بعد انسحاب واشنطن من أفغانستان.. إلى أين تتجه باكستان دوليا؟
تحدث موقع "إيران دبلوماسي" عن التغييرات الأخيرة التي حدثت في أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على العاصمة والدولة بأكملها في أغسطس/آب 2021.
تناول الموقع في مقال للمتخصصة بالعلاقات الدولية "مباركة صداقتي" انسحاب القوات الأميركية من الأراضي الأفغانية، وكيف سيؤثر هذا الأمر على الدول المجاورة ومن أهمها باكستان.
وتساءلت الكاتبة: إلى أي القوتين العظميين ستتجه باكستان؛ إلى الصين أم الولايات المتحدة؟ وأجابت أن "العلاقة بين باكستان والصين جيدة، أما مع الهند فتشوبها بعض التوترات".
ولفتت إلى أن الهند منافسة للصين، لذا يعد هذا الأمر من أهم الأسباب التي تجعل باكستان تتجه إلى بكين.
وتابعت: "في عام 2020 شهدت منطقة جنوب آسيا تغيرا كبيرا، وهو الانسحاب العسكري الأميركي بعد اتفاقية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وطالبان".
استكمالا لهذا الأمر، خلال مباحثات السلام بين الأفغان أنفسهم، لعبت الدول العظمى والمهمة في العالم دورا فعالا وكان لها حضور مؤثر منها: الصين، باكستان، وأميركا.
وفي النهاية عام 2021، استطاعت حركة طالبان أن تسيطر على العاصمة كابول، بعد نحو عقدين من الزمان، بالإضافة إلى التحكم في مناطق كبيرة بأفغانستان.
وتضيف: "على الرغم من أنه لم تعترف أي دولة بطالبان بشكل رسمي حتى الآن؛ إلا أنها تتبادل المحادثات مع دول عديدة وخاصة المجاورة لها".
نظرة تاريخية
وبنظرة تاريخية إلى معاملات القوى (خلال العقدين السابقين) في هذه المنطقة، فالعلاقة بين باكستان والهند يشوبها التوتر.
وقالت الكاتبة: "هناك اتصال وطيد بين باكستان والصين التي تعد منافسة للهند وخاصة من الناحية العسكرية".
وتوضح أنه لا توجد علاقات باعثة على التفاؤل والأمل بين الولايات المتحدة وباكستان في الفترة الأخيرة.
وأشارت الكاتبة إلى أن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يعتقد أن الاتحاد مع أميركا في شؤون أفغانستان أدى إلى ضرر إسلام آباد وشعبها.
ووصف تجربة العلاقات مع الولايات المتحدة في العقدين الماضيين بالرهيبة، وأعلن أن باكستان تعرضت لهجمات من قبل طائرات بدون طيار عدة مرات باعتبارها حليفا لواشنطن في الحرب على الجماعات الأفغانية.
وكذلك يريد عمران خان من العالم أن يمد طالبان بالوقت اللازم، وفق الكاتبة.
وتابعت صداقتي: معارضو طالبان، يعتبرون باكستان الداعم الأكبر لهذه الجماعة المستقرة بكابول في الوقت الراهن.
وترى أن العلاقات السيئة بين واشنطن وبكين باعتبارها صديقا وحليفا إستراتيجيا لإسلام آباد، والعلاقات المقربة لأميركا والهند باعتبارها المنافس التقليدي العتيق لباكستان من الممكن أن تعمل على خلق بعض المشاكل.
وتعتقد أن تلك العلاقات المتشابكة قد تعيق طريق توطيد العلاقات بين واشنطن وإسلام آباد.
من وجهة نظر باكستان، فإن نجاح مساعي السلام في أفغانستان والانسحاب الأميركي المسؤول من الأراضي الأفغانية يعتبر إنجازا عظيما ونصرا بالنسبة لإسلام آباد.
وكذلك طلبت باكستان من حكومة الرئيس الأميركي جو بايدن أن يتمسك بعملية السلام الأفغاني والانسحاب العسكري من أراضيها.
ولدى واشنطن نظرة حادة إلى الأخطاء التي ارتكبتها في أفغانستان، وتعد باكستان جزءا من هذه المعادلة بالنسبة لأميركا، تقول الكاتبة.
وأشارت إلى أنه جرى اقتراح مشروع قانون من قبل الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ الأميركي مفاده الرغبة في فرض عقوبات على حكومة طالبان الجديدة، بالإضافة إلى كل الحكومات التي قدمت الدعم لها.
وسمت وسائل الإعلام الباكستانية الأمر مشروع قانون "معاداة الشعب الباكستاني"، واستدلت إسلام آباد على أنها أصبحت في موضع مهين بالنسبة لفشل الولايات المتحدة المتكرر وكذلك قيادة أفغانستان.
تشابك وتفضيلات
وأعلن المسؤولون في باكستان أنه "يجب أن نعمل على تقوية واستقرار حكومة طالبان الحالية من أجل الشعب الأفغاني".
وبالتزامن مع الانسحاب الأميركي من المنطقة، عززت الصين علاقتها مع باكستان.
واعتبر رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، أن مستقبل باكستان وتطويرها متشابك مع الصين.
فعلى سبيل المثال، لو أن المعبر الاقتصادي الصين- باكستان "CPEC" يتسع ويصل إلى أفغانستان، فبإمكان بكين أن تساعد في تطور البنية التحتية بين كابول وإسلام آباد من أجل تسهيل التبادل الاقتصادي بينهما.
وتتابع صداقتي: عمران خان أعلن كذلك في يونيو/حزيران 2021 أن بلده واقع تحت ضغط من قبل أميركا والغرب بسبب العلاقة الوطيدة بين إسلام آباد وبكين. وتقول إن الصين هي رائدة التنمية في منطقة جنوب آسيا، لها حضور فعال وديناميكي لأنها تنفذ استثمارات طويلة الأمد للبنية التحتية.
وترى أن باكستان على وجه الخصوص ستستفيد من هذه الاستثمارات، وتعمل على تطوير نفسها على أساس هذا النوع من الدعم واستغلال القوة الغنية مثل الصين.
كما أن هناك اتصالا قويا وغير قابل للإخفاء بين الصين وباكستان من الناحيتين الاقتصادية والعسكرية، بحيث لا يمكن أن يتسبب في ضرر بسهولة، وفقا لما ذكرته الكاتبة.
لكنه يتم رفض باكستان من قبل الولايات المتحدة في الوقت الحالي بنفس القدر الذي يجعلها أقرب إلى الصين.
ومن ناحية، تعتبر الصين باكستان مؤثرة في عملية السلام بأفغانستان واستقرار المنطقة، وأرادت أن تعاونها.
وبينت أن المشكلات الحدودية بين أفغانستان وباكستان لم تحل بالتمثيل الأميركي، لكن الصين يمكنها أن تعمل على تقليل التوترات والخلافات بينهما عن طريق علاقاتها الاقتصادية مع كلتا الدولتين.
أما النظرة الأميركية إلى باكستان فيشوبها شك خاص، وفق ما تقوله الكاتبة، فالمسؤولين الأميركيون يضعون العلاقات مع الهند في الأولوية عند المفاضلة بينها وبين إسلام آباد حيث تعتبران منافستين قويتين لبعضهما البعض.
وأعلنت ويندي شيرمان، نائبة وزير الخارجية الأميركي خلال رحلتها إلى إسلام آباد أن علاقة واشنطن مع إسلام آباد متدهورة، وكذلك أبلغت المسؤولين رفيعي المستوى بتحذيرات بايدن بشكل واضح.
وكانت شيرمان في الهند قبل توجهها إلى إسلام أباد، وتحدثت بشكل صريح عن مستقبل العلاقات بين أميركا وباكستان خلال حديث لها في مومباي.
وأكدت على أن العلاقات مع نيودلهي يتم توطيدها، ولن تنوي واشنطن إقرار نفس المستوى من العلاقات مع إسلام آباد (كالعلاقات التي تربطها بالهند).
وأشارت الكاتبة بالقول: "في النتيجة، خلال الأوضاع الحالية تتوسع العلاقات بين حكومة طالبان وباكستان والصين في المنطقة، وهناك تهديدات ومصالح مشتركة لتقريب الدول الثلاث بعضها ببعض".
فمن ناحية علاقة أميركا مع الهند فهي أكثر قوة (وخاصة في المجالات العسكرية، الذرية، والاقتصادية)؛ واستقبال الصين لباكستان وخاصة في المجالات المدنية والبنية التحتية تقرب بين الدولتين وخاصة في منطقة الهندي- الهادي.
وكلما نظرت واشنطن إلى إسلام آباد بنظرة شك، أعدت بكين جميع أدوات التعاون والتقريب أكثر بين باكستان والصين وأفغانستان.