منصور عباس.. عضو كنيست "خائن" في عيون الفلسطينيين "صادق" بنظر الاحتلال

خالد كريزم | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

عاد نجم منصور عباس، رئيس القائمة العربية الموحدة بالكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، في الظهور بعد تهديده منتصف يناير/كانون الثاني 2022، بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في "تل أبيب".

هذا التهديد جاء تزامنا مع محاولات الاحتلال تهجير الأهالي من منطقة النقب. لكن رغم إيجابية الخطوة، في الظاهر، فإنها لم تلق ترحيبا بين الفلسطينيين الذين اعتادوا مواقف عباس المثيرة للجدل.

فعباس الذي اعتاد أن يقول لبدو النقب "أنا رجلكم"، يتهمه أهالي تلك المنطقة بإغماض عينيه عند هدم بيوتهم وقطع الكهرباء والماء عنهم، وبإطلاق تهديدات "فارغة" ضد الائتلاف الحاكم.

مواقف جدلية

آخر مواقف عباس الصادمة كانت في ديسمبر/كانون الأول 2021، عندما قال إن "إسرائيل دولة يهودية وستبقى كذلك"، في تصريح لم يسبق لنائب عربي في الكنيست أن أدلى بمثله، حيث يرفض العرب هذا التوجه تمسكا بحقوقهم داخل الأراضي المحتلة، بجانب حق عودة اللاجئين.

وظهرت شخصية عباس بقوة بعد منحه طوق النجاة لتشكيل حكومة اليميني المتطرف نفتالي بينيت، عبر انضمامه إليها في يونيو/حزيران 2021 مقابل إيجاد حلول لمشاكل العرب الكبيرة "القانونية والمعيشية".

وحال انسحب عباس من الحكومة فستسقط، ولذلك فقد آتت تهديداته أكلها ودفعت حكومة الاحتلال إلى وقف عمليات التشجير في أراضي العرب بالنقب التي كانت تمهد لمصادرتها.

وبخطوة انضمامه هذه، كسر عباس خطا أحمر لدى فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948، عندما أصبح حزبه الإسلامي الصغير أول فصيل عربي ينضم إلى ائتلاف إسرائيلي، ليغدو بمثابة العمود الفقري لتلك التشكيلة الحكومية الهشة.

ولا يمكن لعباس الاعتراض على توسيع حكومة الاحتلال الاستيطان في مدينة القدس كونه جزءا من هذا الائتلاف، إذ وافق على الأمر ضمنيا حين انضمامه إليه.

وفي يوليو/تموز 2021، صوت ائتلاف عباس لصالح تجديد مشروع قانون يمنع لم شمل الفلسطينيين الذين يتزوجون من مواطنين يحملون الجنسية الإسرائيلية (أغلبهم من عرب 48) ويحرمهم من الحصول على حقوق الإقامة.

وقال رئيس القائمة الموحدة: "لقد صوت لقانون المواطنة الخاص بمنع لم شمل العائلات الفلسطينية لمنع سقوط الحكومة وتشكيل أخرى من جديد، هناك العديد من التحديات التي تواجه هذا الائتلاف".

ورغم تصويته، فشل القانون الذي أقر عام 2003 في حصد الأغلبية، لكن سقوطه لا يعني أن لمّ الشمل سيصبح مباحا. فنقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية "كان" عن وزيرة الداخلية أييليت شاكيد وقتها أنه في حال سقوط القانون، بإمكانها استخدام صلاحياتها لرفض طلبات لمّ الشمل بشكل فردي.

ومما أثار الغضب الشعبي تجاهه أيضا، دعم قائمته لتصديق الكنيست الإسرائيلي، نهاية ديسمبر 2021، على مشاركة جيش الاحتلال بقمع الأسرى الفلسطينيين في السجون.

وفي فبراير/شباط من ذات العام، وصف عباس الأسرى بـ"المخربين" و"الإرهابيين" خلال لقاء مع القناة 12 الإسرائيلية حاول فيه الدفاع عن نفسه من اتهامات توجه إليه. 

وأضاف: "أقول لمن نشر أنباء حول زيارتي إلى السجن ولقائي بمخربين ومعانقتي لهم، هذا غير صحيح على الإطلاق".

من هو؟

ولد منصور عباس في 22 نيسان/أبريل 1974، ويسكن في قرية المغار بالجليل وهو متزوج ولديه ثلاثة أبناء.

ينتمي إلى الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية التي تأسست في العام 1971 وانقسمت في 1996 إلى تيارين، إثر قرار زعيمها عبد الله نمر درويش، المشاركة في انتخابات الكنيست.

في شبابه كان عباس يلقي الخطب في مسجد السلام بالمغار، وقد تبنى خطا "مسالما" وأقل محافظة من الجناح الشمالي للحركة الإسلامية (محظور)، برئاسة الشيخ رائد صلاح.

ودرس عباس طب الأسنان في الجامعة العبرية بالقدس، وعمل في هذه المهنة. وكتب وثيقة الحركة الإسلامية التي تستند إلى "الإسلام الوسطي".

وشغل بين عامي 1997-1998 منصب رئيس لجنة الطلاب العرب في الجامعة العبرية. 

في عام 2018 حصل على جائزة "رجل العام للمصالحة وحل النزاعات في المجتمع العربي" من قبل راديو شمس، كما لجأ إليه مسؤولو الشرطة الإسرائيلية سابقا للتوسط بين عائلات عربية لحل خلافات بينها.

انتخب عباس نائبا لرئيس الكنيست في مايو/آيار 2020. وهو أيضا رئيس اللجنة الخاصة لشؤون المجتمع العربي وشغل في البرلمان خلال دورات سابقة، رئاسة لوبي مكافحة الجريمة والعنف في الداخل. 

يرأس حاليا حزب "راعم" الذي تصفه وسائل إعلام غربية بأنه "إسلامي محافظ معتدل"، جذوره تعود لجماعة الإخوان المسلمين، وغالبية ناخبيه هم من العرب البدو في النقب، وفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية في 17 يناير 2022.

ويرى كثيرون هنا أن عباس يحاول أن يركز على قاعدته الانتخابية الضيقة، والابتعاد عن المنظور الكبير للقضية الفلسطينية، لذلك اتخذ موقفا حاسما بشأن ما يجرى في النقب.

وانشق حزبه عن التحالف العربي الرئيس في إسرائيل وهو القائمة المشتركة قبل الانتخابات التشريعية في 23 مارس/آذار 2021، بعد أن نادى دون أن يحقق أي نجاح بالعمل مع رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو وفصائل يمينية أخرى لتحسين الأوضاع المعيشية للعرب.

وقاد عباس القائمة الموحدة في الكنيست منذ عام 2019، حيث حصل على عضوية في العديد من اللجان البرلمانية.

وتمتلك القائمة العربية الموحدة حاليا 4 مقاعد في الكنيست وتشارك في الائتلاف الحكومي برئاسة نفتالي بينيت.

قالوا عنه

أمام هذه المعطيات الجدلية، وصفت مجلة "ذا نيو يوركر" الأميركية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، زعيم القائمة العربية الموحدة بأنه "يشكل مصدر شك للجانب الإسرائيلي، وهو خائن ومجرم في نظر الشعب الفلسطيني سواء في الداخل أو الضفة وغزة والشتات".

ويمكن الاستدلال على ذلك أيضا من خلال حادثة الهجوم عليه وطرده من قبل متظاهرين غاضبين في مدينة أم الفحم خلال مارس 2021، بسبب وصفه الأسرى بالإرهابيين.

أيضا، أعلنت لجنة أهالي حي الشيخ جراح، في مايو 2021، رفضها القاطع استقبال عباس، رغم محاولته الاتصال بهم "من خلال طرف ثالث".

ورأت صحيفة هآرتس العبرية أن عباس "أهم شخصية ظهرت في الساحة السياسية، بصفته عربيا إسرائيليا، فهو لا يتحدى الإسرائيليين (حاملي الجنسية) فقط - اليهود والعرب على حد سواء - ولكن أيضا القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة".

وقالت الصحيفة في 25 ديسمبر 2021: "الزعيم الإسلامي منصور عباس يثبت مرة أخرى أنه رجل الساعة في إسرائيل".

أما صحيفة جيروزاليم بوست فقالت في 23 ديسمبر من ذات العام: "اعتراف عباس بيهودية الدولة مهم جدا، هذه الكلمات خرجت من زعيم حزب إسلامي، نطقها بشكل غير اعتذاري وعلنا وباللغة العربية وهو أمر لا يجعله شجاعا فحسب بل يتمتع بالمصداقية".

واستدركت: "على الرغم من أنه يستحق الشهرة لكسره التقاليد القديمة لأقرانه في الكنيست، فلنتذكر أنه سياسي لديه أجندة تتجاوز تلك التي روج لها في حملته الانتخابية".

وأردفت: "كما هو الحال مع شركائه في التحالف، فإن طموحاته غير المعلنة هي التي قد تكشف عن نفسها على أنها أقل إثارة للإعجاب".

وفي بيانات سابقة لها خاصة بعد اعترافه بـ"يهودية الدولة"، أبدت الفصائل الفلسطينية امتعاضها من مواقف عباس "المشبوهة والرخيصة".

وصفته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (يسارية) بأنه "أداة طيّعة في يد الاحتلال" وأنه "شخص معادٍ لشعبنا، وتصريحاته خيانة لا تمثله من قريب أو من بعيد، وتكشف عن الدور المشبوه المناط به”.

أما حركة "فتح" التي يتزعمها رئيس السلطة محمود عباس فقالت إن منصور “متساوق بشكل رخيص مع الرواية الصهيونية التي تحتكر تاريخ فلسطين زورا وبهتانا" وإنه "تجاوز بمواقفه الخطوط الحمراء”.

من جانبها، قالت حماس إن اعتراف عباس بـ”يهودية الدولة” ما هو إلا “انحياز فاضح للرواية الصهيونية، ومخالفة صريحة لموقف الإجماع الوطني الفلسطيني الرافض والمندد بها”.

بدورها، وصفت حركة الجهاد الإسلامي في بيان منصور عباس بأنه "منسلخ عن الهوية العربية والإسلامية ومصطف بشكل فاضح مع اليمين الصهيوني وحكومته الفاشية المتطرفة".