ريم العبلي.. سياسية من أصول عراقية تقود وزارة الهجرة الألمانية

"أصولي العراقية معي دائما، ولأن والداي قدما من بلد عانى من الحروب، أعلم أن السياسة يمكن أن تفعل الكثير"، بهذه الكلمات تتحدث وزيرة الهجرة في الحكومة الألمانية الجديدة ريم العبلي، عن أسباب دخولها عالم السياسة.

ريم العبلي انتخبها البرلمان الألماني في 8 ديسمبر/كانون الأول 2021 وزيرة دولة لشؤون الهجرة ضمن حكومة الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتز، الذي خلف المستشارة أنجيلا ميركل.

مهاجرة عراقية

نشأت ريم وسط عائلة سياسية عراقية هاجرت إلى روسيا في تسعينيات القرن العشرين، إذ يعتبر جدّها محمد صالح العبلي شخصية معروفة كونه عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي قبل أن يعدم عام 1963.

وولدت ريم في الأول من مايو/أيار عام 1990 بالعاصمة الروسية موسكو، مكان لجوء والديها الأول بعد خروجهما من إقليم كردستان العراق، حيث كان والداها ينتميان إلى حركة الأنصار (الجناح المسلح) التابعة للحزب الشيوعي العراقي.

في عام 1996 سافرت ريم مع والديها واستقروا في ألمانيا، حيث تلقت العلوم السياسية في جامعة برلين الحرة، ونجحت في تعلُم اللغة الألمانية إلى جانب اللغة العربية والآشورية. وتمكنت بذلك من خطِّ مسيرة سياسية ناجحة رغم صغر سنها.

وعن جذورها العراقية، قالت العبلي خلال مقابلة مع موقع قناة "دويتشه فيله" الألمانية في أكتوبر/تشرين الأول 2021: "أصولي العراقية معي دائما، أعلم أن السياسة يمكن أن تفعل الكثير، ولأن والداي قدما من بلد عانى من الحروب، أفهم أن السياسة تعني تحمل المسؤولية".

وتابعت: يطرح علي السؤال بكثرة، إجابتي دائما أنا من شفيرين، وأعلم أنهم سيسألون عن جذوري وحينها أجيب نعم، جذوري عراقية. ليست عندي مشكلة مع هذا السؤال، لكن أحيانا يبدو الأمر متعبا، الإجابة دائما على نفس السؤال، خصوصا وأن وضعي معقد قليلا، لأنني ولدت في روسيا.

سياسية ناجحة

عملت العبلي منذ عام 2015 كمفوضة حكومة ولاية مكلونبورغ–فوربوميرن لشؤون الاندماج، لاهتمامها بمثل هذه القضايا، وكانت في الأثناء عضوا نشطا في الحزب الاشتراكي الديمقراطي (قائد الائتلاف الحكومي الحالي).

وترشحت بعد ذلك في الانتخابات البرلمانية في ألمانيا في سبتمبر/أيلول 2021 عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في دائرة شفيرين–لودفغزلوست–بارخيم شمالي ألمانيا.

وفازت بـ44,107 صوت في دائرتها، أي ما يمثل تقريبا 29,4 بالمئة من نسب التصويت، وتفوقت بذلك على منافسها من الحزب المسيحي الديمقراطي ديتريش مونشتادت، الذي كان حصل على 20,7 بالمئة.

وتعليقا على النتائج التي أحرزتها، قالت العبلي في تصريح إعلامي حينها: "أنا نفسي منبهرة بالحصول على مقعد مباشر في البرلمان الألماني، في منطقة ليس فيها الكثير من الأجانب أو ذوي أصول مهاجرة".

وجرت العادة في حكومات بعض البلدان الأجنبية والأوروبية، أن يُعين مرشحون من أصول مهاجرة لمنصب وزارة الهجرة والاندماج،.

لكن ذلك لا يقلل من إنجاز العبلي، بفضل تفوقها الأكاديمي ونشاطها السياسي في سن يافع، في الحصول على هذا المنصب ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة في ألمانيا، وفق مراقبين.

وكونها من أصول عراقية مهاجرة، يتطلع كثيرون اليوم إلى الدور الذي ستضطلع به العبلي والتأثير الذي يمكن أن تحرزه في سياسات الهجرة في ألمانيا.

وخاصة في ظل الحملات الأخيرة التي يشنها المعسكر اليميني المتطرف في ألمانيا ضد المهاجرين والتحريض الإعلامي كذلك.

وخلال لقاء مع "دويتشه فيله" في أكتوبر 2021، قالت العبلي إن نجاحها في الحصول على مقعد بالبرلمان "يعود إلى وجود برنامج مستقبلي جيد جدا، مؤكدة أن "سر نجاحها يعود إلى تواصلها المستمر مع الناخبين، وحرصها على قضايا تهمّهم".

وذكرت حينئذ أنها مدهوشة بحصولها على 44 ألف صوت في الانتخابات البرلمانية، مشيرة إلى أنه في ولاية مكلونبورغ-فوربوميرن ليس أمرا عاديا أن يحصل مرشح من أصول مهاجرة على مقعد في البرلمان عن طريق الانتخاب المباشر.

وأوضحت: تطوعت في فريق الإطفاء، التقيت مع كبار السن في المقاهي، التقيت بالناس في النوادي الاجتماعية، كنت دائمة التجول، ولاحظت كيف أن هناك الكثير المشترك بيننا، ويمكن من خلال عملنا السياسي والحكومي تحسين قضايا عديدة. إنها أمور لا تلعب فيها الأصول المهاجرة دورا.

احتفاء عراقي

وعقب حصول ريم لأول مرة على منصب وزير في الحكومة الألمانية، احتفى ناشطون وسياسيون عراقيون عبر حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي، مشيدين بقدرة العراقي المهاجر على تحمل المسؤولية.

وتساءل وزير الإعمار والإسكان العراقي السابق بنكين ريكاني، عبر حسابه على "تويتر" في 8 ديسمبر 2021، قائلا: "الله عليكم لو يمنا (عندنا) شنو (ماذا) تتوقعون ردود الأفعال؟".

وعلق سفير العراق السابق في السويد أحمد الكمالي، على تغريدة ريكاني بالقول إن "الإنتاج والإبداع يحتاجان إلى بيئة آمنة ومستقرة، التقيت شخصيات ومسؤولين من جنسيات متعددة، وهم يشيدون بالعقلية والثقافة لدى العراقيين بصورة عامة".

وأضاف: "فإذا أبدع عراقي أو عراقية في بلد ما فليس من الغريب أن يتقلد مسؤولية ما، المهم أن يؤدي حق المنصب بأمانة وشرف".

وكتبت الناشطة العراقية شهد العنزي، عبر تويتر: "العراقيون متميزون مبدعون أينما حلوا، لكن في العراق بلا حقوق ومهددون من قبل متخلفين استحوذوا على أموال العراق والمناصب بدعم دولة لا تريد الخير للعراق".

وأردفت العنزي: "ريم العبلي لو كانت في العراق، إما ستكون بدون تعيين وقد تكون ضمن النازحين والمهجرين أو ضمن مجاميع تعمل بالمجان وتنتظر فرصة للتعيين".