غيث ديب.. لواء سوري سليل أسرة وحشية يترأس "خزان معلومات" الأسد

مصعب المجبل | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يحرص رأس النظام السوري بشار الأسد في تعيين رؤساء أجهزته الأمنية، أن يكونوا من دائرته الضيقة أو من المرتبطة بأبيه حافظ، وأحدث معالم هذا التوجه اختياره اللواء غيث ديب رئيسا لجهاز الأمن السياسي سيئ السمعة.

فاللواء غيث هو الابن الأصغر للعماد شفيق فياض ديب، قائد قوات الفرقة الثالثة، الذي اعتمد عليه الرئيس السابق حافظ الأسد، رفقة أخيه رفعت، في اقتحام مدينة حماة في 2 فبراير/شباط 1982، وارتكاب مجازر قتل بحق 40 ألف سوري لقمع جماعة "الإخوان المسلمين".

وجرى ترقية غيث ديب مطلع عام 2021 من رتبة عميد إلى رتبة لواء، بعدما كان يشغل منصب معاون رئيس الجهاز اللواء ناصر العلي، الذي أحيل للتقاعد بعدما تسلم المنصب بشكل مؤقت في يوليو/تموز 2019 خلفا للواء حسام لوقا الذي عين مديرا عاما لمخابرات النظام السوري.

وفي مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2021 احتفت وسائل إعلام النظام السوري بتعيين اللواء غيث ديب رئيسا لجهاز الأمن السياسي.

ويتمتع هذا الجهاز بسمعة سيئة بين عموم السوريين، إذ يُعتبر "خزان المعلومات" بالنسبة للنظام، وهو أحد الأجهزة الأمنية الأربعة الأكبر بالبلاد (المخابرات العسكرية، أمن الدولة، المخابرات الجوية، الأمن السياسي).

النشأة والتكوين

ولد غيث ديب عام 1970 في قرية "عين العروس" التابعة لمدينة القرداحة بريف اللاذقية مسقط رأس حافظ الأسد، وأجرى دورة في كلية الشرطة، قبل أن ينخرط في سلك الأمن السياسي ويتدرج فيه حتى أصبح برتبة لواء.

ويلاحظ اختيار النظام السوري للقادة الأمنيين الجدد بأمر مباشر من بشار الأسد.

وتأتي كل التغييرات التي أجراها الأسد خلال العقد الأخير لقادة الأجهزة الأمنية الأربعة سيئة السمعة بالبلاد، وفق دور هؤلاء في قمع الثورة السورية وشدة الولاء له.

ولا يختلف اثنان على أن اللواء غيث هو سليل عائلة من الطائفة العلوية موالية لبيت الأسد حتى النخاع، وهذا ما جعل من اسمه يتردد بقوة وله وزنه في منطقة القلمون بريف دمشق.

وعين والده شفيق قائدا لـ"الفيلق الثالث" عام 1993، وبعد ذلك عين نائبا لوزير الدفاع وبقي بالمنصب حتى عام 2003، قبل أن يجري تسريحه وتعيينه بمنصب فخري كمستشار القائد العام للجيش حتى وفاته عام 2015.

ومن هنا كان اللواء غيث المحرك والمدير الرئيس لنفوذ والده شفيق فياض، الذي صنع على عينه نتيجة علاقاته المخابراتية منذ زمن حافظ الأسد.

إضافة إلى أن غيث استفاد من فترة سكنه في منطقة القطيفة بريف دمشق، حيث نجح في صناعة إمبراطورية والده المالية بوصفه حاكما عسكريا هناك لكون المنطقة ذات أهمية إستراتيجية من الناحية الاقتصادية.

ومن أبرز الأمور التي كانت عائلة شفيق تمسك بها، تسهيل عمل التجار وتلقي الرشاوى لتمرير المشاريع السكنية في ريف دمشق.

فضلا عن التحكم بمسألة القضاء وتعديل مسارات الأحكام نظرا لقرب المنطقة من الحدود اللبنانية التي تنشط فيها عمليات التهريب بشكل كبير.

كما لعبت العائلة دورا في استثمار خيرات القرى الحدودية مع لبنان حتى قيل إنها أقامت دولة داخل الدولة، ناهيك عن مساهمة والده العماد في تعيينات أعضاء بالبرلمان والحكومة.

وقد عمد شفيق فياض إلى بناء قصرين متجاورين على أعلى قمة بجبال القلمون على ارتفاع 1465 مترا تسمى "القرن"، وقدم أحدهما هدية إلى حافظ الأسد والآخر جعله خاصا به وعائلته.

ويعد علاء شقيق غيث الأكبر هو الرجل الاقتصادي الأول حيث تزوج إحدى بنات رفعت الأسد الملقب بـ "جزار حماة"، وأنشأ مصنعا لإنتاج السيراميك قرب بلدة "عدرا" بريف دمشق أسماه معمل غرانادا.

مصاهرة الأسد

تعمقت علاقة بيت ديب مع آل الأسد، بعدما تزوجت بهيجة الشقيقة الوحيدة لحافظ الأسد من أحد أفراد هذه العائلة.

وأصبحت المصاهرة عنوانا للولاء الذي تمثل بشخصية شفيق فياض ديب الذي لقبه السوريون بـ "وحش سوريا" لشدة جرائمه في ثمانينيات القرن العشرين.

وربط مراقبون عسكريون تسليم رأس النظام إدارة جهاز الأمن السياسي للواء غيث، لطبيعة علاقة المصاهرة التي تجمع شقيقه الأكبر علاء بلمى بنت رفعت عم بشار الأسد.

وعاد رفعت إلى سوريا بعد 37 عاما قضاها بمنفاه الأوروبي، بعدما صفح بشار عن عمه وسمح له بالعودة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، منعا لسجنه في فرنسا بعد صدور حكم قضائي لمصادرة ممتلكاته وأمواله.

ووفق موقع "مع العدالة" الحقوقي، شكل اللواء غيث مجموعات من المتطوعين "المرتزقة" لتساند قوات النظام في قمع المتظاهرين الثائرين.

وانضمت هذه المجموعات لاحقا لقوات "الدفاع الوطني" وهي أيضا مليشيا محلية تأسست عام 2012 بهدف اقتحام المدن السورية إلى جانب قوات الأسد.

وعلى إثر ذلك، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية عليه، لضلوعه في قتل المدنيين المعارضين لنظام الأسد.

لا سيما أن مليشيا الدفاع الوطني كانت طائفية بامتياز وأجرمت بحق السوريين وارتكبت مجازر بشعة ضد الثوار وأسرهم .

ملفات أمنية

وفي منصبه الجديد يحكم اللواء غيث قبضته على ملفات أمنية كبيرة نظرا لحساسية جهاز الأمن السياسي بسوريا، الذي يتبع تنظيميا لوزارة الداخلية وأغلب عناصره قادمون من كليات الشرطة.

فيما يضم الجهاز، فرع المعلومات، وفرع التحقيق، وفرع أمن الشرطة، ويعتبر خزان المعلومات بالنسبة للنظام، وهو مسؤول عن قضايا الأحزاب المرخصة والسرية والحركات الإسلامية ونشاطاتها، وفق مركز حرمون للدراسات.

كما يعد الأمن السياسي المسؤول عن خطباء المساجد والترخيص للمكاتب التجارية والمهنية ومراقبة الوزارات ومؤسسات الدولة والموظفين وغيرها من التدخلات التي لا يحدها قانون واضح.

كما يمتلك الجهاز عدة سجون خاصة به في عدة مدن سورية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الروس يشرفون بشكل مباشر على فرع الأمن الرقمي ضمن جهاز الأمن السياسي، وهذا ما يؤكد حجم سلطة الجانب الروسي على أفرع النظام الأمنية.