه الشخص المناسب لتلبية تطلعاتهم بتدمير اليمن"، وفق الضالعي.

وختم قائلا إن "بداية الحل في اليمن يبدأ من إنهاء دور هادي بالدرجة الأولى ويكفي اليمنيين عشر سنوات من الدمار والخراب وغياب الدولة".