دعم واسع للكاظمي بعد محاولة اغتياله.. ما التبعات على أذرع إيران بالعراق؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أثارت محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، تساؤلا محوريا عن مدى انعكاس الحادثة على أذرع إيران بالعراق، والتي وجهت إليها أصابع الاتهام.

وفي 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أعلنت السلطات الأمنية العراقية أن رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة تعرض لـ"محاولة اغتيال فاشلة" بواسطة "طائرة مسيرة مفخخة" استهدفت مكان إقامته في بغداد، مؤكدة أنه "لم يصب بأذى، وهو بصحة جيدة".

ولاحقا، وجهت القيادة العسكرية الأميركية في المنطقة وأطراف محلية الاتهامات لإيران بالوقوف خلف تلك المحاولة.

وبعدها غرد الكاظمي عبر "تويتر" قائلا: "كنت ومازلت مشروع فداء للعراق وشعب العراق، صواريخ الغدر لن تثبط عزيمة المؤمنين، ولن تهتز شعرة في ثبات وإصرار قواتنا الأمنية البطلة على حفظ أمن الناس وإحقاق الحق ووضع القانون في نصابه. أنا بخير والحمد لله، وسط شعبي، وأدعو إلى التهدئة وضبط النفس من الجميع، من أجل العراق".

إدانات واسعة

محاولة الاغتيال ولدت حالة من الدعم العربي والدولي للحكومة العراقية في ردع الجهات التي تقف وراءها، حيث وصفتها بأنها "عملية إرهابية".

وأدان مجلس التعاون الخليجي، في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 ما جرى، وذكر في بيان أنه "يدين محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي"، مؤكدا أن "أمن العراق من أمن دول المجلس".

وقالت الجامعة العربية في بيان لها، إن محاولة اغتيال الكاظمي استهداف لهيبة الدولة العراقية وأمنها واستقرارها.

وعلى صعيد الدول العربية، فقد أعربت السعودية والكويت والإمارات وقطر ومصر والأردن ولبنان، عن إدانتها واستنكارها الشديد لمحاولة الاغتيال التي استهدفت رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.

من جانب آخر، اتهمت إيران على لسان أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، "مراكز الفكر الأجنبية" بالوقوف وراء الحادثة.

 إذ كتب على "تويتر" في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 قائلا: إن "محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي هي فتنة جديدة يجب التحري عنها في مراكز الفكر الأجنبية، والتي لم تجلب منذ سنوات، من خلال خلق ودعم الجماعات الإرهابية واحتلال البلاد، سوى انعدام الأمن والخلافات وعدم الاستقرار للشعب العراقي المظلوم".

وعلى الصعيد ذاته، أدانت الولايات المتحدة بشدة محاولة الاغتيال معتبرة هذا الهجوم "عملا إرهابيا واضحا". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، في بيان: "لقد شعرنا بارتياح عندما علمنا أن رئيس الوزراء لم يصب بأذى. هذا العمل الإرهابي الواضح الذي ندينه بشدة، استهدف صميم الدولة العراقية".

وأضاف برايس: "نحن على اتصال وثيق بقوات الأمن العراقية، ولقد عرضنا المساعدة في التحقيق في هذا الهجوم".

وكذلك، أدانت وزارة الخارجية التركية في بيان لها محاولة الاغتيال، ووصفته بـ"الهجوم الإرهابي". وقالت في بيان: "نأمل أن يتم التعرف على مرتكبي هذا الهجوم الجبان الذي يهدف بوضوح إلى الإضرار بسيادة العراق واستقراره في أسرع وقت ممكن وتقديمهم إلى العدالة".

كما أدانت بريطانيا محاولة الاغتيال، وقالت وزيرة الخارجية ليز تراس إن بلادها تدين الهجوم على رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وتساند دعوته إلى الهدوء وضبط النفس.

وقالت تراس في بيان نُشر على "تويتر": "ندين الهجوم على رئيس الوزراء العراقي، ونقف إلى جانب الحكومة العراقية وقوات الأمن والشعب العراقي في رفضهم للعنف السياسي وندعم بقوة دعوة الكاظمي الى الهدوء وضبط النفس".

وفي باريس، أدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محاولة "اغتيال" الكاظمي، في اتصال هاتفي مع الأخير، وفق بيان أصدره المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.

كما أدانت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، (يونامي) "بأشد العبارات" محاولة اغتيال الكاظمي، مضيفة في بيان: "يجب ألا يسمح للإرهاب والعنف والأعمال غير الشرعية بتقويض استقرار العراق وعرقلة عمليته الديمقراطية".

كذلك أدان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، محاولة الاغتيال، وقال في تغريدة له على موقع "تويتر" إن "أي عنف غير مقبول يجب ألا يسمح له بتقويض العملية الديمقراطية، الهدوء وضبط النفس والحوار أمور أساسية في فترة ما بعد الانتخابات".

كما قال المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لويس ميغيل بوينو، في تغريدة له على موقع "تويتر" إن "الاتحاد الأوروبي يدين بشدة محاوله اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي".

وأكد المتحدث على "ضرورة محاسبة المسؤولين عن الهجوم"، ودعا "كل الأطراف العراقية للانخراط في الحوار لمعالجة التحديات التي يواجهها العراق"، مضيفا: "سنواصل دعمنا للشعب العراقي في مسارهم نحو الديمقراطية من أجل الاستقرار والسلام والازدهار".

وكذلك أدانت منظمة التعاون الإسلامي بشدة في بيان "محاولة الاغتيال الدنيئة"، وقال أمينها العام يوسف العثيمين، إن "هذا الهجوم عمل إرهابي يستهدف وحدة العراق وأمنه واستقراره"، داعيا جميع الفاعلين السياسيين العراقيين إلى التهدئة واعتماد الحوار لتجاوز الصعاب.

"لحظة تاريخية"

وبخصوص تبعات الحادث على أذرع إيران في العراق، أدان مجلس الأمن الدولي في بيان صادر عن المجلس في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، داعيا لمحاسبة مرتكبي هذه الإعمال "الإرهابية".

وأفاد البيان بأن "أعضاء مجلس الأمن أدانوا بأشد العبارات محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي"، معربين في الوقت ذاته عن ارتياحهم لعدم إصابته في الهجوم.

وجدد أعضاء مجلس الأمن دعمهم لاستقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة أراضيه، والعملية الديمقراطية، وازدهارها، مؤكدين أن "الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يشكل أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين".

وأشار إلى "ضرورة محاسبة مرتكبي هذه الأعمال الإرهابية المشينة، ومنظميها، ومموليها، ورعاتها، وتقديمهم إلى العدالة"، حاثا "جميع الدول، وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، على التعاون بنشاط مع حكومة العراق وجميع السلطات الأخرى ذات الصلة في هذا الصدد".

وشدد أعضاء مجلس الأمن على "التأكيد على أن أي أعمال إرهابية هي أعمال إجرامية وغير مبررة، بغض النظر عن دوافعها وأينما ومتى ارتُكبت وأيا كان مرتكبوها".

ودعوا إلى "ضرورة أن تكافح جميع الدول، بجميع الوسائل، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والالتزامات الأخرى بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين الدولي والقانون الدولي الإنساني، التهديدات التي يتعرض لها السلم والأمن الدوليان عن طريق الأعمال الإرهابية".

وعلى ضوء الدعم الأممي للكاظمي في مواجهة المليشيات التي تقف وراء محاولة الاغتيال، اعتبرها الإعلامي العراقي عامر إبراهيم خلال تغريدة على "تويتر" في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 بأنها "لحظة تاريخية" لإنهاء دور هذه الجماعات، بل إنه جلس معهم لتهدئة الأوضاع.

وقال إبراهيم إن "حيدر العبادي (رئيس الوزراء العراقي الأسبق) فشل لأنه أضاع لحظة تاريخية حين نال دعما مطلقا من السيستاني (المرجع الأعلى للشيعة في العراق) و لم يستثمره".

وتابع الإعلامي العراقي، قائلا: "الكاظمي يوشك على إضاعة لحظة تاريخية نادرة حين نال دعما أمميا من مجلس الأمن لمواجهة المليشيات ليبادر للاجتماع بهم محاولا استرضاءهم".

حديث إبراهيم يشير إلى الاجتماع الذي عقده "الإطار التنسيقي" للقوى الشيعية، في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، اجتماعا، في منزل رئيس ائتلاف "النصر" حيدر العبادي في بغداد، بحضور رؤساء الجمهورية والوزراء والقضاء الأعلى في العراق.

وحسب بيان "الإطار" فإنه "جرى عقد اجتماع بحضور رئيس الجمهورية (برهم صالح) ورئيس الوزراء ورئيس مجلس القضاء (فائق زيدان)، وبحث الاجتماع ثلاث قضايا رئيسة هي استهداف المتظاهرين السلميين واستهداف منزل الكاظمي والاعتراضات على نتائج الانتخابات".

وأضاف أن "الاجتماع خلص إلى عدة نقاط، هي إدانة جريمة استهداف المتظاهرين وإكمال التحقيقات القضائية المتعلقة بها، ومحاسبة المتورطين بهذه الجريمة، ورفض وإدانة جريمة استهداف منزل رئيس الوزراء وإكمال التحقيق بها ورفد فريق التحقيق بفريق فني مختص لمعرفة كل حيثيات الجريمة وتقديم المسؤولين عنها للقضاء".

كما تضمن الاجتماع الاتفاق، على "خفض التوتر وإيقاف التصعيد الإعلامي من جميع الأطراف، وإزالة جميع مظاهر الاستفزاز في الشارع، والذهاب نحو تهدئة المخاوف لدى الناس وبعث رسائل اطمئنان لأبناء الشعب العراقي".

وأكد على ضرورة "البحث عن معالجات قانونية لأزمة نتائج الانتخابات غير الموضوعية، تعيد لجميع الأطراف الثقة بالعملية الانتخابية التي اهتزت بدرجة كبيرة، والدعوة إلى اجتماع وطني لبحث إمكانية إيجاد حلول لهذه الأزمة المستعصية".

توقعات بالمواجهة

لكن تسريبات إعلامية عراقية بخصوص لقاء جمع الكاظمي بقائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني في بغداد، تفيد بأن الحكومة العراقية ذاهبة إلى الكشف عن الجهات التي تقف وراء محاولة الاغتيال.

وكشفت وسائل إعلام عراقية في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 أن قاآني زار العاصمة بغداد والتقى على انفراد برئيسي الجمهورية والحكومة وقادة المليشيات الشيعية.

وأفادت بأن الكاظمي كانت لهجته شديدة مع قاآني وأكد أن الحكومة مصرة على المحافظة على الدولة وإنهاء حالة اللادولة، وبعث معه برسالة إلى قادة المليشيات بأن صبره ينفذ وباستطاعته اعتقالهم جميعا.

وأكد لقاآني أن "حكومته تعرف من يقف وراء محاولة الاغتيال بالأسماء وسيكشف ذلك ويحيلهم إلى القضاء العراقي".

وتوعد الكاظمي، في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 بالكشف عن المتورطين في استهداف منزله، مؤكدا خلال جلسة طارئة لحكومته في بغداد عقب تعرضه لمحاولة اغتيال أنه يعرف "جيدا" من يقف خلف العملية.

وصرح: "تعرض منزلي لاعتداء عبر استهدافه بطائرات مسيرة وجهت إليه بشكل مباشر، وهذا العمل الجبان لا يليق بالشجعان، ولا يعبر عن إرادة العراقيين". وأردف: "سنلاحق الذين ارتكبوا الجريمة، نعرفهم جيدا وسنكشفهم".

وبهذا الصدد، شدد المحلل السياسي العراقي نجم القصاب، خلال تصريحات صحفية في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 على ضرورة أن "يستثمر رئيس الوزراء هذا الدعم الدولي الأممي في محاسبة الجهات التي حاولت اغتياله".

وأضاف القصاب أن "اليوم لا وجود لسلطة البرلمان للحيلولة دون أي تحرك ضد هذه الجهات، وبالتالي صلاحيات رئيس الوزراء ليست مقيدة من هذه الجهة الرقابية".

ولفت المحلل السياسي إلى أن "الكاظمي اليوم يحظى أيضا بدعم من قوى سياسية وشعبية، ولا سيما زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، لذلك فهذه فرصة تاريخية عليه أن يستثمرها ويصدر قرارا بعد الإرادة السياسية وجعل السلاح بيد الدولة حصرا".

وتوقع القصاب أن "يقدم رئيس الوزراء على التحرك ضد هذه الجماعات المسلحة، فكل المؤشرات والمعطيات والدلائل الموجودة حاليا على الأرض، تؤكد أنه لابد أن يحاسب أولا من اغتال بعض موظفي الدولة".

ورجح الخبير العراقي أنه "ربما يجرى خلال اليومين المقبلين اعتقال من قام باغتيال ضابط المخابرات نبراس الفيلي في يونيو/حزيران 2021 ببغداد، ثم يقوم بعدها باعتقال من قام بإطلاق الطائرات على منزله في المنطقة الخضراء وحاول اغتياله".

وكانت وكالة "رويترز" البريطانية قد نقلت عن مسؤولين أمنيين عراقيين (لم تكشف هويتهم) في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 قوله إن الطائرات المسيّرة والمتفجرات المستخدمة في محاولة الاغتيال "إيرانية الصنع".

وأفاد مسؤولان أمنيان بأن "كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق نفذتا الهجوم جنبا إلى جنب"، فيما تحدث مصدر بجماعة مسلحة أخرى بأن كتائب حزب الله "متورطة" وأنه لا يستطيع تأكيد دور العصائب.